Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مصر تتبنى مشروعا لتطوير القناطر الخيرية

تعد من أهم إنشاءات حقبة محمد علي وأحدثت نقلة نوعية في نظام الزراعة بالبلاد

تتكون القناطر الخيرية من 132 فتحة في فرعي رشيد ودمياط  (موقع مشروعات مصر على فيسبوك)

تتبنى مصر مشروعاً متكاملاً لإعادة القناطر الخيرية والمنطقة المحيطة بها إلى سابق عهدها ورونقها، فلطالما ارتبطت هذه المنطقة في ثقافة المصريين بالنزهات والرحلات لما تتميز به من مساحات شاسعة من الحدائق، تتضمن أشجاراً ونباتات نادرة يزيد عمر بعضها على الـ100 عام، ولقبت وقت إنشائها بأعظم حدائق الشرق.

وتعد القناطر الخيرية واحداً من أهم مشروعات النهضة التي قام بها محمد علي في مصر، وكان الهدف من وراء إنشائها تحسين جودة الزراعة عن طريق تطوير نظام الري في منطقة الدلتا، وتعد من أعظم إنشاءات العصر الحديث في مجال هندسة الري.

وتبعد القناطر الخيرية 20 كلم، شمال القاهرة، وتقع عند المنطقة التي يتفرع فيها نهر النيل لفرعيه، فرع دمياط وفرع رشيد، وكان المستهدف آنذاك رفع مستوى مياه النيل لتصل إلى ثلاث ترع كبرى هي، الرياح التوفيقي لري شرق الدلتا، والرياح المنوفي لري وسط الدلتا، ورياح البحيرة لري غرب الدلتا، فيتمكن المزارعون من ري الأراضي الزراعية على مدار العام، وتتكون قناطر فرع رشيد من 61 فتحة، وملحق بها هويسان، وتتكون نظيرتها في دمياط من 71 فتحة.

ويهدف مشروع التطوير الحالي إلى إعادة رونق المنطقة وترميم الأماكن الأثرية لإلقاء الضوء عليها وإعادتها إلى الخريطة السياحية وإقامة شبكة مواصلات نهرية متميزة ذات طابع أثري خاص، وطرح جزء من المنطقة للمستثمرين لتطويرها.

وتضم المنطقة عدداً من الأماكن الأثرية، مثل محلج القطن الذي يعد الأول من نوعه في منطقة الشرق الأوسط، ويشتمل على أقدم ماكينة على مستوى العالم للغزل والنسيج وثاني أكبر ماكينة في الشرق الأوسط، ومن المقرر أن يصير متحفاً لتاريخ النسيج، وكوبري محمد علي، الذي يعود تاريخه إلى عام 1847، وتقوم وزارة الآثار بتطويره حالياً ليعود إلى سابق عهده، كما ضمت القناطر استراحة شهيرة للملك فاروق، وأخرى للرئيس السادات. وتستهدف خطة التطوير دمج المناطق الأثرية بالقناطر الخيرية مع مشروع تطوير الحدائق التراثية الذي يشمل 11 حديقة تضمها المنطقة.

وكانت وزارة الموارد المائية والري انتهت أخيراً من تطوير حديقة عفلة بالقناطر الخيرية وتقع على الجسر الأيسر لفرع دمياط، ومقامة على مساحة 13 فداناً، وقد اشتملت أعمال التطوير على إنشاء ممشى أهل مصر بواجهة الحديقة على فرع دمياط بين القنطرتين، وتتمتع حديقة عفلة بمجموعة من الأشجار النادرة التي استوردها محمد علي من الخارج لزراعتها في حدائق القناطر، ويصل عمر بعضها إلى 200 عام، كما انتهت الوزارة من تطوير حديقة المركز الثقافي بمساحة 9 أفدنة، وحديقة النيل على فرع رشيد على مساحة 6 أفدنة، ومن المنتظر أن تبدأ الوزارة في تطوير حديقة الياسمين بمسطح 7 أفدنة قريباً.

وكان وزير الموارد المائية والري المصري، محمد عبدالعاطي، قد صرح في بيان صحافي، بأنه يجري الانتهاء من تأهيل وتطوير كافة حدائق الري بالقناطر الخيرية، التي تتميز بموقع فريد بين فرعي النيل دمياط ورشيد بإجمالي مساحه نحو 68 فداناً موزعة على 11 حديقة.

بداية فكرة إنشاء القناطر

وعن بداية فكرة إنشاء القناطر في عهد محمد علي ومراحل تنفيذها يقول عبدالرحيم ريحان، مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمي بوزارة السياحة والآثار، إن "فكرة إنشاء القناطر الخيرية جاءت حين لاحظ محمد علي أن أراضي الوجه البحري والقبلي تروى بطريق الحياض، فلا يزرع فيها إلا المحاصيل الشتوية دون نظيرتها الصيفية إلا على شواطئ النيل أو الترع القليلة المشتقة منه، فقام بشق الترع وإقامة الجسور على النيل ليضمن توفير مياه الري في معظم السنة، وتوج أعماله بالتفكير في إنشاء القناطر؛ قوام نظام الري الصيفي في الوجه البحري. ويرجع السبب الرئيس لأهمية موقع القناطر الخيرية وقوعها على فرعي دمياط ورشيد عند تفرعهما من المجرى الرئيس لنهر النيل شمال مدينة القاهرة".

يضيف، "وضع محمد علي باشا حجر الأساس للقناطر الخيرية في احتفال فخم عام 1847، ويتألف المشروع من قنطرتين كبيرتين على فرعي النيل إحداهما على فرع رشيد والأخرى على دمياط يصل بينهما رصيف كبير، وشق ثلاث ترع كبرى تتفرع عن النيل فيما وراء القناطر لتغذية الدلتا، وهي الرياحات الثلاثة المعروفة".

الطاعون يعطل إنشاء القناطر

استمر إنشاء القناطر الخيرية 20 عاماً، وشهد تعثرات مختلفة أدّت إلى وقف العمل بها مرات متعددة إلى أن تم إنجاز المشروع في النهاية، فيقول ريحان، "عهد محمد علي إلى مجموعة من كبار المهندسين منهم المسيو لينان دي بلفون (لينان باشا) كبير مهندسيه، بدراسة المشروع الذي وضع له تصميماً، وشرع في العمل، وفقاً لهذا التصميم سنة 1834، وبالفعل بدأ (لينان) بتجهيز 1200 عامل مصري وأجنبي، ومهّد لهم سبل الإعاشة، وأنشأ خط سكة حديد لنقل محاجر طرة حتى نهر النيل، ولكن أصيبت الأعمال التي كانت تسير على خير ما يرام بالركود، نتيجة انتشار وباء الطاعون الذي فتك بكثير من عمال القناطر وكثير من سكان مصر أيضاً".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يضيف، "استمر لينان في رسم الخرائط لتكملة هذا العمل الذي بلغ تكاليف باهظة، ولكن جزءاً من القناطر تصدع وانهار، وظهر خلل في بعض عيونها، بسبب ضغط المياه، فرأى محمد علي أن القناطر أوشكت على أن تخرب بعد أن أنفق عليها أموالاً طائلة، وفي هذه المرحلة الحرجة توفي في عام 1848، قبل أن يرى اكتمال المشروع".

استكمال مشروع القناطر

مراحل متعددة وحكام تعاقبوا على مشروع القناطر الخيرية حتى تم الانتهاء منه. وفقاً للمصدر، "استكمل المشروع في عهد عباس حلمي الأول (1848-1853)، حيث تم استدعاء المهندس لينان للعمل، وعرض تقريراً تفصيلياً بالنفقات اللازمة لإتمام المشروع، وتمت الموافقة واستكمل إنشاء القناطر، وفي عام 1855 في عهد الخديوي سعيد (1854-1863) تم إنشاء قلعة حربية بجوار القناطر سميت القلعة السعيدية للدفاع عن البلاد عن طريق البر، ولكن هذه القلعة احترقت فجأة، وكان بها كثير من الرسومات والأوراق التاريخية الخاصة بالقناطر".

يتابع، "في عهد الخديوي إسماعيل (1863-1895) تمت تقوية القناطر الخيرية عام 1888، وظلت التجديدات تتوالى عليها فترة بعد أخرى حتى أصبحت القناطر القديمة وقلعتها معلماً مهماً من المعالم الأثرية الباقية، وظلت القناطر الخيرية تعمل حتى نهاية عام 1939 حتى تم إنشاء قناطر محمد علي (قناطر الدلتا الجديدة) خلف القناطر القديمة التي أصبح استخدامها مقصوراً على أغراض المرور باعتبارها من أعظم الآثار الهندسية لمصر الحديثة".

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات