Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أغلب تحقيقات العنف الأسري في بريطانيا تنتهي بلا اتهامات

الشرطة تتلقى أوامر باتخاذ "إجراءات فورية" لتبرير ارتفاع معدلات إقفال المحاضر ذات الصلة

"أمامنا الكثير من العمل لتحسين طرق الاستجابة لهذه القضايا، والخدمة التي يتلقاها الضحايا عندما يبلغون عن سوء المعاملة" (رويترز)

توصلت هيئة رقابية في المملكة المتحدة إلى أن أجهزة الشرطة تخلت عن تحقيقاتها في ما يقارب ثلاثة أرباع الجرائم المتعلقة بالعنف المنزلي التي تم الإبلاغ عنها. وأوضحت "مفتشية الشرطة الملكية" HM Inspectorate of Constabulary أن المزيد من ضحايا العنف الأسري "لا يحصلون على العدالة"، لا بل يتعرضون للخطر نتيجة إطلاق سراح الجناة.

المفتشة زوي بيلينغهام (التي تنظر في استجابة الشرطة لقضايا العنف الأسري) أكدت أن معدل الإغلاقات المبكرة لملفات التحقيق كان "مرتفعاً وهو يزداد تفاقماً". وأضافت قائلة إن "الوضع قد تراجع بشكل كبير خلال الأعوام الخمسة الأخيرة، إلى درجة أن الشرطة قررت الآن عدم مواصلة التحقيق في ثلاثٍ من كل أربع قضايا اعتداءٍ أسري يتم الإبلاغ عنها، كمعدل وسطي.

وأوضحت بيلينغهام أن "عدداً من قوى إنفاذ القانون لم يتمكن من تفسير السبب الذي يقف وراء الارتفاع في هذه الأرقام، أو التباين الكبير بين الأجهزة". وقالت: "لقد طلبنا من مختلف القوى اتخاذ إجراءاتٍ فورية لمراجعة مواقفها."

وتوصل تقرير يتعلق بمراقبة جرائم العنف المنزلي أثناء فترة تفشي وباء كورونا، إلى أنه في المرحلة المنتهية بشهر مارس (آذار) من عام 2020، تم وقف التحقيق في نحو 55 في المئة من قضايا تتعلق بالعنف المنزلي جرى وسمها بعلامةٍ تشير إلى أنه تم التعرف إلى المشتبه به، إلا أن الضحية لم تشأ المضي في الملاحقة القضائية.

و تم إقفال نحو 20 في المئة من محاضر التحقيق الأخرى بوضع إشارةٍ مختلفة، ما يعني أن الضحية تدعم توجيه الاتهام، لكن الشرطة وجدت "صعوباتٍ في تحديد أدلة دامغة". وذكرت مفتشية الشرطة أن الأجهزة المعنية لم تفسر هذا "التباين الكبير" في استخدام القوى الإقليمية للنتائج المحصاة، وأن بعض الشكاوى التي تم إيقاف التحقيق فيها، كان من الممكن أن تحقق تقدماً من خلال بذل جهود إضافية لتحسين جمع الأدلة أو عبر دعم الضحايا.

وفي مؤتمر صحافي، أكدت المفتشة بيلينغهام أن بعض قوى الشرطة أخضعت عناصرها لإجراءات "صارمة" قبل اللجوء إلى وقف التحقيقات في بعض القضايا، في حين سمحت وحدات أخرى لعناصر لديها من عديمي الخبرة بإغلاق محاضر التحقيق من دون إشراف كافٍ "كي يتمكنوا من التعامل مع مسائل أخرى".

"يجب التركيز على معالجة الثقافة المعتمدة لدى بعض وحدات الشرطة، لا سيما منها تلك التي تلجأ إلى توجيه رسائل سلبية من شأنها أن تثني ضحايا العنف المنزلي عن المضي قدماً في قضيتهم، من قبيل: "هل أنتِ متأكدة من أنك تريدين فعلاً المضي في هذا المسار الذي قد يستغرق وقتاً طويلاً. سنقوم بأخذ هاتفك منك - إلى ما هنالك من أمور لا يتم التطرق إليها عادة في التعامل مع جرائم أخرى". وأضافت: "إن مهمة الشرطة تقضي بمتابعة حيثيات الجريمة بالنيابة عن الضحية، وليس برمي الأعباء على كاهل الضحية كي تدفعها إلى اتخاذ قرارات بنفسها."

وقد طلبت مفتشية الشرطة من قوات إنفاذ القانون القيام فوراً بمراجعة أسباب إقفال التحقيقات، والتأكد من استخدام جميع الأدلة المتاحة واستنفاد جميع المحاولات الممكنة لإشراك الضحايا في القضية المتصلة بهم.

وتشير السيدة بيلينغهام إلى أنه لم يتم تقديم أي تبرير للاختلافات المناطقية، مؤكدة أنه في بعض القوى، تم في وقتٍ مبكر إغلاق 8 قضايا من كل 10 قضايا عنف منزلي. وقالت إنه "بناءً على الخلاصة التي توصلنا إليها، يبدو أن هناك خللاً فادحاً داخل الوحدات التي تسجل معدلات مرتفعة في إقفال محاضر التحقيق".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وحذرت المفتشية من أن النسبة القليلة من القضايا التي تتمكن من الوصول إلى المحاكم، تجد نفسها عالقةً إزاء التراكم الكبير في ملفات الدعاوى المكدسة، إلى درجة أن بعض المحاكمات "تنتهي مهلتها" تلقائياً بسبب التأخير في معالجتها.

وتشير بعض الأبحاث أيضاً إلى أنه كلما استغرقت جلسة الاستماع وقتاً أطول، زاد احتمال رفض الضحية الإدلاء بشهادتها، وربما انهيار القضية.

وقد تبين للمفتشية أن استجابة قوى الشرطة بشكل عام لفيروس كورونا كانت جيدة، وذلك من خلال اعتماد مزيد من الإجراءات الاحترازية بشأن العنف المنزلي، وإدخال تعديلات على وسائل الاتصال والمناهج المتبعة في التعاطي مع تلك الحالات. لكنها نبهت في المقابل إلى أن الشرطة يجب أن "تواصل تركيزها على حماية ضحايا العنف المنزلي ودعمها مع عودة الحياة إلى مسارها الطبيعي"، وتصاعد وتيرة الجرائم الأخرى.

يأتي هذا التقرير عقب إصدار الحكومة اعتذاراً رسمياً بشأن التراجع الملحوظ في نسبة المحاكمات في قضايا الاغتصاب. وقد كلف وزير الداخلية فريقاً للقيام بتحقيقٍ منفصل بخصوص فاعلية عمل الشرطة في حماية النساء والفتيات. 

أندريا سايمون مديرة "تحالف إنهاء العنف ضد المرأة" End Violence Against Women Coalition، أوضحت أن النتائج جاءت بعدما تسبب الإغلاق (بسبب وباء "كوفيد") في ترك الضحايا في حال من "الحصار والعزلة مع الجناة".

وأضافت: "لقد سعت حملة التوعية الحكومية إلى طمأنة الضحايا إلى أنهم لم يكونوا وحدهم خلال هذه الفترة، لكن من غير المقبول أن غالبية البلاغات التي تلقتها الشرطة عن حالات العنف المنزلي، لم تُقابل بإجراءات فاعلة".

وقالت سايمون: "يبدو أن التراكم الهائل للقضايا العالقة في المحاكم من شأنه أن يؤثر أيضاً في ضحايا الاعتداء المنزلي والعنف الجنسي بشكل غير متناسب. إننا في حاجة ماسة لرؤية استجابات أفضل لنداءات النساء والفتيات اللواتي يبلغن عن الجرائم، من خلال نظام العدالة الجنائية، إلى جانب تخصيص استثمار مستدام في أماكن آمنة للإقامة، والدعم المجتمعي الذي تقدمه الخدمات النسائية المتخصصة في هذا المجال."

فاليري وايز المسؤولة عن قضايا العنف المنزلي في جمعية "دعم الضحايا"  Victim Support الخيرية، أكدت أن "الطلب على خدمات مؤسستها قد ارتفع خلال فترة الوباء، وهو يسجل في الوقت الراهن زيادة بنسبة 25 في المئة عن المتوسط".

 "على الرغم من أننا نرحب بالنتائج التي توصل إليها التقرير والتي تفيد بأن الشرطة استخدمت طرقاً جديدة ومبتكرة للتصدي للعنف الأسري أثناء الوباء، إلا أنه من المحبط للغاية أن يتم إغلاق ثلاث من أصل أربع قضايا من دون توجيه اتهامات إلى الجناة."

أما فيكتوريا أتكينز وزيرة الدولة في وزارة الداخلية البريطانية (تتولي قضايا الاعتداء المنزلي والجنسي والعبودية المعاصرة)، فأعربت عن القلق البالغ للحكومة من تزايد عدد حالات الانتهاكات المنزلية التي لا تتم مقاضاتها.

وأضافت: "نتوقع من أجهزة الشرطة أن تجري تحقيقاً في الأسباب التي تقف وراء ذلك، وأن تضمن بذل أقصى الجهود لدعم الضحايا ومعاقبة مرتكبي العنف المنزلي." وأكدت أن الحكومة "ستنظر في التوصيات الواردة في التقرير عن كثب، وستواصل التعاون مع الشرطة في استجابتها لها".

وفي هذا الإطار، أعلن رئيس "المجلس الوطني لقادة الشرطة"  National Police Chiefs’ Council NPCC في بريطانيا، أن استجابة الأجهزة لسوء المعاملة المنزلية قد تحسنت، لكنه سينظر في نتائج تقرير المفتشية، مؤكداً أنه "سيواصل العمل على تحسين الوضع الراهن".

وقالت نائبة رئيس الشرطة لويزا رولف، المسؤولة عن قضايا العنف المنزلي: "إننا نقر بأنه لا يزال يتعين علينا القيام بالكثير من العمل لتحسين طرق الاستجابة لهذه القضايا، والخدمة التي يتلقاها الضحايا عندما يبلغون عن سوء المعاملة."

وخلصت إلى القول إن "قضايا العنف المنزلي هي من أكثر الجرائم تعقيداً التي تتعامل معها الشرطة، وقد عملنا جاهدين على تعزيز ثقة الضحايا في الإبلاغ عن شكاواهم. بالتالي، أود أن أطمئن ضحايا العنف المنزلي الذين يتقدمون إلينا بأنه سيتم الاستماع إليهم والتعامل معهم باحترام وتعاطف، وسيُجرى فتح تحقيق شامل في قضيتهم."

© The Independent

المزيد من تقارير