Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لا "مغلق للصلاة" في السعودية رسميا

امتنع مجلس الشورى السعودي في يونيو الماضي عن مناقشة مشروع قرار بخصوص النظام المعمول به منذ 40 عاما

تضطر المحال التجارية قبل القرار إلى الإغلاق قبل رفع الأذان بعشر دقائق (اندبندنت عربية)

نجح فيروس كورونا في حسم ملف استعصى على مجلس الشورى السعودي، فبعد سنوات من تأجيل البت في إحدى أكثر القضايا جدلية في السعودية، تداولت مواقع التواصل الاجتماعي قراراً من اتحاد الغرفة السعودية يقضي باستمرار فتح المحلات ومزاولة الأنشطة التجارية والاقتصادية طوال ساعات العمل.

وتواصلت "اندبندنت عربية" مع عجلان العجلان، رئيس اتحاد الغرف، الذي أكد صحة الخطاب من دون أن يفصح عن أي تفاصيل إضافية سوى ما احتواه، بأنه بات بإمكان المتسوقين في السعودية الحصول على احتياجاته خلال وقت الصلاة المفروضة.

 

وينهي هذا القرار عقوداً من إغلاق المحلات والأنشطة التجارية عند كل صلاة لمدة تصل لأربعين دقيقة خمس مرات في اليوم.

كيف ولد الإغلاق المقدس؟

جاء قرار رئيس اتحاد الغرفة التجارية بعد عقود من المنع يتفاوت تاريخ بدايته بحسب المنطقة، لكن تطبيقه بشكل رسمي على كامل البلاد كان قبل قرابة 40 عاماً.

ويستند الحظر الحكومي السابق على نظام هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر "الشرطة الدينية"، ولائحته التنفيذية الصادرة في عام 1980، والتي نصت في المادة الأولى أن على أعضاء الهيئة مراقبة إقامة الصلاة في أوقاتها المحددة شرعاً في المساجد، وحث الناس على المسارعة إلى تلبية النداء إليها، وأكدت إغلاق المتاجر وعدم مزاولة أعمال البيع خلال أوقات إقامتها.

وتمر السعودية خلال السنوات الماضية بحراك تنظيمي متسارع يهدف إلى تحديث الأنظمة القديمة وإصدار أنظمة جديدة لتطوير الأداء العام وشمل التحديث نظام هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في عام 2017، التي تم تقنين أدوارها في الجانب الدعوي.

وعلق المحامي نايف آل منسي على الخط الزمني لهذا التغيير بأنه ليس حديثاً بل البدء في تطبيقه هو الأمر الحديث، إذ يؤكد أن نظام الهيئة سبق وأن تم تعديله في 2016 على النحو الآتي "تختص الهيئة وفقاً لهذا التنظيم بالقيام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إليه بالرفق واللين"، في حين تم حذف ما يتعلق بإجبار الناس على الواجبات "وحمل الناس على أدائها".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وذكر المحامي أنه بصدور النظام الجديد قبل 6 سنوات، فإن "الاستمرار في تطبيق النظام القديم ولائحته خطأ نظامي".

وكان الحديث عن استمرار الإغلاق وقت الصلاة قد شهد تزايداً مع الإجراءات المفروضة لمكافحة فيروس كورونا، وما يتسبب به تقليل أوقات العمل في ازدحام الناس أمام المحلات التجارية، ودراسة الخيارات لتخفيف اكتظاظ المتسوقين والازدحام عند الإغلاق للصلاة وانتظار المتسوقين عند أبواب المحلات.

هرب منه "الشورى" وتصدى له التجار

وفي أواخر يونيو (حزيران) الماضي، أعاد مجلس الشورى السعودي طرح القضية من جديد على شكل توصية يتم تداولها والتصويت عليها، والتي تطالب وزارة الشؤون الإسلامية بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة، بالعمل على عدم إلزام المنشآت التجارية بالإغلاق خلال أوقات الصلوات اليومية عدا الجمعة، ويشمل ذلك محطات الوقود والصيدليات، التي رفضتها اللجنة الإسلامية بالمجلس، لتخضع لتصويت بقية الأعضاء وهو ما فشلت أيضاً في القيام به.

وأشارت المبررات التي ساقها الأعضاء إلى أن "رؤية 2030" تضمنت منظومة من المبادرات والمشاريع الاقتصادية الكبرى، التي تستهدف تنويع مصادر الدخل الوطني وتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة، وهذا لن يتم ما لم تدعم هذه المبادرات والمشاريع ببيئة تشريعية وتنظيمية ممكنة، تقلل أخطار ممارسة الأعمال، وتجعل بيئة الاستثمار في السعودية أكثر جاذبية وتنافسية.

 

وأكد الأعضاء أهمية هذه التوصية في تعزيز السياحة والصورة الذهنية الإيجابية للبلاد، ومكانتها بين دول العالم ومجموعة العشرين، إذ استند الأعضاء عطا السبيتي، وفيصل الفاضل، ولطيفة الشعلان، ولطيفة العبد الكريم إلى عدد من المسوغات، من بينها أن إغلاق المحال التجارية خلال أوقات الصلاة إجراء مستحدث تنفرد به السعودية من بين كل دول العالم العربي والإسلامي منذ بضعة عقود، بناءً على اجتهاد من إحدى الجهات الحكومية، ولم يرد في ذلك أي نص نظامي.

إلا أن المجلس تجنب التصويت عليها بحجة "ضيق وقت الجلسة" التي كانت مقررة في 21 يونيو (حزيران) الماضي، وأُرجئ التصويت عليها في وقت مقبل لم يتحدد بعد، ولن يتم تحديده أبداً بعد قرار اتحاد الغرف التجارية.

عصر كسر "التابوهات"

ويأتي قرار السماح بفتح المحلات وقت الصلاة ضمن سلسلة من القرارات تتخذها البلاد، تكسر فيها كثير من "التابوهات" التي كان يصعب مناقشتها في وقت سابق.

فقد كان من الصعب قبل سنوات من الآن، أن يتجاوز أرباب الأعمال ضرورة إغلاق أبوابهم في وجوه عملائهم قبل دخول وقت الصلاة بعشر دقائق خوفاً من إجراء قد تتخذه الشرطة الدينية، التي "اختلقت هذه البدعة" بحسب قول المعارضين لقرار الإغلاق، بحجة أنه "لم يرد به نص في القرآن ولا في السنة النبوية ما عدا صلاة الجمعة".

 

وكانت العقوبات المقررة في حالة ضبط المحل مفتوحاً بعد الأذان، أن يؤخذ على أصحاب المحل تعهد بالالتزام ثم يُرفع الأمر للجهة المختصة لتحديد العقوبة المناسبة، بحسب قدر المخالفة المرتكبة، ويتم إغلاق المحل لمدة 24 ساعة إضافة إلى غرامات مالية تحددها وزارة التجارة بتوصية من الجهاز الديني.

يأتي هذا في ذات السياق مع قرارات أخرى مشابهة، مثل السماح بقيادة النساء للسيارة ورفع ولاية الرجل عنها، والسماح بسفر المرأة السعودية والاستقلال بعد بلوغ سن الرشد أسوة بالرجل، إضافة إلى تغييرات اجتماعية كثيرة في فترة تمر فيها البلاد كافة بعملية تحديث شاملة.

المزيد من تقارير