Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الجيش الجزائري يتوعد متعطشي السلطة في ليبيا... فهل المقصود حفتر؟

السياسيون العقلاء يدركون جيداً أن الأوضاع معقدة وحوض المتوسط لا يحتمل مزيداً من الأزمات

قائد أركان الجيش الجزائري يوجه رسائل واضحة وصريحة للداخل والخارج (الإذاعة الجزائرية)

عاد التوتر ليطبع خط "الجزائر - حفتر"، لكن هذه المرة تحولت الإشارات إلى تلميحات باستعمال القوة، بعد أن خرج قائد أركان الجيش الجزائري، سعيد شنقريحة بتصريحات تتوعد من وصفهم بـ "المتعطشين للسلطة".

قائد الأركان يحذر ويتوعد

وشدد شنقريحة على أن الجزائر "لا ولن تقبل أي تهديد أو وعيد، من أي طرف كان، كما أنها لن ترضخ لأية جهة مهما كانت قوتها"، موجهاً تحذيرات إلى هذه الأطراف، وإلى كل من تسوّل له نفسه المريضة والمتعطشة للسلطة، من مغبة المساس بسمعة وأمن الجزائر وسلامتها الترابية، وتوعد مضيفاً، "ليعلم هؤلاء أن الرد سيكون قاسياً وحاسماً، وأن الجزائر القوية بجيشها الباسل، وشعبها الثائر المكافح عبر العصور، والراسخة بتاريخها المجيد، هي أشرف من أن ينال منها بعض المعتوهين والمتهورين".

وأكد قائد الأركان أن الجيش مطالب أكثر من أي وقت مضى، بمضاعفة الإصرار والعزم على بذل المزيد من الجهود، بخاصة في ظل الظروف الأمنية غير المستقرة التي تعرفها منطقتنا الإقليمية، في سبيل تحقيق أعلى درجات الجاهزية العملياتية للوحدات المنتشرة في إقليم الاختصاص، وأداء المهام الموكلة على أكمل وجه، و"يشمل ذلك ما تعلّق بمواصلة نهج استباق التهديدات القادمة من محيطنا المباشر، أو في إطار التعزيز والتكييف المستمر للتشكيلات العملياتية المكلفة بحماية ومراقبة حدودنا المديدة، وإحباط عمليات تسريب السلاح وتسلل الإرهابيين، ومحاربة كل أشكال التهريب الذي ينخر الاقتصاد الوطني، فضلاً عن مكافحة الجريمة المنظمة والهجرة السرية"، بخاصة أن الوضع الأمني الهش والمزمن، تفاقم أكثر فأكثر بسبب التنافس الدولي على النفوذ، والتدخلات العسكرية الخارجية عن المنطقة.

وأشار شنقريحة إلى أن الجزائر "سعت وما زالت تسعى، انطلاقاً من مكانتها كدولة محورية في المنطقة، إلى دعم كل المبادرات الدولية، الرامية إلى إعادة الأمن والاستقرار إلى دول الجوار".

تصريحات وتوتر؟

وطغت تصريحات قائد أركان الجيش الجزائري على مختلف النقاشات الإعلامية سواء على مستوى القنوات الفضائية أو المواقع الإلكترونية ووسائط التواصل الاجتماعي، بسبب أنها تأتي على إثر إقدام اللواء خليفة حفتر، قائد الجيش الليبي، على إغلاق الحدود مع الجزائر وإعلانها منطقة عسكرية، رداً على الرئيس عبد المجيد تبون، الذي كشف في حوار، عن دور بلاده في منع سقوط العاصمة الليبية طرابلس عام 2019.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأثارت تصريحات الرئيس تبون، غضب الشرق الليبي، إذ خرج الناطق باسم الجيش أحمد المسماري عن صمته، وقال إن "الجزائر لديها مصالحة شاملة مع الإخوان المسلمين ومع الجماعات المتطرفة، وهي تقع تحت تأثير التنظيمات التكفيرية التي قامت بالعشرية السوداء"، مضيفاً أن "الرئيس تبون قال الحقيقة التي كنا نخفيها من فترة طويلة"، وتابع، "نعلم نواياهم، ونعلم توجههم، ونعلم أن التنظيمات التكفيرية هي واحدة، ولديها قيادة واحدة، سواء في ليبيا أو الجزائر أو في أي مكان".

واستمر التوتر ليبلغ حدّ الإعلان عن إطلاق الجيش الليبي عملية عسكرية في الجنوب لملاحقة "الإرهابيين التكفيريين"، وأشارت القيادة العسكرية بقيادة حفتر، في بيان، إلى أن "وحدات من كتائب المشاة تنقلت لدعم غرفة عمليات تحرير الجنوب الغربي".

حوض المتوسط لا يحتمل مزيداً من الأزمات

وقال أستاذ العلاقات الدولية والمهتم بالشأن الأفريقي عبد الوهاب حفيان إن التصريح جاء في سياق تجاذبات كبيرة بين أطراف الصراع الليبي، وكترجمة مباشرة لتحرك الجهات المتناحرة في ليبيا وخارجها، للرد على التصريح الذي أدلى به الرئيس تبون، بأن طرابلس خط أحمر، وأن الجزائر كانت على استعداد للتدخل بشكل أو بآخر، وأن الرسالة وصلت أصحابها، مضيفاً أن الوضع ذاته أفرز فزاعة حفتر، لجسّ النبض واختبار رد فعل الجزائر، مضيفاً أن التقارب الجزائري الليبي بخاصة في مشاريع استراتيجية كالكهرباء والتجارة أصبح يقلق البعض كفرنسا تحديداً.

وتابع حفيان أن من المبكيات المضحكات أن ميليشيات حفتر نفسها لا تسيطر على تلك المنطقة التي تقع تحت سيطرة قبائل "الطوارق" و"التبو"، وعليه، فإن خطوة اللواء الليبي المتقاعد لا تعدو أن تكون عملاً استفزازياً، وقال، "لا أعتقد أن تخطو الأمور منحى تصاعدياً لأن الجميع يدركون حجمه، وتحديداً حفتر"، مضيفاً أن السياسيين العقلاء يدركون جيداً أن الأوضاع معقدة، وأن حوض المتوسط تحديداً لا يحتمل مزيداً من التوتر والأزمات.

رسالة للمشوّشين

من جانبه، رأى الكاتب الصحافي المهتم بالشؤون السياسية والدبلوماسية الطاهر سهايلية، أن هناك أطرافاً تريد التشويش على الدور الذي ستقوم به الجزائر، بخاصة بعد ترشيحها، وطلب حكومة الدبيبة خلال زيارته الجزائر، قيادة مسار المصالحة الوطنية نظراً لخبرتها وتجاربها في هذا المجال، كما أن الليبيين يعولون كثيراً على الجزائر وما لها من وزن ومكانة على المستويين الإقليمي والأفريقي والدولي، لا سيما أنها تلقى قبولاً لدى الأطراف الليبية كافة في الداخل، موضحاً أن إصرار الجزائر على حل الأزمة الليبية وفق المقاربة التي اقترحتها، ناهيك عن انضباطها من ناحية الموقف منذ أن سلك هذا البلد منعرجاً خطيراً، أزعج طرفاً من الأطراف التي تدعم أو تقف وراء خليفة حفتر، والتي تسعى في كل مرة للمرور إلى منطقة التسلل لاختبار أو جسّ نبض الجزائر، من خلال خلق خلاف تارة عبر الإعلام، وتارة أخرى عبر استفزازات عسكرية على الحدود بغية استهداف المؤسسة العسكرية.

قوات حفتر تشرف على تأمين الحدود

في المقابل، اعتبرت الناشطة السياسية والإعلامية الليبية، عفاف الفرجاني، المقيمة في مصر، أن التصريح بإغلاق الحدود صدر عن الجانب الجزائري وليس الدولة الليبية، أما الجانب الليبي ممثلاً في القيادة العسكرية بالمنطقة الشرقية، فهو يؤمن الحدود مع الجزائر بشكل كامل، على خلفية تهديدات إرهابية بلغت مسامع الجهات الأمنية الليبية، تفيد بمحاولات "داعشية" الهجوم على المنطقة الحدودية بين الجزائر وليبيا، مشيرة إلى أن الجزائر هي العمق الاستراتيجي لليبيا التي بدورها تعتبر العمق الاستراتيجي للجزائر، وعليه، فإن خطوة تأمين الحدود والحركة بين البلدين إنما تدخل في سياق أمن واستقرار المنطقة والشعبين، وشددت على أن اللواء خليفة حفتر لم يصرح بإغلاق الحدود وإعلان المنطقة عسكرية.

أضافت الفرجاني أن بيان القوات المسلحة بقيادة اللواء خليفة حفتر، يؤكد تواجد وحداتها العسكرية على الحدود مع الجزائر، لكن الهدف تأمين البلاد من فلول الجماعات الإرهابية الفارة من ملاحقة القوات الجزائرية، وأنه تم إغلاق المنطقة لحين تأمينها بالشكل المطلوب، موضحة أن تصريحات قائد أركان الجيش الجزائري تخضع لسياسة بلاده إزاء ليبيا منذ حكم "الوفاق".

المزيد من تحقيقات ومطولات