Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

فجوة الثروة اتسعت بسبب ركود الجائحة وثمة طرق للبدء في تحقيق المساواة

"مؤسسة القرار" رصدت زيادة بمتوسط 50 ألف جنيه لكل ثري مقابل 86 استرلينياً لكل أسرة

تضاعفت أسعار العقارات في بريطانيا أثناء جائحة كوفيد (غيتي)

في إمكان موجات الركود أن تسهم في المساواة. لا شك في أن الفقراء يعانون أكثر من سواهم على الإطلاق (أثناء الركود)، بل إنهم الأقل قدرة على تحمل الانخفاض في الدخل. في المقابل، ينحسر التفاوت النسبي كثيراً ما يتقلص أثناء الركود لأن الأثرياء يعانون نسبياً ضربات أكبر تصيب ثرواتهم، إذ تتراجع القيمة الدفينة في منازلهم نتيجة انخفاض أسعار البيوت. وتعاني استثماراتهم حينما تعاني سوق الأسهم ضربة ما.

كذلك شهد الركود الأخير (المرافق لكورونا) خسارة وظائف طاولت عديداً من المصرفيين وغيرهم من المحترفين من أصحاب الياقات البيضاء. ونظراً إلى الدور الذي أداه المصرفيون في اختمار ذلك الركود، قد يكون بوسع المرء أن يقول إنهم لم يعانوا المعاناة المتوقعة، لكن دعونا نضع هذا جانباً.

في هذا الصدد، يتمثل الشيء المهم في أن القاعدة تقضي بحدوث تناقص في التفاوت النسبي.

لكن، ليس هذه المرة. لقد حدث شيء غير عادي على مدى فترة الركود التي تسبب بها "كوفيد". ففي تناقض صارخ مع فترات الركود التي أعقبت الحرب العالمية الثانية، تزامن الانخفاض الحاد في النشاط الاقتصادي مع زيادة حادة في الثروة، ولا سيما من الوسط إلى القمة.

نشرت "مؤسسة القرار" صباح الاثنين تقرير "سنة الفجوة" (في الثروة) بالشراكة مع "ستاندرد لايف فاونديشن" ("مؤسسة الحياة المعيارية") Standard Life Foundation. ويبين كيف أن الركود الذي تسبب به "كوفيد" غير معتاد أبداً.

خذوا أسعار البيوت، مثلاً. على مدى فترات الركود الأربع السابقة، انخفضت هذه الأسعار بنسبة 22 في المئة في المتوسط. في المقابل، على الرغم من من الضربة التي تلقتها السوق في خضم إغلاق العام الماضي، فإن معاملاتها تجري الآن تتعامل بمستويات قياسية غير مسبوقة. فقد ارتفعت الأسعار بنسبة ثمانية في المئة منذ فبراير (شباط) 2020. ولا تزال سوق الأسهم في حالة من عدم التعافي بعض الشيء، لكنها نجحت في استرداد جزء كبير من خسائرها.

ومن ناحية أخرى، يزيد إجمالي مدخرات الأسر بنحو 200 مليار جنيه استرليني (278 مليار دولار) عما كان عليه قبل الأزمة، في حين انخفضت ديون الأسر (مع استثناء الديون المتضمنة في بطاقات الائتمان) بنحو 10 مليارات جنيه، لأن من الواضح أن الناس لم يكن أمامهم كثير مما ينفقون عليه، مع إغلاق أجزاء كبيرة من الاقتصاد.

بطبيعة الحال، لم توزع هذه الأرقام بالتساوي، إذ يخلص التقرير إلى أن الخمس الأكثر ثراءً بين الأسر، زادت مدخراته أثناء الأزمة أربعة أضعاف بالمقارنة مع الأسر التي تندرج ضمن الفئة الأكثر فقراً (47 في المئة في مقابل 12 في المئة). وكذلك انخفضت ديون الأكثر ثراءً بمقدار ضعفين ونصف الضعف، بالمقارنة مع الأكثر فقراً.

ومن المثير للاهتمام أن ارتفاع أسعار البيوت أفاد نسبياً أولئك الواقعين في منتصف سلم الثروة أكثر من غيرهم. فقد شهد هؤلاء ارتفاعاً في ثرواتهم بنسبة تسعة في المئة في المتوسط، أو سبعة آلاف و800 جنيه، فارتفع مجموع ثرواتهم إلى 80 ألفاً و500 جنيه لكل بالغ.

وضمن أرقام مجردة، سجل الـ10 في المئة الأغنى بين الأسر، الأداء الأفضل مع زيادة ثرواتها بمتوسط 50 ألف جنيه إلى مليون جنيه لكل بالغ.

قارنوا ذلك بأفقر 30 في المئة من الأسر. لقد ارتفع متوسط ثرواتها أيضاً، لكن بما لا يتجاوز 86 جنيهاً لكل بالغ. وتذكروا أن هذا عبارة عن متوسط، إذ يعاني كثير من تلك الأسر تراجعات، فضلاً عن زيادة في الديون، الأمر الذي كان سبباً في إثارة المخاوف بين المؤسسات الخيرية العاملة في ذلك القطاع.

واستطراداً، تفيد "مؤسسة الحياة المعيارية" أن الأثر غير المتساوي لهذه الطفرة في الثروة سيكون "إرثاً دائماً من هذه الأزمة، ويجب أن يأخذه في الحسبان واضعو السياسات ممن سيتخذون قرارات رئيسة في الخريف".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وهذا صحيح بالفعل. ثمة خطوة أولى يتعين أن تتخذها الحكومة التي تصدح على نحو مستمر في شأن تحقيق "المساواة"، تتلخص في إلغاء الخطط الرامية إلى وقف العمل بزيادة الائتمان الشامل بواقع 20 جنيهاً. وقد دعا إلى ذلك الأمر أثناء الأسبوع الماضي، عديد من وزراء العمل والتقاعد السابقين، بما في ذلك إين دونكان سميث، وأمبر رود، وستيفن كراب.

ومن شأن ذلك أن يكلف الخزينة ستة مليارات جنيه، أو ما إلى ذلك، لكنه سيعود بالمنفعة على الأكثر فقراً، أي العائلات المكافحة التي لم تنل إلى حد كبير، نصيباً من قفزة الثروة في بريطانيا.

وتلوح في الأفق ضغوط أكبر بكثير على الموارد المالية العامة، وقد أثار "مكتب مسؤولية الميزانية" تلك المسألة.

ومن شأن فرض ضريبة على الثروة أن يساعد في التعامل مع الأمرين كليهما. وهذا بطبيعة الحال موضوع معقد وخلافي، لكن يتعين علينا أن نتحلى بالصدق. يرجع هذا الوضع جزئياً على الأقل إلى أن الناس على الطرف المتلقي، لا يحبون كثيراً فكرة دفع حصتهم ويملكون السبل اللازمة في إسماع صوتهم حين ينزعجون.

وعلى الرغم من ذلك، ثمة موضع سهل للمباشرة في هذا الإجراء على الأقل، تمثله ضريبة المجالس المحلية. فقد باتت الآن منحرفة تماماً لأن تلك الضريبة تستند إلى قيم عقارية، ولم تجرِ إعادة تقييمها منذ سنوات. والواقع أن صاحب بيت صغير بقي على حاله تقريباً، سيدفع المبلغ نفسه كجاره الأكثر ثراءً الذي أضاف إلى منزله امتداداً فاخراً، فضلاً عن قاعة زجاجية ومجموعة كاملة من الإضافات الجذابة.

لكن، يتمثل الأكثر انحرافاً في شأن تلك الضريبة، في أن لها سقفاً. ففوق مستوى معين، لا يهم إذا كان منزلكم يساوي مليوني جنيه أو 20 مليون جنيه، فأنتم ستدفعون المبلغ نفسه المخصص للفئة "ه" من العقارات. وتصيب الضريبة نسبياً أيضاً أشد الناس فقراً أكثر من غيرهم.

في "رويال بوروه أوف كنزينغتون" وتشيلسي، سيدفع أحد شيوخ النفط أو أحد النجوم ألفين و627 جنيهاً و20 بنساً على قصره الذي تبلغ قيمته عدة ملايين من الجنيهات. ومن ناحية أخرى، ستدفع ممرضة جمعت بشق النفس المال لشراء استوديو في الفئة "أ" من العقارات 875 جنيهاً و73 بنساً.

ومن الواضح أن الثري والنجم بوسعهما، بل يتعين عليهما، أن يدفعا أكثر.

وكخلاصة، يشكل إصلاح ضريبة المجلس وسيلة جيدة في البدء بمعالجة فجوة الثروة المتنامية، واتساع التفاوت بين الناس. في المقابل، يتوجب أن يكون العمل على جعل هذه العملية أكثر عدلاً، مجرد بداية لعملية المساواة.

*نشرت اندبندنت هذه المقالة التحليلية في يوليو (تموز) 2021

© The Independent