Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

البرلمان التونسي يصادق على قانون الإنعاش الاقتصادي

يتيح تسوية مخالفات التهرب الضريبي ويخفف الضغط الجبائي على الشركات والمستثمرين

نال قانون إنعاش الاقتصاد موافقة 110 نواب (أ ف ب)

صادق البرلمان التونسي، الاثنين 12 يوليو (تموز) الحالي، على قانون يتعلق بإنعاش الاقتصاد وتسوية مخالفات الصرف خلال جلسة عامة، بموافقة 110 نواب مع احتفاظ خمسة بأصواتهم واعتراض سبعة آخرين. 

وتكمن أهمية هذا القانون حسب عدد من المحللين في محاولة تجاوز الركود الاقتصادي الذي تعرفه البلاد، ودفع النمو، وإدماج القطاع الموازي في الدورة الاقتصادية الحقيقية، بعدما أصبح يمثل أكثر من نصف النشاط الاقتصادي، مع إنهاء أزمة مخالفات الصرف، التي شكلت مطلباً ملحاً لعدد من المتابعين للشأن المالي في تونس.

وتأمل حكومة هشام المشيشي من خلال سن هذا القانون في تجاوز ولو نسبياً تداعيات الأزمة الاقتصادية التي اتسمت بتسجيل انكماش اقتصادي خلال الربع الأول من هذه السنة بثلاثة في المئة، وارتفاع البطالة إلى مستوى 17.8 في المئة، مع تسجيل عجز لافت في أهم رافعات الاقتصاد التونسي (السياحة وإنتاج الفوسفات وتراجع عائدات تصدير زيت الزيتون والمنتجات الزراعية).

وتضمن القانون إجراءات لتخفيف الضغط الجبائي على الشركات والمستثمرين والمطورين العقاريين، وإدماج الأنشطة والعملة المتأتية من الاقتصاد الموازي في الدورة الاقتصادية، ومقاومة التهرب الضريبي ودعم الشفافية، فضلاً عن إجراءات لترشيد تداول الأموال نقداً.

كما يتيح هذا القانون للمواطنين الانتفاع من قروض بنكية للتملك بنسبة فائدة سنوية تقدر بثلاثة في المئة، تسدّد على مدة أقصاها 40 عاماً، مع عدم اشتراط توفير تمويل ذاتي بالنسبة إلى المسكن الأول، وهو ما يعتبر مطلباً أساسياً للباعثين العقاريين وسيمكن التونسيين من امتلاك مسكن بشروط مقبولة.

فتح حساب بنكي بالعملة الأجنبية

ومن الإضافات التي أتى بها القانون الجديد السماح لكل مواطن تونسي، مسك أو فتح حساب بالعملة الأجنبية أو بالدينار القابل للتحويل بتونس، وهو ما يعد أحد أبرز المطالب التي رفعها عدد من التونسيين والمستثمرين لتسهيل عملية الاقتناءات من الخارج.

ومن أبرز الإجراءات التي يطرحها القانون لتخفيف الضغط الجبائي على المؤسسات ودفع الاستثمار، تمكين الشركات من إعادة تقييم العقارات المبنية وغير المبنية التي تتضمنها موازناتها حسب قيمتها الحقيقية، وطرح الأرباح أو المداخيل المعاد استثمارها في رأس مال المؤسسات المصدرة كلياً، إضافة إلى تسوية المخالفات والجنح الديوانية للمؤسسات عبر الاقتصار على دفع عشرة في المئة من مبلغ الضرائب المتوجبة.

وتهدف هذه الإجراءات إلى دعم عمليات الهيكلة المالية للشركات في ظل الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد، ومساندة المؤسسات المصدرة كلياً على استرجاع نسق نشاطها خلال هذه الأزمة. 

القانون الجديد الذي لم يخل من انتقادات يقترح إجراءات جديدة لإدماج الأنشطة والعملة المتأتية من الاقتصاد الموازي في الدورة الاقتصادية، من أبرزها إحداث مساهمة تحررية قد تصل نسبتها إلى 20 في المئة توظف على المبالغ المتأتية من مداخيل وأرباح غير مصرح بها، أو مسك عملات في شكل أوراق نقدية أجنبية بتونس ومكاسب من العملات بالخارج من دون التصريح، شريطة إيداع المبالغ المذكورة بحساب بنكي أو بريدي.

مقاومة التهرب الضريبي

وخصص القانون جانباً منه لتأهيل مصالح الجباية لإسناد معرفات جبائية رأساً للأشخاص المخلين بواجب التصريح في الوجود، والتخفيض من ستة إلى أربعة أشهر في المدة القصوى المحددة لإجراء المراجعة الضريبية المعمقة.

كما نص على الرفع من ثلاثة إلى ستة في المئة في معلوم إسداء خدمة التسجيل المستوجب على العقود والتصاريح المتعلقة بنقل ملكية عقارات (الهبات والتركات)، واحتساب هذا المعلوم على أساس القيمة المحينة للعقارات المحالة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويقترح القانون في فصوله الأخيرة إجراءات جديدة لفائدة الجالية التونسية في الخارج، من أبرزها تمكينها من الانتفاع بالتسجيل بالمعلوم القار عوضاً عن المعلوم النسبي عند الاقتناء بالعملة الأجنبية للعقارات المعدة لممارسة نشاط اقتصادي واقتناء الأراضي. كما يقر القانون احتساب معاليم الجولان على السيارات المسجلة خارج البلاد، التي تم توريدها من قبل التونسيين بالخارج بشرط تجاوز مدة ثلاثة أشهر.

يشار إلى أن هذا القانون كانت قد تقدمت به الحكومة السابقة في فترة الموجة الأولى من انتشار جائحة كورونا، غير أن الحكومة الحالية أعادت صياغته بتقديم إضافات جديدة حسب متطلبات المرحلة الاقتصادية الراهنة.

خط تمويل لمساعدة الشركات المتضررة من كورونا

في هذا الإطار، تقدم وزير المالية، علي الكعلي، بطلب إضافة خمسة فصول جديدة اقترحتها الحكومة في هذا القانون وقد حظيت بالمصادقة، ومن أهم ما نصت عليه هذه الفصول وضع خط تمويل بمبلغ 1100 مليون دولار، يخصص لإعادة تمويل القروض لفائدة المؤسسات المتضرّرة من تداعيات انتشار فيروس كورونا، بنسبة فائدة سنوية قارة لا تتجاوز ثلاثة في المئة، وتسدّد على مدة أقصاها سبع سنوات منها سنتان إمهالاً.

معارضة وتخوف

وعلى الرغم من مرور القانون فإنه نال انتقادات من بعض النواب على غرار النائب فيصل دربال، عضو لجنة المالية، الذي اعتبر أنه يتضمن بالتأكيد جانباً اجتماعياً واقتصادياً مهماً، غير أنه تأسف على أنه لم يفلح في إقناع أعضاء البرلمان بخطورة بعض الفصول الواردة التي قد تعيد تونس إلى القائمة السوداء ضمن مجموعة العمل المالي (غافي)، نظراً إلى أن هذه الفصول لها علاقة بغسل الأموال، وفق اعتقاده.

كما انتقدت منظمة "أنا يقظ" القانون برمته ووصفته بأنه يكرس المصالحة الجبائية مع المتهربين ضريبياً ويعطي مشروعية إضافية للمهربين.

ودعت في وقت سابق النواب إلى عدم التصويت على القانون، من منطلق أنه يأتي في ظل أزمة اقتصادية خانقة تضاف إليها تداعيات جائحة كورونا.

وبررت المنظمة المستقلة المعروفة بكشفها عدداً من الملفات الاقتصادية الخطيرة المرتبطة بالفساد، رفضها القانون، بكونه يتضمن إجراءات ذات طابع جبائي يفترض أن تدرج في قانون المالية المعدل، لكونها تمس التوازنات المالية المحددة في قانون المالية لسنة 2021.

وتابعت تفسير رفضها هذا القانون بأنه قد يفتح المجال أمام التهرب الضريبي وتكريس اللا مساواة بين دافعي الضرائب، من خلال تمكين فئات دون أخرى من امتيازات، وسيكرس ثقافة الإفلات من العقاب والهروب من المحاسبة، من خلال التسوية مع المهربين والمتهربين لمخالفات الصرف، وتمكينهم من إبراء الذمة، وحمايتهم من أي تتبع إداري أو قضائي، بما يُعتبر مصالحة جديدة لا تخدم المصالح العليا للدولة.

وترى "أنا يقظ" أن هذا القانون سيؤدي إلى تسجيل تراجع مهم في المداخيل الضريبية للدولة، في ظرف اجتماعي واقتصادي متأزم تحتاج فيه تونس إلى أبسط الموارد حتى تتمكن من مواجهة عجزها الصحي.

اقرأ المزيد