Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

5 فوائد للعملات المشفرة فهل تصلح كاحتياطي للبنوك المركزية؟

مخاطر التعامل قد تدفع الأسر إلى الإفلاس مع مخاوف تعمق جراح الاقتصاد العالمي

يتطلب إقرار العملات الرقمية بشكل قانوني أن تكون وسيلة الدفع متاحة على نطاق واسع (أ ف ب)

كشف تقرير حديث عن 5 فوائد مهمة للعملات الرقمية المشفرة، تتمثل في توفير مدفوعات أقل تكلفة، مع سرعتها، وتعزيز الشمول المالي، وتحسين المرونة والمنافسة بين مقدمي الدفع، وتسهيل التحويلات عبر الحدود.

لكن في الوقت نفسه، فإن العملية تتطلب استثمارات كبيرة، إضافة إلى خيارات سياسية صعبة، مثل توضيح دور القطاعين العام والخاص في توفير وتنظيم الأشكال الرقمية للنقود.

وقالت دراسة بحثية أجراها توبياس أدريان ورودا ويكس براون، من محللي صندوق النقد الدولي، إنه قد يتم إغراء بعض البلدان باعتماد الأصول المشفرة كعملات وطنية، خاصة أن العديد منها آمن بالفعل، ويسهل الوصول إليه والتعامل به، لكن في الوقت نفسه، فإن المخاطر المحتملة والتكلفة المرتفعة للتحول إلى هذه السوق، يفوق إجمالي الفوائد.

وذكر التقرير أن الأصول المشفرة هي رموز جرى إصدارها بشكل خاص بناءً على تقنيات التشفير ومقومة بوحدة الحساب الخاصة بها، لكنها يمكن أن تكون قيمتها متقلبة للغاية. على سبيل المثال، وصلت عملة "بيتكوين" إلى ذروتها عند مستوى 65000 دولار في أبريل (نيسان) الماضي، ثم انهارت إلى أقل من نصف هذه القيمة بعد شهرين.

ومع ذلك، فإن الـ"بيتكوين" لا تزال تسيطر على الحصة الأكبر في سوق العملات الرقمية المشفرة. وبالنسبة للبعض، يرى أنها فرصة لإجراء معاملات مجهولة، سواء كانت جيدة أو سيئة، فيما يراها آخرون وسيلة لتنويع المحافظ والاحتفاظ بأصول مضاربة يمكن أن تجلب ثروات، لكن أيضاً تتكبد في بعض الأحيان خسائر كبيرة.

بالتالي، تختلف الأصول المشفرة اختلافاً جوهرياً عن الأنواع الأخرى من النقود الرقمية. البنوك المركزية، على سبيل المثال، تفكر في إصدار عملات رقمية، وفي هذه الحالة فإن النقود الرقمية الصادرة ستكون في شكل التزام على البنك المركزي الذي يصدرها. فيما تعمل الشركات الخاصة أيضاً في عمليات نقل وتحويل الأموال، وذلك من خلال المبالغ التي يمكن إرسالها عبر الهواتف المحمولة، التي تحظى بشعبية في شرق أفريقيا والصين، لكن يجري ذلك من خلال العملات المستقرة، التي تعتمد قيمتها على أمان وسيولة الأصول الداعمة.

اليورو والدولار أكثر إغراءً

وفيما ظلت "بيتكوين" وأقرانها في الغالب على هامش التمويل والمدفوعات، لكن مع ذلك، فإن بعض البلدان تفكر بشكل جدي في منح الأصول المشفرة وضعاً قانونياً، وتقنين آليات الاستثمار فيها وشرائها. وإذا جرى منح الأصول المشفرة الشكل القانوني، فسيتعين قبولها من قبل الدائنين لدفع الالتزامات النقدية بما في ذلك الضرائب، على غرار الأوراق النقدية والعملات المعدنية (العملة) الصادرة عن البنوك المركزية.

كما يمكن للبلدان أن تذهب أبعد من ذلك، من خلال تمرير قوانين لتشجيع استخدام الأصول المشفرة كعملة وطنية، أي كوحدة نقدية رسمية يمكن التعبير عن الالتزامات النقدية بها، ووسيلة إلزامية للدفع مقابل المشتريات اليومية.

لكن، من غير المرجح أن تنتشر الأصول المشفرة في البلدان ذات معدلات التضخم والصرف المستقرة والمؤسسات الموثوقة. وسيكون لدى الأسر والشركات حافز ضئيل للغاية للتسعير أو الادخار في مجموعة تشفير موازية مثل "بيتكوين"، حتى لو جرى منحها الشكل القانوني أو التعامل معها كعملة رسمية، خاصة أن قيمتها متقلبة للغاية، ولا علاقة لها بالاقتصاد الحقيقي.

وحتى في الاقتصادات الأقل استقراراً نسبياً، فمن المحتمل أن يكون استخدام عملة احتياطي معترف بها عالمياً، مثل الدولار أو اليورو أكثر إغراءً من استخدام الأصول المشفرة. وأشارت الدراسة إلى أن الأصول المشفرة قد تنتشر كوسيلة للأشخاص الذين ليس لديهم حسابات مصرفية لإجراء المدفوعات، لكن ليس لتخزين القيمة.

ثم مرة أخرى، قد لا تكون العملة الحقيقية متاحة دائماً بسهولة، ولا يمكن تحويلها إلى أوراق نقدية بسهولة. علاوة على ذلك، فإن بعض البلدان تحظر القوانين أو تقيد المدفوعات التي تستخدم أشكالاً أخرى من النقد، وهذا من شأنه أن يقلب التوازن نحو الاستخدام واسع النطاق للأصول المشفرة.

العملات المشفرة تهدد الاقتصاد العالمي

الدراسة أشارت إلى أن التكلفة المباشرة للتبني الواسع النطاق لمجموعة عملة مشفرة، مثل "بيتكوين"، هي استقرار الاقتصاد العالمي. فإذا جرى تسعير السلع والخدمات بالعملة الحقيقية والأصول المشفرة، فستقضي الأسر والشركات وقتاً كبيراً في اختيار الأموال التي يجب الاحتفاظ بها بدلاً من الانخراط في أنشطة إنتاجية. وبالمثل، ستتعرض الإيرادات الحكومية لمخاطر أسعار الصرف إذا جرى تحديد الضرائب مقدماً في الأصول المشفرة، بينما ظلت النفقات في الغالب بالعملة المحلية أو العكس.

أيضاً، هناك مشكلة أخرى تتعلق بالسياسة النقدية، حيث لا تستطيع البنوك المركزية تحديد أسعار الفائدة على العملات الأجنبية. وعادة، عندما تتبنى دولة ما عملة أجنبية كعملة خاصة بها، فإنها "تستورد" مصداقية السياسة النقدية الأجنبية، وتأمل في جعل اقتصادها وأسعار الفائدة متماشية مع دورة العملة الأجنبية. وربما لا يكون أي من هذين الخيارين ممكناً في حالة اعتماد الأصول المشفرة على نطاق واسع.

ونتيجة لذلك، يمكن أن تصبح الأسعار المحلية غير مستقرة للغاية. حتى لو جرى تسعير جميع الأسعار. على سبيل المثال، وعند اعتماد "بيتكوين"، فإن أسعار السلع والخدمات المستوردة ستظل تتقلب بشكل كبير، وسيجري تحديدها وفقاً لأهواء وتقييمات السوق وكبار المستثمرين الذين يحركون الأسعار صعوداً وهبوطاً في ثوانٍ معدودة.

أيضاً، يمكن أن تتأثر النزاهة المالية، حيث إنه ومن دون إجراءات قوية لمكافحة عمليات غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب، فإنه يمكن استخدام الأصول في هذه الأنشطة غير المشروعة، إضافة إلى إمكانية استخدامها في التهرب من الضرائب. وقد يشكل هذا مخاطر على النظام المالي للدول والتوازن المالي والعلاقات مع الدول الأجنبية والبنوك المركزية.

وقد وضع فريق العمل للإجراءات المالية معياراً لكيفية تنظيم الأصول الافتراضية ومقدمي الخدمات ذوي الصلة للحد من مخاطر النزاهة المالية، لكن تطبيق هذا المعيار لا يزال غير متسق عبر البلدان، الأمر الذي قد يكون إشكالياً، نظراً لإمكانية القيام بأنشطة عبر الحدود.

قضايا تتعلق بالعدالة والشمول المالي

في الوقت نفسه، يتطلب إقرار العملات الرقمية كعملة قانونية، أن تكون وسيلة الدفع متاحة على نطاق واسع. ومع ذلك، لا يزال الوصول إلى الإنترنت والتكنولوجيا اللازمة لنقل الأصول المشفرة نادرة في عديد من البلدان، ما يثير قضايا تتعلق بالعدالة والشمول المالي. علاوة على ذلك، يجب أن تكون الوحدة النقدية الرسمية مستقرة بدرجة كافية من حيث القيمة، وذلك لتسهيل استخدامها في الالتزامات النقدية المتوسطة إلى طويلة الأجل. وعادة ما تتطلب التغييرات في حالة الغطاء القانوني والوحدة النقدية للبلد تغييرات معقدة وواسعة النطاق في القانون النقدي لتجنب وجود نظام قانوني مفكك.

إضافة إلى ذلك، قد تتعرض البنوك والمؤسسات المالية الأخرى للتقلبات الهائلة في أسعار الأصول المشفرة. وليس من الواضح ما إذا كان من الممكن التمسك بالتنظيم الاحترازي ضد التعرض للعملة الأجنبية أو الأصول الخطرة في البنوك إذا جرى منح "بيتكوين" الصفة القانونية في التعاملات.

علاوة على ذلك، فإن استخدام الأصول المشفرة على نطاق واسع من شأنه أن يقوض حماية المستهلك. ويمكن أن تفقد الأسر والشركات ثروتها من خلال التقلبات الكبيرة في القيمة أو الاحتيال أو الهجمات الإلكترونية. وفي حين أثبتت التكنولوجيا التي تقوم عليها الأصول المشفرة أنها قوية للغاية، لكن يمكن أن تحدث بعض الثغرات التقنية. وفي حالة "بيتكوين"، فقد يكون الأمر صعباً، نظراً إلى عدم وجود جهة إصدار قانونية يمكن التعامل معها حال حدوث عمليات نصب واحتيال.

أخيراً، تتطلب الأصول المشفرة قدراً هائلاً من الكهرباء، لتشغيل شبكات الكمبيوتر التي تتحقق من المعاملات. وقد تكون الآثار البيئية لاعتماد هذه الأصول المشفرة كعملة وطنية وخيمة، ولا يتحملها الاقتصاد العالمي في ظل الأزمات العديدة التي يواجهها في الوقت الحالي.

كعملة وطنية، فإن الأصول المشفرة، بما في ذلك الـ"بيتكوين"، تنطوي على مخاطر كبيرة على الاستقرار المالي الكلي والسلامة المالية وحماية المستهلك والبيئة، لكن في الوقت نفسه، لا ينبغي تجاهل مزايا التقنيات الأساسية الخاصة بها، بما في ذلك إمكانية توفير خدمات مالية أرخص وأكثر شمولاً. ومع ذلك، تحتاج الحكومات إلى تكثيف تقديم هذه الخدمات، والاستفادة من الأشكال الرقمية الجديدة للأموال مع الحفاظ على الاستقرار والكفاءة والمساواة والاستدامة البيئية.

اقرأ المزيد