حذر مسؤولون غربيون طهران الأحد، 20 يونيو (حزيران)، من أن المفاوضات لإحياء اتفاقها النووي المبرم عام 2015 لا يمكن أن تستمر إلى أجل غير مسمى، بعد أن أعلن الجانبان توقفها ليعود المفاوضون إلى عواصم بلادهم للتشاور مع القيادات فيها، وذلك في أعقاب انتخاب رئيس جديد لإيران من غلاة المحافظين.
وقال دبلوماسيون من بريطانيا وفرنسا وألمانيا، التي تلعب دور الوسيط في مفاوضات فيينا غير المباشرة بين طهران وواشنطن، في بيان أُرسل إلى الصحافيين، "كما قلنا من قبل، الوقت ليس في صالح أحد. هذه المحادثات لا يمكن أن تظل إلى أجل غير مسمى"، مضيفين أن أصعب القضايا لا تزال بحاجة إلى حل.
وأقرّت كل من الولايات المتحدة وإيران بوجود خلافات لا تزال قائمة بين طهران والقوى العالمية الست في محادثات فيينا.
وقال مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، الأحد، إن خلافات لا تزال قائمة بين إيران والقوى العالمية، مكرّراً أن القرار الأخير في هذا الأمر يعود للزعيم الأعلى الإيراني، علي خامنئي.
وأضاف سوليفان في مقابلة مع قناة "إيه بي سي نيوز"، "لا تزال هناك مسافة كبيرة لابد أن نقطعها في ما يتعلق ببعض القضايا الرئيسة، بما يشمل العقوبات والالتزامات النووية التي يتعين على إيران تنفيذها"، موضحاً أن تحديد أي من العقوبات هي التي سترفع عن إيران، لا يزال محل نقاش.
إرجاء المفاوضات
كبير المفاوضين النوويين الإيرانيين، عباس عراقجي، أعلن بدوره أن المفاوضات بين إيران والقوى العالمية الست الأحد، "لكي يعود المفاوضون إلى عواصمهم لإجراء مشاورات، لأنه لا يمكن حل الخلافات الباقية بسهولة".
وقال عراقجي للتلفزيون الإيراني الرسمي من فيينا، "نحن الآن أقرب من أي وقت مضى إلى اتفاق، لكن الهوة القائمة بيننا وبين الاتفاق لا تزال قائمة وسدها ليس بالمهمة السهلة". وأضاف "سنعود إلى طهران الليلة".
وتابع، "سد الفجوات يتطلب قرارات يتعين في الأساس على الطرف الآخر (واشنطن) اتخاذها. أرجو في الجولة المقبلة أن نقطع هذه المسافة القصيرة على الرغم من صعوبتها".
إحراز تقدم
وقال مبعوث الاتحاد الأوروبي للمفاوضات، إنريكي مورا، الأحد، إن إيران والقوى العالمية أرجأوا المحادثات النووية للتشاور في عواصمهم، من دون أن يذكر للصحافيين أي إشارة إلى موعد استئناف المحادثات، لكنه قال إنها أحرزت تقدماً وإن المشاركين سيكون لديهم فكرة أوضح عن كيفية إبرام اتفاق لدى عودتهم.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ومع توقف المحادثات، تتجه الأنظار الآن إلى تمديد اتفاق منفصل بين الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة وإيران. ويهدف الاتفاق الذي ينتهي أمده في 24 يونيو الجاري، إلى التخفيف من آثار قرار طهران بتقليص تعاونها مع الوكالة بإلغاء إجراءات الرقابة الإضافية المدرجة في بنود الاتفاق.
وفي هذا السياق، قال مورا إنه يتوقع أن تتوصل الوكالة الدولية للطاقة الذرية وطهران إلى اتفاق بشأن تمديد اتفاق التفتيش على أنشطة إيران النووية.
مبعوث روسيا للمفاوضات، ميخائيل أوليانوف، قال من جهته للصحافيين إن أحداً لا يعرف متى سيتم استئناف المحادثات، مضيفاً أن المشاورات في عواصم القوى المعنية تهدف للإعداد لما يفترض أن تكون الجولة الأخيرة من المفاوضات.
بوريل: إحياء الاتفاق النووي مازال ممكنا
في غضون ذلك، قال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، الأح،د إنه لا يزال بوسع إيران والقوى العالمية التوصل إلى اتفاق لإحياء الاتفاق النووي رغم فوز رئيس من غلاة المحافظين، لكنه أشار إلى أن الوقت ينفد.
وقال بوريل إن التوصل لاتفاق بات "قريباً جداً" وقد يجعل الشرق الأوسط أكثر أمناً ويجعل ملايين الإيرانيين يشعرون بالارتياح بعد أن أنهكتهم العقوبات المالية والنفطية التي أعادت الولايات المتحدة فرضها عقب انسحابها من الاتفاق قبل ثلاث سنوات.
وأضاف في تصريح لمجموعة من الصحافيين في بيروت، "الوقت يداهمنا في ما يتعلق بهذه المفاوضات". وتابع، "قطعنا شوطاً كبيراً في الجهود السياسية... لذلك آمل ألا تكون نتيجة الانتخابات هي العقبة الأخيرة التي ستفسد عملية التفاوض... على حد علمي... لن يكون الأمر كذلك".
إبراهيم رئيسي رئيساً
وكان إبراهيم رئيسي، الذي ينتمي إلى المتشددين قد فاز في انتخابات الرئاسة في إيران، يوم الجمعة، خلفاً للرئيس البراجماتي حسن روحاني، غير أنه ليس من المرجح أن يعرقل ذلك مساعي إيران في ظل الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي صاحب القول الفصل في كل مسائل السياسة العليا لإعادة العمل بالاتفاق النووي والخروج من تحت طائلة العقوبات النفطية والمالية الأميركية.
وتجري المفاوضات في فيينا منذ أبريل (نيسان) للتوصل إلى خطوات يتعين على إيران والولايات المتحدة اتخاذها فيما يتعلق بالأنشطة النووية والعقوبات للعودة إلى الالتزام الكامل بالاتفاق النووي. وكانت واشنطن انسحبت من الاتفاق في 2018 وأعادت فرض العقوبات على طهران.
ومن المقرر أن يتولى رئيسي السلطة رسمياً في أوائل أغسطس (آب). لكن مسؤولي إيران والغرب يتفقون على أن توليه السلطة لن يغير على الأرجح موقف إيران في المفاوضات لأن المرشد الأعلى علي خامنئي هو صاحب القول الفصل في كل مسائل السياسة العليا في البلاد.
ومع ذلك، أشار بعض المسؤولين الإيرانيين إلى أنه قد يكون لطهران مصلحة في المضي قدماً نحو اتفاق قبل أن يتولى الرئيس الجديد منصبه. وقال مسؤول حكومي إيراني مقرب من المحادثات لوكالة "رويترز"، "إذا تم إبرام الاتفاق وروحاني لا يزال رئيسًا، لا يمكن أن يوجّه أنصار المتشددين انتقادات لرئيسي مفادها أنه قدم تنازلات للغرب... كما سيلقى باللوم على روحاني، لا رئيسي، في أي مشكلات مستقبلية متعلقة بالاتفاق".
كما أن موقف رئيسي مماثل لموقف خامنئي المؤيد لإجراء محادثات نووية كسبيل لرفع العقوبات الأميركية التي وجهت ضربات قوية لاقتصاد إيران المعتمد على النفط وتسببت في تفاقم المشكلات الاقتصادية مما أذكى مشاعر الاستياء في البلاد.
وأبلغ عدد من المسؤولين الإيرانيين "رويترز" إن فريق التفاوض الحالي الممثل لبلادهم سيظل كما هو دون أي تغيير لبضعة أشهر على الأقل سيكون رئيسي خلالها قد تولى المنصب.
وقال مسؤول آخر "من سيختاره رئيسي وزيراً للخارجية سيكشف عن النهج الجديد للحكومة فيما يتعلق بالسياسة الخارجية... لكن سياسة المؤسسة النووية لا تحددها الحكومة" بل خامنئي.
إسرائيل تندد بـ"رئيسي"
واليوم الأحد نددت إسرائيل، ألد أعداء الجمهورية الإسلامية، بانتخاب رئيسي وقالت، "إن نظامه سيكون (نظام جلادين وحشيين) لا يجب على القوى العالمية التفاوض معه على اتفاق نووي جديد".
ولم يتطرق رئيسي قط إلى ما تردد عن دوره فيما تقول الولايات المتحدة وجماعات حقوقية في إعدامات خارج نطاق القضاء راح ضحيتها آلاف المسجونين السياسيين في 1988.
ويأتي الاجتماع الرسمي اليوم بعد أكثر من أسبوع من استئناف هذه الجولة من المحادثات، ويعد إشارة إلى احتمال تأجيل المحادثات.
القضايا الخلافية الرئيسة
وأشار مسؤولون على مدار الأسبوع إلى استمرار الخلافات حول القضايا الرئيسة.
وكان ميخائيل أوليانوف مبعوث روسيا إلى المحادثات قال على "تويتر"، "اللجنة المشتركة لخطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي) ستجتمع الأحد 20 يونيو"، وأضاف، "ستقرر (اللجنة) كيفية المضي قدماً في محادثات فيينا، الموافقة على العودة إلى الاتفاق النووي قريبة المنال، ولكن لم يتم وضع التفاصيل النهائية بعد".
وتجتمع الأطراف المتبقية في الاتفاق النووي، وهي إيران وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا وألمانيا والاتحاد الأوروبي في أحد الفنادق الفخمة في العاصمة النمسوية.
ويقع مقر الوفد الأميركي إلى المحادثات في فندق على الجانب الآخر من الشارع، إذ ترفض إيران الاجتماعات المباشرة مع الأميركيين، وتترك للوفود الأخرى والاتحاد الأوروبي مهمة العمل كوسطاء.
ومنذ انسحاب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب من الاتفاق النووي وإعادة فرض العقوبات على إيران، شرعت طهران في اتخاذ إجراءات مضادة منها إعادة بناء مخزونات اليورانيوم المخصب وهو مسار محتمل لصنع قنابل نووية.