Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

موسكو تكشف تفاصيل القمة المرتقبة مع بايدن

قالت إن رفض الرئيس الأميركي المؤتمر الصحافي المشترك بسبب خوفه من بوتين

فاجأ يوري أوشاكوف مساعد الرئيس الروسي للشؤون الخارجية الأوساط السياسية والدبلوماسية المحلية والعالمية بالكشف عن تفاصيل اللقاء المرتقب بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأميركي جو بايدن في جنيف. وبينما كان البيت الأبيض موجزاً في تناوله جدول أعمال اللقاء المرتقب بين بايدن وبوتين، أسهب أوشاكوف السفير الأسبق لموسكو في واشنطن في كشفه عن تفاصيل هذا اللقاء، وإن قال باحتمالات التغيير بالحذف والإضافة، مؤكداً أن الأمور تظل رهن إرادة الرئيسين، وتتوقف على سير مجريات المباحثات، بما يعني التوقف على "مزاج" كل منهما ورغباته. وللمرة الأولى في تاريخ لقاءات القمة، كشف الجانب الروسي عن قائمة المرافقين للرئيس الروسي في زيارته جنيف. ما يعني ضمناً الكشف عن بعض القضايا التي من المحتمل أن يتناولها الرئيسان. وعلى سبيل المثال، قال أوشاكوف إن دميتري كوزاك، نائب رئيس ديوان الكرملين وممثل الرئيس في المباحثات مع الجانب الأوكراني في شأن الأزمة في جنوب شرقي أوكرانيا مع جمهوريتي دونيتسك ولوجانسك غير المعترف بهما، جرى إدراجه على قائمة مرافقي الرئيس بوتين في رحلته إلى جنيف. ما يعنى أن الجانب الروسي يتوقع أن يثير الرئيس بايدن القضية الأوكرانية. وكذلك الأمر بالنسبة إلى الأوضاع في سوريا، إذ كشف أوشاكوف عن إدراج اسم ألكسندر لافرينتيف المبعوث الشخصي للرئيس الروسي المختص بالأوضاع في سوريا أيضاً ضمن الوفد المرافق للرئيس بوتين إلى جنيف.

وفيما اعترف الجانب الروسي في أكثر من مناسبة بأن العلاقات بين البلدين بلغت من التدهور حداً غير مسبوق في تاريخ العلاقات الثنائية، وأنها باتت أقرب إلى الدخول في طريق مسدود، قال أوشاكوف مساعد الرئيس للشؤون الخارجية، إن الطرفين مدعوان إلى بحث مختلف جوانب هذه العلاقات بما فيها ما يتعلق بالمقار والعقارات والأراضي الدبلوماسية التي يملكها كل من الطرفين في أراضي الآخر، والتي كان الرئيس الأسبق باراك أوباما بادر بمصادرة بعضها لدى الولايات المتحدة. وهو ما ردت عليه موسكو بالمثل.

وفيما كشف بوتين، في تصريحات استبق بها الاستعدادات للقمة المرتقبة، أن الرئيسين مدعوان إلى مناقشة قضايا "الاستقرار الاستراتيجي"، قال أوشاكوف إن هذه القضايا أساسية ليس لروسيا والولايات المتحدة وحدهما، بل للعالم بأسره. وعلى الرغم من أن أوشاكوف لم يكشف تفاصيل هذا الجانب من المباحثات، فإن الجانب الروسي أماط اللثام من خلال العديد من التصريحات الرسمية التي سبق وصدرت عن الكرملين ووزارة الخارجية الروسية، عن أهمية التوازن الاستراتيجي في مجالات التسلح. وقال إن موسكو ليست معنية بما يتردد في شأن ضرورة إدراج ما أعلنت عن التوصل إليه من أسلحة عصرية ومنها الأسلحة الفرط صوتية التي قال بوتين إن الولايات المتحدة والبلدان الغربية لن تستطيع التوصل إليها قبل عام 2025، ضمن أي مباحثات في شأن تقليص الأسلحة الاستراتيجية.

القضايا الإقليمية

وإلى جانب "قضايا التعاون الاقتصادي والمناخ والقطب الشمالي ومواجهة فيروس كورونا والتعاون في مكافحة الإرهاب الدولي"، قال أوشاكوف إن القضايا الإقليمية ستحظى ببعض وقت الرئيسين في جنيف، ومنها الأوضاع في أوكرانيا والأزمة السورية والأوضاع الراهنة في الشرق الأوسط وليبيا، والبرنامج النووي الإيراني والتسوية في أفغانستان، وفي شبه الجزيرة الكورية، وناغورني قره باغ، إلى جانب قضايا أخرى لم يتم الاتفاق في شأنها مسبقاً ولم يرد ذكرها في جدول الأعمال".

أما عن قضايا العلاقات الثنائية، وهي ستحظى بحسب المؤشرات والشواهد بحيز مُعْتَبَر في قمة جنيف، فتشمل كل ما يتعلق بعمل البعثات الدبلوماسية للجانبين في كل من روسيا والولايات المتحدة، إلى جانب مصائر العديد من المواطنين الروس المسجونين والمحتجزين في الولايات المتحدة منذ سنوات طويلة. وقال أوشاكوف إنه "يمكن القول إن ممتلكاتنا في الولايات المتحدة والمسجلة رسمياً كملكية للدولة الروسية سُرِقَت هناك". وأضاف أنه ستجري مناقشة هذه القضايا تحت عنوان "القضايا التي لم يتم التوصل إلى حلول لها". وكانت السلطات الأميركية بموجب ما اتخذته من قرارات وعقوبات في الثاني من سبتمبر (أيلول) 2017 "أغلقت القنصلية الروسية العامة في سان فرانسيسكو، والبعثة التجارية في واشنطن، ومكتبها في نيويورك. وقال المسؤول الروسي إن المقرين الأوليين يندرجان ضمن قائمة ممتلكات الدولة الروسية ويتمتعان بالحصانة الدبلوماسية. أما المقر الثالث فكانت موسكو استأجرته في وقت سابق. وأكد أن "روسيا الاتحادية تعتبر الاستيلاء على الممتلكات الدبلوماسية بمثابة عمل عدائي صريح". ودعا الولايات المتحدة إلى إعادة هذه المقار على الفور. وأضاف أن الولايات المتحدة أعلنت في 26 مارس (آذار) 2018، إغلاق القنصلية العامة في سياتل وكان مقرها من المباني المستأجرة، إلى جانب مقر سكن القنصل الروسي وهو "ملكية دبلوماسية". وأعرب المسؤول الروسي عن الأمل في "حلحلة" هذه القضايا. فيما أشار إلى أنه في حال التوصل إلى أية حلول ولو جزئية بخصوص هذه القضايا، فإنه سيكون من الممكن القول إن الأمور صارت على نحو أفضل.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي صدد العلاقات الثنائية يتوقع كثيرون في موسكو أن يعود سفيرا البلدين إلى مقار عملهما بغض النظر عن أي نتائج للقمة المرتقبة. وكانت موسكو قد سارعت إلى استدعاء سفيرها في واشنطن أناتولي أنطونوف إلى موسكو "للتشاور" في أعقاب اتهامات الرئيس الأميركي نظيره الروسي بأنه "قاتل". وكذلك استدعت سفير الولايات المتحدة إلى الكرملين لتوعز إليه بضرورة "السفر إلى بلاده" للتشاور أيضاً. وهو ما اضطر إليه السفير الأميركي بعد فسحة من الوقت لم تطل كثيراً.

وكان الجانب الروسي عاد قبيل سفر وفد بلاده إلى جنيف إلى إيجاز ما سبق وأدلى به عدد من كبار مسؤوليه من تصريحات تتعلق بالقمة المرتقبة، ومنها ما قاله ديمتري بيسكوف المتحدث الرسمي باسم الكرملين عن قضايا الاستقرار الاستراتيجي المنتظر أن تتصدر جدول أعمال الرئيسين، وتشمل مراقبة التسلح في ضوء حقيقة أن روسيا تندد بخروج الولايات المتحدة من معاهدة السماوات المفتوحة في 2020، وهو ما اضطرت روسيا معه إلى اتخاذ قرارها بشأن الانسحاب من هذه المعاهدة. وذلك إلى جانب احتمالات إثارة "موضوع التفاعل بين موسكو وواشنطن في الفضاء الإلكتروني. وكان الرئيس الأميركي أعلن "عن خطط لتطوير معايير دولية لمكافحة الجرائم الإلكترونية ومناقشة هذه المبادرة مع بوتين"، بما يتضمنه ذلك من اتهامات بتدخل روسيا في الانتخابات الأميركية. أما عن "مصير الاتفاق النووي الإيراني" فقد حرص الجانب الروسي على أن يعيد إلى الأذهان ما قالته جين بساكي السكرتير الصحافي للبيت الأبيض عن أن روسيا "شريك مهم عندما يتعلق الأمر بالمفاوضات النووية مع إيران".

كلمات الإشادة

من جانبه، استبق سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسي سفر وفد بلاده إلى جنيف بجملة من التصريحات قال فيها إن "موسكو على استعداد لبحث أي قضايا على جدول الأعمال الثنائي وحلّها"، مؤكداً أن "الأهم هو أن الحوار يجب أن يقوم على مبادئ المساواة والاحترام المتبادل ومراعاة المصالح المتبادلة".

أما الموقف الرسمي للكرملين، فكان الرئيس بوتين قد أوجز أطره العامة وأركانه الأساسية في عدد من اللقاءات والأحاديث التلفزيونية، ومنها ما قاله في حواره مع عدد من مديري وكالات الأنباء الأجنبية على هامش "المنتدى الاقتصادي الدولي" في سان بطرسبورغ، وكذلك خلال الجلسة الختامية لهذا المنتدى، فضلاً عن لقائه الذي امتدّ إلى ما يقرب من الساعة ونصف الساعة مع قناة NBC الأميركية. ولعل أهم ما قاله بوتين في ذلك اللقاء أنه يدرك جيداً أن الولايات المتحدة تحاول إبعاد روسيا عن تحالفاتها مع الصين. وهو ما أكده عدد كبير من وسائل الإعلام الروسية لدى تغطيتها قمة السبع الكبار في بريطانيا، وما دار على هامشها من لقاءات ثنائية لزعماء بلدان هذه المجموعة. وفي هذا الصدد، كشف الجانب الروسي عن أن الجانب الأميركي هو الذي رفض فكرة عقد الرئيسين مؤتمراً صحافياً مشتركاً، بحسب التقليد السائد في كل القمم السابقة. وفسر كثيرون من المراقبين في موسكو رفض الجانب الأميركي وقوف الرئيسين متجاورين في "لقاء عام"، بخشية فريق البيت الأبيض من مصير مشابه لما لقيه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب في المؤتمر الصحافي المشترك الذي عقده في أعقاب لقائه مع بوتين في هلسنكي في أغسطس (آب) 2018.

ويبقى أن نقول إن القمة المرتقبة، كان بادر بطرح فكرتها الرئيس الأميركي بايدن، رداً على اقتراح من جانب الرئيس بوتين كشف عنه عقب ما وجهه إليه بايدن من اتهام بأنه "قاتل"، في شأن إجراء مناظرة تلفزيونية على الهواء مباشرة في مارس الماضي. وهو ما رفضه الرئيس الأميركي في حينه. وعلى رغم الاتهامات من جانب الرئيس الأميركي، وتمنيات الرئيس الروسي لنظيره بـ "عاجل الشفاء" سخرية وإسقاطاً على تدهور حالته الصحية، فقد حرص كل منهما على استباق قمة جنيف بتبادل كلمات التقريظ والإشادة بالآخر. وإذ وصف بوتين نظيره الأميركي بأنه "شخصية موهوبة وغير عادية"، قال بايدن إن بوتين "شخص قوي وصارم ومشرق". وإن كان الرئيسان كشفا عن أن لكل منهما ما حدده للآخر من "خطوط حمراء" لن يتنازل عنها.

المزيد من تقارير