Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الإساءة إلى لاعبي إنجلترا تصعب تحمل الهزيمة في البطولة الأوروبية

يجب عدم التسامح على الإطلاق مع العنصرية في كرة القدم أو غيرها. وقد أوضحت ليلة الأحد سبب استمرار لاعبي إنجلترا في الركوع على ركبة واحدة

موجة عنصرية طاولت لاعبي منتخب بريطانيا من أصحاب البشرة السمراء، عقب الخسارة في نهائيات كأس أمم أوروبا في كرة القدم (رويترز)

ساعد أداء فريق إنجلترا في بطولة الأمم الأوروبية 2020 على توفير الإثارة والفرحة لنا، وعزز مشاعر الوحدة  والتضامن في بلادنا، في إحدى أصعب الفترات التي نمر بها في تاريخنا، بل كنا في أمس الحاجة إلى تلك البهجة والحماس والوحدة. ولقد أتاح لنا فريق غاريث ساوثغيت، فرصاً كثيرة للاحتفال والتهليل في الشهر الماضي بفضل الانتصارات التي أحرزها على فرق كرواتيا والتشيك وألمانيا وأوكرانيا والدنمارك.

لكن لا يعود سبب استحواذ هذا الفريق على مخيلة الجمهور إلى النتائج التي حققها فحسب. بل يكمن أحد أسباب غرق كل هذه الحشود من الناس في لجة العواطف الفياضة أثناء هذه البطولة في أنه من المستحيل على المرء ألا يتحمس بحرارة وإعجاب لهذه المجموعة المدهشة من اللاعبين الشباب. وقد صاروا مصدر إلهام سواء على أرض الملعب أو خارجه، بفضل أسلوبهم في اللعب، وإحساسهم بروح الفريق الواحد، وقيمهم الشاملة المناهضة للعنصرية. ويكمن السبب الذي جعلهم أقرب إلى قلوبنا وموضع إعجاب وحب كبيرين، في الكياسة الأصيلة التي يتحلى بها مديرهم والشوط الطويل الذي قطعوه كي يصلوا إلى هناك [مباراة نهائي كأس الأمم الأوروبية 2020]، علماً أن بعض هؤلاء اللاعبين جاء من خلفيات صعبة، ووصل مباشرة إلى دائرة الضوء في نهائي البطولة الأوروبية تحت قوس ملعب "ويمبلي" الشهير.  

في المقابل، بدا من المؤثر جداً ألا تنتهي البطولة بنتيجة تدعو إلى قدر أكبر من البهجة. وقد شعرتُ على غرار جميع مشجعي فريق إنجلترا أن قلبي كاد ينخلع حينما أدركتُ أنه لن يكون بإمكان اللاعبين أن يعودوا ظافرين بالكأس. لكن، ذلك الجرح المؤلم الذي تسببت به هذه النتيجة، تفاقم مع كل ذلك السيل من الإساءات العنصرية الخسيسة التي استهدفت ثلاثة من اللاعبين الذين نفذوا ضربات الجزاء، ماركوس راشفورد، وجادون سانشو، وبوكايو ساكا.

لقد دأبتُ على القول منذ بعض الوقت، إنه على شركات وسائل التواصل الاجتماعي توحيد صفوفها كي تنهض بجهد أكبر بكثير مما تبذله حالياً من أجل تجفيف سموم العنصرية التي تنتشر في جسد منصات التواصل الاجتماعي. وإذا كان ذلك يعني توظيف مزيد من الأشخاص كي يزيلوا تلك المنشورات المسيئة بدلاً من الاعتماد على الخوارزميات [معادلات الرياضيات في برمجيات الكمبيوتر] التي لا يبدو أنها قادرة على تحديد كثير من تلك العنصرية، فلتوظف الشركات مزيداً من الأفراد. لا ينبغي أن يقع العبء على اللاعبين في التبليغ عن محتوى موجة الكراهية التي تستهدفهم، بل يجب أن تتحمل ذلك شركات التواصل الاجتماعي التي يتوجب عليها أن تلعب دوراً استباقياً وفاعلاً ليس في مجرد إزالة العينات العنصرية، بل أيضاً منعها من الظهور مجدداً على منصاتها.

واستطراداً، لقد أوضحت شرطة العاصمة أن الإساءات العنصرية غير مقبولة البتة، وأنها ستبذل قصارى جهدها في محاسبة جميع أولئك الذين يخرقون القانون بارتكابها. يجب ألا نتسامح على الإطلاق مع العنصرية في كرة القدم أو في أي مجال آخر. لكن، شرط نجاحنا في استئصال هذه الآفة، يكمن في وجوب نهوضنا بأمرين حاسمين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أولاً، ينبغي بنا أن نعترف أن العنصرية لا تقتصر على وسائل التواصل الاجتماعي، بل إنها مشكلة اجتماعية تذهب جذورها إلى أعماق أبعد بكثير، وتنتقل عدواها بين كثير من مؤسساتنا وبعض فئات مجتمعاتنا أيضاً. وثانياً، لا يكفي ببساطة أن تقول إنك ضد العنصرية ثم تقف متفرجاً بصمت على ما يفعله العنصريون. بدلاً من ذلك، يتوجب علينا أن نرفع أصواتنا في معارضتنا للعنصرية ونتصدى بفعالية لها بكل أشكالها القبيحة، سواء أكان ذلك من خلال التضامن مع الرياضيين الذين يجثون على ركبة واحدة، أو عبر فضح العنصرية والاعتراض عليها أينما نراها أو نسمعها. يتوجب علينا أيضاً أن نشجع قادتنا على أن يقولوا بأعلى الصوت وبكل فخر، إن تنوعنا يشكل مصدر قوتنا لا ضعفنا، وإن الهجرة تثري بلادنا ولا تقلل من شأنها أو تكبح تقدمها.

في ذلك السياق، أوضحت، ليلة الأحد، تماماً لماذا يستمر لاعبو إنجلترا في الركوع على ركبة واحدة، وأعتقد أن من المعيب أنهم لم يحظوا بدعم أكبر في موقفهم هذا. وفي الواقع، تتحمل الحكومة مسؤولية القيادة من الأمام ولعب دور القدوة في الصراع ضد العنصرية. وإذ رفضت الحكومة إدانة أولئك الأشخاص الذين يطلقون أصوات الاستهجان عندما يجثو اللاعبون على ركبة واحدة، فإنها شجعت بذلك أولئك الذين يتاجرون بهذا النوع من الكراهية والتمييز، على الإمعان في إساءاتهم من دون رادع.

ويجب ألا ندع الحوادث المؤلمة التي شهدها اليومان الأخيران أن تحول أنظارنا عن كل الإيجابيات التي تمخضت عنها هذه البطولة وتنسينا إياها، مهما بدا ذلك صعباً علينا. وبالنسبة لي، تمثلت إحدى تلك الثمار الإيجابية، من دون شك، في رؤية لاعبي الفريقين الإيطالي والإنجليزي وهم يركعون معاً على ركبة واحدة  قبل انطلاق صافرة بدء المباراة النهائية. وفي الوقت الذي كانت فيها عيون أوروبا والعالم كله مسلطة على لندن لمتابعة واحدة من كبريات مباريات كرة القدم الدولية، جاء منظر لاعبي بلدين مختلفين فيما هم يقفون وقفة جريئة تنم عن التحدي ضد العنصرية، جاء قوياً ومؤثراً إلى درجة تكاد لا تصدق. وهتف لهم وقتذاك نحو 60 ألفاً من المشجعين الذين حالفهم الحظ بدخول ملعب "ويمبلي". يمثل هؤلاء جميعاً لندن التي أعرفها وأعشقها.

وبوصفي عمدة المدينة الأكثر تعددية في العالم، أود أن أعرب عن تقديري للاعبين الإيطاليين الذين جثوا على ركبة واحدة، منفذين تلك المبادرة المهمة. وكذلك أريد من موقعي هذا أن أهنأهم على فوزهم. وأرغب أيضاً في مواساة غاريث ساوثغيت وأولادنا اللاعبين، وأقول لهم أشكركم من صميم قلبي على كل ما قدمتموه إلى بلادنا خلال الأسابيع الأربعة الأخيرة، ذلك أنكم وحدتم الأشخاص والمجتمعات مع بعضها بعضاً، فشجعتم على الوحدة بدلاً من الفُرقة والانقسام. يجب أن ترفعوا رؤوسكم عالياً وتشعروا بالفخر حيال ما أنجزتموه. نشتاق كثيراً إلى رؤيتكم، ولا نستطيع الانتظار ريثما يحين موعد نزولكم إلى الملعب مجدداً في إطار مباريات كأس العالم، وأنا متأكد أنكم ستكونون حينذاك أصلب عوداً وأكثر إصراراً من أي وقت آخر على المضي إلى الأمام في تحقيق أفضل النتائج.

© The Independent

المزيد من آراء