Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

القضاء الإسرائيلي يزيد في مأساة عائلة فلسطينية قتل أفرادها مستوطن

تظهر إسرائيل من جديد مدى تغلغل سياسة الأبرتهايد في مؤسساتها وعدم نزاهة قضائها

منزل عائلة الدوابشة الفلسطينية في بلدة دوما بعد حرقه في العام 2015 (أ.ف.ب)

فتى يهودي يقرر ومجموعة من أصدقائه قتل فلسطينيين، فيتوجه إلى بلدة دوما ويدخل إلى عائلة الدوابشة ويقتل برفقة من معه العائلة الفلسطينية المؤلفة من الوالدين وابنيهما ويحرقونهم. يُحكم عليه بالسجن خمس سنوات فقط، علماً أنه متهم بانضمامه إلى تنظيم إرهابي أيضاً.

في المقابل، طفل فلسطيني لم يتجاوز الـ 13 عاماً، كان يقف على حافة رصيف بالقرب من محطة وقود، تعرض لهجوم وضُرب من قبل إسرائيليين بتهمة أنه يريد طعن إسرائيلي. ينكر الطفل التهمة، وتصوره كاميرا وهو يبكي أمام المحققين الإسرائيليين، قائلاً إنه لم يكن يحمل سكيناً ولم يخطط لطعن أحد. فيُحكم عليه بالسجن 12 عاماً ودفع غرامة بقيمة 48 ألف دولار.

ملفان بحثتهما المحكمة الإسرائيلية، وأصدرت قراريها بشأنهما ليظهر بشكل واضح الحكم الجائر على الطفل الفلسطيني الذي لم يرتكب ذنباً، فيما أُخرج اليهودي من تهمته، التي كان متوقعاً أن تصل عقوبتها إلى 25 عاماً في السجن، على الأقل.

في قرارها ضد من شارك في قتل عائلة دوابشة، تظهر إسرائيل، من جديد، مدى تغلغل سياسة "الأبرتهايد" في مؤسساتها وعدم نزاهة قضائها، عندما تكون الضحية فلسطينية والمجرم يهودياً. قرار يقول بشكل واضح إن الضغط الإسرائيلي على الزناد لقتل الفلسطيني، سواء كان طفلاً أو شاباً أو امرأة أو مسناً، عملية سهلة ومشرعة.

ضرب القضاء الإسرائيلي مجدداً بعرض الحائط العدالة القضائية والإنسانية واعترافات أحد منفذي هذه الجريمة، ليوافق على صفقة أُبرمت بين محامي المستوطن والنيابة العامة، وتقضي بسجنه خمس سنوات فقط.

يهودي في تنظيم إرهابي

المتهم اليهودي، وهو فتى منعت المحكمة نشر اسمه، ينتظر محاكمته في تهمة أخرى وهي الانتماء إلى تنظيم يهودي. وهي تهمة تبقيه في السجن عشرات السنوات، لكن المحكمة الإسرائيلية وكما اعتادت على مدار سنوات، تتعامل مع القرارات الصادرة بحق يهود متهمين بقتل أو الاعتداء على فلسطينيين كمن يبعث برسالة واضحة "هدر الدم الفلسطيني مشرع".

القرار الذي صدر بحق اليهودي جاء ضمن صفقة بين محاميه والنيابة العامة، وافقت عليها المحكمة. ووفق الصفقة، يعترف المتهم اليهودي بإحراق مخزن في قرية عقربا وتخريب ممتلكات وإضرام النار بسيارة في قرية ياسوف وثقب إطارات سيارات في بيت صفافا لدافع عنصري. في المقابل، أزالت النيابة تهماً عن الفتى، بينها إضرام النار في كنيسة رقاد السيدة العذراء في القدس المحتلة، إضافة إلى عدد من جرائم تدفيع الثمن.

وكانت المحكمة المركزية أصدرت في يوليو (تموز) الماضي قراراً بتحويل الفتى إلى الحبس المنزلي، بعدما مكث سنتين في السجن. وادعت المحكمة أن كون الفتى قاصراً والفترة التي أمضاها في السجن يبرران إعادة النظر في عقوبته. وزعمت مصلحة الأحداث أن الفتى غيّر مواقفه وعبّر عن ندمه على أفعاله، لكن النيابة أكدت أن هذا تضليل للمحكمة فحسب.

وكانت المحكمة قد ألغت اعترافات الفتى أثناء التحقيق معه، بزعم أنها استُخرجت منه بعد ممارسة المحققين أساليب جسدية ضده، في إشارة إلى التعذيب.

أحمد مناصرة ليس وحيداً

الطفل الفلسطيني أحمد مناصرة الذي يرزح في السجون الإسرائيلية ظلماً، هو واحد من مئات الأطفال الفلسطينيين الذين تعرضوا للتعذيب والتنكيل ويقضون سنوات في السجون الإسرائيلية، خلافاً لكل القوانين الدولية والإنسانية. وبعضهم ينفذ أحكاماً إدارية من دون تقديم لائحة اتهام أو حتى إجراء محاكمة. معظمهم يعاقبون لمجرد أنهم حملوا حجراً أو وُجدوا في منطقة وقعت فيها مواجهات بين الفلسطينيين والجيش الإسرائيلي.

وتُعتبر إسرائيل، بمعاقبتها الأطفال، الدولة الوحيدة في العالم التي تحاكم هؤلاء في المحاكم العسكرية. إذ يُحاكم ما بين 500 و700 طفل فلسطيني سنوياً في هذه المحاكم، وهناك تقديرات أنها اعتقلت على مدار خمس سنوات 8500 طفل فلسطيني، وحاكمتهم أمام المحاكم العسكرية، ووجهت إلى غالبيتهم تهمة إلقاء الحجارة.

وخلافاً لالتزاماتها بتوفير ضمانات قضائية مناسبة لاعتقال الأطفال ومحاكمتهم بموجب اتفاقية حقوق الطفل والقانون الدولي الإنساني، طبقت أوامر عسكرية عنصرية على الأطفال الفلسطينيين الأسرى، وتعاملت معهم من خلال محاكم عسكرية، تفتقر إلى الحد الأدنى من معايير المحاكمات العادلة، خصوصاً الأمر العسكري 132، الذي يسمح لها باعتقال أطفال في سن 12 عاماً وزجهم في ظروف احتجاز قاسية. فهم يعانون من نقص الطعام ورداءته وانعدام النظافة وانتشار الحشرات والاكتظاظ والاحتجاز في غرف لا تتوفر فيها تهوئة وإنارة مناسبتين، والإهمال الطبي وغياب الرعاية الصحية ونقص الملابس وعدم توفر وسائل اللعب والترفيه والتسلية والانقطاع عن العالم الخارجي والحرمان من زيارة الأهالي وعدم توفر مرشدين واختصاصيين نفسيين والاحتجاز مع البالغين ومع أطفال إسرائيليين متّهمين بارتكاب أفعال جنائية، إضافة إلى الإساءة اللفظية والضرب والعزل والعقوبات الجماعية، وتفشي الأمراض وحتى التحرش الجنسي.

المحاكم العسكرية

سبق أن أصدرت المحاكم العسكرية الإسرائيلية عدداً كبيراً من القرارات بحق إسرائيليين، لكن بالمقارنة بين قراراتها بحق أي متهم إسرائيلي ضد طرف إسرائيلي وبين متهم إسرائيلي ضد طرف فلسطيني، يتبين كيف تُعامل الفلسطينيين. ومن بين هذه القرارات:

- جندي أشعل النار في متحف سلاح الجو، وأُدين في إطار صفقة ادعاء. فُرض عليه السجن الفعلي لمدة سنة ونصف السنة ودفع تعويضاً إلى الجيش قيمته 5400 شيكل، وهو الحد الأعلى للغرامة التي يمكن فرضها على متهم، وفق قانون القضاء العسكري.

- جندي هرب من الخدمة النظامية طوال أكثر من ثلاث سنوات، أُدين بالهرب بهدف عدم العودة إلى الخدمة، وحُكم عليه بالسجن الفعلي لمدة 14 شهراً.

- جندي اقتحم مستودعات عسكرية وأخرج كثيراً من قطع السلاح (عشرة صواريخ لاو، 34 قنبلة دخان، حوالى 80 عبوة وآلاف العيارات) وتاجر بها. حُكم عليه بالسجن الفعلي لمدة 15 سنة، بينما حُكم على شريكه بالسجن لمدة تسع سنوات.

- جندي نكل بفلسطينيين وصعقهم بالكهرباء بواسطة جهاز طبي، حُكم عليه بالسجن لمدة تسعة أشهر فقط.

- جندي سرق صاروخَيْ لاو و13 قنبلة دخان، أُدين في إطار صفقة ادعاء، وحُكم عليه بالسجن لمدة خمس سنوات. والجندي الذي أُدين بمساعدته حُكم عليه بالسجن لمدة 39 شهراً.

- جندي هاجم جندياً آخر بواسطة كأس مكسورة، أُدين في إطار صفقة ادعاء وحُكم عليه بالسجن لمدة تسعة أشهر.

المزيد من الشرق الأوسط