Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل أصابت الحرب التجارية إدراج "أوبر"؟

المحللون ينقسمون بين فقاعة أسهم التكنولوجيا وتكتيكات الصناديق العالمية 

على عكس التوقعات، لم يتمكن سهم أوبر من الصعود فوق مستوى سعر الاكتتاب عند 45 دولارا في أول يوم لإدراج سهم الشركة في بورصة نيويورك أمس. وشهدت تداولات أكبر شركة للنقل التشاركي في العالم انخفاضا منذ بداية التداولات صباح أمس. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكانت الأنظار متجهة إلى شركة أوبر لمعرفة إذا كانت الشركة ستحقق التوقعات ببلوغ قيمتها السوقية عند الإدراج 100 مليار دولار، إلا أن ذلك لم يتحقق واستقرت القيمة عند الإغلاق عند 76.5 مليار دولار.

وشهد السهم منحى نزوليا دون مستوى الاكتتاب منذ الصباح الباكر حتى ظهر أمس بهبوطه بنسبة 6% مقارنة بسعر الاكتتاب. بعد ذلك عكس السهم اتجاهه واستمر في التذبذب إلى ما قبل الإغلاق بساعة تقريبا، ثم عاد للهبوط مرة أخرى مغلقا عند مستوى 41.57 دولار تقريبا، أي أقل بـ 6.6% من سعر الاكتتاب.

المراهنة على المستقبل

وعلق الرئيس التنفيذي للشركة دارا خسروشاهي، الذي حضر حفل الإدراج مع مجموعة من التنفيذيين في الشركة، "أعتقد أننا أدرجنا الشركة في يوم سيئ، وفي أسبوع سيئ".  ويراهن خسروشاهي على الوقت حيث قال "إن شركته ستواصل العمل على زيادة أعداد المشتركين والسائقين، وأن السوق ستلحق ذلك". 

وفي الواقع جاء الإدراج في الأسبوع الذي شهدت فيه الأسواق الأميركية بداية حرب تجارية طاحنة بين الولايات المتحدة والصين، أطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترمب عندما غرد الأحد الماضي بأن بلاده ستفرض رسوماً إضافية على الواردات الصينية إلى الولايات المتحدة. 

وخيمت هذه الأجواء السلبية على سياق التداولات أمس، بعد أن أعلنت مساء الخميس هيئة الجمارك وحماية الحدود الأميركية عن دخول قرار الرسوم الجمركية الجديدة حيز التنفيذ، حيث سيتم رفع الرسوم من 10% إلى نسبة 25% على أكثر من 5700 منتج قادمة من الصين إلى الولايات المتحدة. 

أسبوع مالي سيئ

وشهدت الأسواق منذ الاثنين وحتى إغلاق أمس أسوأ أسبوع تداول منذ بداية هذه السنة، بعد أن تميزت 2019 بارتفاعات الأسهم والقفزات في أسعارها خصوصا للشركات التكنولوجية حديثة الإدراج. 

وعادت التداولات للارتفاع قليلا أمس مع الإعلان عن مواصلة المفاوضات بين الجانبين الأميركي-الصيني، رغم استمرار تطبيق الرسوم المذكورة. 

ونقلت "نيويورك تايمز" دراسة عن Dealogic تفيد بأنه "ليس بالضرورة أن يعبر أداء سهم شركة ما في اليوم الأول لتداولها عن الأداء المتوقع على المدى الطويل". وقالت إنه "من بين 18 شركة التي افتتحت على هبوط في اليوم الأول للتداولات منذ العام 2000، هناك 8 شركات ارتفعت أسعارها بعد شهر و6 شركات بعد عام".  

وكانت الأسواق تخشى من أن يتأثر سهم أوبر بما جرى في شركة "ليفت" Lyft المنافسة الرئيسية لأوبر التي أدرجت في نهاية مارس (آذار) على ارتفاع عند الإدراج، ثم هوى سهمها بشكل دراماتيكي في وقت لاحق، معاكسا الاتجاه العام في البورصات الأميركية عموما، وبورصة ناسداك، حيث أدرجت "ليفت" Lyft، خصوصا. 

