Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

3 أفلام في "ليالي السينما السعودية" تكشف عن عوالم مجهولة

عائلة يصدمها حادث الأب ومدينة ملاهٍ مهجورة وزوجان يعيشان أزمة المكان

من فيلم "ارتداد" لمحمد الحمود (الخدمة الإعلامية للمهرجان)

بعد إلغاء الدورة التأسيسية الأولى لمهرجان البحر الأحمر السينمائي، الذي كان مقرراً انعقاده في مارس (آذار) من العام الماضي، بسبب تفشي وباء كورونا، قررت إدارة هذه التظاهرة، التي عاكستها الظروف إلى الآن، عدم انتظار الدورة المؤجلة التي ستنعقد من 11 إلى 20 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، والمضي في تنظيم سلسلة نشاطات ترافق إعادة افتتاح الصالات في السعودية. أحد هذه النشاطات هو "ليالي السينما السعودية"، الذي يجري خلال يومين فقط، من 16 إلى 17 من الشهر الحالي.

تستضيف مدينة جدة هذا الحدث على مدار يومين، وهو عبارة عن عروض أولى لأفلام روائية طويلة وقصيرة لسينمائيين سعوديين تعرض للمرة الأولى في العالم العربي، بالإضافة إلى جلسات نقاشية. هذه الاحتفالية الخاصة بالسينما السعودية التي شهدت قفزة كبيرة في السنوات الأخيرة تقدم عروضها في "موفي سينما" مول العرب (جدة).

"اربعون عاماً وليلة"

تنطلق "ليالي السينما السعودية" بفيلم "أربعون عاماً وليلة" لمحمد الهليل، الذي يشاهد لأول مرة في السعودية، علماً بأن عروضه كانت قد افتتحت في مهرجان مالمو للسينما العربية الذي يجري في السويد قبل نحو عشر سنوات. الفيلم من بطولة مشعل المطيري وسناء بكر يونس وجعفر الغريب، وهو دراما مشحونة لعائلة، يساهم حادث سير يتعرض له الأب إلى قلب حياة أفرادها رأساً على عقب، فتنكشف شيئاً فشيئاً أسرار دفينة كانت مخبأة. هذا الفيلم الذي كان قد فاز بدعم صندوق "تمهيد" من مهرجان البحر الأحمر السينمائي، يتمحور في الواقع على خمسة أشقاء وأولادهم يجتمعون في دار العائلة لتمضية عيد الفطر. يتسم اجتماعهم بالحميمية، إلا أن الأشياء تأخذ منحى آخر بسرعة، حين يأتيهم اتصال هاتفي يبلغهم أن والدهم تعرض لحادث سيارة، فيهرعون إلى المستشفى، حيث يرقد الوالد. صحيح أنه يتبين أن الوالد في حالة جيدة، لكن هذا الحادث سيكون مدخلاً إلى أسرار خفية تفسد الروابط الأسرية. هذه الأسرار ستساهم في تغيير ماضي أفراد العائلة وحاضرهم ومستقبل علاقتهم بعضهم ببعض.

محمد الهليل (مواليد الأحساء) سينمائي سعودي شاب لا يتجاوز الـ24 من العمر، وله حتى الآن أفلام قصيرة عدة فيها حس ساخر واضح. أبرز أفلامه القصيرة "ماطور"، و"300 كلم"، و"غبار". وبعض هذه الأفلام عرض في مهرجانات. أما "أربعون عاماً وليلة" فهو باكورته الروائية، التي دعمها مهرجان البحر الأحمر بمبلغ نصف مليون دولار ساعده على تحقيقه بتقنية جيدة، تصويراً ومونتاجاً. لا تخلو أفلام الهليل من دراما نفسية بين شخصيات مختلفة، وهي دراما تسهم في توتير العلاقة بينها، خصوصاً إذا كانت هذه العلاقة بين أفراد أسرة واحدة كما الحال في "أربعون عاماً وليلة". كما أن أسلوب التصوير عنده يعتمد على "التدفق التلقائي الكاشف للحقيقة"، كما كتب أحد النقاد.

