Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

يوم الحساب الاقتصادي للصين وثمن الإصلاحات الفاشلة

يحاول الزعيم الصيني الانفتاح على نظام السوق الرأسمالي لكنه يصطدم بعوائق متنوعة

تحوم شكوك قوية حول علاقة الشركات الرقمية الصينية كـ"تِنسِنْت" مع الحزب الشيوعي الصيني (أسوشيتدبرس)

ينظر عدد من المراقبين إلى الصين ويرون أن قيادتها تؤدي لعبة بارعة، إذ يعتبرون أن بكين ترفض تكييف سياساتها كي تناسب المعايير العالمية، لكنها تسير بنجاح في طريقها الخاص. والواقع أن الصين حاولت الانحناء مراراً وتكراراً في عهد الرئيس شي جينبينغ لكنها كادت تنكسر كل مرة، وتوجّبت عليها العودة إلى طرقها القديمة، تلك التي لا تنجح. فتدهور النمو في البلاد كمّاً ونوعاً (إذا لم نحتسب الحالات الشاذة في فترة الجائحة). وما لم تجد زعامة الحزب الشيوعي الصيني طريقها في العودة إلى مسار التحرر الاقتصادي، سيبدو مستقبل الصين مختلفاً كلّياً عن الصورة الوردية التي يرسمها الحزب.

جاء إلحاح الإصلاح بوصفه نتيجة سعيدة متأتية من صعود الصين إلى مرتبة الدخل المتوسط من مرتبة الفقر المدقع الذي شهدته قبل بضعة عقود من الزمن. وليس ذلك شيئاً يدعو إلى الخجل. في المقابل، الاحتفاء الذي لقيته الصين بنجاحاتها الاقتصادية سينحسر ويتضاءل إذا فشل شي في التسامح مع المناقشة السياسية، وقبول مزيد من الطموحات السياسية المقيدة التي تعترف بحدود قدرات الحزب الشيوعي الصيني.

ويشير تقييم نزيه للنكسات الأخيرة إلى أن الوقت ينفد. وحتى الآن، تقبّل المستثمرون والشركات في الصين والخارج، فضلاً عن حكومات أخرى، الادعاء بأن بكين إما تنجح في الإصلاح أو تختار تأجيله على نحو مفهوم، ولم يبدِ سوى قليلين استعدادهم لاستنتاج أن الصين حاولت الإصلاح لكنها فشلت. وربما يعتقد شي بأن لديه عقداً آخر من الزمن كي يتعامل مع النموذج الاقتصادي للبلاد. وفي المقابل، يظهر تقييم مغاير عبر تقدير عدد من الخطط الرئيسة على صعيد السياسات التي أطلقها الحزب الشيوعي الصيني لكنه تخلى عنها، إذ لا يبدو أن هناك سوى بضعة أعوام على الأكثر، قبل أن ينفد النمو. وإذا انتظر قادة الصين حتى اللحظة الأخيرة، سيكون الأوان قد فات.

مأزق الوقوف في منتصف الطريق

في الأعوام الأخيرة، يؤكد الصقور الأميركيون إزاء الصين أنهم كانوا على حق طيلة الوقت، مشيرين إلى أن بكين نفسها لا تصلح ولم تعتزم فعل ذلك أبداً. واقترح بعضهم أن الحزب الشيوعي الصيني يخدع واشنطن منذ 1972، حينما ذهب الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون إلى الصين وطبّع العلاقات معها. وطبقاً لوجهة النظر تلك، اقتصر الأمر على زعم البلاد أن لديها شهية للتحرّر. ويشكّل ذلك قراءة خاطئة عن مسار الصين الاقتصادي. فأثناء عصر الإصلاح الذي أطلقه دينغ شياو بينغ في 1978، خفف الحزب سيطرته على قوى الاقتصاد كالتضخم والبطالة وتدفقات رأس المال الداخلية. ولإذكاء نار النمو والابتكار، سمحت بكين للأجانب بالدخول إلى الأركان الحساسة استراتيجياً في الاقتصاد الوطني، على غرار الاتصالات والفضاء. وجرت التضحية على طول الطريق بالمؤمنين المتشددين بالأيديولوجيا الشيوعية. وحينما بدأ دينغ عملية الإصلاح، كانت الدولة تحدد كل أسعار البضائع والخدمات تقريباً. وإبان انضمام الصين إلى "منظمة التجارة العالمية" في 2001، كانت المنافسة في السوق تحدد الأسعار كلها، باستثناء قلّة منها. وفي تسعينيات القرن العشرين، سمح الحزب الشيوعي الصيني بإغلاق أكثر من 100 ألف شركة مملوكة للدولة، ما أسفر عن تسريح أكثر من 20 مليون موظف. ومع حلول 2020، فسح الحزب المجال للأجانب ببناء مشاريع تجارية في البلاد بقيمة ثلاثة تريليونات دولار، وتنافس عدد منها مباشرة مع مشاريع صينية قائمة.

وعلى الرغم من أهمية تلك التحركات في مجال السياسات، فإنها شكّلت الجزء السهل. وببساطة، فإنها لم تطلب من البيروقراطيين سوى إفساح الطريق. ولم يعمل المسؤولون على تنمية السوق، بل سمحوا لها أن تنمو خارج مستنقع التخطيط الحكومي. وكذلك تبدّل المسار الاقتصادي للصين مع الحدّ من تدخل الدولة وتفكيك الحواجز الاستثمارية عبر الحدود والرسوم الداخلية والضرائب. ففي العقود التي تلت 1978، تسارعت معدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي السنوية من 5.5 في المئة أو أقل، وتلك نسبة نموذجية للبلدان ذات الدخل المنخفض، إلى 10 في المئة، ما أدى إلى تحويل الصين إلى مركز اقتصادي قوي.

لكن مع اندلاع الأزمة المالية العالمية في 2008، كانت بكين قطفت الثمار الدانية كلها. وبهدف ضمان استمرار النمو القوي، احتاج الحزب إلى التدخل، فعزّز الحوكمة الرشيدة والمنافسة العادلة وفرض قيوداً صارمة على الاستثمار المسرف، متصدياً للتحديات التي تواجهها أي دولة تنظيمية حديثة ناجحة. وعلى مدى الأعوام الأربعة التالية، أصبح الائتمان الميسّر الأداة الرئيسة في بكين، وقفزت التكاليف السنوية لخدمة الديون من نحو ثلاثة تريليونات يوان إلى ثمانية تريليونات يوان. وعندما صعد شي إلى رأس الحزب الشيوعي الصيني في 2012، تباطأ النمو إلى أرقام تقل عن العشرة، وسار العائد على استثمارات الدولة في البنية التحتية نحو الانخفاض. ويشكّل ذلك ما يطلق عليه خبراء الاقتصاد "فخ الدخل المتوسط"، بمعنى أنه بمجرد خروج أي دولة من براثن الفقر، يصبح تحقيق النمو أكثر صعوبة.

 وصل شي إلى السلطة بتفويض لتولّي المسؤولية. ومنذ البداية، تحرك بهدف تعزيز سلطته، فقلص عدد أعضاء اللجنة الدائمة للمكتب السياسي من تسعة أعضاء إلى سبعة، وترأس شخصياً كل المجموعات المهمة المسؤولة عن وضع السياسات. وفي منصب مسؤوله الاقتصادي الأول، اختار شي ليو هي، وهو من المؤيدين المعروفين للانتقال إلى اقتصاد السوق. وضع شي معياراً رفيعاً للإصلاح، فأصدر بياناً في 2013 يُعرَف باسم "القرارات الـ60". وتعهد بجعل السوق "حاسمة" في توجيه النتائج الاقتصادية وإعادة صياغة دور الحكومة على نحو قد يرحب به خبراء الاقتصاد الغربيون الليبراليون، إذ يشمل الحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلّي وتقديم الخدمات العامة وضمان المنافسة العادلة والتنظيم والتشريعات ومعالجة إخفاقات السوق. واقتنع شي من خبرائه الاقتصاديين بأن الصين ربما تواجه فخ الديون الداخلية، في غياب العمل الجريء. وكتب شي في عامه الأول في المنصب، "سنجد أنفسنا في طريق مسدود"، إذا فشل الحزب في تحويل الاقتصاد.

وبدأ ليو العمل. وفي ربيع 2013، ركّز صُنّاع السياسات أعينهم على أجزاء من النظام المالي الذي كان يتضخم بالتزامات خطيرة، إذ عملت المصارف على إصدار منتجات [كالأدوات المالية مثلاً] بهدف إدارة الثروات في الأجل القريب بمعدلات مرتفعة للفائدة، مع استخدام العوائد للاستثمار في أصول بعيدة الأجل ومحفوفة بالمخاطر. وقرر "بنك الشعب الصيني"، المصرف المركزي للبلاد، توجيه صدمة إلى هذه المصارف تنقلها نحو سلوك أفضل من خلال قطع القدرة على الوصول إلى التمويل القريب الأجل. وترتبت على هذا التحرك عواقب غير مقصودة واسعة النطاق، إذ فوجئت المصارف إلى حد أنها توقفت عن الإقراض على الفور، ما أدى إلى ارتفاع معدلات الفائدة على القروض القريبة الأجل من نحو اثنين أو ثلاثة في المئة إلى ما بين 20 في المئة و30 في المئة. وهبطت أسواق الأسهم الصينية بأكثر من 10 في المئة، فيما حاول التجار الوصول إلى النقد من أي أصول سائلة متاحة. وسرعان ما تراجع "بنك الشعب الصيني" وأعاد التمويل القريب الأجل إلى المصارف. وفي المقابل، لم يسفر ذلك إلا عن مزيد من خوض المخاطر، وذلك ما كان يخشاه ذلك المصرف المركزي. وفي الفترة بين 2013 و2016، تضاعف الاقتراض من خلال سوق المال القريبة الأجل إلى خمسة أضعاف، وحصل نمو انفجاري في ما يُسمَّى "إقراض الظل" الذي يتضمن أن تقدم المصارف الصينية أموالاً إلى مؤسسات خارجية سعت بنفسها إلى تحقيق عوائد أعلى من خلال المرور عبر قنوات غير منظمة تشريعياً (على غرار تقديم القروض الهامشية والمضاربة في سوق الأسهم)، إضافة إلى تسليف المقترضين الأكثر مخاطرة.

