Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا تأخرت استوديوهات مارفل لإظهار "الأرملة السوداء" بالشكل الملائم؟

ربما يرى ستيفن دورف أن فيلم "الأرملة السوداء" "ليس سوى تفاهة"، بيد أن فيلم مارفل هذا، الخالي من لقطات حمالات الصدر وتطيير الشعر، وفق ما تكتب فيونا ستيرجيس، يأتي بمثابة تعهد للتعامل مع الشخصيات النسائية بطريقة أفضل

عبرت جوهانسون عن رضاها إزاء تخطي شخصيتها النسخة الأولى منها (ديزني)

في فيلم مارفيل Marvel الجديد، "الأرملة السوداء" Black Widow، ثمة موقف مضحك يتكرر، إذ تلم ناتاشا رومانوف، التي تؤدي دورها سكارليت جوهانسون، شملها بعد طول غياب بشقيقتها القاتلة المحترفة، يلينا (بأداء خاطفة الأضواء، فلورنس بيو Florence Pugh). وتسخر يلينا من وضعية القتال (الانبطاح أرضاً) التي يعتمدها الأبطال الخارقون superhero، والتي تشتهر بها ناتاشا باعتبارها "إيفانجير" (منتقمة) Avenger – إذ تنبطح أرضاً بساق ممدودة إلى أقصى حد نحو الطرف، وتفرد شعرها وتطيره. وتتقبل ناتاشا بالكامل موقف شقيقتها، قائلة "كل هذا الوقت قضيته مطروحة أرضاً. كنت أحاول فعل شيء جيد".

في السنوات الأولى لـ"الأرملة السوداء" ضمن أفلام مارفيل – الظهور الأول لها كان في فيلم "الرجل الحديدي 2" Iron Man 2 عام 2010، وظهرت أيضاً كعميلة "مدرعة" ومعاونة سرية لـبيبر بوت – كان أخذ الوضعيات يمثل أقصى ما طلب منها أن تفعله. دورها كـ"آي كاندي" eye candy (حرفياً "حلاوة للعين"، أي أن تقدم صورة امرأة جميلة وجذابة) كان واضحاً بدءًا من النص: "أريد واحدة"، قال طوني ستارك بسرعة بعد أن بحث عن اسمها على الإنترنت، وفي الحال وجد لها صوراً وهي تعرض الملابس الداخلية. وفي الفيلم ذاته تبدل ناتاشا ثيابها بمقعد السيارة الخلفي، حيث تخلع ثوب حفل الكوكتيل وترتدي بدلة الـ"كاتسوت" catsuit (بدلة من قطعة واحدة، لصيقة بالجسم وتفتح بسحاب من أسفل العنق حتى أسفل السرة) التي تشتهر بها. أما السبب الوحيد لذلك فهو تصوير مشهد "حمالة صدر" رخيص (أي مشهد تظهر فيه الممثلة بحمالة الصدر). 

الآن، بعد مضي 11 عاماً، بات لـ"الأرملة السوداء" فيلمها الخاص، وهذا في الحقيقة يستدعي الاحتفال، إلا إذا كان المرء ستيفن دورف –مشعل النقاش عن مارفيل من جديد بعد أن بدأه سكورسيزي– إذ قال (دورف) لـ"اندبندنت" هذا الأسبوع إن "الأرملة السوداء" "تبدو بالنسبة إليَّ مثل قمامة. فهي أشبه بلعبة فيديو رديئة. أشعر بالحرج تجاه أولئك الناس. أشعر بالحرج تجاه سكارليت (جوهانسون)!". والكلام هذا يأتي من رجل ظهر في فيلم "بلايد" (نصل) Blade، الذي هو من نوع أفلام "السوبر هيرو" (الأبطال الخارقين)، المستند أيضاً إلى قصص مارفيل المصورة.

يبدأ "الأرملة السوداء" في وقت يسبق مقتل ناتاشا في "إيفانجيرز: إندغايم" (المنتقمون: نهاية اللعبة) Avengers: Endgame. وليس ثمة مشاهد حمالات صدر ولا تطيير شعر. بل إننا، بدل ذلك، نتلقى القصة الأصلية لناتاشا. فهي نشأت بكنف خلية نائمة من العملاء الروس، الذين ينتحلون صفة عائلة أميركية كاملة في أوهايو. ومثل شقيقتها تلقت ناتاشا تدريباً لتنفيذ عمليات القتل والاغتيال. لكنها، على عكس الشقيقة، بدلت ولاءها كي تنضم إلى الـ"إيفانجرز" (المنتقمين) Avengers. ونجدها متخفية في النرويج، إذ تنخرط في مهمة تضم يلينا و"أمها وأباها" – ميلينا (راتشيل وايز) التي تقضي وقتها تتدرب على اختبارات التحكم الذهني، مجرية اختباراتها على الخنازير، وأليكسي، الجندي الروسي الخارق (ديفيد هاربور)، الذي تخلى عنه الكرملين وتركه يتعفن في السجن.

وعبرت سكارليت جوهانسون في مقابلة أجرتها الصحافة معها أخيراً، عن رضاها إزاء تخطي شخصيتها (ناتاشا) النسخة الأولى منها، التي كانت "مفرطة في إيحائها الجنسي"، إذ تمثل المبرر الوحيد لوجودها بكونها فتاة فاتنة عظيمة في القتال. حتى إن التحيز الجنسي الفظ (المعادي للنساء هنا) التي عوملت على أساسه، لم ينطل على الجمهور بدوره. فالكثيرون استفزهم وصفها نفسها بـ"الوحش" إزاء عدم خصوبتها في فيلم "إيفانجيرز: إيج أوف أولترون" (المنتقمون: عصر الترون) Avengers: Age of Ultron لـ"جوس ويدون". كما أثيرت عاصفة حول الجانب التجاري من "الأرملة السوداء"، أو غيابه بالأحرى. والمنطق في هذا، بحسب أحد الموظفين السابقين في ديزني، يكمن في أن الشركة رأت بأن تجارية بطلة الفيلم كانت كلها منسوجة ضمن سوق (قصص) الأميرات المحدودة، إذ إن كل نتاجات مارفيل تتوجه إلى الصبيان.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

قبل سنوات عديدة خلت خاض شريكا جوهانسون في أدوار البطولة، جيريمي رينير وكريس إيفانس، بدورهما في المياه الساخنة (أي في السجال الحامي). جاء ذاك حين سئلا إن كانت شخصية كل منهما ستنتهي بما انتهى إليه صديق ناتاشا، وكان جوابهما أن أطلقا عليها صفة "عاهرة". على أن اعتذار رينير عن هذا لم يكن ودياً تماماً، إذ قال "أعتذر إن كانت هذه الدعابة حول شخصية قصصية قد أساءت إلى بعض الناس".

إزاء هذا هل علينا أن ننزعج مما كان يسود سابقاً من تجاهل ومعاملة متحيزة جنسياً تجاه شخصية قصصية أنثوية تستند إلى شخصية كرتونية من كتاب قصص مصورة؟ في كتاب مارفيل الأصلي للقصص المصورة، تظهر ناتاشا بمكياج للعمل الشاق، وبشفاه بارزة وبدلة "كاتسوت" catsuit (بدلة من قطعة واحدة، لصيقة بالجسم وتفتح بسحاب من أسفل العنق حتى أسفل السرة) يفتح سحابها من الأعلى كي يتسنى لصدرها البروز – وهي شخصية مصممة تماماً كي تجذب الصبية المراهقين، الذين كانوا يشكلون جمهور وقراء كتب القصص المصورة. وفيما يبدو بلا جدوى على الأرجح التذمر من الرسائل غير المهيكلة في فن الكرتون (القصص المصورة) بالأصل، فإنه يبقى غريباً، إن لم نقل مزعجاً، أن تكون استوديوهات مارفيل استلزمها كل هذا الوقت كي تعطي شخصياتها النسائية الحق الذي تستحقه.

