Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تصريحات مبعوث واشنطن لليمن حول "أحقية الحوثي" تثير جدلا

مصدر في واشنطن أكد عدم دقة جملة ليندركينغ المترجمة... وهكذا فسّرها

ليندركينغ متحدثاً عبر الفيديو خلال مؤتمر صحافي في وزارة الخارجية بواشنطن (أ ف ب)

بعدما أثار المبعوث الأميركي الخاص إلى اليمن، تيم ليندركينغ، مساء الخميس 24 يونيو (حزيران) الحالي، حفيظة أطراف يمنية بالقول وفق وكالة "رويترز"، إن "واشنطن تعترف بحركة الحوثي طرفاً شرعياً في اليمن"، أكد مصدر دبلوماسي في السفارة اليمنية بواشنطن أن الجملة لم تُترجم على وجهها الحقيقي، والمقصود بها الاعتراف بالحوثي مكوّناً سياسياً له حضور على الأرض، وذلك من أجل المفاوضات الجارية في المنطقة لتسوية النزاع اليمني المستمر منذ سنوات.

وبحسب تأويلات أخرى للجملة التي أثارت أطرافاً تعتبر الجماعة الموالية لإيران ميليشيا إرهابية منقلبة على الشرعية في اليمن، رأى متابعون أن اعتراف الولايات المتحدة بالجماعة الحوثية هو إقرار بسلطة الأمر الواقع في المناطق التي تحكم السيطرة عليها شمالي البلاد.

وعبّر ليندركينغ خلال حلقة نقاش عبر الإنترنت نظمها "المجلس الوطني للعلاقات الأميركية - العربية"، عن أمله في التوصل إلى وقف لإطلاق النار بين التحالف بقيادة السعودية من جهة والحوثيين من جهة أخرى للتخفيف من حدة الأزمة.

وقال وفقاً للترجمة التي نشرتها وكالة "رويترز" "خبرتي المتعلقة بالحوثيين تقول إنهم قالوا من قبل إنهم ملتزمون السلام في اليمن، نحن مستمرون في التواصل معهم". وأضاف "اعترفت الولايات المتحدة بهم طرفاً مشروعاً، ونعترف بهم جماعةً تمكنت من تحقيق مكاسب كبرى، دعونا نتعامل مع الواقع القائم على الأرض".

نفي يمني

في المقابل، أوضح مصدر دبلوماسي في السفارة اليمنية بواشنطن لـ"اندبندنت عربية"، أن المبعوث الأميركي لم يتحدث عن الحوثيين كطرف شرعي، إنما كان يقصد بتصريحه أن أميركا "تعترف بالحوثي مكوّناً سياسياً له حضور على الأرض، ولم تُذكر مسألة أنه طرف شرعي إطلاقاً".

ونفى الإعلامي في وكالة الأنباء اليمنية الرسمية (سبأ)، رضوان الهمداني، الذي حضر حلقة النقاش، ورود وصف الحوثيين كـ"طرف شرعي"، كما أُشيع. وقال الهمداني في تغريدة على حسابه في "تويتر" "‏ليس صحيحاً ما نُسب إلى المبعوث الأميركي أنه قال إن بلاده تعترف بالحوثيين طرفاً شرعياً، لكنه قال بالحرف: (نحن نعترف بالحوثيين كمكوّن يمني حقق مكاسب على الأرض). ولم يذكر كلمة شرعي أو شرعية خلال الندوة".

وقف الحرب على مأرب

وطالب ليندركينغ خلال كلمته المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف العمليات الهجومية في مأرب. وقال إن "الحوثيين لا يتحملون وحدهم مسؤولية العنف وإنما يتحمل التحالف جزءاً منها"، داعياً في الوقت ذاته "المجتمع الدولي إلى زيادة تمويل المساعدات وإلا ستبدأ البرامج الإنسانية في الإغلاق".

نذر توقف المساعدات

وبدا ليندركينغ مهتماً بزيادة تمويل المشاريع الإنسانية، وحذر من أن "البرامج الإنسانية ستتوقف قريباً وعلى المجتمع الدولي زيادة مساهمته في تمويلها".

وكان المبعوث الأميركي إلى اليمن حذر في وقتٍ سابق من أن "البرامج الإنسانية في اليمن ستتوقف ما لم تزد المساهمات في الشهور القليلة المقبلة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

واضطر برنامج الأغذية العالمي في أبريل (نيسان) 2020 إلى خفض شحنات المساعدات الغذائية التي توزَّع مرة كل شهرين في مناطق باليمن خاضعة لسيطرة حركة الحوثي إلى النصف، بعدما خفّض المانحون التمويل لأسباب عدة، منها المخاوف بشأن عرقلة وصول المساعدات.

وفي حلقة النقاش، تطرقت سارة تشارلز، المسؤولة البارزة في الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، إلى التحذير ذاته، الذي أطلقه ليندركينغ. وقالت تشارلز "نشيد بالتعهدات الكريمة التي قطعها مانحون آخرون كرماء حتى الآن هذا العام"، مشيرةً إلى أن الولايات المتحدة ستقدم تمويلاً إضافياً إلى 350 مليون دولار تم تخصيصها هذا العام. وأضافت "الحقيقة هي أن مزيداً من التمويل مطلوب لمواجهة الاحتياجات المتزايدة".

مشكلات الوصول إلى الجياع 

من جانبه قال ديفيد غريسلي، منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن، إن الحكومات لم تفِ بعد بتعهدات قيمتها 2.1 مليار دولار في الإجمال تم قطعها هذا العام للمساعدة في مواجهة الأزمة الإنسانية المتفاقمة الناجمة عن الحرب الأهلية في اليمن. وأضاف أن منظمات الإغاثة لديها مشكلات في الوصول إلى نحو ستة ملايين يمني.

لا اعتراف بالميليشيا

في قراءة أولية لتصريحات ليندركينغ، اعتبر سفير اليمن لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة، محمد جميح، أن "التصريحات الأميركية لم تحمل جديداً كما أُثير، إنما جاءت في سياق نظر واشنطن إلى الحوثيين كطرف سياسي يمني يمكن استيعابه في أي عملية سياسية، ولا تنوي إلغاء وجودهم السياسي، ولا تتعامل معهم كما تُعامل الجماعات الإرهابية غير الشرعية". وأضاف جميح أن "هذا الموقف الأميركي معلن، وذكر ليندركينغ أنه كرر هذه التصريحات في مواقف مختلفة، ولذلك هناك فرق بين الاعتراف بالحوثيين مكوناً سياسياً ومجتمعياً والاعتراف بهم ممثلاً شرعياً لليمن".

وفي وقت قرأ البعض التصريح الأميركي بأنه اعتراف بالميليشيا، لا يعتبر جميح ذلك وارداً. وقال إن "أميركا تريد أن تقول إنهم مكون يمني يمكن أن يكون شريكاً في العمل السياسي بعكس غيرهم من التنظيمات الإرهابية".

مساع أميركية حثيثة لوقف القتال

وتتزايد الجهود التشريعية في الكونغرس لدعم جهود إنهاء الأزمة اليمنية، والدعوة إلى معاقبة الحوثيين على الجرائم المرتكبة في اليمن، واستمرار الهجوم على مأرب، الأمر الذي يضع بعض قرارات إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن في اليمن، مثل رفع الحوثيين من قائمة الإرهاب، في عين العاصفة. 

كما سبق وجددت وزارة الخارجية الأميركية تأكيدها ضرورة وقف إطلاق النار في اليمن، ودعوة كل أطراف النزاع إلى طاولة المفاوضات، لبحث سبل إنهاء الصراع. 

وكان متحدث باسم الخارجية الأميركية، قال السبت الماضي، إن "على الحوثيين الانخراط بجدية (في عملية السلام)، إذا كانوا يريدون حقاً إنهاء الصراع وتخفيف معاناة الشعب اليمني".

وشدد المتحدث الذي فضل عدم ذكر اسمه، على ضرورة عقد محادثات مباشرة بين الحكومة اليمنية والحوثيين لإحراز التقدم في العملية السياسية. ويأتي ذلك بعد يومين على زيارة ليندركينغ الرياض، حيث التقى كبار المسؤولين من الحكومتين السعودية واليمنية، إضافة إلى مارتن غريفيث، المبعوث الخاص للأمم المتحدة. ولم يعلق المتحدث الأميركي على نتائج زيارة الوفد العُماني الأخيرة إلى صنعاء، لكنه كشف عن أن الأمم المتحدة قدمت لأطراف الصراع مقترحاً يستعرض خطوات إنهاء القيود المفروضة على التدفق الحر للسلع، وإقرار وقف إطلاق النار، وبدء محادثات سياسية.

وعلى الرغم من تقديم السعودية مبادرة لوقف إطلاق النار، ورغبة حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي، في تسوية الخلافات، والتحركات الأممية والأميركية الدؤوبة في المنطقة أخيراً، وتنقل المبعوثين الدوليين بين الرياض ومسقط وعدن، وأخيراً صنعاء، فإن تلك الجهود لم تسفر حتى اللحظة عن اختراق جوهري في جدار الأزمة المعقدة، إذ لا يزال الرفض الحوثي مبادرات السلام يشكل عقبةً أمام الحكومة الشرعية والتحالف العربي الداعم لها، الأمر الذي يثير التساؤلات حول موقف واشنطن من اليمن بعد أكثر من خمسة أشهر من تغييرات عاصفة، ركزت أنظار المجتمع الدولي على الحرب لكن من دون تقدم ملموس نحو إنهائها.

يُذكر أن الحرب الدائرة منذ أكثر من ست سنوات أسفرت عن مقتل عشرات آلاف اليمنيين، أغلبهم مدنيون، ودفعت الملايين إلى شفا مجاعة، كما يعتمد نحو 80 في المئة من سكان اليمن أو 24 مليوناً تقريباً على المساعدات الغذائية والصحية للبقاء على قيد الحياة.

اقرأ المزيد

المزيد من الأخبار