خطوتان إلى الأمام، خطوتان إلى الخلف

شكّلت تلك الأزمة في السوق القائمة بين المصارف، مجرد الإشارة الأولى إلى ما أصبح نمطاً أثناء عصر شي. ويتضمن ذلك النمط محاولات جريئة للإصلاح تعقبها فترات من التراجع عندما تؤدي هذه المحاولات إلى زعزعة الاستقرار وإثارة الاضطراب. وتكرر ذلك النمط في 2014، حينما اتخذت بكين خطوات لتسهيل استثمار الشركات الصينية في الخارج بشكل مباشر. وشكّل ذلك خطوة ضرورية في حال رغبت الشركات بأن تنتقل من تصنيع البضائع الأساسية بغرض التصدير إلى إدارة أعمال عالمية. واستثمرت الشركات بالفعل، مع ارتفاع الاستثمار المباشر في الخارج من 73 مليار دولار عام 2013 إلى 216 مليار دولار في 2016. وحمل النمو الانفجاري في الاستثمار الخارجي أهمية تفوق ما حازه في أي وقت مضى، إذ أعطى بعض تلك الاستثمارات الصين الحق في التباهي باعتبارها طرفاً فاعلاً عالمياً، على غرار استحواذ شركة "أنبانغ للتأمين" على فنادق "والدورف أستوريا"، مثلاً، وتمويل "مؤسسة الصين للاستثمار"، وهي عبارة عن صندوق للثروة السيادية، مشروعاً مع شركة "خطوط كرنفال للرحلات". في المقابل، مع تراكم هذه الأصول الأجنبية، هبطت احتياطيات الصين من النقد الأجنبي، التي سبق أن تراكمت على مدى أعوام بفضل الفوائض التجارية الثابتة، بحوالى الربع (من قرابة أربعة تريليونات دولار إلى أقل من ثلاثة تريليونات دولار) مع سعي الأطراف الفاعلة الصينية إلى الدولارات كي تستثمر في الخارج. ومع حلول نهاية عام 2016، قرر الحزب الشيوعي الصيني، إذ شعر بالقلق إزاء التدفقات المالية السريعة إلى الخارج، أن الإصلاح من الممكن أن ينتظر، وأعاد فرض ضوابط على رأس المال. ومنذ ذلك الوقت، ظل الاستثمار الخارجي راكداً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعلى نحوٍ مماثل، شكّلت السياسة الضريبية مجالاً آخر لتحرّك شي بحزم في البداية. ففي يونيو (حزيران) 2014، وافق المكتب السياسي على خطة وطنية للإصلاح المالي العام والضريبي، دعت، من بين أمور أخرى، إلى تسليم وزارة المالية إلى لو جي وي، بهدف كبح جماح اقتراض الحكومات المحلية وإنفاقها، وكذلك فرض ضرائب على الملكيات. وافتُرض أن تكتمل هذه المهمات مع حلول عام 2016. لكن، بعد خمسة أعوام على مرور تلك المهلة، لم تحرز الوزارة أي تقدّم يذكر، بل ازدادت بالفعل ديون الحكومات المحلية منذ بدأت تلك الإصلاحات. وحاضراً، يحذّر لو الذي بات متقاعداً الآن، وبصورة علنية، من المخاطر المالية العامة التي تلوح في الأفق بسبب النظام.

ومن منطلق إدراك فريق شي أن الإنفاق الحكومي لن يؤدي إلى تغذية النمو إلى الأبد، انتقل ذلك الفريق إلى التركيز على قطاع الشركات. وتعهد شي بخفض الدور المفرط الذي تؤديه الدولة وإفساح المجال أمام الشركات في إدارة أنشطتها التجارية بأقل قدر من التدخل السياسي. وانطلقت برامج تجريبية تهدف إلى تمكين المديرين المستقلين من اتخاذ قرارات في شأن الاستراتيجية والقيادة، ما قلص دور لجان الحزب الشيوعي الصيني. وكان من المفترض بإصلاحات أخرى أن توضح القطاعات التي تناسب المنافسة في السوق وتتطلب استمرار سيطرة الدولة. لكن، توقف الجهدان كلاهما. ومنذ 2017، احتفظ الحزب بنفوذه على الشؤون المؤسساتية في الشركات المرتبطة بالدولة، وسعى إلى زيادة هيمنته على الشركات الخاصة، بما في ذلك الشركات الأجنبية.

وعندما وصل شي إلى السلطة، حاول الحزب أيضاً إطلاق العنان لأسواق الأسهم بهدف تخفيف أعباء التمويل عن مصارف الدولة. وشكّلت مستويات ديون الحكومات المحلية والشركات المملوكة للدولة، مصدر قلق مستمر. وبدت صعبة مقامة إمكانية استخدام الإدراجات في سوق الأسهم بهدف تقليص الديون، إذ إن بكين حسدت ديناميكية أسواق الأسهم الغربية. وفي 2013، بسّطت الحكومة متطلبات الطروح العامة الأولية للأسهم. وفي غضون عام، استُكمل 48 طرحاً، وأجاز المنظمون 28 طرحاً آخر. كذلك، رفع المسؤولون القيود المفروضة على التداول الهامشي. وشجعت الافتتاحيات في الصحف التي تسيطر عليها الدولة الناس على تكديس مزيد من الأسهم المهددة في شكل متزايد بأن تتحوّل فقاعات مالية. وسرعان ما أدركت الصين الجانب السلبي في مناورتها. ومع حلول يونيو 2015، وبعد التشكيك في الدعم الرسمي للاتجاه غير المستدام، انفجرت الفقاعة. وفي غضون شهر، خسرت السوق ثلث قيمتها. واليوم، على الرغم من التوسع الكبير في الاقتصاد الكلي، تظل السوق أدنى بـ25 في المئة من أعلى مستوى لها المسجل في 2015.

عواقب غير مقصودة

شكّل القطاع المصرفي مجالاً آخر عقد شي الأمل عليه في اتخاذ خطوات واسعة ضمنه. ففي أكتوبر (تشرين الأول) 2015، أعلن "بنك الشعب الصيني" عن مرحلة رئيسة طال انتظارها تتمثّل في التحرير الكامل لمعدلات الفائدة على القروض والودائع المصرفية. وفي وقت سابق، حدد المصرف المركزي تلك الأسعار بتوجيهات من مجلس الدولة الذي يشكّل السلطة الإدارية الرئيسة للحكومة المركزية. ومنع هذا النظام المصارف من التنافس في ما بينها على المودعين والمقترضين. فحتى أوائل عشرينيات القرن الحادي والعشرين، بقيت معدلات الفائدة ثابتة عند مستويات أدنى كثيراً مما تطلبته شروط السوق، ما يعني أن الأُسر دعمت فعلياً المقترضين من الدولة، إذ توجّب أن يتلقى المودعون معدلات أعلى على مدخراتهم، فيما توجب على المقترضين أن يسددوا معدلات تسليف أعلى. وشجع ذلك الاستثمار المفرط من جانب الشركات المملوكة للدولة في القطاعات التي تعاني من العمل فوق قدرتها، إضافة إلى إنه قلّص استهلاك الأُسر.

وبهدف معالجة هذه المشكلات، سمح البنك المركزي للمصارف بالمنافسة من خلال عرض معدلات فائدة للمودعين تصل إلى 50 في المئة فوق معدلات الفائدة الرسمية، فيما لم يتجاوز ذلك السقف في السابق الـ10 في المئة. وبعد فترة وجيزة، أُلغي السقف الخاص بمعدلات الفائدة على الودائع بالكامل، من حيث المبدأ. وفي الممارسة العملية، خشي المسؤولون المصرفيون من أن تتسبب المصارف الأصغر حجماً في حالة من عدم الاستقرار إذا تنافست استناداً إلى قوى السوق. ووفق ذلك، احتفظوا بقاعدة غير رسمية تقضي بأن معدلات الفائدة على الودائع يجب أن تظل أعلى بنسبة لا تتجاوز 50 في المئة من المعدل المعياري. وتظل تلك الإجراءات المساندة مستمرة حتى اليوم، إذ حُرّرت معدلات الفائدة اسمياً، لكن قلة منها تغيرت حقاً، ولا تزال المصارف مقيدة في كيفية التنافس على العملاء.

وفي مسار متصل، يندرج ضمن الأهداف الأخرى في استراتيجية شي بشأن التحرير المالي، تأمين اعتراف صندوق النقد الدولي باليوان باعتباره عملة احتياطية جديرة بالإدراج في سلة العملات التي يبني عليها الصندوق حقوق السحب الخاصة، وهي وحدة حساب تستخدمها المصارف المركزية في إجراء المعاملات. وأمل "بنك الشعب الصيني" في أن يؤدي هذا إلى تشجيع المصارف المركزية الأخرى على شراء أصول مقوّمة باليوان، ما يجعل أسواق الصين أكثر جاذبية للمستثمرين الأجانب.

وصل شي إلى السلطة بتفويض لتولي المسؤولية.

في المقابل، برزت مشكلة قوامها أن العملات في سلة حقوق السحب الخاصة من المفترض أن تكون قابلة للاستخدام بحرّية في المعاملات الدولية، ويجري تداولها في شكل متكرر. وجعلت ضوابط رأس المال في الصين من الصعب تلبية هذه المعايير. وبهدف تجاوز هذه العقبة، زعمت بكين وجود سوق سائلة تتداول اليوان، هي تلك الموجودة في هونغ كونغ التي تحتفظ بسوق خارجية لليوان من الممكن أن تتقلب أسعار العملات فيها أكثر مما تفعل في الصين ذاتها. واتضحت المشكلة في هذا الحل البديل حينما خفّضت بكين اليوان فجأة في أغسطس (آب) 2015 في محاولة لتوحيد الأسعار في البر الرئيس وفي هونغ كونغ. ونتج من ذلك تدفق رؤوس الأموال إلى الخارج على نحو ينذر بالخطر، سهّلته سوق هونغ كونغ ذاتها التي روّج لها "بنك الشعب الصيني".

وفي نهاية المطاف، وافق "صندوق النقد الدولي" على إضافة اليوان إلى سلة حقوق السحب الخاصة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2015. وفي تلك المرحلة، تراجع "البنك المركزي الصيني" عن تحرير سوق العملات في هونغ كونغ، فأخرج السيولة منها وقلّص دورها كمركز للتداول. وبعد ستة أعوام، لا تزال أموال هونغ كونغ الخارجية من اليوان صغيرة، ولا تمثّل تلك العملة سوى حصة محدودة من المعاملات الدولية العابرة للحدود، وكذلك لا تشكّل سوى نسبة متواضعة من الاحتياطيات العالمية من النقد الأجنبي، إضافة إلى أن ضوابط رأس المال لا تزال مستمرة في الصين. ومع حلول صيف 2016، شعر ليو وبقية قيادات الحزب الشيوعي الصيني بقلق من نشاط الإقراض المحفوف بالمخاطر الذي أدى إلى فقاعة سوق الأسهم وأزمة سوق ما بين المصارف. كذلك خشوا من أن النظام المالي الصيني شرع في أن يبدو أشبه بالنظام المالي الأميركي قبل أزمة الرهن العقاري الثانوي بين عامي 2007 و2008. بالتالي، بدأت بكين حملة تقليل الديون استهدفت تقليص النظام المصرفي العامل في الظل، والحد من المخاطر المالية النظامية. أولاً، ثبّت المصرف المركزي معدلات الفائدة على القروض القريبة الأجل عند مستويات أعلى، ما رفع معدلات الفائدة الإجمالية لكنه لم يقلل في شكل كبير من حجم الائتمان. ثم شددت بكين القواعد التنظيمية بهدف منع المصارف من ركن الأموال في مؤسسات خارجية من أجل تجنّب القيود التنظيمية. ووفق ما جرى التخطيط له، انخفض حجم الائتمان الجديد، لكن ذلك أدى إلى خنق الاقتصاد طوال عام 2018، إذ تبيّن أن المقترضين من مصارف الظل لم ينخرطوا في المضاربة فحسب، بل استثمروا أيضاً في تطوير العقارات والبنية التحتية المحلية. ومرّة أخرى، اضطرت بكين إلى التراجع، فتخلّت عن جهودها الحازمة في تقليص المديونية، وسمحت بارتفاع الائتمان مرة أخرى، لا سيما للحكومات المحلية.

وربما بلغ نمط استعادة السيطرة المركزية بعد محاولات فاشلة في تحرير التجارة ذروته مع إحدى أهم القصص التي خرجت من الصين العام الماضي. وتتمثّل تلك القصة في الإجراءات الصارمة التي فرضتها بكين على شركات التكنولوجيا المالية. وأدى هذا إلى اتخاذ إجراءات تهدف إلى مكافحة الاحتكار، ضد شركتي التكنولوجيا العملاقتين "علي بابا" و"تينسنت"، فضلاً عن تأجيل الطرح العام الأولي لـ"أنت غروب"، وهي شركة تابعة لـ"علي بابا".

وكذلك قدّم الحزب الشيوعي الصيني هذه الخطوات باعتبارها إصلاحات داعمة للمستهلكين، وهو ما يبدو معقولاً ضمن عالم يسعى فيه عدد من البلدان الأخرى إلى كبح جماح جبابرة التكنولوجيا لديها. لكن بالنسبة إلى بكين، تشكّل هذه التحركات نهاية انفتاح مالي بالغ الأهمية. في أوائل العقد الماضي، مُنحت هذه الشركات الحرية من جانب التكنوقراط الحزبيين الذين أملوا في أن تؤدي الابتكارات المالية إلى إجبار المصارف المملوكة للدولة والمتحجرة على أن تصبح أكثر إنتاجية. ونجح ذلك، على الأقل في شكل متقطع، إذ جعلت الشركات الجديدة النظام المالي يعمل لمصلحة عملاء عانوا سابقاً من نقص في الخدمات. لكن الابتكار جاء أيضاً مع مخاطر جديدة كالمنصات الرقمية التي تعمل في "الإقراض بين الأقران" التي قدّمت معدلات فائدة عالية إلى المودعين، بل حتى معدلات فائدة أعلى إلى المقترضين. وعندما تخلّف كثرٌ من المقترضين عن تسديد ديونهم، احتج المستثمرون، معتقدين خطأ بأن الحكومة كانت تضمن هذه المنصات. وفي أغسطس 2018، ظهر آلاف الأشخاص في قلب المنطقة المالية في بكين للمطالبة بتعويض. وبدأ تطبيق إجراءات تنظيمية صارمة ضد منصات "الإقراض بين الأقران"، مهّد الطريق أمام التدقيق في شركة "أنت غروب" هذا العام. ونجحت هذه الإجراءات الصارمة في الحد من المخاطر المالية، لكنها قلبت أيضاً المنافع المترتبة على الإصلاح، إذ أصبح عدد من المستهلكين من ذوي المداخيل المنخفضة الآن أمام خيارات أقل في ما يتصل بالوصول إلى الائتمان.

ثمة نمط واضح في عصر شي قوامه سياسة الاقتصاد الكلّي، إذ أنتجت كل محاولة للإصلاح أزمة مصغرة هدّدت بالتحوّل إلى أزمة أكبر، ما دفع الحزب الشيوعي الصيني إلى العودة إلى ما يعرفه أفضل من غيره متمثلاً في السيطرة والتحكم. وينص الخطاب الرسمي، بطبيعة الحال، على أن الإخفاقات لم تحصل، والصين تتقدم بثبات على أجندة دينغ المتمثلة في "الإصلاح والانفتاح". وفي خطاب ألقاه في ديسمبر (كانون الأول) 2020، تباهى شي بإطلاق ألفين و485 خطة إصلاح، لبّت مستهدفات الحزب في المواعيد المحددة. في الشهر التالي، وافقت "صحيفة الشعب اليومية" الرسمية على ذلك، مشيرة إلى أن 336 هدفاً إصلاحياً على رأس الأولويات "أُنجزت في الأساس" ومشيدة بـ"تحقيق تقدّم كبير في تعميق الإصلاح بشكل شامل".

وفي السر، يقرّ خبراء الاقتصاد الصينيون بأن الحالة ليست كذلك. لكنهم يزعمون، ليس من دون جدارة، أن التحديات التي تعاني منها أنظمة اقتصاد السوق منذ اندلاع الأزمة المالية العالمية تشكّل سبباً كافياً للمضي قدماً ببطء. ويُزعَم أن نائب الرئيس الصيني وانغ تشي شان أخبر وزير الخزانة الأميركي هنري بولسون في خضم تلك الأزمة، "لقد كنت أستاذي، لكنني الآن أعمل في مجال أستاذي، وأنظر إلى نظامك، يا هانك. لم نعُد على يقين من أن علينا أن نتعلم منكم بعد الآن". وأثناء حقبة ترمب، حتى الولايات المتحدة التي كانت لفترة طويلة النصير الرائد على مستوى العالم للتحرّر الاقتصادي، بدت كأنها تشكك في قناعاتها بالسوق الحرة.

في المقابل، لا تكمن القصة الحقيقية في نجاح الصين بالإصلاح ولا في ترددها بشأنه. لقد حاول شي لكنه فشل إلى حد كبير في أن يدفع إلى الأمام الأجندة التي أطلقها دينغ عام 1978 والتي حافظ عليها أسلاف شي جميعاً. وإن العواقب المترتبة على هذا الفشل واضحة. فمنذ تولّى شي الحكم، ارتفع إجمالي الدين من 225 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي إلى 276 في المئة على الأقل. وفي 2012، تطلّب توليد يوان واحد من النمو ستة يوانات من الائتمان الجديد، فيما تطلّب ذلك في 2020 إنفاق حوالى عشرة يوانات. وتباطأ نمو الناتج المحلي الإجمالي من حوالى 9.6 في المئة في أعوام ما قبل شي إلى أقل من ستة في المئة في الأشهر التي سبقت بداية الجائحة. كذلك تباطأ نمو الأجور ونمو مداخيل الأسر. وفي حين أن نمو الإنتاجية، بمعنى القدرة على النمو من دون الحاجة إلى استخدام مزيد من العمالة أو الموارد، يتحمّل المسؤولية عن نصف التوسع الاقتصادي الذي شهدته الصين في تسعينيات القرن العشرين وثلثه في العقد التالي، فإنه لا يسهم اليوم إلا بنسبة واحد في المئة من نمو البلاد البالغ ستة في المئة، أو لا يسهم بأي نسبة وفق بعض الحسابات. وتشير نقاط البيانات هذه كلها إلى خسارة الديناميكية الاقتصادية.

تحديات كبيرة

لماذا يهمّ أن نفهم أن شي لم يقاوم الإصلاح بل فشل في تحقيقه؟ يتمثل السبب وراء ذلك في أن الانطباعات تشكّل أهمية كبيرة عندما يتعلق الأمر بآفاق الصين. فإذا اعتقد المستثمرون والشركات والحكومات الأخرى بأن شي رفض الإصلاح لكن الصين قادرة على تحقيق النمو من دونه، سيتبنّون نموذج بكين ويستثمرون فيه. لكن إذا فهموا أن شي حاول في واقع الأمر التحرير لكنه تراجع إلى اقتصاد موجه منخفض الإنتاجية، فسيترددون، إن لم ينسحبوا، وسيصرّون على أن تعمل بكين جاهدة من أجل إصلاح السياسات قبل أن تتمكن من كسب ثقتهم.

واستناداً إلى اعتقاد شي ذاته بأن الصين في غياب الإصلاح ستصل إلى طريق مسدود، فمن الواضح أن يوم الحساب أمر حتمي. ويتمثّل السؤال الآن في تحديد موعد الوصول إلى طريق مسدود، وإذا كانت الصين ستتخذ الخطوات الجريئة التي اضطرت كل دولة تمكنت من الإفلات من "فخ الدخل المتوسط" إلى اتخاذها. في السابق، أخطأ المشككون في استمرارية تقدم الصين، ويتعين عليهم أن يفسروا ما الذي تبدّل الآن كي يبرروا رهانهم على تراجعها. ثمة ثلاثة عوامل تبدو الأكثر إقناعاً. أولاً، في الأعوام الأخيرة، نمت الفائدة على الديون وحدها (إضافة إلى أصل الدين) إلى ضعف قيمة نمو الناتج المحلي الإجمالي السنوي. ويتسبب هذا الوضع في إفلاس مصارف وعمليات إعادة هيكلة وعجز عن تسديد الديون في شكل كبير لدى شركات مملوكة للدولة. ثانياً، للمرّة الأولى منذ المجاعات الجماعية لـ"القفزة الكبرى إلى الأمام" الكارثية، يتقلص عدد السكان العاملين، ومن شأن ذلك أن يؤدي إلى قوة عمل أصغر وعدد أقل من الناس الذين يشترون العقارات في سوق الإسكان الصينية التي تفيض بالمعروض فيها. ثالثاً، في الفترة بين عامي 1978 و2015 تقريباً، غيّرت الولايات المتحدة وغيرها من القوى العالمية مسارها كي تتشارك مع الصين وتسهّل خطّ وصولها إلى الفرص العالمية. ولم تعُد هذه هي الحال الآن، حتى لو لم تشكل ديمقراطيات السوق المفتوحة إجماعاً حول الموقف الصحيح الذي يتعين عليها أن تتبنّاه إزاء بكين في المرحلة المقبلة. وعلى أكثر من نحو، تحوّلت الرياح المؤاتية التي تمتعت بها الصين من الحماسة العالمية إزاء صعودها، إلى رياح معاكسة.

وإذا لم تتمكن بكين من حض الشركات الخاصة على زيادة استثماراتها ولم تستطِع إقناع الاقتصادات الكبرى بالبقاء على شراكتها مع الصين، ستصبح التوقعات الاقتصادية الصافية للبلاد غائمة. وفعلياً، عجّلت جهود الإصلاح في عصر شي، سلسلة من الأزمات المصغرة، وقلّص كل منها الحيز المتاح للتجربة والخطأ في المستقبل. فالآن، بدأ المتخصصون في التكنولوجيا الفائقة الذين احتفل الحزب الشيوعي الصيني بهم أخيراً باعتبارهم أبطال مستقبل رقمي جديد، يسارعون إلى إثبات ولائهم للحزب بدلاً من حضّ المسؤولين على السماح لهم بالمنافسة والابتكار في شكل أكثر حزماً. ومع وصول ديون الشركات والأُسر إلى مستويات بالغة الارتفاع بالفعل، ربما تستطيع الصين أن تحصل بمشقة على عامين أو ثلاثة أعوام أخرى من الاستقرار الاقتصادي، عبر تكديس مزيد من القروض، ما دامت تدفقات رأس المال وسلاسل الإمداد العالمية لا تنضب. وإذا تراجع المستثمرون والشركات عن تلك المهمة، أو إذا احتاجت الصين إلى رفع معدلات الفائدة بصورة أكثر حزماً في الداخل، فمن الممكن أن يقع يوم الحساب في وقت أقرب كثيراً.

في المقابل، تملك بكين خيارات في التخفيف من وطأة ذلك التحول، لكنها لا تستطيع أن تتجنبه. وخلافاً لليابان حينما انفجرت فقاعة الأصول فيها عام 1991، ليست الصين أمة ناضجة ذات دخل مرتفع. ومن شأن نمو المداخيل الريفية أن يجعل البلاد أكثر قوة، لكنها لن تنتج مدناً رأسمالية أو آلات عالية التكنولوجيا.

ومن جهة أخرى، تتصور حملة "التداول المزدوج" التي يقودها شي ثورة في الإنفاق الاستهلاكي. وهذا أيضاً احتمال وارد شرط أن تنتقل بكين من دعم الشركات إلى إرغامها على خدمة المستهلكين. ومن خلال بيع الشركات التابعة للدولة، تستطيع الصين أن تجمع تريليونات الدولارات كي تسدّد أصول الديون، وتموّل الرعاية الصحية، وتدفع تكاليف الحد من الانبعاثات الكربونية، مع الاستمرار في تغذية المنافسة الصحية في القطاع الخاص. تعتبر تلك السبل وغيرها من الطرق المتاحة في تحقيق النمو المستدام. لكن في كل حالة، يجب التضحية بإصرار الحزب على أنه "يقود كل شيء في المجالات الحكومية والعسكرية والمدنية والأكاديمية، وفي الشرق والغرب والجنوب والشمال والوسط". وحتى الآن، لا يزال هذا الهدف بعيداً للغاية.

وعند مرحلة ما، يتعين على قادة الصين أن يواجهوا مقايضة قوامها أن الكفاءة الاقتصادية المستدامة لا تسير جنباً إلى جنب مع النفوذ السياسي. فعلى مر التاريخ، حاول الزعماء الذين واجهوا تلك المعضلة في الصين وأماكن أخرى، إخفاء انخفاض الإنتاجية بهدف كسب الوقت والاستمرار في البحث عن وسيلة للحصول على كل شيء. والواقع أن عدداً من الإحصاءات عن الصين أصبحت غير متاحة في الآونة الأخيرة. وستشير بكين إلى سجلها في الاستثنائية، لكن إذا كان لها أن تجد وسيلة للحفاظ على الاستقرار والسيطرة على الدولة والديناميكية الاقتصادية في وقت واحد، ستكون أول دولة في التاريخ تفعل ذلك. وفي ضوء سجل الإصلاح المشوش في أعوام شي، يبدو التشكيك مبرراً.

التهليل الذي نالته الصين بأثر من نجاحها اقتصادياً، سيتلاشى إذا فشل شي في تحمل النقد السياسي.

وإذا لاقت الصين مصير بلدان أخرى ذات دخل متوسط فشلت في تحقيق الإصلاح كي تخرج من انحدار الإنتاجية، ستصبح الصورة أكثر إعتاماً. وستنخفض أسعار الأصول العقارية وسندات الشركات في شكل كبير، وهذا من شأنه أن يؤدي إلى سخط سياسي مع مشاهدة الناس ثرواتهم تتبخر. ومع الثقة المتعثرة والإفراط في الاعتماد على مصداقية الوعود الحكومية بشأن ضمان الاستقرار، سيتضاءل الاستثمار الجديد، وسيتباطأ توليد فرص العمل، وستتقلص قاعدة الضرائب والعوائد. وبدأ هذا كله يحدث بالفعل، لكن بكين ستضطر إلى اتخاذ خيارات أكثر صعوبة للمضي قدماً.

واستطراداً، يعني ذلك أيضاً إقبال فترة من التقشف المؤلم للصين وشركائها في الخارج أيضاً، الذين باتوا يعوّلون عليها باعتبارها مشترياً لخام الحديد وبائعاً للمساعدة التنموية ومستثمراً مباشراً في الشركات الناشئة وعدد من الشركات الأخرى. وسيخلف ذلك عواقب جيوسياسية هائلة، مع إعادة صوغ معايير المنافسة بين القوى العظمى. وربما تصبح بكين أكثر نزوعاً إلى القتال في البحث عن الحلول. وفي المقابل، بوسعها أن تعود إلى التركيز على التنمية المحلية كما في الأعوام السابقة، وتعود إلى دعوة دينغ لإبقاء تركيز الحزب محدوداً.

كخلاصة، إن خبراء الاقتصاد ليسوا مجهزين في شكل جيد كي يتوقعوا الخيارات السياسية الكبرى التي من المرجّح أن يتخذها الزعماء. في المقابل، يثبت التاريخ أن كل بلد تقدم إلى مرتبة الدخل المرتفع مر بأزمات نظامية، لا سيما في القطاع المصرفي. وتالياً، فإن البلدان التي تتقبل ضرورة التكيف وتتخلى عن وهم الكفاءة من دون إصلاح، تبرز بوصفها أكثر تنافسية.

واستطراداً، تملك الصين تراثاً قوياً في تبنّي الإصلاح والتكيف، ما يفسر صعودها. وليس الإصلاح أجندة غربية تُفرض على بكين، بل إنه حق راسخ من حقوق البلاد الحديثة. وبعد عقد من الجهود الفاشلة في تنفيذه، تبحث الصين عن وسيلة أسهل. بالتالي، يتعيّن على شي أن يعيد اكتشاف أن الإصلاح يمثّل المسار الأصعب، خلافاً للمسارات الأخرى كلها.

 

دانيال إتش روزين، شريك مؤسس لـ"روديوم غروب" ويقود عمل الشركة في آسيا

مترجم من "فورين أفيرز"

المزيد من تقارير