Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

العراق يتجه نحو بناء مفاعلات نووية وخبراء يقللون من جدواها

يرى مراقبون أن الحديث عن هذا الملف هدفه التغطية على أزمة الكهرباء في البلاد

يُعدّ انتشار جماعات مسلحة غير خاضعة للدولة أهم الأسباب التي تمنع بناء مفاعلات نووية في العراق حالياً (أ ف ب)

يتجه العراق نحو بناء مفاعلات نووية في عدد من مدنه لسد النقص الحاصل لديه في إنتاج الطاقة الكهربائية، وتعزيز إمكاناتها لتلبية الطلب المحلي المتزايد سنوياً.
ويبدو أن الحكومة العراقية تملك رؤية واضحة حول هذا المشروع الذي تحدث عنه رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي من دون ذكر تفاصيل نهاية العام الماضي، كما ذكره خلال زيارته إلى باريس في 19 أكتوبر (تشرين الأول) 2020، عندما أكد سعي العراق إلى استخدام الطاقة النووي في المجالات السلمية، ومنها إنتاج الطاقة الكهربائية.
لكن الجديد في الموضوع أن العراق توجه ناحية روسيا لشراء هذه المفاعلات، بعدما كانت المعلومات الواردة عبر مصادر حكومية تشير إلى أن فرنسا هي الأقرب في هذا المجال، إلا أن موسكو أعلنت استعدادها لبيع هذه المفاعلات بقروض طويلة الأمد.

إنتاج 8 آلاف ميغاواط

وقال رئيس "الهيئة العراقية للسيطرة على المصادر المشعة" كمال حسين لطيف، في تصريحات صحافية، إن "المحادثات مع شركة روس آتوم الروسية قطعت شوطاً ممتازاً"، مبيناً أن العراق يجري مناقشات مماثلة مع دولة أخرى. وأوضح لطيف أن "ثمانية مفاعلات لا تشكل الرقم النهائي، باعتبارها تنتج فقط 8 آلاف ميغاواط، مما يغطي الحاجة الحالية للاستهلاك لغاية 2030 – 2035"، لافتاً إلى "إمكان بناء عدد أقل أو أربع مفاعلات، وبذلك نكون حققنا 70 في المئة من خطتنا".

مناطق مختلفة

وأكد لطيف أن "الوضع الأمني وخصوصاً في المحافظات الجنوبية مستقر تماماً، الأمر الذي يسمح بالبدء بالتخطيط وإنشاء مثل هذه المشاريع، إضافة إلى أن مناطق شمالية ووسطى عدة مستقرة أمنياً".
وقرر الكاظمي في 24 سبتمبر (أيلول) 2020 تشكيل لجنة حكومية للبدء ببناء مفاعلات نووية للأغراض البحثية، لتكون أول خطوة رسمية لاستخدام الطاقة النووية مجدداً في العراق، بعد منع دولي إثر قرارات الأمم المتحدة عقب غزو الكويت في أغسطس (آب) 1990.

شروط الإنشاء

بدوره، شدد عالم الذرة العراقي حامد الباهلي على ضرورة إنشاء هيئة للطاقة الذرية تكون مشرفة على عمل المفاعلات النووية بالعراق وهي المسؤولة عن التفاوض وإصدار الموافقات، مشيراً إلى أن "معظم علماء الطاقة الذرية الذين كانوا يعملون على المشروع السابق غادروا العراق". وأضاف الباهلي أن "التعاون مع روسيا في مجال الطاقة النووية يعود إلى عام 1959 بعد أن كانت هناك رغبة عراقية بإنشاء محطة كهرونووية، إلا أنه في نهاية السبعينيات تم إنشاء محطة نووية من قبل الجانب الفرنسي"، مبيناً أنه "بعدما دمرت إسرائيل مفاعل تموز عام 1981 استُعيدت فكرة إنشاء محطة نووية في تسعينيات القرن الماضي بالرجوع الى الجانب الروسي، قبل أن يتوقف المشروع بسبب حرب الخليج عام 1991".
وتابع الباهلي، وهو من علماء الملف النووي العراقي قبل عام 2003، أن "أمراً حكومياً صدر في 2011 بتشكيل لجنة لإعادة إحياء الطاقة الذرية في العراق برئاستي، وقدمنا قانوناً في هذا الصدد إلى البرلمان العراقي، وصدر قانون في 2016 بتشكيل هيئة الطاقة الذرية، إلا أن تفعيله يحتاج إلى جهة رقابية"، لافتاً إلى أن "عدم وجود جهة رقابية على الطاقة النووية بالعراق سيعرقل إنشاء محطة كهرونووية وفق تعليمات الوكالة الدولية للطاقة الذرية".

 دراسات موسعة

ولفت إلى أن "إنشاء المحطة النووية يحتاج إلى اختيار المكان الذي يكون بالاتفاق مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية قبل إجراء أي مفاوضات، إضافة إلى ضرورة إجراء دراسات موسعة حول نوعية المفاعل النووي الذي يلبي حاجة العراق".

طلب لإنشاء مفاعل نووي

وأوضح الباهلي أن "هناك طلباً لإنشاء مفاعل نووي مسجل لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية"، مشدداً على "ضرورة استقطاب علماء في مجال الطاقة الذرية لتشغيل المحطة النووية، إذ غادر معظمهم العراق".
وأكد عالم الذرة العراقي أن الهيئة العراقية للسيطرة على المصادر المشعّة ليس من اختصاصها التفاوض على إنشاء المحطة الكهرونووية.
وكان "مفاعل تموز" الذي شُيد في سبعينيات القرن الماضي والواقع في منطقة التويثة جنوب شرقي العاصمة بغداد، دُمر عام 1981 بطائرات إسرائيلية استهدفت المنشأة النووية، وقُضي على أحلام العراق بامتلاك التقنية النووية. وفي العام 2003 تعرض المفاعل إلى حملة سلب ونهب لمحتوياته، ومن ضمنها البراميل التي تضم مواد مشعة، مما أسهم في زيادة نسبة التلوث في المنطقة، وشكلت السلطات فرقاً تقنية لطمرها وإزالتها.

لا توجد جدوى اقتصادية
من جانبه، لفت الباحث في مجال الطاقة كوفند شيرواني إلى "عدم وجود جدوى اقتصادية من استثمار الطاقة النووية في توليد الطاقة الكهربائية"، مشيراً إلى أن "استثمار الطاقة الشمسية وبناء محطات ضخمة تعمل على الغاز واستثمار الغاز الحر سيكون أنجع للعراق". وأضاف أن "كلفة بناء محطات كهرونووية عالية جداً مقارنة ببناء محطات كهربائية واستثمار الغاز الحر"، مشيراً إلى أن "لدى العراق أزمة طاقة ونقصاً في الطاقة الكهربائية يتجاوز الـ 10 آلاف ميغاواط، ويستورد الغاز والطاقة كهربائية من إيران. وبحثه عن خيارات أخرى أمر جيد، لكنه بلا جدوى اقتصادية".
ورأى شيرواني أن "الأسهل بالنسبة إلى العراق هو بناء محطات كبيرة تعمل بالغاز، واستثمار الغاز الطبيعي لا سيما وأن لديه مخزونات كبيرة تبلغ 130 تريليون قدم، وذلك أفضل من استيراد تقنيات محفوفة بالمخاطر، مثل حدوث تلوث أو انفجارات، ناهيك عن عدم امتلاكه بنى تحتية لهذه التقنيات".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الطاقة الشمسية

وقال شيرواني إن "أفضل البدائل للمحطات الكهربائية الحالية هي المحطات التي تعمل بالطاقة الشمسية، وهناك دول مثل مصر والسعودية والمغرب والإمارات أنشأت مدناً لإنتاج الطاقة الشمسية، إحدى أبرز الطاقات المتجددة النظيفة".
ويسعى العراق إلى الاستفادة من الطاقة الشمسية لتعويض نقص الطاقة الكهربائية، وأعلنت الحكومة العراقية على لسان وزير النفط إحسان عبدالجبار في فبراير (شباط) الماضي عن خطط للفترة الممتدة من 2020 وحتى 2030، تهدف لبلوغ معدلات إنتاج من الطاقة شمسية تصل إلى 10 غيغاواط، وهو ما يعادل 10 آلاف ميغاواط".

أخطار أمنية

وربما يمثل الوضع الأمني غير المستقر وانتشار جماعات مسلحة غير خاضعة للدولة العراقية أهم الأسباب التي تمنع بناء مفاعلات نووية في العراق خلال الفترة الحالية.

ورأى رئيس المركز الجمهوري للدراسات الاستراتيجية، معتز عبدالحميد أن "البيئة الأمنية لا تسمح بوجود مفاعل نووي بالعراق لوجود السلاح المنفلت والمسلحين وداعش"، فيما أشار إلى أن "المفاعل يحتاج إلى أن يكون بعيداً من المناطق السكنية". وأضاف أن "هناك مشكلات كبيرة لا تسمح بإنشاء محطات نووية في العراق، منها الوضع الأمني المتمثل بوجود المسلحين وداعش والنزاعات العشائرية وسقوط القذائف، مما يصعّب على الحكومة تأمين الحماية لهذه المنشآت"، لافتاً الى أن "المدن العراقية متقاربة ولا توجد مساحات واسعة لإنشاء هذه المحطات النووية التي تتطلب أن تكون بعيدة من المدن، ولذلك يُفترض وجودها في صحراء الأنبار أو السماوة".

تغطية على أزمة الكهرباء

 وأوضح عبدالحميد أن "المحطات النووية خطرة جداً ونتخوف من أن تكون هناك كوارث بالعراق نتيجة وجود هذه المفاعلات كما جرى في كارثة تشيرنوبيل التي ما زلنا نشهد تداعياتها إلى اليوم"، معتبراً أن "الترويج لهذا المشروع هدفه التغطية على أزمة الكهرباء".