أما في حالة "كابتن مارفيل" Captain Marvel، بطولة بري لارسون، فقد تطلب من الاستوديو (استوديوهات مارفيل) ست سنوات لتجاوز مرحلة النص وإنجاز الفيلم، وذلك نظراً إلى فترات المراوغة المديدة حول التوصيفات السردية، وحول مسألة تكليف مخرج للقيام بصنع الفيلم. وقبل فترة قصيرة من إطلاق الفيلم المذكور، قام متصيدو المناسبات بإشغال الإنترنت بـ"مراجعات" وهمية تضمنت ملاحظات سلبية تجاه مظهر بري لارسون الجسماني، وما يزعم من تحيزها الجنسي ضد الرجال.

لكن على أي حال، فإن "الأرملة السوداء" – الذي أخرجته كايت شورتلاند، المرأة الأولى التي تخرج فيلماً كاملاً من أفلام مارفيل – يبدو كأنه يحاول تصحيح أخطاء الماضي وذلك عبر منحه ناتاشا تفاصيل مفارقة وأبعاداً عميقة (في شخصيتها) طالما استحقتها. وفي محاورة مع برنامج "فرونت رو" Front Row على "راديو 4" بوقت سابق من هذا الأسبوع، تحدثت شورتلاند عن منح فرصة لناتاشا كي تكون وحدها للمرة الأولى. وأوضحت المخرجة مقارنة ما يحصل الآن بالأفلام السابقة "الشخصية كانت دائماً معروضة ومكشوفة. وليس هناك الكثير من اللحظات التي يمكن مشاهدتها فيها مرتاحة مع جسدها، لذا... كان الخيار أن نترك سكارليت مع ذاتها كي يتسنى لها أن تكون شخصاً عادياً، وليس امرأة فاتنة أو بطلة خارقة".

ويبدو لافتاً أيضاً أن تقرر ناتاشا وشقيقتها تولي أمر شخصية راي وينستون الشريرة للغاية، دريكوف، الذي قضى عقوداً في تهريب الفتيات الشابات وتحويلهن إلى آلات قتل في "الغرفة الحمراء" الأسطورية. ويمكن القول إنه فيلم عن السيطرة، والصدمات النفسية، والجرائم التي يرتكبها رجال بحق نساء، وهذه الجرائم تتضمن عمليات الخطف الجماعية والإعقام القسري. وقد ذكرت شورتهاند في السياق أن حبكة الفيلم وضعت قبل حركة "#أنا أيضاً" #MeToo، على الرغم من أن موضوعات قمع المرأة وتفكيك النظام البطريركي الأبوي تبدو متماشية مع الأجواء التي سادت في أعقاب تلك الحركة (#أنا أيضاً). إذ إن دريكوف، ببدلته وهيئته وتصرفاته المتعجرفة، يشبه ترمب ووينشتاين في قالب واحد.

في جانب آخر، أشارت مجلة "تايم" قبل مدة قصيرة إلى أنه، وعلى مدى عقد كامل، كان هناك "مزيد من الرجال اسمهم كريس تصدروا أفلام مارفيل، وذلك أكثر من النساء والممثلين ذوي الخلفيات الملونة مجتمعين". ومع صنعها فيلم "الفهد الأسود" Black Panther، أحد أفضل أفلام هذه السلسلة، اعترفت استوديوهات مارفيل بالظاهرة المؤسفة، المتمثلة بضآلة عدد الأشخاص الملونين في أفلامها حتى تلك المرحلة. والآن، ربما يمكننا النظر إلى "الأرملة السوداء" ليس فقط كإقرار بالتقصير السابق تجاه ناتاشا، بل أيضاً كتعهد في معاملة جميع شخصيات مارفيل النسائية بطريقة أفضل – الأمر الذي ينسحب أيضاً في المستقبل على شخصيات الأبطال الخارقين والبطلات الخارقات.

© The Independent

المزيد من سينما