Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أسبوع فني - ثقافي في بنغازي للهرب من هموم الحرب والسياسة

شارك مثقفو طرابلس في تلك النشاطات تأكيداً لحرصهم على وحدة ليبيا

تخلل الأسبوع الثقافي أمسيات شعرية وندوات وعروض مسرحية وموسيقية وغيرها (اندبندنت عربية)

وسط ركام المباني المتهاوية جراء الحرب التي دارت في بنغازي قبل سنوات، اجتمع لفيف من الفنانين والأدباء، من شرق ليبيا وغربها، لتنظيم نشاطات ثقافية وفنية على مدى أسبوع كامل. وتحمل تلك النشاطات رسالة قالوا إن مفادها أن "الفن سلاح جميل قادر على إصلاح مفاسد السياسة وجمع ما فرقت".
وكانت الفنون السبعة المعروفة في كل أنحاء العالم حاضرةً في يوم خاص لها في هذا الأسبوع الثقافي المفتوح، الذي يُعد الأول منذ سنوات طويلة في بنغازي، التي لطالما عُرفت بأنها مدينة الثقافة في ليبيا، كونها مسقط رأس أبرز الأسماء الأدبية التي لمعت في البلاد، مثل المفكر والأديب الصادق النيهوم، والكاتب خليفة الفاخري، والشاعر علي الفزاني، وغيرهم.

نشاطات في الفنون السبعة

واستضافت مدينة بنغازي، بدءاً من يوم السبت الماضي 12 يونيو (حزيران)، فعاليات الأسبوع الثقافي. ولخّص المشرف على الحفل، حازم الفرجاني، النشاطات المنظَمة بأنها "تغطي كل ما له علاقة بالفن والثقافة، من أمسيات شعرية وندوات ثقافية وعروض مسرحية وموسيقية، إضافة إلى ورش عمل للرسم على الزجاج والتصوير والنحت وطاولات مستديرة ومؤتمرات ومناظرات حول السينما الليبية، وحفلة موسيقية عربية أندلسية، ومسرحية قدمتها فرقة ليبية، لإحياء الحياة الفنية والثقافية في بنغازي".

وشرح الفرجاني الظروف التي ولِدت فيها فكرة إقامة هذا الأسبوع الثقافي، قائلاً "كنا ننظم نشاطات ثقافية ليوم واحد عادةً، تُخصص لنوع من الفنون أو النشاطات الثقافية، ولكننا هذه المرة قلنا لمَ لا نجمع كل هذه النشاطات في أسبوع كامل، يشكّل ملتقى لكل أهل الفن والثقافة في ليبيا". وتابع "حدث ذلك في يوم خُصص للفن السابع، الذي هو السينما، فقررنا أن نعمل على أسبوع يجمع الفنون السبعة، وهي فرصة للتعرف إلى كل جديد فيها وفتح باب النقاش الأدبي حولها، وهو النقاش الذي افتقدناه لسنوات في ليبيا، وسط ضجيج السياسة".
وأوضح الفرجاني أن "المشرفين على الأسبوع الثقافي خصصوا يوماً للعمارة والنحت والمسرح والسينما والموسيقى والشعر والفلسفة. وتنقسم نشاطات كل يوم ثقافي إلى ثلاثة أقسام: معرض وجلسة حوارية وورشة عمل خاصة بكل شكل من هذه القوالب الفنية والثقافية".


"نحن أحياء"

وحول الرسالة التي أراد الفريق المنظم لهذه المناشط الثقافية أن يرسلها من خلال هذا التنظيم، الذي يأتي في ظروف صعبة تعيشها البلاد، قال حازم الفرجاني إن "الرسالة التي أردنا أن نرسلها يمكن عنونتها بـ"نحن أحياء". والفن والثقافة قادران على تغيير كثير من المفاهيم في المجتمع. والرسالة الثانية هي أن هناك شراكات جميلة ممكنة في هذا المجتمع، قادرة على إنتاج الجمال، وهو ما يعبر عنه ما حصدناه من الشراكة مع المنظمات الثقافية والفنية في بنغازي وطرابلس خلال هذا الأسبوع".
وبيّن أن "ما ميّز نشاطات هذه الأيام الثقافية السبعة أنها كشفت عن مواهب كبيرة في مجالات فنية وثقافية تُعتبر جديدة على الساحة الليبية، مثل الرسم على الزجاج والفن التشكيلي باستخدام مخلفات الحديد والنحاس، والتي لاقت استحسان الجميع في المهرجان، وإشادات كبيرة بما أبدعته أيدي الفنانين في هذه المجالات".

مشاركة من العاصمة

وشهدت فعاليات الأسبوع الثقافي مشاركة فاعلة لـ"بيت إسكندر الثقافي" في طرابلس، برئاسة الدكتورة إلهام الفرجاني، عضو هيئة التدريس في كلية الفنون والإعلام في العاصمة، التي قالت إن "مجرد كوني فنانة من طرابلس وجئت للمشاركة في هذا النشاط الثقافي في بنغازي، فهي بحدّ ذاتها رسالة خاصة ونقلة كبيرة". وأضافت "هناك رسائل خاصة أيضاً أحببت إرسالها عبر مشاركتي هذه، وهي رؤى تتمثل في نشر أشكال جديدة من الفن، بمضامين مختلفة عن التقليدي، إضافة إلى الحصيلة المثمرة من التبادل الفكري، الذي أثرى كثيراً رصيدي الثقافي الخاص".
وحول مستوى التفاعل في بنغازي مع النشاطات الثقافية عامة، قالت إن "هذا التفاعل فاق المتوقَّع، وبيَّن شغف الناس للخروج من أجواء السياسة والحرب إلى فضاءات ثقافية وفنية مثل هذه". وأضافت أن "الذي لفت انتباهي شخصياً، هو المستويات الثقافية الرفيعة التي لمستها في الحوارات المفتوحة حول الفعاليات التي شهدها الأسبوع الثقافي، والاتفاقات المهمة التي خرجنا بها، المتمثلة في تعزيز التعاون الثقافي والفني بين طرابلس وبنغازي، والمشاركات الجماعية باسم ليبيا في المحافل الخارجية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


إحياء وتوضيح وتصحيح

وحول أهمية الثقافة، ودورها في المرحلة الحالية الحرجة في ليبيا، رأت إلهام الفرجاني، أن "الدور المهم للثقافة والفن في المرحلة الحالية، هو توضيح وتصحيح مفاهيم مغلوطة انتشرت أخيراً في المجتمع، على كل المستويات، من رأس الهرم إلى القاعدة، وإحياء مفاهيم جمالية بدأت تنعدم في ظل الظروف المحيطة بنا". وأشارت إلى أن "هذه الظروف أسهمت في تقليل الإنتاج الثقافي والفني لكثير من المبدعين في ليبيا. وسنعمل من خلال هذه اللقاءات الثقافية على إحياء دور المثقف في المجتمع، الذي هُمِّش أخيراً، وتحفيز المبدع على لعب دوره المؤثر والمهم والمطلوب في هذه المرحلة. ونجحنا خلال هذا الأسبوع في جذب الكثير من المبدعين من تحت ركام الإحباط، وبعضهم لم يعمل ولم يشارك في مثل هذه الفعاليات طوال العقد الماضي".
وخلصت إلى أن "الرسالة الأهم التي حملتها معي من طرابلس إلى بنغازي، هي أن الفن والثقافة قادران على توحيد ما فرقته السياسة، وعلينا أن نلعب هذا الدور كفنانين ومثقفين لحماية المجتمع من التمزق، والرقي به إلى مستويات حضارية رفيعة وسامية".

ورش عمل لتعليم الفنون

وكانت أكثر النشاطات التي تلقت إشادات كثيرة خلال هذا الأسبوع الثقافي، هي ورش العمل لتدريب وتعليم صغار السن على ممارسة الفنون بأشكالها المتنوعة، مثل الموسيقى والرسم والنحت والتصوير وغيرها، والتي كان الإقبال عليها كبيراً.
وقال وليد يوسف، والد الطفلة صبا، التي جاءت إلى المعرض لتعلم الموسيقى والتصوير، إن "تطوع الفنانين والمثقفين لتعليم النشء وترغيبهم بالولوج إلى عالم الفنون والثقافة هو شيء لا يُستهان به وبنتائجه على فكر وسلوك الشباب".
وأكد أن "توجيه الشباب وترغيبهم واستقطابهم إلى عالم الفن والجمال، مهم مرحلياً في ليبيا، بدلاً من استقطابهم من قبل المتطرفين أو قادة الميليشيات، بمعنى أنك إذا صنعت فناناً أو أسهمت في خلق مثقف، فإنك تكون بذلك أنقذت المجتمع من ظهور متطرف أو مجرم، وهذا خاص بالبلاد التي تعيش ظروفاً خاصة مثل ليبيا أو أي بلاد أخرى".

المزيد من فعاليات