Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

من هم أثرياء الحرب على كورونا في تونس؟

عائلات تضطر للتوجه إلى المراكز الخاصة فتدفع كل ما تملك لإنقاذ حياة شخص عزيز

مراكز علاج خاصة استغلت ضعف القطاع العام في تونس (أ ف ب)

أن تبيع منزلك، أو تمضي صكاً من دون رصيد لإنقاذ روح بشرية عزيزة عليك، أصبح أمراً يعيشه التونسيون يومياً، لتسديد مستحقات المركز الصحي، التي قد تتخطى قيمتها 10 آلاف دولار أحياناً. مبلغ كبير بالنسبة للعائلات متوسطة الدخل، والتي لم تجد لها مكاناً في المستشفى العمومي، فتضطر حينها للتوجه إلى المنشآت الخاصة على مضض، فتدفع كل ما تملكه مقابل "حياة، وربما موت".

وفي هذا الشأن، تقول سامية، مدرسة تعليم أساسي، إنها اضطرت لدفع مبلغ تسعى منذ سنوات لادخاره، لإرسال ابنتها إلى ألمانيا لإكمال دراستها بعد الثانوية العامة. وتتابع، "من أجل إنقاذ زوجي تخلينا عن حلم ابنتنا".

"التجارة في الموت"

وعلى الرغم من تأكيد رئيس الحكومة، هشام المشيشي، أنه سيتم تسخير المراكز الخاصة لعلاج مصابي كورونا، فإن القرار لم يُفعّل بعد، ما زاد من موجة الاتهامات الموجهة ضد أصحاب تلك المراكز، التي يرى البعض أنها أصبحت أقوى من الدولة، التي لم تستطع تطبيق قرار التسخير، في حين وصفهم آخرون بـ"أثرياء الحرب على كورونا".

ليست تلك المصحات وحدها من ضاعف "ثقل كورونا"، إذ إن هناك أيضاً شركات بيع المعدات الطبية، وخصوصاً قوارير الأوكسجين التي ارتفع ثمنها من 180 دولاراً إلى نحو 1500 دولار، إضافة إلى وجود آلات أخرى في السوق الموازية، التي يقول بعض المتخصصين إنها غير مطابقة للمواصفات العلمية.

وفي الفترة الأخيرة، بات التجار يستغلون حاجة التونسيين للأوكسجين وخوفهم من انقطاع التنفس، فاعتمدوها تجارة رائجة ومربحة، لدرجة أنه بات يتم تأجير القوارير بالساعة. هذه التجارة وصفها البعض بـ"التجارة في الموت"، لكن مروى بالطيب مديرة تسويق في إحدى الشركات تقول إنهم لا يتحكمون بأسعار الآلات، وإن الموزعين الذين يستوردون البضاعة من الخارج هم من يتحكمون فيها.

من خذل المواطن التونسي؟

من جهته، يقول عماد الدايمي، رئيس أحد مراكز الرقابة (منظمة غير حكومية)، إن "المراكز الخاصة استغلت ضعف القطاع العام من أجل جمع الثروات على حساب المواطنين"، متهماً الدولة بالتورط في "دعم لوبي المصحات الخاصة من خلال عدم صرف مبلع التبرعات التي جمعتها وزارة الصحة لتحسين الأوضاع في المستشفيات العمومية". ويتابع، "لدينا شك أيضاً بأن التأخير في جلب اللقاحات وراءه أطراف عدة تريد الاستفادة منه"، وذلك عوض أن تقتني الدولة مباشرة من المصنّع، يوجد شبكة تضم تونسيين وأجانب من أجل الاستفادة".

وسبق أن أعلنت وزارة الصحة أنهم قاموا بصرف كل التبرعات ضمن استراتيجية الحرب على كورونا، وأن لا دخل للدولة التونسية في التأخير الحاصل في جلب اللقاحات، نظراً لتزايد الطلب العالمي.

وفي سياق متصل، يقول الدايمي، إن "البنوك أيضاً خذلت التونسيين في محنة كورونا، وشكلت وفاقاً مخالفاً للقانون، واستغلت الوضع لمزيد من الربح". وأفاد بأنهم قاموا بتوجيه شكوى إلى مجلس المنافسة لإعلامه بأن المصارف قامت بتحميل فوائد إضافية مجحفة على الأفراد والمهنيين والمؤسسات في زمن كورونا، وهي تجاوزات تدخل تحت طائلة الأعمال المخلة بالمنافـسة المنصوص عـليها في القانون.

يذكر أن الحكومة اتخذت قرار تأجيل القروض لمدة ستة أشهر خلال مارس (آذار) 2020، إلا أن بعض البنوك لم يطبق هذا القرار.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

رأس المال الحقيقي

وفي هذا الصدد، يؤكد رئيس جامعة البنوك، أحمد كرم، أن "المصارف قامت بواجبها، وطبقت تعليمات البنك المركزي في ما يخص إعادة جدولة أقساط القروض التي حل أجلها في زمن كورونا، كما قامت بتقديم قروض المساندة لكل المؤسسات التي تم تسجيلها في المنصة الإلكترونية، والتي تتحكم فيها وزارة المالية".

ولفت كرم إلى أن "القول إن البنوك لم تكن إلى جانب زبائنها في هذه الفترة الحرجة هو أمر خاطئ، والعقل لا يقبل مثل هذه المغالطات، لأن الزبائن هم رأس مال البنوك الحقيقي، فإن لم تساعدهم في وقت المحن لن تجدهم بعد انتهاء الأزمة، بالتالي ستخسر قسطاً كبيراً من رقم معاملاتها".

وفي السياق ذاته، يفيد كرم بأن "ربح البنوك عام 2020 انخفض 30 في المئة"، ويرجع هذا التراجع إلى ضرورة تخفيض المخاطر التي أعقبت كورونا، والتي تطلبت احتياطات كبيرة بالتنسيق مع البنك المركزي التونسي، مؤكداً أن الناتج الصافي للبنوك لم يرتفع كما ينبغي، بالتالي لم يسهم في ارتفاع المكاسب، كما يروّج له. وأشار إلى أن "المصارف التونسية تحملت مسؤوليتها ومنحت الدولة نحو 40 مليون دولار مساعدة على تدعيم استراتيجية مكافحة كورونا".

التكلفة ذاتها؟

من جهته أيضاً، أكد رئيس الغرفة النقابية لأصحاب المراكز الخاصة، بوبكر زخامة، أن كلفة علاج مرضى كورونا في تلك المنشآت هي نفسها في المستشفيات العمومية"، موضحاً، "الفرق بين القطاعين العمومي والخاص أن المريض في القطاع العام تتكفل به الدولة، في حين أن المريض في القطاع الخاص يتكفل بمصاريفه بمفرده".

أضاف زخامة أن الغرفة النقابية لأصحاب المراكز الخاصة‎‎ تقبل بفكرة التكفل بمرضى كورونا بتعريفة المؤسسات العمومية، على أن تتكفل الدولة بالباقي". وقال، "هذا هو معنى التسخير الذي لم يفهمه البعض"، مبيناً أن  "المصحات الخاصة لا يمكن لها أن تركز كل طاقاتها البشرية والمادية في التكفل بمرضى كورونا فقط".

وتعيش تونس أزمة وبائية غير مسبوقة، ما يهدد بانهيار المنظومة الصحية، ويزيد من تعميق الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها البلاد منذ سنوات.

المزيد من متابعات