Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

دراسة أميركية تظهر حذف بيانات تتعلق بـ"التسلسل الجيني" لكورونا

الكشف قد يكون قطعة أحجية في لغز كبير لكن علماء يقللون من أهميته

معهد ووهان يحاط بحماية أمنية مكثفة (أ ب)

كشفت دراسة أميركية حديثة أن بيانات تتعلق بأصول فيروس كورونا الذي أسفر عن مقتل حوالى 4 ملايين شخص حول العالم، حُذفت من قاعدة بيانات أميركية بناء على طلب من باحثين صينيين، الأمر الذي يثير الريبة ويعزز شكوك أصحاب نظرية تسرب الفيروس من مختبر. 

وأكد بيان صادر عن المعاهد الوطنية الأميركية للصحة، مساء الأربعاء، حذف بيانات التسلسلات الجينية لحالات (كوفيد-19) المبكرة من قاعدة بيانات علمية رئيسة، بعد تلقيها طلباً من باحث صيني كان قد قدمها قبل 3 أشهر، حيث دخلت أرشيف المعهد في مارس (آذار) 2020، مما أثار مخاوف من أن العلماء الذين يدرسون أصل الوباء قد يفتقرون إلى الوصول إلى أجزاء أساسية من المعلومات. 

وبحسب صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، فإن المعاهد الوطنية للصحة أوضحت في بيانها أن مقدمي البيانات لهم الحق في بياناتهم ويمكنهم طلب سحبها. 

تسلسلات مبكرة

وأُشير إلى حذف بيانات التسلسل في ورقة بحثية حديثة نشرها عالم الفيروسات في مركز "فريد هتشنسون" لأبحاث السرطان في سياتل، جيسي بلوم، على الإنترنت، الثلاثاء الماضي. تقول الورقة، التي لم تُراجع من قبل الأقران، إن البيانات المفقودة تشمل تسلسلات من عينات الفيروس التي جُمعت في مدينة ووهان الصينية في يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط) 2020 من المرضى في المستشفى أو المشتبه بإصابتهم بالفيروس.

ومع ذلك أشار بلوم إلى أن بعض المعلومات المحذوفة لا تزال متاحة في ورقة نُشرت في مجلة متخصصة ضمن دراسة بقيادة مينغ وانغ من مستشفى رينمين بجامعة ووهان، والتي نُشرت أولاً في مارس 2020 في شبكة البيانات العلمية "بيو أركيف"، ثم نشرتها مجلة "سمول" في يونيو (حزيران) 2020. لكن عادة ما يبحث العلماء عن التسلسلات الجينية في قواعد البيانات الرئيسة مثل تلك التي تحتفظ بها المعاهد الوطنية للصحة. وقال الباحث الأميركي، إنه تمكن من العثور على البيانات المحذوفة بعد البحث عنها في مكان آخر عبر الإنترنت.

ويجادل بلوم بأن التسلسلات تدعم أدلة أخرى على أن الوباء لم ينشأ في سوق هوانان للمأكولات البحرية في ووهان، حيث قال مسؤولو الصحة في الصين، في ديسمبر (كانون الأول) 2019، إن الفيروس تفشى من خلال السوق، ولكن بعد شهر، أصبح من الواضح أن العديد من الحالات التي أصيبت مبكراً ليس لها صلة بالموقع.

وتسلط الورقة البحثية الضوء على 3 طفرات لفيروس كورونا جُمعت من مرضى مرتبطين بالسوق، ليسوا في التسلسل المكتشف لفيروس كورونا المستجد أو السلالات القريبة جداً منه. وتذكر أن تسلسل فيروس كورونا في الخفافيش الذي عُثر عليه عام 2013 يختلف عن تسلسل فيروس كورونا المستجد بنحو 1100 نيوكليوتيد، مما يعني أنه من المفترض مرور عقود قبل أن يتطور إلى فيروس كورونا الوبائي الحالي، وأن عدة أنواع من الحيوانات ربما تكون قد أصيبت بفيروس الخفافيش قبل أن يتنقل الفيروس إلى البشر. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

قطعة أحجية في لغز كبير

وتقول مجلة "ساينس" العلمية، إن كشف بلوم عن طلب الباحثين الصينيين بحذف البيانات، يكثف الجدل حول ما إذا كان الفيروس قد انتقل في الأصل إلى البشر من حيوان غير معروف أو تسرب بطريقة ما من المختبر. 

ويؤكد بلوم أنه ليس لديه أي تحيز تجاه فرضية أصل الفيروس، ويوافق على أن التسلسلات الفيروسية التي أبرزها ما هي إلا جزء صغير من لغز كبير غير مكتمل. ويقول: "لا أعتقد أن هذا يدعم نظرية المختبر أو فرضية الأمراض الحيوانية المنشأ.. أعتقد أنه يقدم دليلاً إضافياً على أن هذا الفيروس ربما كان ينتشر في ووهان قبل ديسمبر، بالتأكيد، ومن المحتمل أن أننا ليس لدينا صورة كاملة لتسلسل الفيروسات المبكرة".

دراسة بلوم، التي تتعلق بالتطور الفيروسي، تأتي بعد تقرير مثير للجدل حول أصل الوباء صدر في مارس الماضي من قبل لجنة مشتركة من الباحثين الصينيين والأجانب برعاية منظمة الصحة العالمية، تستبعد أن يكون الفيروس قد نشأ وتسرب من مختبر ووهان. وكان بلوم، واحداً من 18 عالماً، وقعوا على خطاب ينتقد تقرير منظمة الصحة العالمية لاستبعاده احتمال تسربه من المختبر، ودافع العلماء عن "خطاب نزيه قائم على العلم حول هذه القضية الصعبة والمهمة".

ويقول بلوم، إن تحقيقاته منذ ذلك الحين قادته إلى تلك الدراسة الخاصة بالباحثين الصينيين التي أدرجت جميع تسلسلات الفيروس المستجد المقدمة قبل 31 مارس 2020، إلى "أرشيف قراءه التسلسل" (SRA)، وهى قاعدة بيانات يشرف عليها المركز الوطني لمعلومات التكنولوجيا الحيوية، وهو أيضاً قسم تابع للمعاهد الوطنية الأميركية للصحة. لكنه عندما قام بفحص أحد المشاريع المدرجة في الأرشيف، والمتعلقة بالفيروس، لم يعثر على التسلسل. ويؤكد أنه اتصل بالباحثين الصينيين ليسألهم عن سبب حذف البيانات لكنه لم يتلق أي إجابة، كما ذكرت مجلة "ساينس" أنها لم تتلق أي رد بعد إرسال بريد إلكتروني. 

انتقادات للدراسة

وتقول مجلة "ساينس"، إنه بالنسبة لبعض العلماء، تعزز الادعاءات الشكوك بأن الصين لديها ما تخفيه حول أصول الوباء. ويقول باحثون منتقدون، إن دراسة بلوم الاستقصائية كثيرة اللغط حول لا شيء، لأن العلماء في الصين نشروا لاحقاً المعلومات الفيروسية بشكل مختلف، والتسلسلات المستعادة تضيف القليل إلى ما هو معروف عن أصول الفيروس الذي يعرف علمياً باسم SARS-CoV-2.

وينقسم الباحثون بشكل حاد حول قيمة التسلسلات التي ذكرها بلوم في دراسته. ونقلت "ساينس" عن عالم الأحياء الدقيقة في كلية "ميلمان" للصحة العامة بجامعة كولومبيا، إيان ليبكين، قوله "هذا نهج مبتكر وصارم للتحقيق في مصدر فيروس كورونا المستجد.. نقطتا الأهمية تكمنان في أن الفيروس كان ينتشر قبل تفشي المرض المرتبط بسوق المأكولات البحرية في ووهان، وأنه ربما كانت هناك حملة قمع نشطة للبيانات الوبائية المتسلسلة اللازمة لتتبع أصل الفيروس".

كما يعتقد سودهير كومار، الباحث في علوم الجينوم لدى جامعة "تمبل" والذي نشر تحليلاً حول التسلسلات الأولى للفيروس، أن إمكانية أن يجد الباحثون بيانات "جديدة" في أوراق بحثية على الشبكة العنكبوتية، بعيداً عن قواعد البيانات الرئيسة، يعد تقدماً مثيراً، بخاصة أن العديد من الناس يشعرون بأن هناك كثيراً من البيانات الصينية التي لا يمكنهم الوصول إليها. 

ويختلف آخرون مع هذا الطرح، ويقول عالم الفيروسات التطوري بجامعة يوتا، ستيفن غولدشتاين إن "بلوم يعيد إبراز المعلومات الموجودة على الإنترنت منذ أكثر من عام ويدعي أنها تثبت التستر (على منشأ الفيروس). أنا لا أفهم (منطقه)".

ويشير عالم الأحياء التطوري بجامعة إدنبرة، أندرو رامباوت، إلى أن الباحثين الصينيين قدموا ورقتهم البحثية قبل أن يطلبوا من الأرشيف حذف بيانات تسلسل الفيروس. ويضيف أن "فكرة أن المجموعة كانت تحاول إخفاء شيء ما هي فكرة هزلية.. إذا كانوا يغطون شيئاً ما، فكان بالأولى عدم تقديم الورقة"، مضيفاً أن بلوم لا يعرف الأسباب التي دفعت بمؤلفي البحث إلى طلب حذف بياناتهم

لكن يعترف بلوم أن الدخول في النقاش المثير للانقسام حول أصل فيروس له ثمن. ويقول: "كثير من الناس لديهم أجندات ومفاهيم مسبقة حول هذا الموضوع بأنه إذا فتحت فمك حول هذا الموضوع، فسيأخذ أي شخص آخر ما قلته لدعم أو رفض رواية معينة". وأضاف "لذا فإن الاختيارات هي إما عدم قول أي شيء على الإطلاق، والذي لا أعتقد أنه من المفيد أو المنتج، أو مجرد محاولة استخلاص النتائج التي يمكنك بحثها وجعلها شفافة قدر الإمكان. بغض النظر عن عدد الأشخاص الذين يحبون (دراستي الجديدة) أو لا يحبونها، أو يتفقون مع التفسير أو لا يتفقون على التفسير، يمكنهم على الأقل قراءتها وتكرارها بأنفسهم".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير