Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مارك كازنز في كان: السينما لم تمت مع الجائحة

المخرج والناقد والمؤرخ البريطاني يقدم فيلمه الجديد لجيل لم يتعرف إلى ماضي الفن السابع

"قصة الفيلم: جيل جديد" أحدث أعمال المخرج والناقد والمؤرخ البريطاني مارك كازنز (من إيرلندا الشمالية)، شق طريقه إلى مهرجان كان السينمائي أمس الأول ضمن قسم "عروض خاصة". هذا شريط عن فن السينما والإمعان فيه إلى أبعد حد، الفن الأكثر شعبية في العالم الذي توقف طوال أكثر من عام بسبب الجائحة، ويعود إليه كازنز ليرى ماذا تغير فيه. بدأ كازنز مغامرة "قصة فيلم: رحلة" في العام 2011. يومها اقترح عملاً ملحمياً من 15 ساعة عُرض في التلفزيون البريطاني، يعيد قراءة تاريخ السينما وأفلامها البارزة من منظور غير تلك التي اعتدنا عليه، آخذاً في الاعتبار الأقليات ومسألة الجندرية والأسماء المهمشة والأفلام التي يجهلها الجمهور العريض. قراءة مختلفة عن السائد تنتشل من النسيان لحظات سينمائية يعتبرها كازنز ذات شأن كبير في اكتشافه السينمائي. كثر اعتبروا "قصة فيلم: جيل جديد" حينها "رسالة حب إلى السينما"، علماً أنه كان مقتبساً من كتاب وضعه المخرج في العام 2004. واليوم في زمن عودة كان وعودة الجمهور إلى الصالات بعد توقف، يعود كازنز، عاشق السينما الأبدي، في تحديث لعمله الأصلي الذي أشهره في العالم، مسلطاً الضوء على المَشاهد السينمائية الأقوى التي صنعت العقد الماضي، أي من 2010 إلى 2021، وصولاً إلى الجائحة. يعود ليطمئننا: السينما لا تزال حية. 

لائحة مقترحة

بأسلوبه المعتاد الذي يعتمد على التعليق الصوتي لإيصال المعلومة، يقترح كازنز بداية لائحة بالأفلام الحديثة التي دفعت بالسينما إلى الأمام، قاصداً بها أعمال تقدمية أسهمت في تطوير عقليات الناس. في رأيه أن هناك كثيراً من هذه الأفلام مثل "مونلايت" للأميركي باري جنكينز أو "قبر الروعة" للتايلاندي أبيشاتبونغ فيراسيتاكول. من خلال عدد من النماذج يؤكد كازنز أن السينما وسعت آفاقها في السنوات الماضية، وانفتحت على العديد من المواضيع الجديدة، ويعود هذا إلى جهود عدد من السينمائيين الذي أبدوا انفتاحاً أكثر من الأجيال السابقة. 

خلافاً لـ "قصة فيلم: رحلة" إذ كان يتناول الأفلام الكلاسيكية التي مر عليها الزمن وتخمرت في المخيلة الجماعية، يتعامل كازنز هنا مع الحاضر، حاضر لا نملك حياله أي بُعد أو مسافة وهو يعرف ذلك، إلا أن هذا لا يمنعه من طرح نظريات وتحليل الواقع السينمائي الحالي انطلاقاً من قناعاته السياسية ودعمه المطلق للمرأة وميله للعمل على الذاكرة. يقول، على سبيل المثال، إن السينما الحديثة أعطت الأجساد طابعاً جنسياً، وإن "ماد ماكس" هو أفضل فيلم حركة في العقد الماضي. ينكب أيضاً على الجوانب المتعلقة بالشكل في الأفلام. لا ينسى تحليل حركات الكاميرا ومعانيها في الكادر، متحدثاً في بعض الأحيان من قلبه لا من عقله، كما الحال عندما يدعي أن المشاهدين هرعوا إلى الصالات بعد الجائحة. 

الاستماع إلى كازنز وهو يتحدث عن السينما، ماضياً وحاضراً ومستقبلاً، أحد أجمل الأشياء التي يمكن أن يحدث في حياة المهتم بالأفلام، وهناك فصل قليل بين وجوده كإنسان وشغفه بالشاشة. أحدهما يكمل الآخر. يتذكر كازنز عندما كان صبياً في بلفاست، حادثة معينة غيرت حياته إلى الأبد. كان في سن الـ 12 يستعد لمشاهدة فيلم "ذي اكزورسيست" لوليم فردكين، وهو فيلم عن الشيطان. يقول "تربيتُ كاثوليكياً جداً. كان لدينا شريط فيديو للفيلم. عمتي أدخلته في جهاز الفيديو. أخذت المياه المباركة… أتعرف المياه المباركة؟ المياه المباركة في التقليد الكاثوليكي، وراحت ترش جهاز الفيديو بالمياه المباركة. هذا الشيء كان مرعباً جداً: الشيطان كان في الفيلم في نظرها، إذاً باركته.

فقلت في نفسي "إذا السينما بهذه القوة حد أنه عليك مباركتها، فربما كل مرة رأينا فيها فيلماً علينا رش الشاشة بالمياه المباركة. هذه المقاربة للسينما كشيء مقدس كانت جد مهمة في حياتي". 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

السينما والعزلة

يرى كازنز أن الذين يحبون السينما غالباً ما يعانون من وحدة معينة في طفولتهم أو يغردون خارج السرب. يقول "إنهم كالناس الذين يحبون موسيقى ديفيد بووي مثلاً. هناك شيء يشعرك بالبُعد عن الناس، تمضي كثيراً من الوقت في غرفة نومك، والناس الذين يحبون السينما هم غالباً هذا النوع من الأشخاص. السينما تأخذهم من يدهم وتقول لهم دعوني أريكم العالم. هناك نوع من وحدة مرتبطة بالسينيفيلية، وكأن عليك أن "تخرج عن صمتك" كسينيفيلي، كأن هناك شيئاً عليك أن تشعر بالعار بسببه فعليك أن تقول: أشعر بفخر بحبي للسينما. فرنسوا تروفو قال: على الفيلم العظيم أن يقول لنا شيئاً عن الحياة وعن السينما. وأنا أؤمن بهذا نوعاً ما. أشاهد أفلاماً جيدة جداً وواقعية جداً. ربما الشيء الوحيد الذي يفتقر إليه بعض الأفلام هو عدم اهتمامها الكامل بفن السينما أو بشكل السينما في ذاته، لكن أوافق تروفو بأن على السينما أن تحاول قول شيء عن الأفلام وعن الحياة كذلك”.

يعترف كازنز أنه اكتشف إيران قبل أن يذهب إلى إيران، ورأى الهند قبل أن يذهب إلى الهند. هذا كله بفضل الأفلام. يقول إن "السينما بارعة في تصوير أشياء كالمناظر. بارعة في أن تُريك كيف أن الحب يمكن أن يكون مراً وحلواً، لكن أعتقد أن السينما ليست عظيمة في تصوير الحرب مثلاً. نشأتُ خلال الحرب وفي بضع حروب أخرى، وهناك شيء في الحرب يغمرك، تشعر كأنك ستغرق عندما تكون في حرب. والسينما آمنة أكثر مما يلزم لتعطيك شعور الحرب الكاملة. لا تشعر حرفياً أنك في خطر. السينما عظيمة في نقل بعض الانفعالات. لكن أسوأ التجارب في الحياة، لا أعتقد أن السينما عظيمة فيها". 

 خلافاً لما يدعيه بعضهم، السينما في نظر كازنز لا تحتضر، فهي فن شاب، إنها شكل فني حديث مقارنةً بالأوبرا والرواية والفن التشكيلي، ولا تزال في مراهقتها، ولا نزال نكتشف احتمالاتها الكثيرة. على هذه الادعاءات، يملك كازنز جواباً جاهزاً يقوله بكل هدوء، "أولئك الذين يقولون إن السينما تموت أو ماتت هم نقاد ذكور في عمر معين عاشوا الستينيات، وهم يحنون إلى ماضيهم فقط". 

 

 

المزيد من سينما