Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

استقالات جماعية لقيادات "حركة فتح" في غزة

فشلت في تنفيذ وعودها بحل مشكلات التنظيم في القطاع... وهذه الخطوة تُفرغها من عناصرها الفاعلين والعاملين في الميدان

قدمت معظم قيادات أقاليم غزة استقالة جماعية من مهامها في "حركة فتح" وتبعها قيادات المناطق الأقل رتبة تنظيمية (اندبندنت عربية)

خلال فترة التحضير للانتخابات الشاملة في فلسطين، والتي كان من المقرر عقد التشريعية منها في مايو (أيار) الماضي، قدمت قيادة حركة فتح لكوادرها في قطاع غزة كثيراً من الوعود بتحسين أوضاعهم في الهيكل التنظيمي، وإعادة صرف حقوقهم المالية المتراكمة منذ 18 عاماً، ورفع الإجراءات العقابية المفروضة عليهم وموظفي السلطة الفلسطينية في القطاع، والذهاب لعمل سياسي أكثر حرية.

هذه الوعود جاءت من رئيس اللجنة التنفيذية للحركة محمود عباس، والذي يشغل أيضاً رئيس السلطة الفلسطينية، وتتمثل في إصلاح الحركة داخل غزة للمحافظة على القاعدة التنظيمية من عناصر ومنتسبين قبل الذهاب إلى الانتخابات، كما وافق حينها على استحقاق راتب لعناصر "فتح" العاملين في القطاع، بقيمة مالية شهرية تقدر بحوالى 500 دولار أميركي، على أن تصرف من النظام المالي للحركة، وليس لهذا الإجراء أي علاقة بالسلّم الوظيفي الخاص بالحكومة الفلسطينية، على اعتبار أن جزءاً منهم يعمل في الحركة والحكومة في الوقت نفسه.

استقالات جماعية

إلا أن قرار إرجاء الانتخابات الذي اتخذه عباس حال من دون تنفيذ الوعود، ولم تقدم حركة فتح أي تغيير على أرض الواقع لكوادرها، ولا زالت العناصر تواصل نشاطها للعام الـ 18 من دون أي تدرج في السلم التنظيمي أو الحصول على استحقاقات مالية مقابل عملهم المستمر، الأمر الذي أثار غضب الكوادر التنظيمية، ففضلت الاستقالة عن البقاء في العمل التنظيمي.

وبالفعل قدمت قيادة إقليم شرق غزة استقالة جماعية من الحركة في ظل تهرب قيادة التنظيم الواضح من تلبية المطالب، وتبع هذه الخطوة تقديم استقالات جماعية لأقاليم أخرى في القطاع، وتعد هذه المرة الأولى منذ تأسيس فتح، التي تقدم فيها أقاليمها وكوادرها استقالات جماعية، الأمر الذي يرى مراقبون سياسيون بأنه يُضعف الحركة ويفرغها من عناصرها الفاعلين والعاملين في الميدان.

ووفقاً لهيكلية حركة فتح في غزة، فإن هرمها التنظيمي من الأعلى يتمثل في قيادة ساحة القطاع وتسمى الهيئة القيادية العليا، ثم الأقاليم الثمانية (يطلق عليهم القيادات الوسطية) المنتشرة في جميع محافظات القطاع، ويليها المناطق (القيادات الصغرى) البالغ عددها 120، ثم الشعب والحلقات وخلايا الحركة (عناصر التنظيم).

ويقول مفوض الإعلام المستقيل في إقليم شرق غزة بحركة فتح سعدي حلس، إن 13 من أعضاء الأقاليم من أصل 17 أعفوا أنفسهم من مهماتهم ومسؤوليتاهم كأعضاء في الحركة، و33 منطقة من أصل 36 استقالوا بكامل هيئتها القيادية وكوادرها من العمل داخل "فتح"، إضافة إلى عدد من مكاتب ولجان تنظيمية وعدد أعضائها تسعة، باتوا لا يعملون في صفوف التنظيم، وجميعهم عناصر قيادية لهم دراية وخبرة في العمل الفتحاوي وقواعد شعبية كبيرة.

تهرّب من الحلول

وبحسب المعلومات المتوافرة، فإن الاستقالة وإعفاء كوادر فتح أنفسهم من مهماتهم التنظيمية جاء عقب اجتماع شمل الهيئة القيادية العليا للحركة مع العناصر، وأثناء الاجتماع نشبت خلافات حول تطبيق الحلول والتهرب من تحسين طبيعة عمل فتح في غزة، الأمر الذي دفع القيادة لاتخاذ قرار بحل أقاليم محافظات القطاع.

وعلى الرغم من ترك كوادر فتح مهماتهم التنظيمية، إلا أن عضو الهيئة القيادية العليا في الحركة جمال عبيد ينفي ذلك قائلاً، "لم يكن هناك أي اجتماع لنا، ولم يتم اتخاذ أي قرار بحل أقاليم الحركة في غزة، وما جرى هو تقديم إعفاءات فردية أو جماعية من مهمات، من دون لقاء أو تشاور مع القيادة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبحسب حلس، فإن هذه الخطوة جاءت نتيجة تعرضهم للتميز الجغرافي، فعناصر الحركة في الضفة الغربية يحصلون على الامتيازات والحقوق كافة، وفي غزة محرومون من أبسطها، ولعدم تلبية مطالبهم في الاهتمام بحركة فتح في القطاع وتقوية وجودها.

وأشار إلى أن قيادة الحركة قطعت وعداً بحل مشكلات التنظيم في غزة، وعمل عباس على إصدار مراسيم رئاسية لإنهاء معاناة سكان القطاع، لكن لم يجر أي التزام بها، وكل ما في الأمر تسويف في تطبيق الحلول المتواضعة، لافتاً إلى أنهم قاموا بإطلاق مبادرات عدة ضد الظلم والقهر الممارس بحق غزة.

"حماس" تعرقل نشاط "فتح"

من جهته، يقول المتحدث الرسمي باسم "فتح" حسين حمايل، "لا ينكر عباس حقوق كوادر فتح في غزة، ويقر بوجود فجوة كبيرة داخل التنظيم في القطاع، لكن سيطرة حماس على غزة تعوق عملنا التنظيمي والإداري، إلى جانب أن الحركة والسلطة الفلسطينية تمران حالياً بأزمة مالية كبيرة، تحول من دون تقديم أي فرص للكوادر الحركية من شأنها إعادة ترتيب التنظيم ونشاطه السياسي".

وفي الواقع فإن الذي دفع كوادر "فتح" للمطالبة بمساواتهم في العمل التنظيمي والحصول على حريات أكثر أثناء ممارسة نشاطهم، إضافة إلى مطالبتهم بمستحقاتهم المالية والفصائلية، هو حديث رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية عن تحسن أوضاع السلطة الاقتصادية، وهو ما ينعكس على موازنة حركة فتح تلقائياً، خصوصاً بعد قبول السلطة الفلسطينية تسلّم أموال المقاصة (الضرائب التي تجبيها تل أبيب نيابة عن الفلسطينيين) من إسرائيل، وعودة الدعم الأميركي.

يضعف "فتح" في غزة

ويقول حمايل إن ملف الكوادر على طاولة عباس، ومطروح عليه صرف رواتب شهرية لهم، وكان طرح ذلك أكثر من مرة على مسؤول الحركة في غزة، لكن معوقات كثيرة حالت من دون تطبيق ذلك، مشيراً إلى أن هذا الملف قد يشهد حلاً في وقت قريب من دون تحديد.

وفي الحقيقة فإن تقديم أعضاء أقاليم ومناطق بأكملها استقالات قد يضعف الحركة أكثر في قطاع غزة، خصوصاً وأن القيادات الوسطية تقع ضمن مسؤوليتها إدارة الحركة والتواصل مع العناصر كافة، ونقل الأوامر القيادية والترتيب للأنشطة الحركية والبحث عن المعلومات وعقد الاجتماعات، وهؤلاء يصفهم مفوض الإعلام المستقيل في إقليم شرق غزة بحركة فتح سعدي حلس بأنهم "العمود الفقري" لـ "فتح."

ويرى الباحث السياسي طلال عوكل أن الحركة أمام ظاهرة لا تأخذ شكل انشقاقات وانقسامات، ولكن شكل احتجاجات معلنة ضد قيادة الحركة في الأراضي الفلسطينية، مشيراً إلى أن إعفاء الكوادر أنفسها من المهمات يدل على وجود خلل تنظيمي كبير، وأن الحركة في مرحلة صعبة وباتت ضعيفة للغاية، وهذا خطير على وجود "فتح".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير