Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بريطانيا: آلاف طالبي اللجوء في حال عوز لعدم حيازتهم بطاقات المساعدة

حصري: "بعض منهم اضطر إلى التخلي عن وجبات طعام"، ومحامون يستعدون للمضي في إجراءات قانونية ضد التأخيرات الحكومية "غير القانونية"، فيما تطالب مؤسسات خيرية بإجراء تحقيق

بعد مرور خمسة أسابيع دون بطاقة المساعدة النقدية، يجد العديد من طالبي اللجوء في بريطانيا صعوبة في إطعام أسرهم (المصدر: أحد طالبي اللجوء)

بقي آلاف من طالبي اللجوء إلى المملكة المتحدة في مختلف أنحاء البلاد، من دون بطاقات مالية صالحة للاستخدام لأكثر من شهر، نتيجة انقطاع الدعم الحكومي المادي عنهم. ويعود السبب في ذلك إلى نقل فاشل لعقد أجرته وزارة الداخلية البريطانية ما بين شركة وأخرى.

وأكد محامون لصحيفة "اندبندنت" أنهم بصدد اتخاذ إجراءات قانونية، بسبب ما وصفوه بإخفاق حكومي في ضمان حصول أسر على مخصصاتها الأسبوعية، منبهين إلى أن حقوق الإنسان المتعلقة بطالبي اللجوء، تتعرض للانتهاك "بشكل مستمر وفاضح" نتيجةً لذلك.

في المقابل، دعت مؤسسات خيرية إلى فتح تحقيق مستقل في الأسباب التي تقف خلف هذه المشكلة المستمرة، وطالبت وزارة الداخلية البريطانية بتقديم اعتذار لأولئك الأشخاص، الذين تركوا في مواجهة الفقر والعوز.

وكان أكثر من 11 ألف طالب لجوء، لا يحق لهم العمل في بريطانيا، قد توقفوا في الرابع والعشرين من مايو (أيار) الماضي عن الحصول على مدفوعات الإعاشة الأسبوعية، بعد أن تبين أن بطاقات "أسبن" Aspen الجديدة - وهي بطاقات مخصصة لطالبي اللجوء تعينهم على شراء حاجياتهم الأساسية - إما إنها كانت غير مفعلة وصالحة للاستخدام، وإما إنها لم تصل إليهم.

أما السبب في حدوث هذه المشكلة فيعود إلى نقل وزراة الداخلية البريطانية عقد تلزيم بطاقات "أسبن" من شركة إدارة المرافق "سوديكسكو" Sodexo إلى شركة التكنولوجيا المالية "الخدمات المالية مسبقة الدفع"، Prepaid Financial Services، بحيث كان يفترض بطالبي اللجوء أن يحصلوا على بطاقاتهم الجديدة للدفع النقدي، في الرابع والعشرين من مايو (أيار).

إلا أنه بعد نحو خمسة أسابيع، تبين أن آلافاً منهم انقطع عنهم الدعم المالي الذي يحق لهم، وذلك باعتراف وزير الدولة البريطاني للهجرة والمواطنة، كيفن فوستر، الذي أقر في رد على سؤال مكتوب وجهه إليه نواب في البرلمان يوم الجمعة الماضي، بأن 7 في المئة من طالبي اللجوء ليست في حوزتهم بطاقات مفعلة وصالحة للاستخدام.

تجدر الإشارة إلى أن مجموع هؤلاء، استناداً إلى عدد طالبي اللجوء إلى بريطانيا الذين كان يحق لهم الحصول على بطاقات "أسبن" في الربع الأول من السنة 2021 - ووفقاً لأحدث البيانات المتاحة - يبلغ عددهم الآن قرابة 2889 أسرةً من بين مجمل ملتمسي اللجوء.

وزير الهجرة في حكومة الظل المعارضة بامبوس تشارالمبوس، أكد لصحيفة "اندبندنت" أن حزب "العمال" أثار الموضوع مع الوزراء المعنيين، إلا أن هؤلاء "أخفقوا" في اتخاذ أي إجراء. وأضاف، "كان يتعين عليهم أن يتولوا إدارة هذه المسألة على وجه السرعة، وأن يعملوا على معالجة هذه التأخيرات غير المقبولة والخطيرة".

وكانت أسر من طالبي اللجوء، ولا سيما منها أمهات عازبات يقمن بإعالة أطفال وأبناء صغار، قد تحدثت في الأسابيع الأخيرة لصحيفة "اندبندنت"، عن المعاناة التي تعيشها العائلات والنساء بسبب الجوع نتيجة هذا الواقع، واضطرارها في المقابل إلى الاعتماد على جمعيات خيرية لتأمين قوتها الأساسي.

وما زالت امرأة لم ترغب بالكشف عن اسمها، تنتظر الحصول على البطاقة، مشيرةً إلى أنها كانت تجد مصاعب في إطعام أسرتها ورعايتها، إلى درجة أنها اضطرت هي وشريكها أحياناً إلى التخلي عن تناول إحدى وجبات الطعام.

هذه الأم لطفلين تتفاوت أعمارهما ما بين عام وسبعة أعوام، تعيش مع شريكها وولديها منذ شهر مايو في فندق يوفر إقامة بخدمة ذاتية في لندن. ويوضح شريكها البالغ من العمر 32 عاماً لصحيفة "اندبندنت" أن المقاول التابع لوزارة الداخلية المسؤول عن توفير مكان إقامتهم، قام بمنح أسرته 20 جنيهاً استرلينياً (28 دولاراً أميركيا) نقداً - أي ما يوازي 5 جنيهات استرلينية (7 دولارات) للفرد - عن كل يوم تأخير.

لكن مجموع المدفوعات اليومية يبقى أقل مما يفترض أن يتلقاه كل من أفراد الأسرة في الأسبوع بنحو 39.63 جنيهاً استرلينياً (55 دولاراً)، وفي بعض الأحيان لا يمكنهم الحصول على المال إلا في نهاية اليوم. وفي هذا الإطار، لفتت المرأة إلى مشكلة أساسية بالقول: "في بعض الأحيان، عندما نذهب لتلقي الدفعة اليومية في الصباح، يقولون لنا إنها غير متوافرة. عودوا في المساء، لكن ماذا لو لم يكن لدينا طعام على الإطلاق في الصباح! بالتالي يتعين على الأسرة الانتظار حتى المساء للحصول على الغذاء؟".

وتضيف ربة الأسرة، "كنا نضطر في بعض الأوقات، إلى التخلي عن إحدى الوجبات بسبب هذا الأمر، إلا أننا كنا دائماً نحرص على تأمين الغذاء لطفلينا. ففي مثل هذا الوضع، نعمد إلى تخزين فضلات الطعام لتجنب أي نقص. وفي الواقع، إننا نشعر بكثير من الإهانة لاضطرارنا إلى الذهاب كل يوم لطلب المال".

تجدر الإشارة إلى أن المرأة تتلقى دعماً من مؤسسة "ويست لندن ويلكام" West London Welcome الخيرية (مركز مجتمعي يساعد اللاجئين وطالبي اللجوء وغيرهم من السكان المحليين الذين يعيشون في غرب لندن)، وتتوجه كل أسبوع إلى أحد بنوك الطعام المحلية. إلا أنه على الرغم من ذلك، فإن أسرتها ما زالت تعاني مصاعب".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتمضي في شرح بعض التفاصيل اليومية بالقول، "أحياناً لا يكفينا مبلغ الـ20 جنيهاً استرلينياً (28 دولاراً) في اليوم، خصوصاً عندما نحتاج إلى شراء لوازم أساسية أخرى كالأحذية لطفلي على سبيل المثال. وفيما يفترض بالفندق أن يؤمن لنا الحفاضات والمناديل المبللة للطفلين، إلا أننا أحياناً لا نتلقى شيئاً منها، فنضطر إلى شرائها بأنفسنا".

وتضيف، "أحاول التظاهر أمام طفلي بأنني بخير، لكنني لا أقوى على النوم خلال الليل. لا يمكنني الكف عن التفكير في ما يمكنني أن أفعله لتحسين وضعنا المعيشي! لكن في المقابل لا يحق لي أن أعمل. ويبقى السؤال: ماذا لو توقفت الجمعيات الخيرية عن مساعدتنا؟ ماذا سنفعل في هذه الحال؟ قد يكون من الصعب أحياناً عدم الاستسلام للاكتئاب، لكن لديَّ طفلين يتوجب على الاعتناء بهما".

في غضون ذلك، أكدت شركة المحاماة "دانكن لويس سوليسيترز" Duncan Lewis Solicitors لصحيفة "اندبندنت"، أنها بدأت الإعداد لتقديم طعن قانوني أوسع في ما يتعلق بالتأخيرات (في تأمين بطاقات الدفع لطالبي اللجوء).

وأوضحت ليلي باروت المحامية المتدربة في الشركة، أن "عدداً كبيراً من طالبي اللجوء، ما زال يعاني مشكلات تتعلق ببطاقات "أسبن"، حتى بعد مضي أكثر من شهر على تغيير وزارة الداخلية العقد. إنه لأمر مقلق للغاية، ويظهر فشلاً في إدارة نظام فاعل لتلك البطاقات، الأمر الذي تسبب في انتهاك حقوق الإنسان لطالبي اللجوء بشكل مستمر وفظيع".

أما ليلى ويليامز نائبة مدير جمعية "ويست لندن ويلكام" فاعتبرت أن من الخطأ أن يواصل عدد كبير من طالبي اللجوء، الاعتماد على الجمعيات الخيرية، وعلى الإعانات النقدية الطارئة "المتقطعة" من وزارة الداخلية ومقاوليها، "من أجل البقاء على قيد الحياة".

وأضافت، "إننا ندعو إلى فتح تحقيق فوري يتعين أن يكون مستقلاً، في أسباب أزمة بطاقات "أسبن" - وما زلنا ننتظر اعتذاراً رسمياً من وزارة الداخلية لآلاف من طالبي اللجوء إلى بريطانيا، الذين تركتهم شبه معدمين".

في المقابل، رأت إيما بيركس مديرة الحملات في مؤسسة Asylum Matters الخيرية لشؤون اللاجئين أن "مرور شهر كامل على مرحلة انتقال فاشلة لبطاقة "أسبن"، وبقاء آلاف الأشخاص من دون بطاقة صالحة للاستخدام تساعدهم على تأمين قوتهم، هو أمر لا يمكن تصديقه".

وأضافت، "إن الحكومة تمنع فعلاً طالبي اللجوء من العمل، من هنا فإن بطاقة "أسبن" تعد وسيلة حيوية للأسر تساعدها في الحصول على أموال أساسية تتيح لها البقاء على الحياة، بالتالي يتعين على وزارة الداخلية أن تتخذ إجراءات فورية لتصحيح هذا الوضع، والشروع في استخلاص الدروس من فشل قيامها بإجراء عقد آخر".

وفي رد من وزراة الداخلية قال ناطق باسمها، إن "الغالبية العظمى من طالبي اللجوء الذين يتلقون الدعم تمكنوا من تفعيل بطاقات "أسبن" الجديدة قبل افتتاح الخدمة، أو تمكنوا من تفعيلها منذ ذلك الحين". وأشار إلى أنه "في الوقت الذي كنا نعمل فيه على طرح تلك البطاقات، علمنا أن عدداً محدوداً من طالبي اللجوء كانوا ما زالوا يواجهون صعوبات في طريقة تفعيل بطاقاتهم واستخدامها". وأكد أن وزارة الداخلية لم تتوانَ عن تقديم الدعم اللازم لهؤلاء، ليس فقط من خلال توفير الإرشادات المتعلقة بطريقة تفعيل البطاقات، بل أيضاً من خلال منحهم مساعدات نقدية طارئة وتزويدهم بقسائم، إضافة إلى إصدار بطاقات بديلة عند الحاجة".

وخلص إلى القول إن "جمعية (مساعدة المهاجرين) Migrant Help (تقدم الدعم لطالبي اللجوء واللاجئين وضحايا الاتجار بالبشر والعبودية الحديثة) هي مستعدة للرد على استفسارات طالبي اللجوء. ويمكن لأي شخص يواجه مصاعب في هذا الصدد، الاتصال بالخط الساخن المخصص لتقديم المساعدة لهم على مدار الساعة، وطيلة أيام الأسبوع".

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير