Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"أحزاب" بوتفليقة تصدم الجميع وتعود إلى البرلمان

غالبية الفائزين ينتمون إلى التيار الوطني والتحالف بينها يفضي إلى توافق على شخصية محايدة لتولي منصب الوزير الأول

صناديق الاقتراع صدمت أوراقها الحراك والمقاطعين (التلفزيون الجزائري)

صدمت النتائج المؤقتة للانتخابات البرلمانية الحراك والمعارضة المقاطعة، بعد أن سيطرت أحزاب النظام السابق على جدول الترتيب، في حين أصيب الأحرار بخيبة أمل كبيرة، بالنظر إلى ضعف مردوديتهم التي جاءت عكس توقعاتهم.

عودة وتساؤلات

وتحصّلت أحزاب "جبهة التحرير" و"مجتمع السلم" و"التجمع الوطني الديمقراطي" على المراتب الثلاث الأولى على التوالي، بنسب متفاوتة بين 100 و70 و40 مقعداً، في وقت راهن فيه التيار الإسلامي ممثلاً في حركة مجتمع السلم التي "خرجت" عن عباءة المعارضة، على أغلبية برلمانية.

والتزمت أحزاب بوتفليقة ممثلة في "جبهة التحرير" و"التجمع الديمقراطي" الصمت، منذ بداية الحراك الشعبي الذي استهدفها بقوة، باعتبارها تمثل النظام السابق، إذ طالب في مسيرات الجمعة والثلاثاء بحلها.

وبعودة أحزاب النظام السابق إلى المشهد بقوة، أعلن الحراك الشعبي والمعارضة المقاطعة حال استنفار على مواقع التواصل الاجتماعي، بلغت حد التعبئة من أجل إعادة إحياء المسيرات بعد أن توافرت مسبباتها.

غير أن أطرافاً انتقدت هذا الغضب واعتبرت ما حدث يرجع إلى قوة الأحزاب التقليدية نضالياً وتنظيمياً وسياسياً، لكن بين هذا وذلك يتساءل المتابع، لماذا لم يعاقب الحراك أحزاب بوتفليقة أم أنه لم يكن يمثل مكونات الشعب وإنما فئة معينة، أم أنها أحزاب قائمة بذاتها؟

تجربة سياسية وتجذر شعبي

يقول القيادي في حزب جبهة التحرير حسين خلدون، في حديثه إلى "اندبندنت عربية" تعليقاً على هذه العودة، "يجب احترام إرادة الناخبين، وحزب جبهة التحرير لديه تجربة سياسية أكثر من غيره من التشكيلات، إضافة إلى تجذره في العمق الشعبي، وعلى الأحزاب أن تتحلى بثقافة الاعتراف بالهزيمة وتقديم التهاني للفائز والابتعاد من تعليق فشلها على المبررات الوهمية والتشكيك".

وأضاف، "لولا الوضعية النظامية التي يعيشها (جبهة التحرير) منذ أكثر من 10 سنوات، والظرف السياسي الذي ميّز الساحة منذ عشية رئاسيات أبريل (نيسان) 2019، لاستطاع أن يحقق نتيجة أكبر بكثير في هذه الاستحقاقات وغيرها".

وتابع خلدون، "بخصوص تشكيلة البرلمان والحكومة المقبلين، وبما أن أغلب الأحزاب الفائزة تنتمي إلى التيار الوطني، فإن فرضية التحالف فيما بينها واردة بقوة، إضافة إلى كتلة الأحرار التي تنتمي هي أيضاً في أغلبها إلى التيار الوطني، وعليه أتوقع أن يفضي هذا التحالف إلى التوافق على شخصية محايدة لتولي منصب الوزير الأول".

صدمة الإسلاميين وارتباك

وجاءت صدمة الإسلاميين كبيرة بالنظر إلى ما حققوه مقارنة مع أمانيهم بالاستحواذ على أغلبية المقاعد، إذ تذيلت أحزاب النهضة والإصلاح والعدالة قائمة الفائزين، في حين تحصّلت حركة البناء على 40 مقعداً، وهي النتائج التي أربكت أكبر حزب إسلامي في البلاد، حركة مجتمع السلم، التي استبقت الجميع وأصدرت بياناً أثار قلق السلطات، بعد أن وجهت اتهامات بوجود عمليات تزوير للنتائج التي جاءت لمصلحتها، ودعت الرئيس تبون للتدخل من أجل حماية أصوات الناخبين، وهو ما اعتبرته اللجنة المستقلة للانتخابات دعوة للفوضى.

وأمام هذا الوضع الذي يجعل التيار الإسلامي خارج سباق أي تحالف يسمح بتشكيل الحكومة المقبلة التي تظهر المؤشرات الأولوية أنها ستكون حكومة الرئيس تبون، بالنظر إلى نتائج حزبي جبهة التحرير والتجمع الوطني الديمقراطي التي تسمح بتكوين أغلبية رئاسية تمكن من تسمية رئيس وزراء.

الأحرار لرفع المشاركة

إلى ذلك، يعتبر أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر رابح لونيسي في حديثه إلى "اندبندنت عربية"، أن المقاطعة تركت لهذه الأحزاب الساحة فارغة، "خصوصاً أن القانون لا يأخذ نسب المشاركة بالاعتبار عند حساب الأصوات"، مبرزاً أن الأحزاب التقليدية وعلى رأسها جبهة التحرير "لها وعائها الانتخابي الثابت في كل استحقاق".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أما ما تعلق بالأحرار فيضيف لونيسي، "كانت لهم قوائم كثيرة ويبدو أن الهدف من وراء ذلك هو جلب أكبر عدد ممكن من الناخبين لرفع نسب المشاركة من جهة، وتشتيت أصوات الذين لا ينتخبون على الأحزاب التقليدية في ما بينها، فيستحيل عليها الوصول إلى العتبة باستثناء مرشحين وراءهم عرش قوي، وهؤلاء هم الوحيدون تقريباً الذين فازوا من المستقلين".

الخريطة البرلمانية التي أفرزتها انتخابات الـ 12 من يونيو (حزيران) 2021 أعادت المشهد السياسي السابق إلى ما قبل الـ 22 من فبراير (شباط) 2019، الذي تسيطر عليه الأحزاب التقليدية الكبرى، مع فارق بتراجع تمثيل المرأة إلى 22 مقعداً، على الرغم من ترشح 6 آلاف امرأة، وخيبة أمل المستقلين الذين كان رهانهم كبيراً، لكن من دون تجربة وإمكانات مادية ووسائل لوجيستية، مما يجعل قانون الانتخابات الجديد يتحمّل جزءاً من مسؤولية التراجع بعد أن نزع عن المرأة أحقيتها في ثلث مقاعد البرلمان، وفتح الأبواب أمام المواطنين المترشحين من دون وضع ضوابط ومرافقة، على حساب القائمة المفتوحة، وشعار الجميع له الحق في الترشح.

قطبية الوطني مقابل الإسلامي

من جانبه، يقول الإعلامي المهتم بالشأن السياسي وأحد مؤيدي الحراك الشعبي عبد لحكيم مسعودي في حديثه إلى "اندبندنت عربية"، إن "المشهد يلخص بكل بساطة ووضوح واقع الاستمرارية وإعادة صنع الواجهة السياسية للنظام من دون تغيير يذكر حتى على المستوى الشكلي، وبالأدوات نفسها، بحكم أن أحزاب التحالف الرئاسي لعهد بوتفليقة هي التي استولت على الأغلبية الساحقة بالبرلمان، والباقون مجرد أعوان سياسيين للنظام ظلوا يدافعون عن توجهاته، ويطبقون أجنداته تحت أدوار معلومة لدى الرأي العام، وبعض قادته كانوا وزراء".

ويواصل مسعودي، "النتيجة في الحقيقة ليست مفاجئة، وهي صدمة فقط لمن أغرته طموحاته إلى الاعتقاد بغير ذلك، خصوصاً الذين رأوا أن ترشحهم في هذه الفترة فرصة لا تعوض، إذ طغت حسابات الأنانية والسذاجة".

واختتم، "إن الذين صوتوا اليوم وساروا مع ورقة طريق النظام ليسوا إلا طامعين في الإغراءات الاجتماعية، وبالتالي فإن مفاتيح الأقلية المصوتة كانت لدى الأحزاب القوية في الهيكلة والإدارة والمال، والمشهد سيسير بقطبية التيارين الوطني مقابل الإسلامي، والأمر لن يتعدى ديكور الواجهة".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي