Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تشعل الدول الكبرى الفضاء بحروب الأقمار الصناعية؟

يزدحم مدار الأرض بنحو 1300 "ساتالايت" ونحو 34 ألف قطعة من الحطام أطول من 10 سم، و900 ألف قطعة بين 1 و10 سم، و128 مليون قطعة أقل من 1 سم

الهدوء الذي تمتع به الفضاء الخارجي ولى زمنه (غيتي)

قبل نحو أسبوعين، راجت في الأخبار الدولية قصة عن عزم روسيا الاتحادية تزويد إيران بنظام أقمار صناعية متقدم، كفيل بأن يمنح طهران قدرة غير مسبوقة على تعقب أهدافها المحتملة في أنحاء الشرق الأوسط كافة، بل وربما أبعد من ذلك.

كانت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية هي التي كشفت الستار عن قصة القمر الصناعي الروسي "كانوبوس في"، المزود بكاميرات عالية الدقة، ما يتيح لإيران قدرات تجسسية غير مسبوقة على جيرانها أول الأمر، أي في منطقة الخليج العربي، بالإضافة إلى أنه يكشف القواعد العسكرية الإسرائيلية، ويراقب الحضور الأميركي في العراق وبقية منطقة الخليج.

هذا القمر الصناعي المتقدم، الذي تفاوضت إيران عليه منذ العام 2018، يعد مرحلة متقدمة من مراحل الطموح الإيراني الفضائي، ويكمل سعي برنامج إيران خارج مدار الأرض، حيث المخاوف من أن يكون أداة لتعطيل أقمار صناعية أخرى، وخطوة في طريق حروب الأقمار الصناعية التي يبدو أنها قد انفلتت من عقالها كما يقال.

والشاهد أنه بعيداً عن إنكار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين معرفته بأي شيء عن هذا القمر الجديد الذي تحدثت الصحيفة الأميركية عنه، فإن القضية في واقع الحال أوسع مداراً وأخطر عمقاً من مجرد تعاون إيراني - روسي، إذ يبدو أن هناك حتماً من سيترصد قمر إيران الروسي الجديد، أو في أضعف الأحوال تعطيل مثل هذا القمر عن العمل والبث للقواعد الأرضية، ما يفتح جبهة في حروب الفضاء، ضمن سياق ما يعرف بالتكنولوجيا المضادة للأقمار الصناعية، ذلك الفصل الجديد من مسيرة الصراعات القائمة والقادمة بين القوى العظمى في غمرة اشتداد المنافسة على عسكرة الفضاء...

من أين يمكن للمرء أن يبدأ الحديث؟

آلاف الأقمار تسبح في الفضاء

منذ خروج الإنسان إلى المدار الأرضي، ومن بعده إلى القمر، ثم الوصول تالياً إلى المريخ، بات واضحاً أن الهدوء الذي تمتع به الفضاء الخارجي قد ولى زمنه، وأن عهداً جديداً من المنافسة قد بدأ في الفضاء الخارجي، وعند العارفين ببواطن الأمور فإن المواجهات المسلحة هناك قادمة لا محالة.

في وقت سابق من العام 2018 ذكرت وكالة الفضاء الأوروبية أن هناك نحو خمسة آلاف قمر صناعي تسبح في الفضاء، والمثير في الأمر أن عدة آلاف منها، ربما يصل إلى ثلاثة آلاف، لم تعد تعمل، الأمر الذي يطرح إشكالية حوادث التفكك والانفجار، ثم الاصطدام بالأرض، ما رأيناه بجلاء في حادث الصاروخ الصيني، وحسب بعض البيانات المتاحة، لدراسة نشرتها "فاينانشيال تايمز"، من خلال مايكل بيلو كريستيان سيبارد، فإن هناك نحو 34 ألف قطعة من الحطام أطول من 10 سم، و900 ألف قطعة بين 1 و10 سم، و128 مليون قطعة أقل من 1 سم، يقدر أن تكون كلها في المدار وكلها قادرة على التسبب في أضرار.

والثابت أنه على الرغم من كل الاهتمام الذي يتم توجيهه الآن إلى الفضاء، فهناك عدد قليل من القواعد أو الإجراءات لإدارة النزاعات، أو حتى للتعامل مع الكم المتزايد من الحطام، مثل أضرار التصادم أو الأقمار الصناعية المهجورة.

