Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

زينة دكاش دخلت السجون كمعالجة نفسانية وخرجت بمسرحيات وأفلام

عملها الجديد يدور حول المرضى النفسيين المسجونين وأبطالها هم السجناء

مسرحية لزينة دكاش داخل السجن مع السجناء (اندنبندنت عربية)

لم يكن متوقعاً أن تنتقل الممثلة والمخرجة زينة دكاش من عالم التمثيل والكوميديا خصوصاً، إلى عالم السجون في لبنان، لتكتب نصوصا وتخرج مسرحيات وتصور أفلاماً، تدور حول المساجين والزنزانات التي يقبعون فيها والحياة القاسية جداً التي يعيشونها. وقد استخدمت دكاش تخصصها في العلاج النفساني عن طريق الفن، لتنطلق في مشروعها المرتبط بعالم السجون. وكانت أن حققت مسرحية أولى في سجن النساء (بعبدا، ضاحية بيروت الجنوبية)، بطلاتها سجينات، وقدمتها داخل السجن نفسه، وسمحت لها إدارة السجن أن تدعو جمهوراً توزع على أيام عدة. ثم قدمت مسرحية أخرى في سجن رومية للرجال (بيروت الشرقية) أبطالها أيضاً من السجناء أنفسهم. وتوالت أعمالها وعمدت إلى تصوير المسرحيات سينمائياً وكان لها أن تشارك بهذه الأفلام في مهرجانات عدة، عربية وعالمية وتقطف جوائز. زينة دكاش هي أيضاً ناشطة في جمعيات مدنية تسعى إلى تغيير القوانين المجحفة بحق السجناء والمواطنين عموماً. عدا عن أنها صاحبة مؤسسة "كثارسيس"، التي تعنى بالفن من أجل التغيير.

اكتسبت زينة دكاش شهرة تلفزيونية شعبية كممثلة، من خلال شخصية "إيزو" في البرنامج الانتقادي الساخر "بسمات وطن"، وعبرها أدت أدواراً ساخرة وكاريكاتورية ببراعة وخفة ظل. تتحدث بداية عن السبب الذي جعلها تنوع بين كل هذه المجالات، تقول: "لم أكن أعرف أنني سوف أصل إلى هنا. أنا درست التمثيل والإخراج المسرحي في الجامعة اليسوعية، ولكن في الوقت نفسه كان لدي اهتمام وإلمام بعلم النفس، وكنت أقول لو أن لدي حياة أخرى لكنت درست هذا الاختصاص، لذا قررت أن تكون شهادة الماجستير في علم النفس. ثم فكرت كيف يمكن أن أجمع بين هذين المجالين، لكونهما يساعدان الإنسان على التعبير وعلى أن يكون مرتاحاً مع نفسه. فدخلت محرك البحث "غوغل" وكتبت عبارة "العلاج بالدراما"، فتبين لي أن هناك اختصاصاً يندرج تحت هذا الاسم في الولايات المتحدة الأميركية، فسافرت إلى هناك ودرسته ثم عدت إلى لبنان. وأول مشروع لي في هذا المجال كان في السجون، وتقدمت بطلب إلى الدولة اللبنانية لعلاج المساجين بالدراما، وقدمت 3 مسرحيات، اثنتان منها في سجن رومية والثالثة في سجن بعبدا، كما أخرجت فيلماً وثائقياً عن التجربة، يتضمن كيفية التحضير للتمارين وماذا حدث خلالها. ومن خلال هذه التجربة أصبحت مخرجة أفلام، وأخرجت فيلمين هما "12 لبناني غاضب" و"يوميات شهرزاد" اللذان شاركا في مهرجان دبي الدولي للأفلام، كما جالا في 75 دولة أخرى. وقبل فترة قصيرة انتهيت من تصوير فيلمي الوثائقي الثالث الذي يدور في سجن رومية أيضاً وهو بعنوان "السجناء الزرق" الذي صورته في المبنى الأزرق المخصص للسجناء المجرمين الذين يعانون من أمراض نفسية".

وعما إذا كانت تسعى عبر العلاج الدرامي في السجون إلى مساعدة المساجين نفسياً أم لتحقيق المكاسب الفنية من خلال تصوير الأفلام، تجيب: "أنا أدخل السجون بهدف العلاج، ولكنني أتقاضى المال من خلال تمويل يصلنا إلى الجمعية. لكن خلال وجودنا داخل السجون وجدنا أن هذه التجربة يجب أن تظهر إلى العلن، لذلك قررنا تصويرها، وهذا الأمر احتاج إلى تمويل آخر، لأن إمكاناتي المادية لا تسمح لي باستخدام كاميرا لمدة عام ونيف، خصوصاً أن الأفلام لا تعود علينا بعائدات مادية".

تعديل القوانين

وعن الفائدة التي قدمتها للسجناء من خلال العلاج بالدراما، أجابت: "تم تعديل 3 قوانين في لبنان، الأول يتعلق بالسجناء وينص على تخفيض العقوبة لحسني السلوك، والثاني حماية عناصر الأسرى من العنف الأسري، والثالث السماح للعاملة الأجنبية بعقد علاقات عاطفية على الأراضي اللبنانية. عملي يرتكز على تعديل القوانين، وأنا ناشطة في هذا المجال أيضاً، وآخر قانون تقدمت به إلى مجلس النواب اللبناني يهدف إلى تعديل قانون له علاقة بالمرضى النفسيين، ويعتبر أن كل مجنون ومعتوه ارتكب جرماً يجب أن يبقى في السجن إلى حين الشفاء، وهذا الأمر غير منطقي. لا شك أن الشفاء يحتاج إلى علاج ودواء".

هل ترى أن الإنتاج والإخراج والعلاج بالدراما وعملها كناشطة في تعديل القوانين، ليست سوى "أكسسوارات" إضافية تزيّن بها عملها الأساسي كممثلة؟ تجيب: "هي كلها مجتمعة زينة دكاش. أنا لا أعتبر نفسي ممثلة بالدرجة الأولى، بل أنا أولاً معالجة بالدراما وثانياً مخرجة أفلام وثائقية وثالثاً ممثلة ورابعاً مديرة جمعية "كثارسيس"(مركز لبنان للعلاج بالدراما). في الفترة الأخيرة، ابتعدت عن التمثيل وجمعيتي تأخذ الكثير من وقتي، والأعمال المسرحية التي أقدمها، هادفة واجتماعية ولها علاقة بالعلاج بالدراما".

عن سبب عزوفها عن المشاركة في الدراما التلفزيونية التي تشهد نشاطاً لافتاً، توضح دكاش: "لم أفكر في هذا الأمر. تجربتي في التلفزيون كانت كوميدية واستمرت نحو 13 عاماً، كما شاركت في الكثير من الأعمال المسرحية الدرامية، والمسرح حاز على إعجابي أكثر من التلفزيون، لأن له رهبة رائعة".

وعما إذا كانت فقدت شغفها بالتمثيل، تؤكد دكاش:  أنا لم أفقده ولكنني لا أسعى وراءه"، و تشير إلى أنها لم تتلق أبداً أي عرض للمشاركة في عمل درامي تلفزيوني، وتضيف: "في الأساس، اقتصر عملي في الدراما التلفزيونية على تجربة وحيدة مع إيلي أضاباشي وكنت قد أسست جمعيتي عام 2007 وانشغلت كثيراً. ربما أنا لست معروفة في الدراما التلفزيونية ولذلك لم تصلني أي عروض".

انفجار المرفأ

وعما إذا كانت راضية عن تجربتها في برنامج "بسمات الوطن الانتقادي الكوميدي، تجيب: "في وقتها كانت تلك البرامج مساحة لانتقاد الوضع الاجتماعي والسياسي في لبنان بطريقة مضحكة، ولكنها لم تعد مناسبة في وقتنا الحالي، لأننا لم يعد بإمكان أي منا أن يضحك على الوضع في لبنان لأنه متأزم جداً. في تلك الفترة لعبت البرامج الانتقادية الكوميدية دوراً في التنفيس عن المجتمع لأنها كانت تسخر من الأوضاع السياسية والاجتماعية في لبنان".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعن رأيها بتجارب زملائها المسرحيين الذين انتقلوا إلى الدراما التلفزيونية ومستوى الأعمال التي أنتجت في السنوات الأخيرة، تقول: "تابعت عدداً قليلاً من المسلسلات في الموسم الرمضاني الفائت وهي كانت جيدة".

وعن الدور الذي تلعبه من خلال مجالها لمواكبة الأزمات النفسية في لبنان ومساعدة الناس خصوصاً بعد انفجار المرفأ في 4 آب (أغسطس) الماضي، توضح دكاش: "لديّ عيادتي الخاصة التي تقدم العلاج النفسي عن طريق الدراما، والناس يقصدوننا وفق مواعيد مسبقة ونحن نقدم لهم هذه الخدمة. بعد انفجار أغسطس أحضرنا اختصاصيين من أميركا لكي نتعلم التقنيات الخاصة بكيفية التعامل مع الصدمة" .

وعن أعمالها الفنية للفترة المقبلة، أشارت دكاش إلى أنها سوف تعرض فيلمها الوثائقي الجديد في صالات السينما في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، وتضيف: "حالياً أركز على هذا العمل، وقد انتهيت من المونتاج خلال فترة كورونا. إلى ذلك خصصت يومين أسبوعياً للقيام بعلاج نفسي بالدراما للناس الذين يحضرون كمجموعات ومساعدتهم لتخطي أزماتهم النفسية. البعض منهم يشعر أنه يعيش بلا هدف وهناك من يشعرون بالضياع الكامل، ونحن نعمل من أجل تقوية نقاط القوة لديهم لكي يتمكنوا من تجاوز أزماتهم".

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة