Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"السعيد" و"توفيق" و"طرطاق" بـ "بذلة المساجين البنية" بتهمة التآمر لقلب النظام في الجزائر

استدعت المحكمة العسكرية لويزة حنون، الأمينة العامة لحزب العمال، الخميس، في القضية نفسها

مبنى المحكمة العسكرية في العاصمة الجزائرية (أ.ف.ب)

أمام محكمة البليدة العسكرية (50 كلم جنوب العاصمة الجزائرية) مثُل كل من السعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، والجنرال محمد مدين (ملقّب بـ"توفيق") قائد الاستخبارات ما بين عامَيْ 1990 و2015، والجنرال بشير طرطاق (ملقّب بـ"عثمان") قائد الاستخبارات ما بين عامَيْ 2015 و2019، أمام وكيل الجمهورية العسكري، كل على حدة، الذي أمر بسجنهم، داعياً الحراس إلى إلباسهم زيّ المساجين العسكريين بلونه البني المعروف، فيما استدعت المحكمة العسكرية لويزة حنون، الأمينة العامة لحزب العمال، الخميس، في قضية التآمر مع السعيد و"توفيق".

إفطار في السجن

وقبل آذان المغرب مساء الثلثاء، توقفت سيارة ألمانية رمادية اللون، أمام المحكمة العسكرية في البليدة، نزل ناصر بوتفليقة، الشقيق الثاني للرئيس السابق، وسيدة يُعتقد أنها شقيقته "زهور" أو حرمه، ثم سلم سائق السيارة "قفةً" (سلة) تحتوي "طبخاً منزلياً" لإفطار السعيد الموجود في الحبس الموقت. ببذلة المساجين العسكريين، وُضع كل من السعيد و"توفيق" و"طرطاق" في "عنابر" العزل المخصصة لكبار المسؤولين العسكريين. في الرواق ذاته، جنرالان آخران وفق مصادر "اندبندنت عربية"، هما السعيد باي، القائد السابق للناحية العسكرية الثانية وحبيب شنتوف، القائد السابق للناحية العسكرية الأولى. تعليمات صارمة وكشفت المصادر أن "توفيق" رفض بدايةً أن يُقاد إلى الحبس الانفرادي بالبذلة الرمادية، لكن أحد الضباط رافقه وتعامل معه بصرامة، مكتفياً بالقول "التعليمات أتت أن تُعامَلوا كباقي المساجين"، فيما سُمح للسعيد بوتفليقة، بجلب أدوية خاصة إذ يعاني من مرض مزمن يستدعي رعاية صحية مستمرة.
وسُرِّب أن القاضي استغرق وقتاً طويلاً أثناء تحقيقه مع الجنرال "توفيق" الذي كان محل تحذير مستمر في خطابات رئيس أركان الجيش، الفريق أحمد قايد صالح في الأيام الماضية، في حين لم يستغرق التحقيق طويلاً مع السعيد و"طرطاق"، اللّذين رفضا الإجابة عن أسئلة وردت في التحقيق حول معلومات جمعها ضباط استخبارات تحدثت عن "لقاءات مشبوهة" لإعلان حالة "الحصار في البلاد" وإقالة رئيس الأركان، وتعيين السعيد باي الموجود في السجن والمحكمة العسكرية ذاتها، خلفاً له.


"مجموعات سرية"

وذكرت وزارة الدفاع في بيان أصدرته الأربعاء أن "الأبواق التي طالبت بتدخل الجيش في السياسة خلال عشريات سابقة هي ذاتها مَن تحاول عبثاً اليوم دفع الجيش للتدخل في السياسة". وأضاف البيان أن "هذه الأبواق تحاول عبثاً من خلال رسائل مفتوحة وآراء تُنشر في بعض الصحف، الذهاب إلى فترة انتقالية مفصلة على مقاسها".
وحمل هذا البيان تلميحات إلى التهم التي يواجهها الموقوفون الثلاثة "توفيق" والسعيد و"طرطاق"، التي قد تصل عقوباتها إلى حكم الإعدام، في تهم تتعلق بالمساس بسلطة الجيش والتآمر ضد سلطة الدولة، وهي أفعال منصوص ومعاقب عليها بموجب المواد 284 من قانون القضاء العسكري و77 و78 من قانون العقوبات.
وتشير المادة 284 من قانون القضاء العسكري إلى أن "كل شخص ارتكب جريمة تآمر غايتها المساس بسلطة قائد تشكيلة عسكرية أو سفينة بحرية أو طائرة عسكرية، أو المساس بالنظام أو بأمن التشكيلة العسكرية أو السفينة البحرية أو الطائرة، يُعاقب بالسجن مع الأشغال من 5 إلى 10 سنوات. ويضيف نص المادة "تقوم المؤامرة بمجرد اتفاق شخصين أو أكثر على التصميم على ارتكابها، ويطبق الحد الأقصى من العقوبة على العسكريين الأعلى رتبة وعلى المحرضين على ارتكاب تلك المؤامرة"، وإذا "تمت المؤامرة في زمن الحرب وعلى أراضٍ أُعلنت فيها الأحكام العرفية أو حال الطوارئ أو في أي ظروف يمكن أن تعرّض أمن التشكيلة العسكرية أو السفينة البحرية أو الطائرة للخطر أو أن ترمي إلى الضغط على قرار القائد العسكري المسؤول، فيُحكم بعقوبة الإعدام".

