Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل انتهى عصر السكرتارية مع أزمة كورونا والعمل من المنزل؟

التكنولوجيا حلت محل كثيرين ممن يمتهنون هذه الوظائف المساعدة قبل بدء الوباء

عدد كبير من الشركات والأعمال يسمح الآن لموظفيه بطريقة "العمل المرن"، أي الجمع بين العودة للمكاتب والعمل من المنزل (أ ف ب)

مع إعادة فتح الاقتصاد في معظم دول العالم، وإلغاء كثير من إجراءات الوقاية من انتشار وباء كورونا، بدأت الشركات والأعمال دعوة موظفيها للعودة إلى المكاتب، كذلك تحث الحكومات العاملين على العودة إلى أماكن عملهم، كما فعل وزير الخزانة البريطاني ريشي سوناك، إلا أن عدداً كبيراً من الشركات والأعمال يسمح الآن لموظفيه بطريقة "العمل المرن"، أي الجمع بين العودة للمكاتب والعمل من المنزل، فعلى مدى عام الوباء، تكيف كثير من الأعمال على العمل عن بعد باستخدام الإنترنت، بخاصة تطبيقات الفيديو الجديدة ووسائل الاتصال الرقمية التي كان بعضها موجوداً من قبل، ويقتصر استخدامه على العاملين في مجالات التكنولوجيا فقط.

وبدأ تأثير العمل من البيوت واضحاً في مجالات كثيرة، منها على سبيل المثال تراجع الطلب على المباني والعقارات الإدارية نتيجة ضغط الشركات للمساحات التي تحتاجها في عملها، كما أن ذلك يؤثر أيضاً على أعمال الخدمات التي تزدهر في وجود موظفين في مناطق الأعمال، مثل المطاعم والمقاهي وغيرها.

وهناك أيضاً وظائف كثيرة كان العمل في المكاتب يتطلب وجودها، يخشى البعض أن تختفي أو على الأقل يقل عددها، فنسبة الموظفين والعاملين الذين يفضلون العمل من المنزل تزداد، وغالبية الشركات استثمرت بالفعل في توفير البنية التحتية التكنولوجية لاستيعاب هذا التحول نحو العمل عن بعد.

وظائف المساعدة

من بين تلك الوظائف من يعملون في مهام إدارية تتطلب وجود عدد كبير من الموظفين، فقد أخذت شركات التكنولوجيا في تطوير برامج كمبيوترية تقوم بكثير من مهام الإدارية كشؤون الأفراد والحسابات وغيرها، لكن هناك وظيفة تقليدية اصبحت الآن في خطر حقيقي.

في شهر يونيو (حزيران)، الماضي، أبلغت شركة المحاسبة الشهيرة "ديلويت" موظفيها الإداريين بفرعها في بريطانيا، أن الشركة تجري عملية إعادة هيكلة، وأن نحو ثلث العاملين في وظائف السكرتارية والمساعدين الشخصيين لكبار الموظفين سيتم تسريحهم، وأثار القرار قلق أكثر من 560 موظفاً في "ديلويت" يعملون في وظيفة "مساعد تنفيذي"، وأعاد للنقاش على نطاق أوسع مسألة اختفاء وظيفة السكرتير أو السكرتيرة في ظل ممارسات العمل الجديدة التي رسختها الأزمة.

حين أعلن مدير فرع "ديلويت" في بريطانيا، ستيفين غريغز، خطة إعادة الهيكلة للموظفين الإداريين في اجتماع عبر تطبيق "زوم" على الإنترنت، كان المبرر لإلغاء الوظائف هو "التحول إلى العمل عن بعد على المدى الطويل"، فقد أبلغت "ديلويت" حوالى 20 ألفاً يعملون في فرعها الكبير في لندن أن بإمكانهم الاختيار في عدد الأيام التي يأتون فيها إلى مكاتبهم أو العمل من المنزل، وهو ما يعني أن كثيراً من الوظائف الإدارية ستصبح رقمية، ولن تكون هناك حاجة لعدد كبير من البشر لإنجازها.

صحيح أن التكنولوجيا حلت محل كثيرين من العاملين في الوظائف المساعدة قبل أزمة وباء كورونا، لكن عام الوباء والعمل عن بعد أدى بالفعل إلى تغيير جذري في هذا السياق، فالشركات والأعمال، بخاصة بعد الأزمة المالية العالمية عام 2008، تقوم بعمليات إعادة هيكلة لخفض التكاليف وضبط كشوف حساباتها المالية، وغالباً ما يتضمن ذلك إلغاء وظائف أو تسريح عاملين في مجالات معينة مع الاستعاضة عن ذلك ببرامج كمبيوترية تسمح للموظفين بتنفيذ تلك المهام من دون الحاجة لموظفين مساعدين.

تغير النمط

في شهر مارس (آذار) الماضي، قام الباحثان في جامعة أوكسفورد كارل فراي ومايكل أوزبورن بتحليل البيانات والأرقام التي تصدر عن المكتب الوطني للإحصاء في بريطانيا، وكانت النتيجة التي خلصا إليها أنه في الفترة بين عامي 2001 و2013 ألغيت 33 ألف وظيفة في مجال السكرتارية، أي انخفاض عدد العاملين في تلك الوظيفة بنسبة 44 في المئة. هذا في العاصمة لندن وحدها، أما على مستوى بريطانيا فوصل الرقم إلى 163 ألف وظيفة ألغيت، أي انخفاض عدد العاملين في وظائف السكرتارية والمساعدة الشخصية بنسبة 47 في المئة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وحسب تحقيق مطول لصحيفة "فاينانشال تايمز" وقتها، فإن الأمر لم يقتصر على إلغاء الوظائف وتسريح العاملين، بل شمل أيضاً انخفاض الرواتب عن المعدلات الطبيعية لدرجة تلك الوظائف المساعدة، كما أن ما طال هذا المجال أكثر على النساء العاملات منه على الرجال، وحسب بيانات عضوية الاتحاد الدولي للمهنيين للوظائف المساعدة، فإن نسبة النساء فيها تصل إلى 97 في المئة.

الوظيفة لن تختفي

 إذا كانت الأزمة المالية في 2008 أدت إلى تغيير النمط لوظائف مساعدة كثيرة، في إطار عمليات إعادة الهيكلة في الشركات، فإن أزمة وباء كورونا رسخت هذا التغيير بشكل قوي، ومع ذلك، لا يتوقع اختفاء وظيفة السكرتير أو السكرتيرة تماماً.

وتنقل صحيفة "ديلي تلغراف" عن فيكتوريا راتن، رئيسة اتحاد المساعدين الشخصيين والتنفيذيين، قولها، إن الوظيفة لن تختفي وإن تغير النمط، ففي رأيها أن عمل المساعدين الشخصيين والتنفيذيين "السكرتارية"، لم يعد تلقي المكالمات الهاتفية ونسخ المذكرات وتحديد جدول المواعيد، بل أصبح ذلك الدور يتضمن في السنوات الأخيرة مهمات استراتيجية وأدواراً تنفيذية أكثر، وتضيف أن التغيير في نمط مهام الوظيفة يجعلها تظل مطلوبة، وتدلل إلى ذلك بزيادة الطلب على شركات التوظيف على من يملكون خبرة استراتيجية وتنفيذية، وتبقى المشكلة أن هناك من العاملين القدامى في تلك الوظائف لا يطورون مهاراتهم فيصبحون خارج سوق العمل.

اقرأ المزيد