Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قضية هانكوك تسلط الضوء على المستشارين الحكوميين ممن لا يتقاضون أجرا

يستطيع أعضاء المجالس في وزارات الدولة أن يؤدوا دوراً مهماً على صعيد العمل، لكن يبدو أن كثيرين منهم في الوقت الحالي يؤدون وظائف شخصية أو حميمية، كما يقول شون أوغرايدي

مات هانكوك يسلم ميكروفوناً لمساعدته جينا كولادانجيلو خارج مبنى "برودكاستنغ هاوس" مقر بي بي سي (رويترز)

لو اعتبرنا جدلاً أن للأحداث المعروفة باسم "فضيحة هانكوك" فائدة واحدة لكانت هذه تتمثل في تسليط الضوء على المجالس المختلفة، التي من المفترض أنها تتولى الإشراف على عمل الوزارات وتسعى لتحدي الوزراء. يقدم بعض هؤلاء المستشارين من دون شك النصائح الذكية التي تدل على بعد نظر، ويساعدون على توفير الرؤية المناسبة لمعاينة الأمور بطرق فعالة، كما يوجهون النقد الصارم للأداء وهو ما يحتاج إليه الوزراء حاجة حقيقية.

لكن حين وجد مات هانكوك أن من المناسب تعيين جينا كولادانجيلو عضواً مستقلاً (غير تنفيذي) في مجلس وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية، وأن يخصص لها راتباً لقاء هذا العمل، فقد جعل هذه المجالس الاستشارية برمتها موضع تساؤل وشك. وإذ تقول الحكومة إن تعيين كولادانجيلو تم وفق الإجراءات الصحيحة المتبعة، فإن ذلك يحمل المرء على التساؤل كم كانت عملية التوظيف صارمة في حالة هذه السيدة. 

والحق أنه يصعب على المرء أن يدرك بسرعة ما المعرفة الواسعة والخبرات التي تتمتع بها كولادانجيلو حتى يكون وجودها ضمن المجلس مفيداً، بصرف النظر عن صداقتها القديمة مع هانكوك وولعها الحالي به، وهي في نهاية المطاف إنسانة لها مشاعرها. 

ولقد استقالت الآن من هذا المنصب وضحت براتب يبلغ 15 ألف جنيه استرليني (20721 دولارا) كانت تتقاضاه لقاء ما يتراوح بين 15 و20 يوم عمل في السنة كلها. 

من الواضح أن المجالس الاستشارية للوزارات من هذا النوع وما تضمه من أعضاء غير تنفيذيين (مستشارين مستقلين) مستلهمة من المجالس التي تقيمها الشركات الكبرى، كأن وزارات الدولة التي يتمتع بعضها بميزانيات ضخمة وعدد كبير من كوادر العمل تستحق أن تُقارن بهذه الشركات.  

إلا أن العديد من أعضاء المجالس الاستشارية غير التنفيذيين هؤلاء هم من أنصار الـ"بريكست"، أو أعضاء حزب المحافظين، أو ربما ممن تربطهم صلات معينة بهذا الحزب. ويكون هؤلاء أحياناً على علاقة وثيقة بالوزير نفسه الذي يفترض بهم أن "يعترضوا" على قراراته ويصوبوها، كما هي الحال مع السيدة كولادانجيلو، أو أعضاء حملة التصويت للخروج من الاتحاد الأوروبي العتيقة، ممن لم يتمتعوا بخبرة مباشرة في عمل الدوائر الحكومية ذات العلاقة. وعلى سبيل المثال، يبدو أن هناك عدداً قليلاً من النقابيين ومن العاملين في قطاع الجمعيات الخيرية أو الذين يشتغلون في المؤسسات المعنية بالبحوث، هذا إن كانت هذه المجالس تضم أياً من هؤلاء الأشخاص على الإطلاق. ويمكن لهذه الوظائف في ظل حكومة المحافظين أن تبدو كأنها تُمنح حصراً من قبل الوزراء وكبار المسؤولين في الحزب الحاكم لأصدقائهم ورفاقهم فقط. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

دعونا مثلاً نتأمل المجلس الاستشاري المشرف على عمل وزارة شؤون مجلس الوزراء وعلى رأسها مايكل غوف، ;الذي تعتبر البارونة جيزيلا ستيورات كبيرة "الأعضاء غير التنفيذيين" فيه. وكانت ستيورات، وهي عضو سابق في مجلس العموم عن حزب العمال، قد قدمت خدمة جُلى لبوريس جونسون وغوف في الحملة التي انطلقت بقيادتهما لترجيح كفة الخروج من الاتحاد الأوروبي في استفتاء عام 2016 . شغلت منصب وزيرة دولة في وزارة الصحة لسنتين في عهد رئيس الوزراء الأسبق توني بلير، كما انضمت إلى لجنة الاستخبارات والأمن التابعة لمجلس العموم بين عامي 2015 و2017، وكانت الرئيسة المشاركة لحملة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وتعمل رئيسة لمجلس إدارة "ويلتون بارك" وهو عبارة عن وكالة تنفيذية تشتمل على مقر حصري لعقد الاجتماعات والحوارات تابع لوزارة الخارجية البريطانية. واللافت أن ستيوارت تزود حالياً الوزارة المسؤولة عن تنفيذ عملية الـ"بريكست" التوجيه والدعم الاستراتيجيين والتحدي لعمل الوزارة.

ولا يختلف هنري دي زويت، وهو "رائد أعمال تكنولوجية" ومستشار سابق للوزير غوف، كثيراً عن البارونة ستيورات. كما تشبههما البارونة فين، واسمها الكامل سيمون فين، والمولودة باسم كوبيس، خليلة غوف سابقاً أيام دراستهما في جامعة أكسفورد. والبارونة فين عضو حالياً في مجلس اللوردات عن حزب المحافظين، وحاولت من دون جدوى الفوز بترشيح الحزب للمنافسة على مقعد دائرة كينزينغتون وتشيلسي الانتخابية في مجلس العموم، وأيضاً بترشيحها لمنصب عمدة لندن. وتشغل البارونة فين الآن منصب نائب مدير مكتب رئاسة الحكومة في "10 داونينغ ستريت"، ويقال إنها "صديقة كاري" سيموندز زوجة رئيس الوزراء. وكانت البارونة فين مستشارة للحكومة بين عامي 2010 و2016، وهي ما زالت تعمل في الحقل الاستشاري. ويمكن القول إن البارونة فين تشرف من موقعها الحالي كعضو في مجلس وزارة شؤون مجلس الوزراء، على عملها هي وعمل صديقها السابق، ما يمثل تحدياً كبيراً في حد ذاته. وهناك أعضاء آخرون في المجلس الاستشاري نفسه إلى جانب البارونة فين بينهم اللورد هوغان -هاو، وهو مفوض شرطة لندن سابقاً، الذي تجدر الإشارة إلى أنه صوّت لصالح خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، حتى لا يظن أحد أن شخصاً يخالف الحكومة الرأي قد وصل إلى هذا المنصب.

وفي المجالس الحكومية الأخرى أعضاء يلفتون النظر لوجودهم فيها. من هؤلاء دوغلاس كارسويل، وهو نائب محافظ سابق، ونائب سابق عن "حزب استقلال المملكة المتحدة"، كما أنه من ناشطي حملة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سابقاً أيضاً، وهو عضو في مجلس وزارة التجارة الدولية، مع أنه غير معروف بالخبرة في تصدير أي شيء ما خلا آراءه السياسية. هكذا يحتل كارسويل مقعداً بين أعضاء المجلس المخول مراقبة عمل ليز تروس، وزيرة التجارة الدولية، إلى جانب دومينيك جونسون، الذي لا تربطه صلة قرابة برئيس الوزراء. الجدير بالذكر أن جونسون يدير أيضاً شركة استثمارية تحمل اسم "إدارة رأسمال سومرست"، التي أسسها مع جاكوب ريس -موغ، وزير شؤون مجلس العموم الذي كان له دور مهم في تحقيق الـ"بريكست" يحظى بالتقدير الكبير. وجونسون هو عضو سابق في مجلس بلدي عن حزب المحافظين، كما قدم تبرعات مالية لحملات بعض نواب الحزب الانتخابية. وقد أعار دارته في حي تشيلسي الفاخر في لندن إلى رئيس الوزراء السابق ديفيد كاميرون، بعد خسارته استفتاء الـ"بريكست" عام 2016، واضطراره إلى تقديم استقالته. وكانت تلك بادرة كريمة للغاية في تلك الظروف.

ولا ننسى نيكولاس تيموثي، الذي كان مدير مكتب تيريزا ماي، رئيسة الوزراء السابقة، وعمل بعد ذلك كاتب عمود في صحيفة "دايلي تليغراف". فقد اختير عضواً في مجلس وزارة التعليم، ليراقب أداء غافين وليامسون. وإنصافاً للوزير وليامسون، لا بد من الإشارة إلى أنه ليس من المولعين بماي أو بمن عملوا معها عن كثب.

وهناك جوناثان هيل، عضو مجلس اللوردات عن حزب المحافظين، الذي التحق بالمجلس الاستشاري الخاص بوزارة المالية. وهذا من أصحاب الخبرة الواسعة في عمل جماعات الضغط، وهو مستشار خاص لحزب المحافظين، كما أنه زعيم كتلة المحافظين في مجلس اللوردات. غير أن ما يميزه قليلاً عن هذه الحكومة والغالبية الساحقة من مستشاريها، هو أنه اشتغل سابقاً مفوضاً أوروبياً لشؤون المصارف. ومن يدري، ربما كان يمسح الأرض بريشي سوناك، وزير المالية، مرة في الشهر، وربما لا يفعل ذلك.

يمكن لدور العضو المستقل غير التنفيذي لمجلس وزارة ما أن يكون مفيداً ذا قيمة حقيقية حين يقوم به شخص كفء ومناسب بعد تخويله صلاحيات مناسبة، كما هي الحال تماماً في أي مجلس إدارة شركة. لكن يجب أن يبقى هذا العضو بعيداً عن السياسيين المسؤولين عن تسيير أمور الوزارة المعنية بدوام كامل. كما يُستحسن الإعلان بصراحة عن وجود أي علاقة رومانسية حالية أو سابقة بين عضو المجلس الاستشاري والوزير أو أحد كبار المسؤولين في الوزارة. 

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل