أعلن الرئيس الاميركي دونالد ترمب، أن الايرانيين أظهروا أنهم مصدر "تهديد كبير". وفي الوقت نفسه كرر أنه "منفتح على الحوار" مع طهران.
جاء ذلك بعدما قالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، الخميس 9 مايو (أيار)، إن الاتحاد الأوروبي يريد تجنب تصعيد الخلاف مع إيران بشأن برنامجها النووي. ودعت طهران إلى الاعتراف بأن مصالحها مرتبطة بمواصلة الالتزام بالاتفاق النووي.
وسبق ذلك رفض ألمانيا وفرنسا وبريطانيا والاتحاد الأوروبي، الخميس، المهلة التي حددتها إيران بـ60 يوماً قبل تعليق التزامها ببنود أخرى في الاتفاق.
وقالت الدول الثلاث ووزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني، في بيان مشترك، "نرفض أي إنذار وسنعيد تقييم احترام إيران التزاماتها في المجال النووي".
وعبّر الأوروبيون عن "قلقهم الشديد" بعد قرار طهران تعليق اثنين من تعهداتها التي قطعتها في إطار الاتفاق النووي المبرم مع القوى الكبرى في العام 2015، الذي انسحبت منه الولايات المتحدة قبل سنة.
وجاء في البيان "لا نزال متمسكين بالكامل بالحفاظ على التطبيق الكامل للاتفاق حول الملف النووي، وهو أمر أساسي في البنية العالمية للحد من انتشار الأسلحة النووية ويصب في مصلحة أمن الجميع". ودعوا طهران إلى "الامتناع عن أي تصعيد".
وأضافت الدول الثلاث "ننتظر من إيران أن تواصل الالتزام بالصيغ والآليات الواردة ضمن الاتفاق النووي".
وذكرت "بتعهداتها الحازمة في إطار الاتفاق، لا سيما في ما يتعلق برفع العقوبات عن كاهل الشعب الإيراني".
وأبدت الدول الثلاث "تصميمها على مواصلة جهودها لإفساح المجال أمام مواصلة التجارة المشروعة مع إيران"، خصوصا عبر نظام "انتستكس" الذي وضعته باريس وبرلين ولندن في نهاية يناير (كانون الثاني) للالتفاف على العقوبات.
ورد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف على دول الاتحاد الأوروبي، فدعاها إلى التقيد بالتزاماتها في الاتفاق النووي مع الجمهورية الإسلامية وتطبيع العلاقات الاقتصادية على الرغم من العقوبات الأميركية.
وكتب ظريف على حسابه في تويتر "بدلاً من المطالبة بأن تلتزم إيران من جانب واحد باتفاق متعدد الأطراف، ينبغي للاتحاد الأوروبي التقيد بالتزاماته، ومنها تطبيع العلاقات الاقتصادية".
ودعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الخميس، إلى تجنب "التصعيد" ضد إيران.
وقال الرئيس الفرنسي، عند وصوله للمشاركة في القمة الأوروبية غير الرسمية في سيبيو برومانيا، "يجب الحفاظ" على الاتفاق، مضيفاً أن "إيران يجب أن تبقى ضمن هذا الاتفاق".
في المقابل، نددت روسيا "بشدة" بالعقوبات الأميركية الجديدة على ايران، ودعت جميع الاطراف إلى اجتماع لـ"تحديد سبل تطبيع الوضع".
أما وزارة الخارجية الإيرانية فحمّلت واشنطن المسؤولة عن خسائر إيران.
وقال متحدث باسمها، الخميس، إن العقوبات الأميركية على المعادن الإيرانية تخالف الأعراف الدولية.
ونقلت وكالة أنباء الطلبة شبه الرسمية عن عباس موسوي قوله "هذا الإجراء الأميركي يخالف الالتزامات الدولية لهذا النظام... إنه يخالف الأعراف الدولية".
الكرملين: إيران أُستفزت
اعتبر الكرملين أن إيران تعرضت لاستفزاز، سبب تراجعها عن بعض بنود الاتفاق النووي بسبب ضغوط خارجية، ملقياً باللوم في ذلك على الولايات المتحدة. ويعد هذا الموقف دعماً واضحاً للمصالح الايرانية في وجه واشنطن. وقال ديمتري بيسكوف الناطق باسم الكرملين في مؤتمر صحافي "تحدث الرئيس بوتين مراراً عن عواقب خطوات غير مدروسة في ما يتعلق بإيران، وأعني بذلك قرار واشنطن (الانسحاب من الاتفاق). اليوم نرى أن هذه العواقب بدأت تحدث".
وأوضح وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف لنظيره الروسي سيرغي لافروف، أن قرار طهران التراجع عن بعض التزاماتها الطوعية في اتفاقها النووي مع القوى العالمية قانوني. وأبلغ ظريف، الذي يزور موسكو لإجراء محادثات، لافروف بأن الإجراءات الإيرانية لا تنتهك البنود الأصلية للاتفاق النووي وأن أمام طهران اليوم 60 يوماً لاتخاذ الخطوات الدبلوماسية اللازمة. وأعلنت إيران في وقت سابق اليوم أنها ستقلص القيود المفروضة على برنامجها النووي بموجب الاتفاق المبرم في عام 2015 مع القوى العالمية، وهددت بفعل المزيد، بما في ذلك تخصيب اليورانيوم بمستوى أعلى، إذا لم توفر لها الدول الموقعة على الاتفاق حماية من العقوبات الأميركية. وقال ناطق باسم رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، إن بريطانيا تشعر بقلق بالغ إزاء إعلان إيران تقليصها القيود المفروضة على برنامجها النووي وفق الاتفاق المبرم عام 2015، وتحث طهران على عدم اتخاذ خطوات تصعيدية. وأضاف "نحث إيران على مواصلة تنفيذ التزاماتها بموجب الاتفاق وعدم اتخاذ خطوات تصعيدية، هذا اتفاق مهم يجعل العالم أكثر أمناً وسنضمن أن يظل سارياً ما دامت إيران تفي بالتزاماتها".
الموقف الفرنسي
وقالت وزيرة الدفاع الفرنسية فلورنس بارلي إن بلادها تريد الإبقاء على الاتفاق النووي. وتابعت بارلي أن الاتفاق الذي يهدف إلى التحكم في أنشطة إيران النووية قُوّض لأشهر عدة، مضيفة أنه "ما من شيء سيكون أسوأ اليوم من أن تغادر إيران، نفسها، هذا الاتفاق". وأوضحت أن فرنسا وبريطانيا وألمانيا تبذل قصارى جهدها للإبقاء على الاتفاق من خلال مبادرات لمساعدة الاقتصاد الإيراني على الرغم من العقوبات الأميركية الصارمة، لكنها حذرت من أنه ستكون هناك تبعات وربما عقوبات إذا انتهكت طهران الاتفاق.
وقالت: "قد يكون هذا أحد الأشياء التي ستجرى دراستها. لا توجد عقوبات اليوم من أوروبا لأن إيران احترمت حتى الآن الالتزامات التي تعهدت بها". واختلف رد الفعل الإسرائيلي عن الفرنسي، إذ اعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن بلده لن يسمح لإيران بحيازة أسلحة نووية، مؤكداً موقفاً قائماً منذ فترة طويلة. وأضاف "سمعت صباح اليوم أن إيران تعتزم استئناف برنامجها النووي... لن نسمح لإيران بحيازة أسلحة نووية، وسنواصل قتال من يسعون لقتلنا". وقال ناطق باسم الحكومة الألمانية "نريد الإبقاء على الاتفاق النووي وسنقوم بالتزاماتنا ما دامت إيران تقوم بالتزاماتها، وأن انتهاكاً ولو جزئياً من الاتفاق النووي غير مقبول"، معتبراً أن تصريحات الحكومة الإيرانية مؤسفة.
ضبط النفس
أما الصين، فاعتبرت أن الاتفاق النووي الإيراني المبرم عام 2015 يجب تنفيذه بالكامل وكل الأطراف مسؤولة عن ضمان تحقيق ذلك، بحسب كلام قنغ شوانغ الناطق باسم الخارجية. وأضاف قنغ "ندعو كل الأطراف إلى إبداء ضبط نفس وتعزيز الحوار وتجنب تصعيد التوتر"، مذكراً بأن الصين تعارض عقوبات أحادية الجانب من قبل الولايات المتحدة على إيران. وتصاعدت التوترات عشية الذكرى السنوية لانسحاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب من الاتفاق الذي وافقت إيران بموجبه على كبح برنامجها النووي مقابل رفع العقوبات الدولية عنها.
وأعادت إدارة ترمب فرض العقوبات الأميركية ووسعت نطاقها وأمرت دولاً من مختلف أرجاء العالم بالتوقف عن شراء النفط الإيراني وإلا ستواجه عقوبات هي أيضاً. وحذر الرئيس الإيراني حسن روحاني من رد حازم إذا أحيلت القضية النووية الإيرانية إلى مجلس الأمن الدولي مجدداً، ولكنه قال إن طهران مستعدة للتفاوض. وأضاف "على الشعب الإيراني والعالم إدراك أن اليوم ليس نهاية خطة العمل المشتركة الشاملة (الاتفاق النووي)... هذه إجراءات تتماشى مع الاتفاق".
وكتب وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف على "تويتر": "بعد عام من الصبر، توقف إيران إجراءات جعلت الولايات المتحدة مواصلتها مستحيلة". وأضاف أن أمام بقية الدول "فرصة آخذة في التضاؤل" لإنقاذ الاتفاق.
الالتزام بالاتفاق
وقال مفتشون من الأمم المتحدة إن إيران تواصل الالتزام بالاتفاق منذ الانسحاب الأميركي. ويحاول حلفاء واشنطن الأوروبيون المعارضون لانسحابها التوصل إلى سبل للحد من الأثر الاقتصادي للخطوة الأميركية، من دون نجاح حتى الآن، بينما يحثون طهران على مواصلة الامتثال للاتفاق. وأعلن مجلس الأمن القومي الإيراني الأربعاء أن البلاد ستوقف الحد من مخزونها من المياه الثقيلة واليورانيوم المخصب، لتعود بذلك عن تعهد قطعته في إطار الاتفاق الذي أبرم في فيينا عام 2015. وهذا الاتفاق أتاح لطهران الحصول على رفع قسم من العقوبات الدولية التي تستهدف البلاد.
لكن الولايات المتحدة التي انسحبت من النص قبل سنة، أعادت فرض عقوبات على طهران، ما أضر بشدة باقتصاد البلاد والعلاقات التجارية بين إيران والدول الأخرى الموقعة على الاتفاق.
بومبيو
وفي سياق متصل، زار وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو بريطانيا اليوم ليلقي الضوء على "العلاقة الخاصة" بعد الانفصال عن الاتحاد الأوروبي، في الوقت الذي أعلنت إيران أنها قد توقف تنفيذ بعض التزاماتها في الاتفاق النووي الذي انسحبت منه الولايات المتحدة في العام الماضي.
ووصل بومبيو إلى لندن بعد زيارة لم يعلن عنها مسبقاً إلى العراق، حيث شرح المخاوف الأمنية الأميركية في ظل تصاعد النشاط الإيراني. وأعلن الجيش الأميركي أن قاذفات من طراز بي-52 ستكون جزءاً من القوات الإضافية المرسلة إلى الشرق الأوسط، لمواجهة ما تقول إدارة الرئيس دونالد ترمب إنها "مؤشرات واضحة" على تهديدات من إيران للقوات الأميركية هناك. وقال بومبيو "آمل في أن تضعنا الرسالة التي أرسلناها للإيرانيين في وضع يتيح لنا الردع، وأن يفكر الإيرانيون مرتين قبل مهاجمة المصالح الأميركية". وأشار إلى أن الاستخبارات الأميركية "دقيقة للغاية" بشأن "الهجمات الوشيكة".
وكانت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أعلنت الأربعاء أن نظام التفتيش الذي تقوم به في إيران لم يتغير على الرغم من إعلان طهران أنها ستوقف الحد من مخزونها من المياه الثقيلة واليورانيوم المخصب.
ويستند نظام التفتيش هذا إلى بروتوكول إضافي لمعاهدة الحد من الانتشار النووي، وقد وافقت طهران على الالتزام به في إطار اتفاق العام 2015.
الالتزام بالبروتوكول
وأوردت الوكالة الذرية أنه طالما أن إيران لم تتراجع عن التزامها بالبروتوكول، فإن مهمة التفتيش التي يقوم بها خبراء الوكالة الدولية للطاقة الذرية تبقى كما هي. وتتخذ الوكالة الذرية التابعة للأمم المتحدة من فيينا مركزاً لها، وهي مكلفة بالاشراف على تطبيق الاتفاق النووي الذي وقعته طهران مع القوى الكبرى عام 2015 عبر وسائل تقنية متطورة وخبراء يعملون مباشرة على الأرض في إيران. من جهته، قال روبرت كيلي من معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام إن إيران "تبقى خاضعة لعمليات تفتيش الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وسيرى الجميع حقيقة ما يحصل"، مضيفاً أن "الوكالة الدولية للطاقة الذرية ستكون قادرة على متابعة كل ما يجري يوماً بعد يوم". وأكدت الوكالة على الدوام أن إيران تحترم التزاماتها الواردة في إطار اتفاق العام 2015 الذي خرجت منه الولايات المتحدة قبل سنة. وكانت ايران وافقت بموجب الاتفاق على حصر مخزونها من المياه الثقيلة بـ 130 طناً كحد أقصى، والمخزون من اليورانيوم المخصب بـ 300 كيلوغرام.