الفيلم من تأليف الكاتب والمنتج عبدالرحمن خوج، وهو من رواد حركة السينما المستقلة في السعودية، وسبق ان أخرج الفيلمين الطويلين "عروس الشعر" (2017)، و"الخصائص الفيزيائية للقهوة" (2019). وشارك في إنتاج عدة أفلام سعودية طويلة وقصيرة، كما يحاضر في كتابة السيناريو في جامعة عفت. في "أربعون عاماً وليلة" طرح الأفكار التي يناقشها بسلاسة من دون "فذلكات الفيلم الأول" التي يقع فيها عادةً السينمائيون في مقتبل تجربتهم. كما أنه لم يدس في نصه ما ليس له مكان. أما الخاتمة، فقد لخصها الناقد عدنان حسين أحمد، فكتب قائلاً، "النهاية التنويرية ستظل عالقة في ذاكرة المتلقين الذين استمتعوا بمشاهدة هذا الفيلم الجريء، إذ لا يخلو من حساسية في القضايا والأفكار التي لا يجرؤ على تناولها إلا مبدع لا يخشى الذهاب في المغامرة الفكرية إلى أقصاها. ويبدو أن المخرج محمد الهليل سيسجل فتوحات جديدة في هذا المضمار".

"مدينة الملاهي"

فيلم روائي طويل آخر يشق طريقه إلى "ليالي السينما السعودية"، "مدينة الملاهي" لوائل أبو منصور. الفيلم عن رجل اسمه مسعود يقوم بصحبة سلمى في رحلة مفتوحة لا هدف لها. الطريق الصحراوي الذي يسلكانه يقودهما إلى مدينة ملاهٍ مهجورة بعد انقطاعهما وسط اللامكان، في مغامرة للبحث عن الذات، لا تخلو من عواقب غير متوقعة… الفيلم رحلة لمواجهة النفس، واكتشاف الذات، تتحول الطبيعة فيها إلى طرف في الحوار، وتضيف أبعاداً نفسية واجتماعية كانت مختفية وراء ضجيج المدينة. مشهد الافتتاحية في الإطار الصحراوي الشاسع ذكر أكثر من ناقد بفيلم فيم فاندرز "باريس، تكساس" الذي فاز عنه مخرجه الألماني الكبير بجائزة "السعفة الذهب" في "كان" 1984.

 

استلهم أبو منصور من الأدب السعودي لنسج عالم بعيد من الواقعية الاجتماعية التي نراها في الكثير من الأعمال السينمائية، بل ذهب إلى الغرائبيات، من دون أن ينسى لملمة التفاصيل، وهي حرفة اكتسبها جراء عمله في الصحافة والأفلام الوثائقية.

"ارتداد"

الفيلم السعودي الثالث الذي لا بد من الإشارة إليه هو "ارتداد"، من إخراج محمد الحمود، وتمثيل فاطمة البنوي وأيمن مطهر. خلافاً للفيلمين المذكورين آنفاً، هذا فيلم روائي قصير، وقد تناوله الإعلام في مناسبة عرضه في الدورة الأخيرة (2019) من مهرجان كليرمون فيران للفيلم القصير (فرنسا) الذي يعتبر أهم تظاهرة للفيلم القصير في العالم. ضم الفيلم إلى المسابقة، فتحول إلى أول عمل سينمائي يشارك في هذا الحدث الذي يرفع من شأن أي فيلم يعرض فيه. الحبكة تدور على زوجين يقومان بأول زيارة لهما لبلدة الزوج بعد زفافهما، فيكتشفان بأن حياتهما المعاصرة ما هي إلا عالم مختلف تماماً عما ينتظرهما هناك. على آية التي تحاول جاهدة أن يقبلها أهل زوجها القيام بخيار صعب، بينما يواجه زوجها نادر العواقب، مما يضع علاقتهما أمام تحدٍ صعب. الفيلم يعرض تجربة استكشاف الثقافات المحلية في السعودية عبر زيارة مناطق الجنوب الريفية والتحولات التي ستحدث بين الزوجين، نتيجة أن الزوجة عاشت في جدة، ولم تكن على تواصل بثقافة أهل زوجها الذين يعيشون في منطقة جازان النائية. أما عنوان الفيلم فهو دلالة مباشرة إلى الارتداد الذي ينتج عند الإنسان عندما يكتشف شيئاً كان يجهله من قبل.

المزيد من سينما