ماذا جرى في الاكتتاب؟

وأوضح عيد الشهري، المدير العام لشركة الأجيال القادمة، لـ"اندبندنت عربية" "أن هناك صعوبة في تقييم الشركات التكنولوجية مثل "أوبر" و"ليفت" في الأسواق، باعتبار أن نموذج عملها جديدٌ ومعظمها خاسرة، لذا فإن التقييمات ترتكز على التوقعات المستقبلية التي تختلف من جهة لأخرى. وفي حالة "أوبر"، يرجح أن السوق قيّمت السعر على أساس النموذج الشبيه لـ"أوبر" وهي "ليفت" التي أدرجت في مارس الماضي.

ويرى أن حجم "أوبر" يساوي اليوم 5 أضعاف حجم "ليفت" من حيث عدد المستخدمين، لذا بما أن القيمة السوقية لـ"ليفت" نحو 15 مليار دولار، فإن السوق قيم "أوبر" أقرب إلى 5 أضعاف "ليفت" عند 76 مليار دولار. 

ويفسر الشهري طبيعة الاكتتاب، الذي حصل في اليوم السابق لإدراج "أوبر" حيث يتم بيع الحصة التي ينوى إدراجها إلى مستثمرين بسعر 45 دولارا، ويرتب هذه العملية بنك متخصص، لذا فإن من اشترى في الاكتتاب بسعر 45 دولارا، ثم باع يوم الإدراج بأقل من ذلك فهو من خسر فعليا.  

فقاعة التكنولوجيا

لكن طارق الرفاعي، الرئيس التنفيذي لمركز "كروم" للدراسات الإستراتيجية،  لـ"اندبندنت عربية" لديه وجهة نظر مختلفة، إذ يقول إن "ما حدث في إدراج "أوبر" يجعلنا نخشى من حدوث فقاعة في شركات التكنولوجيا التي تُقيم فوق مليار دولار والمعروفة بيونيكورن، فتقييمات هذه الشركات أعلى بكثير من الواقع، إذ هناك شكوك حول نموذج عملها وقدرتها على التحول للربحية مع الوقت".

ويرى الرفاعي أن "شركات التكنولوجيا تُسرع إدراجها منذ بداية السنة لكي تستفيد من الرالي في الأسواق وقبل حدوث أي فقاعة". ويذكر الرفاعي "شركة (ليفت) و(سنابشات)  كنموذج للشركات التكنولوجية التي هوت أسعارها مرجحا تكرار ذلك في شركات أخرى". 

شركات تكنولوجية رابحة

لكن في الوقت الذي لم تنجح فيه (سنابشات) كشركة تواصل اجتماعي، تمكنت شركات أخرى من نفس الفئة مثل (تويتر) من التفوق على كل التوقعات في الربع الأول من هذه السنة مسجلة نموا في إيراداتها بنسبة 18٪، في وقت تستمر فيه شركة فيسبوك من تحقيق قفزات هائلة في الأرباح. كما تمكنت شركة أمازون من تحقيق أرباح فاقت كل التوقعات في الربع الأول لدرجة أن وارين بافيت، أكبر مستثمر في العالم، اعتبر أن عدم دخول شركته "بيركشاير هاثاوي" في سهم "أمازون" في السابق كان قرارا غبيا، مؤكدا أن الشركة استثمرت أخيرا في "أمازون".

ويتخذ الرئيس التنفيذي لشركة "أوبر" من شركة "أمازون" نموذجا لشركة تكنولوجية استطاعت تنويع مصادر دخلها لتتحول إلى الربحية. وكانت "أوبر" دخلت في أسواق جديدة مثل الـ"لوجستيك" عبر توصيل الطعام ومشاركة الدراجات والسكوتر. كما توسعت أخيراً عبر استحواذها بنحو 3 مليارات دولار على شركة "كريم" التي تستحوذ على أسواق عدة في الشرق الأوسط.

لكن طارق الرفاعي يرى أن هذا الأمر حصل بشكل مشابه في فقاعة الإنترنت قبل 20 عاما، وأن السيناريو يتكرر الآن، مع وجود بعض الصناديق الاستثمارية العالمية والسيادية التي تبالغ في عمليات التقييم مدعومة من بعض البنوك الاستثمارية التي تدير الاكتتابات والإدراجات. 

صناديق عالمية تشتري مسبقا

غير أن عيد الشهري يقدم وجهة نظر أخرى، إذ يرى أن ما يحدث في "أوبر" والشركات التكنولوجية هو أن هناك صناديق استثمارية عالمية وسيادية تشتري في أسهم هذه الشركات الناشئة أثناء قيام هذه الأخيرة بجولات لتجميع الأموال. 

وهذه الصناديق تدخل الجولات بمراحل مبكرة لشراء أسهم هذه الشركات مراهنة على نموها في المستقبل فتحتفظ بالأسهم للمدى الطويل.

 ويضيف الشهري "أن هذا الواقع غيّر من تكتيكات الإدراجات في السنوات الماضية مقارنة مع فقاعة الإنترنت. فقديما كانت الصناديق السيادية والعالمية، ومنها الخليجية، تدخل الشركات عند إدراجها، حيث كان هناك صعوبة في تسويق الشركات الناشئة ونموذج عملها الخاسر إلى هذه الصناديق ومقرها خارج الولايات المتحدة. وكان المؤسسون يلجأون إلى الصناديق والمستثمرين الكبار الأميركيين في الجولات، ثم يبيعون أسهمهم للصناديق العالمية والسيادية عند الإدراج، وهو ما كان يرفع الأسعار بشكل هائل في البورصات كما حدث في فقاعة الإنترنت. وكان حصاد هذه الصناديق العالمية قليلا في السابق لأنها كانت تصل متأخرة إلى السوق، وغالبا يتم التصريف عليها، أما اليوم فقد أصبحت تدخل مبكرا جدا وتحتفظ بالأسهم.

ويعتبر الشهري أن هذا الأمر يضعف الإدراجات في هذه الأيام، إذ لا توجد عمليات بيع كثيفة من المؤسسات الكبيرة والصناديق عند الإدراج، ويتركز التداول بين مجموعات تهتم بالمضاربة، مرجحا أن يكون ذلك ما حدث مع "أوبر" على سبيل المثال.     

قصة "أوبر"

ولشركة "أوبر" قصة مميزة في الأسواق الأميركية، إذ لهذه الشركة هالة خاصة بين الناس، بعدما أسست لاقتصاد جديد يُعرَف اليوم بـ"الاقتصاد التشاركي". وأضافت الشركة ملايين الوظائف في الأسواق الأميركية ثم العالمية، ووفرت ملايين الدورات على مَن كانوا يستخدمون وسائل النقل التقليدية كسيارات الأجرة أو التاكسي، ولديها 90 مليون مستخدم. 

وبدأت فكرة الشركة قبل 10 سنوات عندما وجد مؤسسوها صعوبة في البحث عن تاكسي في يوم مثلج في فرنسا، فلمعت الفكرة في ذهنهم لتأسيس تطبيق يسمح للأشخاص العاديين أن يستخدموا سياراتهم الخاصة في عمليات التوصيل بدل من انتظار التاكسي.      

وابتكر كثيرون أفكاراً بعد ذلك غيّرت قطاعات بذاتها بفضل "الاقتصاد التشاركي" الذي فرضته التكنولوجية الحديثة، حيث ظهرت لاحقاً أفكارٌ تسمح للناس بأن يتشاركوا مع بعضهم البعض ممتلكاتهم مستعينين بالتطبيقات أو المواقع الإلكترونية، كأن يملك شخص ما أصولاً معينة، كسيارة أو منزل، فيشارك شخصاً آخر هذا الأصل لفترةٍ محددة مقابل كلفة أقل من سعر السوق أو الاقتصاد التقليدي.

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد