Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تفعيل مشاركة المرأة عسكريا في الجزائر يعوض تراجع حضورها السياسي

طالبت منظمات إقليمية على رأسها "حلف شمال الأطلسي" بذلك كأحد الشروط لأي تعاون

تبون مرقياً العقيد صورية عيساوي لرتبة عميد (موقع الإذاعة الجزائرية)

يبدو أن المؤسسة العسكرية في الجزائر تتجه إلى تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص بين الرجال والنساء بعكس ما بات عليه الحال في السياسة، بعدما كشفت نتائج انتخابات البرلمان عن تراجع التمثيل النسوي.

ترقية نسوية متواصلة

وفتحت ترقية الرئيس عبد المجيد تبون، العقيد صورية عيساوي، إلى رتبة عميد، لمناسبة الاحتفالات بالذكرى 59 للاستقلال، أبواب الوجود النسوي في مناصب المسؤولية العليا بمؤسسة الجيش، بخاصة أن الخطوة تأتي بعد أيام من "نكسة" سياسية سبّبها تراجع تمثيل المرأة في البرلمان.
وأشار قائد أركان الجيش، سعيد شنقريحة، الذي حضر مراسم تقليد الرتب، حيث رُقي 11 عميداً لرتبة لواء، إلى أن الترقية مبنية على الكفاءة والمبادرة، وهي تقدير وتثمين لجهودهم في خدمة جيشهم ووطنهم.
وسبق ترقية صورية عيساوي، منح مدير عام مستشفى "عين النعجة" العسكري، فاطمة الزهراء عرجون، رتبة عميد في عام 2009، لتصبح أول امرأة في الجيش الجزائري وفي العالم العربي تصل إلى هذه الرتبة، ثم ترقية فاطمة بودواني، إلى رتبة لواء، في 4 يوليو (تموز) 2017.

تطبيق المبدأ الدستوري

ورأى أستاذ علم الاجتماع السياسي، مصطفى راجعي، أن "ترقية النساء إلى مناصب قيادية عسكرية عليا هو إجراء معتاد كل سنة، وليست رتبة جنرال هي المنصب القيادي الوحيد، فهناك عدة مناصب قيادية عليا ووسطى يتم ترقية مئات أو آلاف النساء إليها". وقال إن "هذه الترقية النسوية، تطبيق لمبدأ دستوري ينص على المساواة بين المواطنين وحقهم في الترقية بغض النظر عن الجنس"، مضيفاً أن "الإجراء أصبح تقليداً سنوياً". وختم قائلاً إنه "إذا ركزنا على أعلى المناصب نلاحظ العدد القليل للعنصر النسوي، أما على مستوى الإدارة الوسطى أو الدنيا، فالعدد مرتفع وفي منحى تصاعدي".

سياسة تكافؤ الفرص

ومكنت سياسة تكافؤ الفرص الجيش الجزائري من تقديم نفسه كجيش تقدمي وعادل ومفتوح أمام جميع أفراد المجتمع، وأُحرز تقدم كبير في تجنيد المرأة، إذ يتم قبول النساء في كل فروع القوات المسلحة، كما باتت توجد على مستوى مختلف الرتب بنسب متفاوتة، غير أنه لا يزال ثمة فجوة تتقلص من سنة إلى أخرى.

وسُمح للمرأة الالتحاق بصفوف الجيش الجزائري كضابط وضابط صف، في 5 يناير (كانون الثاني) 1978، في أعقاب مرسوم أصدره الرئيس الراحل هواري بومدين، حين تم استبعادها من فئة المجندين، بحكم خصوصيتها وطبيعتها، وعدم ملاءمتها لهذا النوع من العمل.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


انفتاح المؤسسة العسكرية

من جانبه، اعتبر الإعلامي الجزائري، محمد لهوازي، أن "حضور العنصر النسوي في المؤسسة العسكرية يعود إلى عدة عقود من الزمن وليس وليد الفترة الحالية، إذ فتحت المؤسسة أبوابها لتجنيد المرأة في مختلف الأسلحة والهياكل التابعة لها". وقال إن "وصول المرأة إلى مناصب عليا هو تتويج لمسار مهني داخل المؤسسة العسكرية بعد سنوات من الخدمة، إذ يتم التدرج في الرتب والمهمات سواء تعلق الأمر بضباط الصف أو الضباط الكبار الذين يتم اختيارهم وفق معايير محددة تراعي العنصر النسوي".
"ما يمكن الإشارة إليه هو أن الجزائر تُعد نموذجاً في ما يتعلق بدمج المرأة في مؤسسات الدولة ومناصب المسؤولية في الجيش"، بحسب لهوازي، الذي رأى في قرار الترقية بحد ذاته "مؤشراً إلى حجم الانفتاح لدى المؤسسة العسكرية والمؤسسات الأمنية الأخرى". وأوضح أن "فتح المجال أمام المرأة لولوج المؤسسة العسكرية، كان أيضاً بسبب مطالب تقدمت بها منظمات عسكرية إقليمية على رأسها حلف شمال الأطلسي بداية الألفية الحالية، كأحد الشروط لأي تعاون في أي مجال، وهو ما سرّع بروز قيادات عسكرية نسوية". وختم أنه "ليس غريباً أن تشهد السنوات المقبلة ترقية مزيد من النساء في مناصب عسكرية عليا، في ظل الفرص التي تحظى بها المرأة في الدول الغربية والتي تصل إلى حد تولي منصب وزارة الدفاع".

تطور

وكانت قيادة الجيش الجزائري قررت في مايو (أيار) 2001 توسيع المجالات التي يمكن أن تنضم إليها المرأة، وشملت الإدارة، والخدمات الاجتماعية، والصحة، والمالية، إضافةً إلى الأبحاث، والتنمية، والتصنيع العسكري، والصيانة، والتعليم، ليتطور الأمر في فبراير (شباط) 2006، عبر مرسوم يضع المرأة في مكانة متساوية مع الرجل للمرة الأولى، ليصبح وجودها في الجيش أكبر من ذي قبل، ويتصاعد أكثر 30 مرة مما كان عليه في عام 1978.

التطور المجتمعي

في السياق، صرح الكاتب الصحافي، مهدي براشد، أن "ترقية المرأة في مؤسسة الجيش إلى رتبة عميد، مسألة تدخل في إطار التطور الطبيعي الذي تعرفه هذه المؤسسة، التي أصبحت تضم نسبة لا بأس بها من العنصر النسوي". وقال إنه "ربما وجود امرأتين فقط في رتبة جنرال أمر يسير جداً مقارنة بعدد النساء الموجودات في الجيش"، لافتاً في الوقت نفسه إلى أن "الأرقام تشير إلى أن حضور المرأة في مؤسسة الجيش وارتقاءها إلى المناصب يُعد نتيجة طبيعية للتحول الذي يشهده المجتمع ككل".
إلا أن براشد أشار إلى "مشكلة استمرار سيطرة العقلية الذكورية على مفاهيم المجتمع بعيداً من واقع الأشياء. عقلية تعتقد أن الذكورة وحدها كفيلة بأن تكون عاملاً لحياة الرجل، فيما كان الواقع يتطور والمرأة تخلصت من خوف العنوسة وتدرجت علمياً وفي المناصب. وربما هذه العقلية الذكورية هي التي جعلت نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة غير منصفة للمرأة".

المزيد من العالم العربي