من هنا يمكن النظر إلى الحالة العامة خارج الكرة الأرضية، لكن الأمر يحتاج إلى مزيد من إلقاء الضوء.

عودة سباق حرب الكواكب ثانية

هل فكرة حروب الفضاء فكرة جديدة لم تظهر من قبل على صعيد التفكير الإنساني، أم أنها كانت قائمة وقد حان وقت استنهاضها من جديد؟

المعروف أن الفضاء الخارجي كان دائماً يشاغب عقول الناس، ومع ارتياد الفضاء من قبل السوفيات بداية، ثم صعود الأميركيين إلى القمر، بات الطريق مفتوحاً ومعبداً للتفكير في استغلال الفضاء كمنصات عسكرية، ولا سيما في مواجهة الدول المعادية.

على أن أول بادرة حقيقية في طريق حروب الفضاء كانت في العام 1983 حين أطلق الرئيس الأميركي رونالد ريغان "مبادرة الدفاع الاستراتيجي"، أو برنامج "حرب النجوم"، وهو برنامج لتطوير نظام دفاعي صاروخي يعتمد على أحدث التقنيات لإحباط أي هجوم قد تتعرض له الولايات المتحدة بالصواريخ الباليستية.

كانت الفكرة الأميركية ببساطة شديدة هي عمل شبكة من أسلحة الليزر فوق سماوات أميركا، شبكة يكون الهدف الرئيس منها حماية سماء البلاد من أي صواريخ يمكن أن توجه لها من ناحية الاتحاد السوفياتي، وعملها هو القضاء على تلك الصواريخ.

لم يكن الهدف من تلك الشبكة دفاعياً بالمطلق في واقع الأمر، وإنما هجومي أيضاً، ذلك أنه في اللحظة التي كانت فيها واشنطن ستشعر أنها محمية تماماً، يكون من اليسير قيامها بأي مغامرات عسكرية تجاه الاتحاد السوفياتي.

أخيراً تحدث عدد من الخبراء في علوم الفضاء والفيزياء من نوعية "لي بيلينجز"، المحرر المتميز لدى مجلة "ساينتفيك أميركا"، بالقول إن الاشتعال العسكري الأكثر إثارة للقلق في العالم لا يوجد في مضيق تايوان، أو شبه الجزيرة الكورية، أو إيران، أو إسرائيل، أو كشمير، أو أوكرانيا، ولا يمكن تحديد موقعه على أي خريطة للأرض، ومع ذلك فمن السهل للغاية العثور عليه.

ويضيف: "لكي تراه انظر فقط إلى سماء صافية، للفضاء المحيط بمدار الأرض، حيث يتكشف أمامك صراع وسباق تسلح لا ينقصه سوى الاسم".

في تقرير له قبل ثلاثة أعوام يخبرنا "بيلينجز" أنه قد يكون فراغ الفضاء الخارجي هو آخر مكان نتوقع أن تتنافس فيه الجيوش على المناطق المتنازع عليها، إلا أن الفضاء الخارجي لم يعد فارغاً، ففي محيطه يدور نحو 1300 من الأقمار الصناعية النشطة، تحيط بالكرة الأرضية في عش مزدحم من المدارات، من أجل توفير الاتصالات في جميع أنحاء العالم، وتحديد المواقع والملاحة، والتنبؤ بالأحوال الجوية ومراقبة الكواكب.

بالنسبة إلى الجيوش التي تعتمد على بعض من تلك الأقمار الصناعية في طرق الحرب الحديثة، أصبح الفضاء بمنزلة التل المرتفع في نهاية الطريق، حيث الولايات المتحدة هي الملك المتوج عليها بلا منازع.

في أهمية الحاجة إلى الأقمار الصناعية

يبدو أن القرن الحادي والعشرين هو قرن الفضاء، بعد أن كانت القرون الوسطى هي قرون البحر، ولهذا فإن قصة الأقمار الصناعية تبدو على درجة عالية من الأهمية لمتابعة كل ما يجري من شؤون على سطح الكرة الأرضية، سواء تعلق ذلك بالمجالات العسكرية أو المدنية.

يحدثنا البروفيسور برايان ويدن، خبير الفضاء في مؤسسة "سيكيور وورلد"، بالقول: "إننا نرى بالتأكيد أن الفضاء سيلعب دوراً في النزاعات المستقبلية على الأرض"، مضيفاً أن التشويش على الأقمار الصناعية الآن قريب من متناول الجماعات المسلحة مثل "داعش"، والأمر رخيص بالنسبة إليهم.

باتت الحاجة إلى إدارة شؤون الأنشطة الحياتية كافة من خلال الإشارات الموجهة، وهذه بدورها، لا تقوم عليها إلا الأقمار الصناعية، الأمر الذي دعا الجنرال بن هودجز، القائد السابق للجيش الأميركي في أوروبا إلى القول: "إن كل شيء نعتمد عليه سواء تعلق بالنشر السريع للقوات، أو تبادل المعلومات، وصور البحار والمحيطات، هذه كلها لها منصاتها الفضائية خارج الكرة الأرضية".

ولعله من نافلة القول أن التطورات التكنولوجية والابتكارات الرائدة قد فتحت الباب أمام عصر جديد من عصور الكرة الأرضية، وربط الأقمار الصناعية بالتجارة والصالح العام بدرجة أكبر.

لقد غيرت حركة الأقمار الصناعية مقدرة البشر على رصد ومتابعة ما يجري على سطح الدول، ولعل الدور الخطير والمثير الذي لعبته معقود بكشفها تضاريس الدول وسهولها ووديانها.

هنا باتت تلعب تلك الأقمار دوراً تقدمياً في إتاحة المعرفة السريعة للعالم، مهما حاولت الأنظمة القمعية أو الجماعات الإرهابية تغطية جرائمها.

على سبيل المثال رصدت أقمار خاصة بالأمم المتحدة الدمار الشامل الذي خلفه "داعش" في مدينة الرمادي العراقية في الفترة ما بين 2014 و2016.

ومن قبل في 11 مارس (آذار) 2011، التطقت "ديجيتال جلوب"، صوراً لانفجار وقع في محطة "فوكوشيما" النووية بعد ثلاث دقائق تقريباً من انفجار المفاعل الأول، وقد كمنت أهمية الصور في أنها أخبرت العالم حقيقة الوضع على الأرض في "فوكوشيما" عندما كان الوصول إلى المنطقة متعذراً.

هل يعني ما تقدم على اختصاره أن من سيسيطر على الفضاء في القرن الحادي والعشرين سيكون حظه من الهيمنة العالمية مثل حظ أولئك الذين سادوا العالم، من خلال بسط أساطيلهم على البحار قبل بضعة قرون خلت؟

روسيا والصين... تنافس الأقمار الخارجية

أفضل جواب يمكن للمرء أن يجده في مقابل التساؤل المتقدم، هو حال الصين، القطب القادم لا محالة، الذي يسابق الزمن من أجل أن يبسط حضوره خارج الكرة الأرضية بدوره.

من الواضح لأي مراقب محقق ومدقق للشأن الصيني أن القيادة الصينية، برئاسة تشي جين بينغ، قد أولت في العقد المنصرم أهمية كبيرة للبرنامج الفضائي الصيني، وكذا لإطلاق الأقمار الصناعية الخاصة بها، ورغم أن صناعة تلك الصواريخ في الصين تعد متخلفة إلى حد كبير عن نظيرتها في الولايات المتحدة، فإن بكين وفي عام 2018 أطلقت 38 قمراً مقابل 34 لواشنطن.

تبدو الصين ماضية قدماً لتضحى قوة فضائية شاملة من الدرجة الأولى العام 2030، وهي تهدف إلى إكمال نظام بايدو العالمي للملاحة الفضائية، والانتهاء من تصميم محطة فضائية تعمل بحلول عام 2025، عطفاً على محطة أبحاث دائمة على سطح القمر بحلول عام 2035.

على الجانب الروسي تركزت استراتيجية الرئيس فلاديمير بوتين على أسلحة نوعية فتاكة مزعجة للأميركيين، ومن غير الدخول في متاهة سباق الأسلحة والتسلح الذي أرهق الاتحاد السوفياتي سابقاً، وفي مقدمة تلك الأسلحة الصواريخ الفضائية.

ما يؤكد صدقية هذا الحديث أنه في عام 2014 أي قبل دخول دونالد ترمب البيت الأبيض بعامين، وفي زمن باراك أوباما أطلق الروس قمراً صناعياً غامضاً، كان ينظر إليه على أنه يتحرك بشكل غير طبيعي في مداره، واعتقد البعض وقتها أن الروس يختبرون سلاحاً مستقبلياً في الفضاء، قد يكون عدائياً للأقمار الأخرى.

في ذلك الوقت راجت مخاوف بين الدول الكبرى حول كون هدف هذا القمر الصناعي الروسي الغامض هو شن هجمات إلكترونية على أقمار أخرى، بهدف التشويش عليها في أي صراعات عسكرية مستقبلية.

أطلق الصاروخ المثير للجدل تحديداً في شهر مايو (أيار) 2014، وكان على متن صاروخ فضائي يحمل ثلاث شحنات أخرى، في عملية إطلاق سرية لم يتم الإعلان عنها بشكل رسمي، وكان يشتبه في البداية بأنه مجرد حطام في الفضاء، لكن المناورات الغريبة التي قام بها الجسم الروسي الغامض جعل الولايات المتحدة تصنفه باعتباره قمراً صناعياً.

أضف إلى ذلك أن روسيا تستعد لتزويد قواتها المسلحة بمنظومة صواريخ جديدة مضادة للأهداف الجوية تلك المعروفة بـ"إس 500"، وتتميز منظومة الصواريخ هذه بقدرتها على التعامل مع الأهداف المطلوب تدميرها في الفضاء القريب حول الأرض، وهو ما لا تقدر عليه شقيقتها الأكبر عمراً "إس 400".

ويوضح الخبير العسكري، فيكتور ليتوفكين، أن بإمكان منظومة "إس 500" مكافحة الأقمار الصناعية العسكرية للعدو المحتمل، فضلاً عن تدمير الطائرات والصواريخ الهجومية على اختلاف أنواعها بما فيها الصواريخ الأسرع كثيراً من الصوت.

هل على الولايات المتحدة الأميركية أن تقلق من حرب الفضاء المقبلة بينها وبين الصين وروسيا، وتصادم أقمارهم الصناعية إلى الحد الذي يمكن من خلاله استخدام أسلحة نووية خارج الغلاف الجوي للكرة الأرضية؟

أميركا وتنشيط الحرب خارج الأرض

بكل تأكيد وتحديد لم تغب المخاطر التي تشكلها طفرة الصين وروسيا في الفضاء الخارجي عن أعين الأميركيين.

في هذا الصدد حذرت مجلة "ناشيونال إنترست" الأميركية ذائعة الصيت من مواجهات محتملة في المدى الزمني المنظور بين واشنطن من جهة، وبكين وموسكو من جهة ثانية، فقد نشرت في تقرير مطول لها في عدد أغسطس (آب) من عام 2020 جاء فيه أن الصين وروسيا تشكلان تهديداً استراتيجياً كبيراً لأميركا في الفضاء، وذلك نظراً إلى تطويرهما ونشرهما قدرات فضائية مضادة، كما يطور البلدان أدوات للتشويش وشن الهجمات الإلكترونية، وهو أمر يهدد الأقمار الصناعية الأميركية بشكل مباشر.

وفي تصريح لافت لـ"جيه تي طومسون"، قائد مركز الفضاء والصواريخ، في معهد ميتشل الأميركي، يقول: "إن جميع قدراتنا العسكرية تعتمد تقريباً على القدرات الفضائية، وفي الوقت نفسه يقوم أعداؤنا بتسليح الفضاء".

هذا التصريح يقودنا إلى يقين مؤداه أن الولايات المتحدة تعمل على تنشيط الحرب خارج الغلاف الجوي للأرض عن طريق الأقمار الصناعية الشبكية، ونماذج أولية لأسلحة جديدة مبتكرة لاستخدامها في الفضاء.

أما قائد قوة الفضاء الجنرال، جاي ريموند، فقد قطع بدوره أي شك حول مستقبل الفضاء، إذ أشار إلى أن "الفضاء مجال لشن الحروب تماماً، مثل الجو والبر والبحر".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

جولات الحرب الفضائية على الأبواب

تبدو بالفعل مؤشرات الصدام في الفضاء قائمة بشكل واضح وجلي للعيان، وربما منذ منتصف العقد الماضي بنوع خاص، فقد ردد مدير الاستخبارات الوطنية الأسبق، جيمس كلابر، في شهادة له أمام الكونغرس قبل ست سنوات، أي في 2015، حديث المخاوف من التدخلات الصينية المتوقعة ضد الأقمار الصناعية الأميركية وإتلافها وتدميرها، وذلك في إشارة منه لا تخطئها العين.

عطفاً على ذلك يخبرنا، لي بيلينجز، أن هناك عديد الطرق لتعطيل الأقمار الصناعية أو تدميرها دون تفجيرها بشكل استفزازي بواسطة الصواريخ، إذ يمكن لمركبة فضائية أن تقترب ببساطة من القمر الصناعي، وترش الطلاء على أجهزته البصرية، أو تدمر هوائيات الاتصال الخاصة به يدوياً، أو تزعزع استقراره في مداره، بالإضافة إلى ذلك يمكن استخدام الليزر لتعطيل الأقمار الصناعية مؤقتاً أو إتلاف مكوناتها، خصوصاً أجهزة الاستشعار الحساسة، كما يمكن لموجات الراديو أو الموجات الصغرية "الميكروويف"، التشويش أو الاستيلاء على موجات الإرسال الصادرة من محطات التحكم الأرضية أو القادمة إليها.

هل من أمثلة على الصراع الفضائي الدائر بالفعل؟

إليكم ما جاءت به قناة "الحرة" الأميركية على موقعها على الشبكة العنكبوتية: في نوفمبر (تشرين الثاني) 2019، أطلقت روسيا القمر الصناعي "كوزموس 2542"، وبعد أسبوع، فاجأ هذا القمر المراقبين عندما أطلق قمراً صناعياً فرعياً هو "كوزموس 2543"، قادراً على المناورة في المدار للمراقبة أو التجسس على أقمار أخرى.

اقترب هذا القمر الصناعي بشكل كبير من قمر تجسس هو "يو إس إيه -245"، ومن قمر روسي آخر، وبدأت لعبة مطاردة في المدار، كان من الممكن متابعتها بسهولة من الأرض من قبل علماء الفلك والجيش الأميركي، الذي أعرب عن قلقه بشكل علني.

هل وقفت أميركا أو تنوي أن تقف مكتوفة الأيدي أمام معركة الفضاء المستحدثة؟

بالقطع تسعى وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" في طريق ترتيب الأوراق لمواجهة النوازل الفضائية الجديدة، ومن عينة ذلك السعي، ما جاء في أوراق "استراتيجية البنتاغون المتعددة الأوجه"، ومن بين أهم بنودها نجد النص على تطوير أسلحة مضادة للأقمار الصناعية، وأنظمة دفاع صاروخي جديدة، وأجهزة استشعار جديدة للتحذير من الصواريخ بالأشعة تحت الحمراء، وأسلحة هجومية فضائية، وحتى إمكانية وجود نوع من الطائرات من دون طيار في الفضاء.

المعركة تبدأ من الأرض أم من الفضاء؟

تبقى هذه علامة الاستفهام الأخيرة، وهل معارك الفضاء يمكن أن تنشب من الأرض إلى خارج الغلاف الجوي، أم أن هناك من الفسحة والاتساع ما يكفي لخوض غمار ما لم تخضه الإنسانية على الأرض، ثم وهذا هو الأهم بأي أسلحة يمكن أن تخاض مثل تلك الحرب؟

باختصار غير مخل، يمكن استهداف الأقمار الصناعية بقذائف يتم إطلاقها من الأرض، غير أن هذا النسق من المواجهات والصدامات التفجيرية كفيل بأن يخلف وراءه ملايين القطع المحطمة في المدار والتي من شأنها أيضا التأثير على معدات الدول المهاجمة، وهو ما دفع قوى العالم إلى الامتناع عن القيام باختبارات كهذه.

لكن هذا لا ينفي احتمالات الصدام في الفضاء بأدوات أخرى ربما تقي المهاجم شر الارتدادات العكسية، فعلى سبيل المثال اتهمت الولايات المتحدة روسيا يوم الخميس 23 يوليو (تموز) 2020، باختبار سلاح يمكن استخدامه لتدمير أقمار صناعية في الفضاء، وهو ما نفته موسكو، وإن كان العالم لا الأميركيين فقط من يشك في حيازتها.

ويبقى سؤال آخر: هل يمكن استخدام أسلحة نووية في الفضاء؟

يحتاج الجواب إلى قراءة أخرى، وإن كان المشهد الفضائي في كل الأحوال بات مرتبكاً ومعالمه صارت مهددة لأمن الأرض وسلامها، وكأن الإنسانية مصرة على الانتحار دفعة واحدة، براً وبحراً وجواً وفضاءً.

المزيد من تحقيقات ومطولات