Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

دور شركات النفط الوطنية في مواجهة التغيرات المناخية

كيف ستلعب المؤسسات المملوكة للدول دوراً أكبر في تحسين البيئة من نظيراتها الخاصة الكبرى؟

توقع مراقبون توسّع دور شركات الطاقة الوطنية في السوق العالمية في المستقبل (رويترز)

يُتوقع أن تلعب شركات الطاقة الوطنية، أي شركات النفط والغاز المملوكة للدول، دوراً أكبر في مستقبل سوق الطاقة العالمي في الفترة المقبلة، بخاصة مع تسارع التحول نحو الطاقة المتجددة، ضمن إطار الجهود العالمية لمكافحة التغيرات المناخية عبر تقليل الانبعاثات الكربونية في الجو.
ومع زيادة الضغوط على شركات الطاقة الكبرى، غير المملوكة لدول مثل "إكسون موبيل" و"شل" وغيرها، سواء من قبل المستثمرين فيها، بما أنها مسجلة في الأسواق، أو من التشريعات الحكومية الجديدة المتسقة مع أهداف المناخ، سيزيد دور شركات الطاقة الوطنية.
هذا ما خلص إليه مقال مطول لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الأميركي هذا الأسبوع. ويوضح كاتب المقال، بن كاهيل، الباحث في برنامج "أمن الطاقة وتغير المناخ" في المركز، أن التباين الواسع بين شركات الطاقة الوطنية من حيث قدراتها التقنية وخبراتها المتراكمة وقدرتها على الوصول إلى رأس المال، يعني أنها لن تكون بالضرورة في مسار واحد لعملية التحول التي يشهدها القطاع.
لكن في الإجمال، وإذا استمر الطلب العالمي على الطاقة في الارتفاع مع عدم كفاية موارد الطاقة المتجددة، فستظل شركات الطاقة الوطنية تلعب دوراً مهماً في تلبية ذلك الطلب، وأيضاً في عملية التحول نحو الطاقة منخفضة الانبعاثات الكربونية. وتعتمد قدرة تلك الشركات على الاستجابة لهذه التحديات، على نموذج عملها، وما إذا كانت راكمت خبرات تقنية ذاتية أم تعتمد على شركاء. هذا إلى جانب أهداف سياسات الدول المالكة لتلك الشركات في ما يتعلق بتنويع اقتصاداتها عموماً، وتنويع مصادر الطاقة للوصول إلى أهداف بيئية طموحة.
وبحسب الباحث الأميركي، سيعتمد دور شركات الطاقة الوطنية في عملية التحول تلك على عوامل عدة، منها: حجم موجوداتها من موارد الطاقة (مثل احتياطي النفط والغاز ومصادر الطاقة المتجددة في البلد المالك لها)، وكلفة تنافسية مواردها وحجم الانبعاثات الكربونية منها، وأهداف مكافحة التغير المناخي لدى حكومات دولها، والموارد المالية لتلك الشركات وقدرتها على الوصول إلى رأس المال الذي تحتاجه، إضافة إلى قدرة تلك الشركات على التكيف واكتساب مهارات جديدة في مجال الطاقة من مصادر متجددة.
واستناداً إلى تلك المعايير، يقسم المقال شركات النفط الوطنية إلى أربعة أقسام حسب دورها المستقبلي في عملية التحول في قطاع الطاقة العالمي.

شركات متقدمة

القسم الأول هو للشركات المتقدمة التي ستظل تركز على النفط والغاز مع خفض الانبعاث الكربوني من منتجاتها تلبيةً لمطالب المستثمرين واتساقاً مع أهداف الدولة. كما أنها تسعى لتلبية طلب السوق على الوقود منخفض الانبعاثات الكربونية، بما في ذلك على الهيدروجين. وغالباً ما تكون تلك الشركات الوطنية مملوكة لحكومات الدول المتقدمة اقتصادياً، حيث يكون امتلاك الحكومة لشركات أمراً نادراً، لكنها في ذات الوقت تكون متقدمة جداً تكنولوجياً، وتكون الحكومة المالكة لها مهتمة جداً بمكافحة التغيرات المناخية. وتُعد شركة "إكوينور" في النرويج أفضل مثال على تلك الشركات الوطنية المتقدمة. وبمرور الوقت ستصل شركات طاقة وطنية أخرى إلى هذه المرحلة مع الضغوط الممارَسة على الشركات المسجَلة في السوق من قبل المستثمرين، ومع تبني شركات الطاقة الوطنية للسياسات الحكومية لمواجهة التغيرات المناخية.

شركات التنوع الاقتصادي

القسم الثاني هو لشركات التنوع الاقتصادي، وتشمل هذه المجموعة تبايناً أوسع في شركات الطاقة من حيث حجم موجوداتها وقدراتها التكنولوجية. وفي الأغلب تسير كلها نحو التطور لتنويع مصادر الطاقة، وعدم الاعتماد حصراً على النفط والغاز. في الشريحة الأعلى من المجموعة، نجد شركات الطاقة الوطنية الأكثر تقدماً والأعلى تنافسية اقتصادياً، وذلك في الدول التي تملك مصادر طاقة أكبر مثل "أرامكو" السعودية و"أدنوك" الإماراتية و"قطر للبترول" القطرية. فحكومات تلك الدول تسعى لجعل شركاتها تعمل بكلفة إنتاج أقل، وأخف انبعاثاً للكربون، وتدفع شركاتها نحو الاستثمار في التكنولوجيا الحديثة التي تساعد على تقليل انبعاثات الكربون وسحب ثاني أوكسيد الكربون من الهواء وتخزينه وإعادة استخدامه. ومع سعي تلك الدول أيضاً إلى تنويع اقتصاداتها وتقليل الاعتماد على النفط فيها، يبرز طلب جديد على مصادر طاقة منوعة، سيكون على الشركات الوطنية فيها تلبيته.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ونجد في هذه المجموعة شركات النفط الوطنية في الدول النامية، بخاصة تلك التي لديها موارد نفط وغاز محدودة، وتواجه ضغوطاً لتنويع مصادر الطاقة. وستصبح تلك الشركات المستثمر الأكبر في مشروعات الطاقة المتجددة في بلادها وتوليد الكهرباء من مصادر منخفضة الانبعاثات الكربونية، مستفيدة من خبراتها التقنية وإدارتها للمشروعات. وقد ينتهي المطاف بتلك الشركات إلى المشاركة أو الاندماج مع شركات الكهرباء الوطنية. وتشمل تلك المجموعة الفرعية شركات مثل "بتروناس" الماليزية و"إكوبترول" الكولومبية.

شركات تقليدية

القسم الثالث هو للشركات التقليدية. تواصل الشركات في هذه المجموعة التركيز على النفط والغاز، وستحاول حماية وتنمية أعمالها في إنتاج هاتين المادتين ربما عبر الاستحواذ على شركات أخرى في بعض الأحيان. يتباين حجم موجودات الموارد في هذه المجموعة، لكنها في الأغلب تشمل شركات مملوكة لدول لديها مصادر طاقة كبيرة. ولا تواجه تلك الشركات ضغوطاً كبيرة من حكومات دولها لتغير نموذج عملها، أو لتساعد في تحقيق أهداف بيئية طموحة. وعلى الأرجح ستظل تتمتع بالدعم من البنوك والمؤسسات المالية الحكومية. وتشمل شركات هذه المجموعة "روزنفت" و"غازبروم" في روسيا و"بتروبراس" البرازيلية. وغالباً ما نجد الشركات التقليدية في الدول الريعية أو النامية التي تملك مصادر نفط وغاز جيدة.

شركات في وضع صعب

القسم الرابع يضم الشركات الواقعة في وضع صعب. وستواصل هذه الشركات نموذج عملها التقليدي، بل وربما تزيد استثماراتها لرفع الإنتاج وزيادة نصيبها من السوق. قد تستفيد تلك الشركات في حال انخفضت استثمارات الشركات الأخرى في إنتاج النفط والغاز في السنوات المقبلة. لكن على المدى الطويل، يمثل التحول في مجال الطاقة تهديداً لقدراتها التنافسية بل ولوجودها بالأساس. وهناك عديد من شركات الطاقة الوطنية في هذه المجموعة، مثل "بيميكس" المكسيكية و"سوناطراك" الجزائرية و"بارتامينا" الإندونيسية و"سونانغول" الأنغولية وشركة "البترول الوطنية" النيجيرية.

المزيد من البترول والغاز