Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الخرطوم وجوبا يتبنيان سياسة الحدود المرنة

شهدت علاقات البلدين تطوراً كبيراً مع سقوط نظام البشير

رئيس مجلس السيادة السوداني يستقبل وفد مفوضية الحدود المشتركة بين الخرطوم وجوبا (إعلام مجلس السيادة السوداني)

مرّت العلاقات بين السودان وجنوب السودان، منذ انفصالهما في يوليو (تموز) 2011، بحال من التأرجح بين التحسن النسبي والتوتر بسبب مشكلات عديدة، من بينها الخلافات الحدودية حول مناطق محددة ظلت عالقة من دون حسمها في مفاوضات "نيفاشا" عام 2005، التي أقرّت حق تقرير المصير لجنوب السودان، ولم تفلح الدولتان بعد الانفصال في الاتفاق على ترسيم الحدود المشتركة، حيث دارت نزاعات مسلحة بينهما، ما قاد الاتحاد الأفريقي إلى اتخاذ قرار يقضي بتحديد منطقة آمنة محايدة منزوعة السلاح بعمق 10 كيلومترات على طرفي الحدود.

لكن مع سقوط نظام الرئيس السوداني السابق عمر البشير في أبريل (نيسان) 2019، شهدت علاقات البلدين تطوراً كبيراً لدرجة أن أصبحت جوبا عاصمة جنوب السودان، منبراً للوساطة بين الحكومة الانتقالية السودانية والحركات المسلحة، وأسفرت جهودها عن توقيع اتفاقية السلام بين الجانبين مطلع أكتوبر (تشرين الأول) 2020.

واستفادةً من هذه الأجواء الإيجابية، توافقت الدولتان في أكتوبر 2019، مبدئياً على قضية ترسيم الحدود بينهما، ووقّعتا بالأحرف الأولى تقريراً ختامياً وضعته لجان الترسيم المشتركة في الخرطوم، وعلى أثر ذلك، واصلت اللجنة الفنية المشتركة لترسيم الحدود، اجتماعاتها، استناداً على اتفاقية المسائل الحدودية وقرارات الاتحاد الأفريقي ومجلس الأمن الدولي، بأن يناقش الطرفان عملية تخطيط وترسيم الحدود بينهما، وصولاً لاتفاق نهائي حولها.

ومواصلة لهذه الجهود، استضافت الخرطوم، الاثنين، 14 يونيو (حزيران) الحالي، جولة من الاجتماعات بين السودان وجنوب السودان، تم خلالها تبادل وثائق مهمة حول الحدود بين البلدين، في أعقاب سلسلة من الاجتماعات المشتركة بين خبراء ومسؤولين من الجانبين استمرت ثلاثة أيام.

كسر الجمود

وفي هذا الشأن، قال رئيس المفوضية القومية السودانية للحدود، الرئيس المشترك للمفوضية المشتركة للحدود بين السودان ودولة جنوب السودان، معاذ تنقو، لـ"اندبندنت عربية"، "تم خلال الاجتماعات بين الجانبين تبادل الوثائق الخاصة بمسألة الحدود، بروح أخوية ومتطورة جداً، واضعين في الاعتبار توجيهات قيادتي البلدين بأنه لا بد من كسر الجمود في العلاقات، وصولاً إلى فتح المعابر الحدودية لتسهيل عمليات التبادل التجاري، والمنافع المشتركة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أضاف تنقو، "هناك إرادة قوية من قبل الطرفين بالتوصل لرؤية مشتركة لكل نقاط الخلاف عبر الاحتكام للوثائق الموثقة، لكن في الأساس لم تتم مناقشة أي نقاط خلافية، ولا توجد نية من أي طرف للجوء إلى طرف ثالث، وترمي المساعي الجارية إلى أن يكون الحل في إطار الجهود المشتركة"، مؤكداً أن الجانب السوداني اعتمد على الوثائق البريطانية الصادرة قبل عام 1955، وأنه جرى تبادل رؤية كل طرف وتفسيرها، وتم الاتفاق بأن تستأنف الاجتماعات المشتركة في أقرب وقت ممكن، بعد الانتهاء من دراسة الوثائق المقدمة من الطرفين وتقديم رؤية مشتركة حول توصيف الحدود المقترحة في وقت وجيز.

ونوه رئيس المفوضية القومية السودانية للحدود، إلى أن الخطوات الجارية تسير في الاتجاه الصحيح من أجل إنهاء الوضع الراهن في المناطق الحدودية، من أجل تبني روح الحدود المرنة لشعبي الدولتين.

فتح المعابر

ونقلت مفوضية الحدود المشتركة بين الخرطوم وجوبا، الخميس، 17 يونيو، إلى كل من رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، ورئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان، ونائبه محمد حمدان دقلو نتائج أعمالها التي توصلت إليها بعد سلسلة اجتماعاتها التي انعقدت في الخرطوم.

وبحسب بيان صادر عن مجلس الوزراء السوداني، فإن حمدوك أكد للوفد المشترك أن رؤية الخرطوم بشأن الحدود مع جنوب السودان تستند على فتح المعابر وتسهيل التبادل التجاري والتنقل. وأضاف، "حتى لو تم ترسيم الحدود، ستكون على الورق، بحيث تكون الحدود مرنة على طول الخط من دون أي عوائق تعترض تبادل المنافع والمصالح المشتركة"، مؤكداً دعمه جهود المفوضية المشتركة ليعيش شعبا الدولتين في سلام وتناغم.

وحث رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح برهان، المفوضية على الإسراع لإكمال مهامها، ودعاها إلى التعاون مع الجهات ذات الصلة وتشجيعها على فتح المعابر، وجعل الحدود بين البلدين مرنة لتيسير حرية حركة المواطنين على الشريط الحدودي، بما يسمح لهم بالتفاعل اقتصادياً واجتماعياً.

من جانبه، أشار وزير الإعلام في جنوب السودان الرئيس المشترك لمفوضية الحدود المشتركة، مايكل مكوي، إلى أن "تبادل الوثائق بين البلدين حول الحدود يعد الأمر الأكثر أهمية، وهو ما كنا نتوق إليه طوال هذا الوقت، وأننا بذلك نكون قد أنجزنا نصف المهمة"، لافتاً إلى أنهم سيقومون بدراستها للتعرف على النقاط الخلافية للاستمرار في التحاور والتفاوض بشأنها، من أجل التوصل إلى اتفاق مرض يؤسس لعلاقات قوية تجعل الشعبين يعيشان في سلام وتناغم بخاصة المجموعة السكانية التي تقطن على خط الحدود.

مناطق النزاع

ويتنازع السودان وجنوب السودان على خمس مناطق حدودية من دون التوصل حتى الآن إلى توافق بشأن تبعيتها، واتفقت اللجنة الفنية على أكثر من 80 في المئة من الحدود المشتركة التي يبلغ طولها 1800 كيلومتر، قبل انفصال جنوب السودان في يوليو (تموز) 2011.

وبحسب المراقبين، فإن المناطق الحدودية المتنازع عليها بين البلدين تشمل "دبة الفخار"، وهي منطقة تقع على بعد أربعة كيلومترات جنوب منطقة "جودة" بولاية النيل الأبيض السودانية، ويتمحور الخلاف فيها حول مساحة لا تتعدى كيلومترين شمالاً وجنوباً، كما تشمل مناطق النزاع "جبل المقينص"، وهي منطقة واقعة في مساحة حدودية بين ثلاث ولايات هي النيل الأبيض، وجنوب كردفان بالسودان، وولاية أعالي النيل، جنوب السودان، إلى جانب "كاكا التجارية"، وهي منطقة تجارية حدودية تفصل بين جنوب كردفان السودانية، وولاية أعالي النيل الجنوبية، فضلاً عن تنازع البلدان حول منطقة "كافي كنجي - حفرة النحاس"، جنوب دارفور، وهي عبارة عن منطقة متوازية الأضلاع تبلغ مساحتها 13 كيلومتراً مربعاً، وتسكنها قبائل من دارفور.

المزيد من العالم العربي