Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تحارب "سوناطراك" الجزائرية الفساد؟

وقع المدير العام للشركة البترولية الحكومية مدونة أخلاقيات تتضمن آلية جديدة للإبلاغ

شددت شركة "سوناطراك" على أن مدونة الأخلاقيات تسهم في ترقية ثقافة الشفافية (أ ف ب)

يبدو أن الفساد بات ظاهرة تؤرق السلطة في الجزائر منذ بداية الحراك الشعبي في 22 فبراير (شباط) 2019، وعلى الرغم من "الحرب" المعلنة على الفساد، والتي أدت إلى الزج بعدد من القادة العسكريين ووزراء ورؤساء حكومات ومديرين في السجن، إلا أن العملية توسعت إلى وضع قوانين تنظيمية وردعية.

ووقع المدير العام لشركة "سوناطراك" البترولية الحكومية توفيق حكار، الاثنين الماضي، مدونة أخلاقيات تتضمن آلية جديدة للإبلاغ، ووضعتها في متناول مستخدميها، وتسمح بجمع التبليغات في سرية وكتمان. وأبرز بيان "سوناطراك" أن المدونة التي حضر توقيعها وزير الطاقة والمناجم محمد عرقاب، تعد ثمرة تفكير جماعي حول القيم الأخلاقية للمجتمع، وتحدد معايير السلوك والمبادئ الأخلاقية المتوقعة من مسؤولي الشركة ومستخدميها والجهات المعنية الأخرى، والمستمدة من القيم والمبادئ الأساسية للشركة.

وشدد بيان للشركة على أن المدونة تسهم في ترقية ثقافة الشفافية ومناخ الثقة، مما يسمح بمنع الأفعال غير المشروعة والتجاوزات المرتكبة على حساب المصلحة العامة ونزاهة "سوناطراك" وسمعتها وصورتها، مضيفاً أنه بعد إنشاء لجنة الأخلاقيات طورت الشركة آلية للإبلاغ عن التصرفات والسلوكات التي تحيد عن مدونة الأخلاقيات، وتسمح بجمع التبليغات في سرية.

حماية المبلغين

ولفتت الحقوقية سعاد مقراني إلى أن ثقافة التبليغ محدودة جداً في المجتمع الجزائري، وغالباً ما تقتصر على تسجيل فيديوهات ونشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي تكشف عن بعض التجاوزات. وقالت إن المبلّغ عن الجريمة لم يعد محمياً، وتتبعه الأعين داخل مقرات الشرطة والمحاكم، كما أن محاضر الأمن تتضمن اسمه وعنوانه ورقم هاتفه، ما يجعل كثيرين من الجزائريين حتى وإن كانوا ضحايا لا يبلغون عن الجريمة. وختمت بالقول إن التزام الصمت بات يشجع على الفساد والجرائم.

وفي السياق ذاته، أعلن رئيس هيئة الوقاية من الفساد ومكافحته، طارق كور، عن مشروع لإنشاء شبكة للنزاهة مهمتها التحسس بمخاطر الفساد في المجتمع والتبليغ عن الخروقات والتجاوزات. واعتبر أن "من شأن الخطوة أن تكون أداة حكم وخريطة طريق لدى السلطات العمومية تمكنها من قياس أداء المؤسسات العمومية والهيئات، ومدى التزامها باحترام المبادي الجوهرية للحكم الراشد وترسيخ الديمقراطية التشاركية وتعزيز النظام الوطني للنزاهة". وأكد أن "الفساد اخترق كل المجالات الحيوية للبلاد، ما يولد حالة من عدم الاستقرار أدت إلى تقويض الثقة بين المواطن ومؤسساته وتجريده من حسه المدني، ما جعله يرفض الانخراط في الحياة السياسية والاندماج في المشاريع والإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية".

"رمز" الفساد

وارتبط اسم "سوناطراك" في الفترة الماضية بالفساد، بسبب تعدد القضايا وكثرة المتهمين والمتورطين من مختلف المستويات الإدارية. ولعل فترة وزير الطاقة الأسبق، شكيب خليل، تبقى الأبرز على اعتبار أنها شهدت تفجير أول "القنابل" في إطار صراع الأجنحة الذي كانت تعيشه الجزائر، وصولاً إلى المدير العام السابق للشركة، عبد المؤمن ولد قدور، الفار من وجه العدالة، مروراً بملف "الفيول المغشوش" الموجه إلى لبنان، وقضايا أخرى.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفتح المحققون في المحكمة العليا ستة ملفات فساد، يتابع فيها الوزير الأسبق شكيب خليل، الفار من وجه العدالة، بـ14 تهمة، فيما فاقت القيمة المالية للعمولات والمزايا التي تحصل عليها من خلال إبرام صفقات بالتراضي قيمة 200 مليون دولار. بينما يتابع ولد قدور في قضايا فساد عدة أبرزها "التنازل عن بعض الحقول في مشاريع نفطية موجودة بصحراء الجزائر، لمصلحة شركات أجنبية بينها شركة "ريبسول" الإسبانية و"توتال" الفرنسية"، و"إبرام صفقات مخالفة للقوانين، واختلاس وتبديد أموال عامة، واستفادة غير مشروعة من سلطة ومن إعفاءات ضريبية".

بين تحسين صورة الشركة ومحاربة الفساد

وبين تحسين صورة الشركة "السوداء"، وبين استمرار الحزم في محاربة الفساد داخل "سوناطراك" من دون هوادة، ينقسم رأي المتابعين. فاعتبر المتخصص في الاقتصاد كريم بن عمر أن "توقيع مدونة أخلاقيات من أجل التشجيع على التبليغ عن الفساد يندرج في سياق محاربة الفساد الذي استشرى بشكل لافت، خصوصاً أن "سوناطراك" تعرضت لهزات عدة أثرت في صدقيتها في الخارج"، مضيفاً أن ما أقدمت عليه إدارة الشركة عبر مديرها العام خطوة تعبر عن تأثر الطاقم من الصورة السوداوية التي تسبب فيها المسؤولون الفاسدون، كما أنها تصرف يريح المستخدمين والمنتمين إلى الشركة وتشجعهم على حماية شركتهم.

في المقابل، رأى الإعلامي المتخصص في الشأن الاقتصادي سليمان خلفاوي، أن "ما قامت به سوناطراك محاولة لإعادة الاعتبار للشركة على المستوى الخارجي، بعد تعدد قضايا فساد مسؤوليها، ولا علاقة له بمحاربة الظاهرة، على اعتبار أن المتهمين لا يزالون في حالة فرار، كما أن أكبر القضايا لم يتم طيها، خصوصاً المتعلقة بالوزير الأسبق شكيب خليل، الذي تمت تبرئته بعد اتهامه ثم استدعائه من جانب العدالة وعدم استجابته".

وأضاف أن "أمر سوناطراك أكبر من توقيع مدونة أخلاقيات، أو تشجيع المستخدمين على التبليغ، فالشركة على ارتباط بقطاعات وأجهزة وشخصيات، سواء في الداخل أو الخارج".

اقرأ المزيد