اختفاء أسلحة

ومنذ بدء التحقيق مع الجنرالين السابقين، السعيد باي وحبيب شنتوف، أخذ الأمر مساراً مختلفاً بعدما كشف محققون من "الأمن العسكري" عن اختفاء أسلحة عسكرية دون غيرها، من بينها "رشاش كلاشنيكوف" وسلاح "ماكاروف" وقّع رخصتهما شنتوف لمصلحة كل من رجل الأعمال علي حداد وأحد أفراد عائلة "كونيناف" الموجودَيْن في سجن الحراش بالعاصمة، في ملف فساد آخر.

"تسليح مليشيات"

وأدى هذا المسار وفق مصادر "اندبندنت عربية" إلى فتح تحقيق في مصير "أسلحة عسكرية"، بشكل جرى تكييفه على أساس "تسليح مليشيات" صغيرة، في سياق تحضيرات تعتقد المؤسسة العسكرية أنها كانت سترافق مسار "الحالة الاستثنائية أو الحصار" في حال إعلانها.
وبات معلوماً أن السعيد بوتفليقة، استشار وزير الدفاع السابق خالد نزار، حول فكرة "الحصار"، نظراً إلى أن نزار كان الفاعل الأول في إلغاء المسار الإنتخابي في يناير (كانون الثاني) 1992 بعد فوز الجبهة الإسلامية للإنقاذ المنحلة، بالدور الأول من الانتخابات التشريعية، قبل الدخول في مرحلة انتقالية بصيغة "المجلس الانتقالي" ثم "المجلس الأعلى للدولة".
وقضت فكرة السعيد بوتفليقة، باستنساخ التجربة نفسها، بإعلان الحالة الاستثنائية، ثم تعيين هيئة انتقالية، يقودها رئيس الدولة السابق ليامين زروال، بيد أن الأخير، رفض العرض الذي نقله إليه "توفيق"، من قبل السعيد بوتفليقة.
ويُعتقد أن لقاءات عدة عُقدت في مقر إقامة الدولة في "نادي الصنوبر" تحضيراً لهذه المرحلة الانتقالية، إلا أنها قوبلت بتحذيرات مستمرة من قبل قيادة الأركان، فمَن هي الجهة التي كشفت تفاصيل تلك اللقاءات؟

رجل توفيق" كشف كل شيء

بعد اكتشاف طبيعة اللقاءات التي كانت تعقد في "إقامة الدولة"، حيث يقيم غالبية كبار المسؤولين والوزراء الحاليين والسابقين، قادت معطيات أمنية، إلى اسم حميد ملزي، الرجل القوي والنافذ في فترة حكم بوتفليقة، إذ كان بمثابة المدير العام لهذه "المحمية"، العالِم بكل ما يجري داخلها. كما أن ملزي، بقي الرجل المقرب من "توفيق" وعينه الحارسة في "نادي الصنوبر".
وكان قاضي التحقيق في الغرفة الخامسة، لدى محكمة سيدي امحمد، أمر فجر الثلثاء، بوضع ملزي، رهن الحبس المؤقت، فيما أفرج عن نجليه وسكرتيرته الخاصة، بعد ليلة كاملة من التحقيقات بتهم ممارسة "التجسس الاقتصادي" وعقد صفقات مشبوهة مع محافظ العاصمة المقال قبل أيام، عبد القادر زوخ.
وأفاد مصدر مأذون "اندبندت عربية" بأن الضابط الذي ساق السعيد بوتفليقة إلى المحكمة العسكرية، هو نفسه مَن كُلِّف بجلب ملزي إلى محكمة سيدي امحمد، إذ يُعتقد بعلاقته بتحضيرات السعيد ومعاونيه.

15 وزيراً أمام القضاء قريباً

في سياق متصل، قرر القضاء الجزائري استدعاء الرئيس المدير العام السابق لشركة "سوناطراك" الحكومية للنفط، عبد المومن ولد قدور، للمثول أمام العدالة الجزائرية بتهمة الضلوع بأعمال فساد وتجسس، إضافةً إلى 15 وزيراً سابقاً سيمثلون أمام القضاء خلال الأيام القليلة المقبلة، بتهم "فساد وسوء التسيير وتبديد المال العام واستغلال النفوذ وخدمة أجندة أجنبية".
في غضون ذلك، أعلنت وزيرة الثقافة السابقة، نادية لعبيدي، تفعيل دعوتها القضائية ضد الأمينة العام لحزب العمال لويزة حنون، بتهمة القذف، بعد استقالة الأخيرة من البرلمان وسقوط الحصانة عنها. وقالت لعبيدي في بيان إن "إجراءات الحصانة منعت مثول حنون في وقت سابق أمام القضاء، على الرغم من أن الأخيرة صرحت في مناسبات عدة أنها مصممة على مواجهتي أمام المحكمة والتنازل عن الحصانة البرلمانية لهذا الغرض".
وقال محامون إن مجالس قضائية تستقبل يومياً، عشرات الدعاوى من أطراف مدنية، تتهم مسؤولين محليين وكبار في قضايا فساد، إذ أعطى الحراك الشعبي، دفعاً إلى المئات لممارسة رقابة لاحقة على صفقات مشبوهة تمّت في فترة حكم الرئيس السابق.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي