Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مترجم أفغاني خاطر بحياته من أجل الجيش البريطاني بلا جدوى

تقطعت السبل بمحمد نابي وترك مشردا وعاطلا عن العمل بعد أن خدم مع الجيش البريطاني كمترجم فوري في أفغانستان، تقرير لأناستازيا مياري في أثينا

"هل تعلمين أنهم استولوا على 50 مقاطعة في غضون 24 ساعة؟ ليس 15. بل 50" (أ ف ب)

"عندما نظرت في عيني ذلك الرجل في حقل القطن، أدركت للتو أنه من طالبان. لطالما كان حدسي صحيحاً وكأن صوتاً ما تكلم في داخلي. لم أنهِ مشروبي، عدت إلى الدبابة وأقفلت الباب. بعد أقل من ثانية، انفجر نصف الدبابة وكانت ألسنة النار قد اشتعلت في المدفع البريطاني فوقي"، هذا ما يخبره محمد نابي مستذكراً كميناً تعرض له عندما كان يعمل مترجماً فورياً لصالح الجيش البريطاني في أفغانستان. ويتابع قائلاً "لو أننا كنا في النصف الأخير من الدبابة، لكانت تناثرت أشلاؤنا عبر الحقول".

محمد هو واحد من طاقم العمل الأفغاني المحلي الذي ناهز عدده الثمانية آلاف شخص ممن عملوا لصالح الجيش البريطاني على مدى 20 عاماً خلال الحملة العسكرية في أفغانستان. ومع انسحاب آخر الجيوش من البلاد واستعادة طالبان الأراضي والنفوذ فيها، يخشى نابي أنه لم يعد يملك الكثير من الوقت.

"هل تعلمين أنهم استولوا على 50 مقاطعة في غضون 24 ساعة؟ ليس 15. بل 50"، يقول محمد الذي طالما شعر بتهديد طالبان المحدق طيلة حياته. نشأ محمد على خطوط المواجهة وتعرض للتعذيب على أيدي طالبان عندما كان يبلغ 14 عاماً. يبلغ اليوم 36 عاماً من العمر وهو لاجئ يعيش حالياً في أثينا ويخبرنا أنه يشعر بالقلق من المستقبل الذي سيحظى به أولاده الأربعة الذين تعين عليه تركهم هناك.

ويقول نابي "أرسلوا لي رسائل يقولون لي فيها إنني كنت أعمل لصالح (الكفار)، ولهذا السبب سوف أدفع وعائلتي ثمن هذا". فبعد أن تلقى محمد رسائل تهديد بالقتل من طالبان ومحاولة خطف بعد أن عمل مترجماً فورياً للجيش البريطاني، فر من أفغانستان قبل خمس سنوات وهو يعيش منذ ذلك الوقت كرجلٍ منسي في مخيم للاجئين في اليونان، منتظراً جواباً من وزارتي الدفاع والداخلية. متى سيحصل محمد وأسرته على حق اللجوء بعد أن خدم المملكة المتحدة في أفغانستان؟

ويخبر نابي الذي خدم بين العامين 2008 و2011 في هملاند: "لم يكن الأمر مهماً. كنت مجرد مترجم فوري من دون أي تدريب عسكري. كنت دائماً الشخص الثاني في الدورية بعد القائد العسكري لأنهم كانوا بحاجة إلى مترجم أفغاني يستمع لإشارات الراديو التي تبثها حركة طالبان". ويتابع نابي الذي كان يتعرض يومياً لكمين من طالبان خلال عمله قائلاً "عملنا جنباً إلى جنب كالإخوة، الجنود البريطانيين وأنا. كانوا بحاجة إليَّ وأنا أيضاً كنت كذلك. عندما يدوي أي انفجار بسبب عبوة ناسفة أو عندما كان عناصر طالبان يطلقون النار باتجاهنا بواسطة الأسلحة الرشاشة، كان أول ما يقوم به زملائي هو التحقق من أطرافي لرؤية إن كانت كلها سليمة. كانوا يهرعون لتفقد أطرافي قبل أطرافهم."

ويستذكر محمد أنه في إحدى المرات، طلب منه أحد الجنود الركض نحو الذخيرة وحمل وزنها لتجنب التصاقها بالبرميل أثناء تبادل إطلاق النار بين الجنود البريطانيين وعناصر طالبان المحيطين بهم.

"حملت الذخيرة ثم دفع رأسي نحو الأسفل لكي لا أُصاب بطلقة نارية،" يخبر نابي الذي أصر أنه تحمل مخاطر الوظيفة بسبب أمله لغد أفضل لأفغانستان. وأردف قائلاً "في كل مرة كنت موجوداً فيها على الجبهة، كنت أعرف أنه يمكن أن أموت، ولكنهم قالوا لي بأن ما أفعله هو لمستقبلي ولمستقبل بلدي وصدقت هذا في ذلك الوقت".

تلقى نابي أول تهديد بالقتل من طالبان في عام 2008. وجاء التهديد الثاني في عام 2010 تبعته محاولات متكررة لخطفه من منزله. "شعرت بأمان على الجبهة مع وجود الجنود بقربي أكثر مما شعرت به في منزلي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكان نابي تلقى تدريباً ونصائح على يد الجيش البريطاني لتجنب اختطافه. ويستذكر فترة السنوات الثلاث التي أعقبت عمله مترجماً، وقال "لا تظهر أنك تملك مالاً أكثر من الآخرين ولا تتردد إلى المكان نفسه مراراً. كنت أستخدم طرقاً متعددة للعودة إلى المنزل ولا أسلك الطريق نفسه مرتين. كان الأمر بمثابة حمل ثقيل أفكر فيه باستمرار وكنت عاجزاً عن النوم".

بعد أن تقدم من جانب السفارة البريطانية في أفغانستان مبلغاً عن تعرضه لمحاولة خطف ولإصابة بالغة في الرأس، لم يحصل على الحماية أو اللجوء أو المساعدة. "فقدت الأمل"، قال نابي. "وسألتهم ما الذي أفعله إذا قطعوا رأسي؟ هل سيتعين على والدي أخذ رأسي إليهم ليدركوا أننا بحاجة إلى المساعدة؟".

هذا الأسبوع، وبعد أن أمضى نابي خمسة أعوام في مخيم للاجئين في أثينا منتظراً منحه اللجوء في المملكة المتحدة، أُخرج بالقوة من المخيم وأصبح مشرداً. ويشير فياز موغال، مؤسس جمعية "فيث ماترز" الخيرية (Faith Matters) في المملكة المتحدة "لم يخبروا أحداً بما سيفعلون وكيف سيفعلون ذلك. قالوا لنا إنهم لم يبدؤوا بالإجراءات بعد وسيغادرون في غضون شهر. يمكن أن يتركوه وأسرته في وضع حرج وقاتم وقد يستغرق الأمر أشهراً". يُشار إلى أن موغال يناشد الحكومة البريطانية بالنيابة عن نابي منذ أربعة أعوام. ويضيف موغال متحدثاً عن الإعلان الذي صدر في شهر يونيو (حزيران) الماضي ومفاده أن المترجمين الأفغان سيحصلون على اللجوء "إنهم يستخدمون هؤلاء الأشخاص المساكين كعلاقات عامة في الوقت الحالي، وهذا ليس عدلاً".

ولا يزال نابي ينتظر أي خبر من وزارة الدفاع إثر المراسلة التي وصلته في مارس (آذار)، والتي قالوا له فيها إنه يحق له ولعائلته الحصول على "حق إعادة التوطين في المملكة المتحدة ضمن إطار برنامج الهبات (Ex-Gratia Scheme) المتعلق بالعاملين الأفغان مع الجيش البريطاني في أفغانستان".

ويعلق موغال قائلاً: "هذا أمر شائن بالفعل. إنه فوضوي وغير واضح. تشعر وكأن الحكومة لا تعبأ مطلقاً. إن كان بوسعهم القيام بذلك للأشخاص الذين قاتلوا من أجلهم، فهم بالتأكيد يستطيعون القيام بالأمر نفسه لأي منا."

وأعلن متحدث باسم الحكومة أن "سياسة إعادة توطين ومساعدة الأفغان لطاقم العمل المحلي تتطلب من المتقدمين لهذا الطلب أن يكونوا مقيمين في أفغانستان، حيث يواجهون مخاطر جمة." ولكن المصادر الحكومية رفضت التعليق على الحالات الفردية.

بالنسبة إلى نابي، الوضع يزداد سوءاً وإحباطاً. "أنا هنا في بلد غريب، مشرد وعاطل عن العمل وأولادي في خطر لأنني قمت بهذا العمل لصالح الجيش البريطاني"، يقول نابي. "ذهبت بنفسي إلى الخطوط الأمامية للجبهة قبل أي جندي بريطاني لتفتيش السكان المحليين والتحقق من أنهم ليسوا انتحاريين. أنا لست جندياً ولكنني خاطرت بحياتي يومياً. والآن، لا يجيب البريطانيون حتى على رسائلي".

ومن المتوقع أن تعيد المملكة المتحدة ما تبقى من عديد قواتها البالغ 9500 عنصر في أفغانستان إلى الديار بحلول شهر أغسطس (آب) المقبل. 

© The Independent

المزيد من تقارير