Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الجزائر غارقة في أزمة مياه والشارع مرشح للانفجار

الأسئلة كثيرة عن الأسباب ولا إجابات شافية

اعترفت وزارة الموارد المائية الجزائرية بوجود أزمة في التزود بالمياه الصالحة للشرب (الإذاعة الجزائرية)

باتت مشاهد الطوابير التي لا تنتهي أمام شاحنات المياه، وخزانات المياه فوق أسطح الأبنية، وقطع الطرقات بالعجلات المطاطية والحجارة، والصدامات بين مواطنين غاضبين ورجال الشرطة، جزءاً من يوميات الجزائريين بسبب غياب المياه عن الحنفيات.

ودخلت الجزائر أزمة مياه من دون سابق إنذار، ما فتح الأبواب أمام تفسيرات تراوح ما بين اتهام نظام عبد العزيز بوتفليقة و"العصابة" بالانتقام من الشعب الذي خرج في 22 فبراير (شباط) 2019، خصوصاً في ظل عودة بعض وجوه تلك المرحلة، وبين سوء إدارة تتحمل مسؤوليته سلسلة من الوزراء والمسؤولين الذين تناوبوا على وزارة الموارد المائية. ولا يخلو الأمر من اتهام شركة "سيال" الفرنسية بعد عدم تجديد عقد تسييرها هذا القطاع الحيوي.

أمام مختلف التأويلات، وجدت حكومات الرئيس عبد المجيد تبون نفسها في مواجهة المجهول مع ارتفاع منسوب الغضب وتوسع دائرة الفوضى إلى مناطق عدة في البلاد، وبشكل بات يهدد الأمن والاستقرار، على الرغم من محاولات التخفيف من معاناة المواطنين عبر تحديد ساعات التزود بالمياه، والإسراع في إصلاح الأعطاب، وإطلاق مشاريع مائية جديدة مثل محطات تحلية مياه البحر وغيرها من الجهود التي تبقى غير كافية في ظل الحرارة المرتفعة على غير العادة، وتزايد الطلب على المياه، سواء الصالحة للشرب أو لري الأراضي الزراعية.

اعتراف

واعترفت وزارة الموارد المائية بوجود أزمة في التزود بالمياه الصالحة للشرب، وأرجعت الأمر إلى الجفاف وتراجع منسوب سدود عدة، قائلة إن "الجزائر تعيش على غرار دول البحر المتوسط عجزاً مائياً ناجماً عن التغيرات المناخية، التي أثرت بشكل كبير على الدورات الطبيعية للتساقطات المطرية".

وقال الوزير كريم حسني، إن ثمة مهاماً كثيرة ذات أولوية يجب إتمامها لتجاوز الفترة الصعبة التي تمر بها البلاد، بسبب شح المياه ونقص تساقط الأمطار، مضيفاً أن "أولويات القطاع هي تزويد المواطنين بشكل منتظم بمياه الشرب ومواصلة الورشات الجارية، إضافة إلى التسيير العقلاني لهذا المورد الحيوي".

عوامل

في السياق، يرى المتخصص في الشأن الاقتصادي، مراد ملاح، أن "الشح المائي في الجزائر لم يكن مفاجئاً، لعوامل كثيرة بعضها يعود إلى حقبة الرئيس السابق (بوتفليقة)، وأخرى مرتبطة بمحطات التحلية، ولم يتمكن الوزراء المتعاقبون من حلها، وبلا شك، جزء كبير منها يتعلق بشبكة الري المهترئة وطرق الري التقليدية، ناهيك بعدم امتلاك الجزائر أنواعاً من المياه، إذ إن مياه الشرب هي نفسها الموجهة إلى غسيل السيارات والشاحنات والحافلات والمعدات بالتركيبة نفسها والتكلفة ذاتها".

ويقول ملاح، "قد يبدو صادماً القول إننا نستورد المياه، نعم فنحن نشتريه بالعملة الصعبة بسبب الفساد الذي مسّ هذا القطاع، بدليل وجود 3 وزراء للمياه في السجن".

بين 3.6 و4 مليارات متر مكعب استهلاكاً سنوياً

وسبق للرئيس التنفيذي للشركة الجزائرية للطاقة، عبد النور كيموش، أن صرح بأن "قدرة الإنتاج اليومية لمحطات تحلية مياه البحر تقدر بـ2.1 مليون متر مكعب، ما يمثل 17 في المئة من إنتاج المياه الصالحة للشرب"، مضيفاً أن في الجزائر 11 محطة لتحلية مياه البحر، بينها محطتان متوقفتان ستتم إعادة تأهيلهما، وهي تستهدف رفع العدد إلى نحو 20 محطة في حدود 2030، لتعويض مياه السدود التي ستحول إلى قطاع الزراعة.

ووفق إحصاءات رسمية، يستهلك الجزائريون سنوياً ما بين 3.6 و4 مليارات متر مكعب، 30 في المئة منها تأتي من السدود، في ما تأتي البقية من الآبار ومحطات تحلية مياه البحر.

شكوك بعد انتقاد

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في المقابل، يشكك كثيرون في وقوف شركة "سيال" وراء أزمة العطش التي يعانيها الجزائريون، على اعتبار أنها مكلفة تسيير توزيع مياه الشرب والصرف الصحي في العاصمة ومحافظة تيبازة الساحلية، بعد رفض السلطات تجديد عقدها، إذ صرح وزير الموارد المائية السابق مصطفى كمال ميهوبي بأن عقد تسيير شركة المياه والصرف الصحي للعاصمة، المعروفة بـ "سيال"، الذي ينتهي في أغسطس (آب) المقبل، قد لا يجدد، بسبب مخالفات ارتكبتها.

وقال إن الشريك الفرنسي فشل في الوفاء بالتزاماته، إذ لم يتمّ بذل أي جهد في محاربة تسربات المياه، فضلاً عن عجز الشركة عن وضع الإمكانات اللازمة للتقليل من تلك التسربات.

مشكلة سياسية واقتصادية

وترفض الإعلامية أمال كاري، ربط أزمة المياه بالجفاف وشح تساقط الأمطار، وتشدد على أن المشكلة سياسية اقتصادية، على اعتبار أنها ظهرت مباشرة بعد انسحاب شركة "سيال" الجزائرية الفرنسية من مهام تسيير قطاع المياه، مضيفة أن الأمطار تساقطت تقريباً بالكميات المعروفة على الرغم من بعض النقص، وعليه لا يمكن الحديث فجأة ومن دون سابق إنذار عن شح أو جفاف أو أزمة.

ومن أجل تجاوز هذا الهاجس الذي يؤرق السلطات ويهدد الشارع بالانفجار، شددت الحكومة على أن البديل في الوقت الحالي يكمن في تحلية مياه البحر وإعادة استخدام المياه المستعملة لتغطية العجز، وكشفت عن أن أربع محطات لتحلية مياه البحر ستدخل الخدمة بين شهري يوليو (تموز) الجاري وأغسطس المقبل، بغية تقليص حدة الأزمة في العاصمة وضواحيها.

المزيد من العالم العربي