Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تتحول الشركات الناشئة إلى الإفلاس مع تشديد السياسة النقدية؟

بيانات لصندوق النقد تكشف أن الركود الذي أحدثته كورونا سيزيد حصة الشركات الكبرى

توصلت دراسة صندوق النقد إلى أن الشركات التي تتمتع بقوة سوقية تستجيب بشكل أقل لإجراءات السياسة النقدية (أ ف ب)

تناقش بعض البنوك المركزية في الوقت الحالي إذا ما كانت ستتجه نحو تشديد السياسة النقدية لمكافحة الضغوط التضخمية، بعد أن خففتها بشكل حاسم استجابة لصدمة فيروس كورونا المستجد. وكشف صندوق النقد الدولي في دراسة حديثة، أنه عند اتخاذ مثل هذه القرارات يتعين على محافظي البنوك المركزية النظر في مدى استجابة الشركات والمستهلكين.

وتشير البيانات المتاحة إلى ارتفاع مستمر في معدلات التضخم منذ بداية العام الحالي، بخاصة في السوق الأميركية، مما دفع البنك المركزي الأميركي إلى تغيير توقعاته في شأن أسعار الفائدة.

في الوقت نفسه، يعتبر هيكل النظام المالي والتوقعات المستقبلية للمستهلكين والشركات من المحركات الرئيسة لمدى فعالية إجراءات السياسة النقدية، ومع ذلك فهناك محرك آخر جرى تجاهله يتمثل في قوة سوق الشركات، إذ إن الشركات الأكبر والأكثر قوة تجعل السياسة النقدية أداة أقل فعالية لإدارة الاقتصاد في الاقتصادات المتقدمة.

وخلال السنوات الأخيرة ارتفعت قوة السوق في عدد من الاقتصادات المتقدمة ودول الأسواق الناشئة كما يتضح من زيادة الأسعار، فعلى سبيل المثال كشفت الدراسة الخاصة بصندوق النقد الدولي أن هوامش الأسعار العالمية زادت بأكثر من 30 في المئة في المتوسط، عبر الشركات المدرجة في الاقتصادات المتقدمة منذ عام 1980 وبسرعة مضاعفة في القطاعات الرقمية.

إضافة إلى ذلك، فمن المرجح أن يؤدي الركود الذي أحدثته جائحة كورونا إلى تضخيم هذه الاتجاهات، ومن المتوقع أن تكتسب الشركات الكبيرة حصة في السوق مقابل الشركات الصغيرة، التي تكون أكثر عرضة للإفلاس.

ما علاقة الأرباح الضخمة بسياسات البنوك المركزية؟

وتوصلت دراسة صندوق النقد الدولي إلى أن الشركات التي تتمتع بقوة سوقية أكبر، تستجيب بشكل أقل لإجراءات السياسة النقدية، ربما بسبب أرباحها الكبرى، حيث تجعل الأرباح الكبرى هذه الشركات أقل حساسية للتغيرات في ظروف التمويل الخارجي، مثل تلك التي تسببها قرارات البنوك المركزية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

على سبيل المثال، واعتباراً من مارس (آذار) 2021، كان لدى شركة "أبل" الأميركية أكثر من 200 مليار دولار نقداً واستثماراً في الأوراق المالية القابلة للتداول، في حين أن شركة "ألفا بت" كان لديها أكثر من 150 مليار دولار، ويمكن للشركات التي لديها مثل هذه الوسائد النقدية الكبيرة أن تقرر الاستثمار والمشاريع الأخرى من دون الحاجة إلى القلق بشأن مدى سهولة الاستفادة من مصادر التمويل الأخرى.

لكن على النقيض من ذلك فإن الشركات التي تواجه قيودا ائتمانية أكبر، مثل الشركات الناشئة ذات الربحية المنخفضة، تكون أكثر استجابة لإجراءات السياسة النقدية من نظيرتها الأكبر والأكبر ذات العلامات التجارية الأعلى، ويمكن أن تكون الشركات ذات القوة السوقية الأكبر تعتمد بدرجة أقل على مصادر التمويل التي تستجيب شروطها بسرعة لإجراءات السياسة النقدية مثل الائتمان المصرفي.

وقالت الدراسة إنه على وجه التحديد وباستخدام البيانات الخاصة بالولايات المتحدة ومجموعة من 14 اقتصاداً متقدماً، تبين أن الشركات ذات العلامات التجارية المرتفعة تستجيب كثيراً لصدمة السياسة النقدية، وهو تغيير غير متوقع في معدل السياسة من متوسط الشركات في الاقتصاد.

وعلى سبيل المثال نجد أنه في الولايات المتحدة تؤدي زيادة 100 نقطة أساس في معدل السياسة إلى خفض شركة ذات علامات تجارية منخفضة مبيعاتها بنحو اثنين في المئة على مدى عام كامل، في حين أن الشركة ذات العلامات التجارية المرتفعة بالكاد تخفض مبيعاتها.

دور أكبر للبنوك المركزية في محاربة الركود

وذكرت الدراسة أنه علاوة على كونها ضارة بشكل عام بديناميكية الأعمال والنمو، يمكن للقوة السوقية المفرطة أن تعرقل أيضاً قدرة البنوك المركزية على تحفيز النشاط الاقتصادي أثناء فترات الركود، وتهدئته أثناء التوسعات، ومن من حيث المبدأ فإذا كانت السياسة النقدية أقل قوة فيمكن للبنوك المركزية على مستوى العالم أن تستخدم المزيد منها فقط، من خلال التخفيف بقوة أكبر لمحاربة الركود، ومع ذلك قد لا يكون هذا النهج ناجحاً تماماً في الاقتصادات المتقدمة عندما يكون عدد من البنوك المركزية مقيداً بالحد الأدنى الفعال لأسعار الفائدة، ويواجه أيضاً حدوداً للتيسير الكمي، مثل مخاوف الاستقرار المالي من شراء الأصول المستمرة.

وعلى العكس من ذلك، فإن القوة السوقية الأكبر تعني أنه في حال استمرار الضغوط التضخمية فقد تحتاج البنوك المركزية إلى تشديد السياسة النقدية بقوة أكبر مما سيكون عليه الحال في اقتصاد أكثر تنافسية.

وسوف تتضرر الشركات ذات العلامات التجارية المنخفضة والصناعات الأكثر تنافسية بشكل غير متناسب على نطاق أوسع، وقد يتسبب التضييق العنيف في تعريض الانتعاش المتوقع لعدد من الأخطار.

وأحد الجوانب المهمة يتمثل في أن قوة السوق قد تثبط العبور من ارتفاع كُلف المدخلات إلى الناتج والتضخم في المقام الأول، كما يمكن لقوة السوق أن تقلل من استجابة التضخم والمخرجات لمجموعة واسعة من صدمات الاقتصاد الكلي بما يتجاوز صدمات السياسة النقدية فقط.

وتعزز هذه الاعتبارات حجة الإصلاحات لزيادة المنافسة في الاقتصادات المتقدمة.

وعلى رأس جدول الأعمال تأتي التحسينات التي جرى إدخالها على أطر قوانين وسياسات المنافسة، وتشمل هذه التحسينات رقابة أكثر صرامة على عمليات الاندماج، لا سيما عندما يتعلق الأمر بالشركات المهيمنة، وإنفاذ أقوى لإساءة استخدام الهيمنة وعمليات الاحتكار، واعتماد أكبر على تحقيقات السوق، إضافة إلى تدابير أكثر تحديداً للتعامل مع الاقتصاد الرقمي سريع التغير.

كما سيحتاج صانعو السياسات النقدية والمالية إلى جميع الأدوات المتاحة لضمان تعافي ديناميكي ومستدام وشامل. وقالت الدراسة إن الحد من القوة السوقية للشركات لن يدعم الانتعاش بشكل مباشر فقط من خلال تحفيز الاستثمار والابتكار ونمو الأجور، لكن أيضاً بشكل غير مباشر من طريق جعل السياسة النقدية أكثر قوة.

اقرأ المزيد