Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عرقلة الملاحة الدولية وضرب الاقتصاد العالمي... تداعيات تخريب ناقلات النفط

خبراء يحذرون: تكلفة التأمين وأسعار البترول سترتفعان... ويطالبون بتدخل دولي رادع

ناقلة النفط "أمجد" واحدة من أربع سفن تعرضت لهجمات تخريبية قبالة ساحل إمارة الفجيرة (أ.ف.ب)

منعطفٌ خطيرٌ تعيشه التجارة الدولية بعد استهداف السفن في الفجيرة، إذ يمكن لتأثيراته أن تهدد استقرار الاقتصاد الدولي، إذا تصاعدت المخاطر الجيوسياسية في المنطقة، مما يجعل ناقوس الخطر يدق، فجميع السيناريوات مطروحة، أقربها، حسب المحللين، أن تتم التهدئة، أو تتفاقم الأوضاع في الفترة المقبلة.  

وقال محللون ومختصون، في تصريحات لـ"اندبندنت عربية"، إن "التوترات الأخيرة في مياه الخليج وعند مضيق هرمز تلقي بظلال سلبية على اقتصادات المنطقة، وقد تصعد بأسعار النفط إلى مستويات قياسية، فيما تؤشر التحركات على الأرض إلى إمكانية تصاعد الأعمال التخريبية، والرد عليها بقوة، إذ لم يتم التدخل الدولي عبر القنوات السياسية والدبلوماسية".

وكانت الإمارات أعلنت، أمس، أنّ "أربع سفن شحن تجارية من جنسيات عدة تعرّضت لعمليات تخريبية في مياهها قبالة إيران، التي تقع خارج مضيق هرمز مباشرة". فيما أعلنت السعودية أن "اثنتين من ناقلاتها النفطية كانتا من بين تلك السفن"، نقلاً عن وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية السعودي خالد الفالح اليوم الاثنين.

وإلى ذلك أعلنت شركة "توم لإدارة السفن"، الاثنين، في بيان صحافي، "أن هيكل ناقلة منتجات مسجلة في النرويج لحقت به أضرار، جراء جسم غير معروف في المياه قبالة ساحل ميناء الفجيرة في الإمارات، أمس، وهو ما تسبب في حدوث أضرار بهيكل السفينة".

ويأتي الحادث في المياه الإماراتية في خضم التوتر المتصاعد بين إيران والولايات المتحدة، فضلاً عن تهديدات متوالية من الحرس الثوري الإيراني بإثارة القلاقل في المياه الخليجية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويعتبر مضيق هرمز، أحد الممرات الرئيسية حول العالم في نقل النفط، ويمر عبره خُمس استهلاك النفط العالمي من منتجي النفط الخام في الشرق الأوسط، إلى الأسواق الرئيسية في آسيا وأوروبا وأميركا الشمالية وخارجها، ويفصل الممر المائي الضيق إيران عن شبه الجزيرة العربية.

ودخل مطلع الشهر الحالي، قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب "تصفير" النفط الإيراني، موضع التنفيذ، مع نهاية مهلة منحتها واشنطن لعدد من الدول للامتناع عن استيراد نفط طهران، مما يزيد الصعوبات الاقتصادية، التي تواجه إيران في ظل الاعتماد على النفط مصدراً رئيسياً للتدفقات الأجنبية.

وتقود السعودية، أكبر مصدر للنفط بالعالم، تحالفاً يضم الإمارات والولايات المتحدة، للحفاظ على توازن الأسواق النفطية بعد التطبيق الكامل للعقوبات الأميركية ضد إيران.

وفي بيان لوزارة الخارجية السعودية، اعتبرت الهجمات على السفن "تهديداً خطيراً لأمن حركة الملاحة البحرية والأمن الإقليمي والدولي".

ونقلت وكالة الأنباء السعودية، الاثنين عن وزارة الخارجية، تضامن السعودية مع الإمارات في مواجهة الأعمال التخريبية، التي استهدفت 4 ناقلات نفط قبالة ساحل الإمارات.

وكشف وزير الطاقة السعودي خالد الفالح "أن الناقلتين كانتا في طريقهما لعبور الخليج العربي في المياه الاقتصادية لدولة الإمارات، بالقرب من إمارة الفجيرة عند أحد أكبر مراكز تزويد السفن بالوقود في العالم، ويقع مباشرة خارج مضيق هرمز، وهو ممر حيوي لسوق النفط العالمية".

وذكر الوزير السعودي، "أن إحدى الناقلتين كانت في طريقها لتحميل النفط السعودي من ميناء رأس تنورة، ومن ثم الاتجاه إلى الولايات المتحدة لتزويد عملاء أرامكو".

في الوقت ذاته أكد "عدم وقوع أي إصابات أو تسرب للوقود من جراء الهجوم، في حين نجمت عنه أضرار بالغة في هيكلَي السفينتين".

ولم تحدّد الإمارات طبيعة تلك الأعمال أو الجهة التي تقف خلفها، لكنها قالت إن "تعريض السفن التجارية لأعمال تخريبية وتهديد حياة طواقمها يعتبران تطوراً خطيراً"، كما أفادت وزارة الخارجية.

ووقع الحادث بعدما حذَّرت إدارة الملاحة البحرية الأميركية، الجمعة، من أن إيران أو عملاءها قد يتخذون خطوات ضد مصالح الولايات المتحدة وشركائها، ويستهدفون سفناً تجارية وناقلات نفط والبنية التحتية لإنتاج النفط بالمنطقة.

بينما أعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، الأحد، أنه رداً على التهديدات المفترضة من إيران، باتت السفينة الحربية "يو إس إس إرلينغتون"، التي تضمّ على متنها قوات من المارينز وعربات برمائية ومعدات ومروحيات إلى جانب منظومة باتريوت للدفاع الجوّي في طريقها إلى الشرق الأوسط، وجرى إرسال حاملة الطائرات ووحدة قاذفات "بي-52" إلى الخليج، في وقت أكدت واشنطن تلقيها تقارير استخباراتية تشير إلى أن إيران تخطط لتنفيذ هجوم من نوع ما في المنطقة.

انعكاسات خطيرة
من جانبه يرى الدكتور محمد الصبان، الخبير الاقتصادي والنفطي السعودي، أن "العمليات التخريبية الأخيرة سيكون لها انعكاسات خطيرة، ليس فقط على الحالة القائمة بين إيران ودول المنطقة، بل ستؤدي إلى عرقلة الملاحة الدولية وضرب الاقتصاد العالمي، وتهدد أمن إمدادات النفط العالمية".

ولفت الخبير الاقتصادي إلى أن "الحادث له إشارات كثيرة، لأنه يأتي بالتزامن مع تصاعد الأحداث بين الولايات المتحدة وإيران"، مضيفاً أنه "قد يكون بلونة من إيران (مصدر الحدث) للولايات المتحدة، فهل ستأخذ إجراءات رادعة أم لا؟"، وقال إن الحادث "يعد إنذاراً لدول الخليج، ومن المتوقع أن يتكرر إذا لم تكن هناك عقوبات فورية ورادعة للجانب الإيراني، وعلى الصعيد نفسه".

وطالب الصبان بضرورة بـ "التحرك الدولي الرادع ضد الاعتداءات التخريبية"، مضيفاً أنه "يجب على العالم مواجهة المحاولات الإيرانية لإثارة الإضرابات في منطقة الخليج ومحاولة التأثير على الإمدادات العالمية للنفط بحزم، لأن ذلك سيرفع من أسعار النفط وسيزيد تكلفة التأمين".

وتوقَّع الخبير الاقتصادي، أن "ترتفع تكلفة التأمين على الناقلات النفطية، ومن ثم أسعار السلع في دول الخليج"، لافتاً إلى أن ذلك "تهديد مبطن من إيران بأن الأزمة الحالية لن تمر عليها من دون أن تكون هناك تبعات على دول المنطقة".

وحذَّر الصبان من تكرار الحادث قائلاً إن "الحادث إذا تكرر لن يكون انعكاسه فقط على دول المنطقة، بل على جميع دول العالم، لأنها تعتمد على 40 في المئة من صادراتها النفطية على دول الخليج"، مؤكداً أن "ردود الفعل لا يجب أن تكون فردية، ولا بد أن تكون رسمية وفورية من جميع دول العالم".

ويؤكد الخبير في شؤون النفط محمد الشطي، "أن استهداف ناقلتي نفط يمثل منعطفاً خطيراً في أمن النقل والتجارة عبر أهم ممر بحري للعالم، إذ يمر عبره ما بين 15 إلى 20 مليون برميل يومياً من النفط الخام والغاز المسال والغاز الطبيعي والمنتجات البترولية إلى أسواق العالم"، مضيفاً "يجب أن يكون هناك دور للمجتمع الدولي في حماية وضمان أمن الإمدادات للعالم".

ويرى الشطي، "أن التصعيد لن يكون في مصلحة إيران بالدرجة الأولى، لأن المستفيد من التجارة من الخليج العربي هو الأسواق الواعدة في آسيا، وتشمل الصين والهند واليابان وتايلاند والفليبين وغيرها، على عكس الولايات المتحدة الأميركية، التي انخفضت حاجتها إلى النفط، وبدأت تصدر، وهذا يعني استعداء المجتمع الدولي، وهو تطور لا يريد أي طرف أن يضع نفسه فيه".

وحول مسارعة إيران لنفي أن تكون وراء استهداف السفن، يقول الخبير في الشؤون النفطية "إن ذلك يؤكد صعوبة الوضع، وحرص الجميع على عدم الإشارة إليها بتحمل إعاقة حركة التجارة الدولية، كما أنه بلا شك أي استهداف للسفن سيكون له تأثيرات على حركة التجارة، وبالتالي على اقتصادات الدول، وفِي مقدمتها إيران".

ويتوقع الشطي، أن "تدعم هذه الظروف والتطورات المتلاحقة أسعار النفط، فخام برنت وصل إلى مستوى 75 - 85 دولاراً للبرميل، وقد تزيد على ذلك في حالة اتساع رقعة التصعيد ليشمل انقطاعاً فعلياً في مبيعات النفط الخام، وهذا مستبعد حالياً بين المراقبين، وأن أي تصعيد أو استهداف للناقلات يرفع من تكلفة التأمين".

 مؤشر خطير
أحمد حسن كرم، محلل أسواق النفط العالمية، يرى أن "الأعمال التخريبية التي حدثت أخيراً هي بلا شك مؤشر خطير في المنطقة، إذ يعبر حوالي ثلث الإنتاج العالمي النفطي من خلال هذه المنطقة"، موضحاً أن "أي توترات ستكون لها عواقب كبيرة على أسعار النفط، وبالتالي سترفعه ربما إلى أعلى مستوياته، إضافة إلى ارتفاع تكلفة التأمين على السفن المارة بالمنطقة في حال تصاعد التخريب، الذي أيضاً سيكون له تأثير على ارتفاع الأسعار".

ويقول كرم، "لا أتوقع أن تنشب صراعات عسكرية كبيرة بالمنطقة. ما نراه الآن باعتقادي ما هو إلا تهديدات، الغرض منها توصيل رسالة لا أكثر، والضغط لإعادة النظر في قرارات دولية تم اتخاذها تجاه بعض دول المنطقة".

تصاعد التوترات الجيوسياسية
من جهته يشير الخبير الاقتصادي محمد مهدي إلى أن "الحادث يأتي مع تصاعد التوترات الجيوسياسية بين إيران والولايات المتحدة الأميركية على خلفية تشديد العقوبات الاقتصادية وإدراج عديد من المنظمات الإيرانية على قائمة الإرهاب، وآخرها وأهمها الحرس الثوري الإيراني، الذي يهدد بأعمال عنف ضد القواعد الأميركية في منطقة الشرق الأوسط".

وأضاف مهدي، أن "ميناء الفجيرة الإماراتي يقع مباشرة خارج مضيق هرمز، الذي تهدد إيران بإغلاقه إذا مُنعت من تصدير نفطها إلى العالم، وهو الميناء الذي شهد أعمال تخريب لناقلات نفط مؤخراً، يعد من أكبر موانئ تزويد السفن بالوقود والمشتقات النفطية في العالم".

وتابع الخبير الاقتصادي، "مثلث الحدث الراهن (إيران - هرمز - النفط) لا يمكن فصله أو تهميشه عن الحوادث الأخيرة، التي لا تعرف مبرراً لا يرتبط إلا به"، مبيناً أن "استقرار أسعار النفط حول 70 دولاراً للبرميل ربما لا يؤشر على أي اضطراب قصير المدى يرفع من تكاليف التأمين والسلع ذات العلاقة المباشرة بالبترول".

وفي السياق ذاته أكد أن "الحادث الأخير هو نوع من جس النبض الجيوسياسي في منطقة لا تهدأ من العالم، إذ إن الحادث لم يخلف خسائر بشرية، ولم يكشف عن حجم الخسائر المادية بعد، إضافة إلى أنه لم تعلن أي جهة مسؤوليتها، ولم يتضرر العمل بميناء الفجيرة".

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد