Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

5 أفلام عربية في كان: لجوء وسحر وموسيقى ضد الإرهاب

مخرجون شباب يخوضون عالم السينما بجرأة وبعضهم يعاني مشكلة الانتماء المزدوج

من فيلم "اوروبا" للعراقي حيدر رشيد (الخدمة الإعلامية للمهرجان)

بعد إعلان مهرجان كان السينمائي عن برنامج دورته الرابعة والسبعين في كافة الأقسام والمسابقات، سارع العرب جرياً على عادتهم إلى إحصاء عدد الأفلام العربية المشاركة في هذا الحدث الكبير الذي يعقد من 6 إلى 17 يوليو (تموز) المقبل. المشاركات العربية في كان لا بأس بها في السنوات الماضية وتجاوزت أحياناً الخمسة أفلام في دورة واحدة. هذه المشاركات التي باتت تتكرر بانتظام في محافل دولية مثل كان وبرلين والبندقية، خصوصاً في فترة ما بعد "الربيع العربي"، تساهم في انتشار السينما العربية دولياً وخلق وعي سياسي واجتماعي غربي حيال ما يحدث في البلدان التي تأتي منها، بغض النظر عن معايير الانتقاء التي ثمة علامات استفهام كبيرة في شأنها. اعتدنا وجود بلدان مثل: مصر، وتونس، ولبنان، وفلسطين في هذه المهرجانات. وهذا العام، خمسة أفلام عربية تشق طريقها إلى أكبر مهرجان سينمائي في العالم، ومن المتوقع أن تكون حديث الإعلام والمشاهدين في الأشهر المقبلة.

في المسابقة، نجد فيلم المخرج المغربي نبيل عيوش، "علي صوتك" الذي يتسابق على "السعفة الذهبية" إلى جانب 23 فيلماً. إنه الفيلم العربي الوحيد في المسابقة التي تحظى باهتمام إعلامي كبير. في "نظرة ما"، هناك فيلم للممثلة التونسية الفرنسية حفصية حرزي بعنوان "أم جيدة"، وهذه هي خطوتها الإخراجية الثانية. إلا أن هناك سجالاً كبيراً حول الموضوع: هل يجوز اعتبار فيلم لفنانة ولدت وعاشت في فرنسا وصورت فيها فيلمها بتمويل فرنسي وتدور أحداثه في فرنسا وناطق بلغتها… فيلماً عربياً؟ السؤال نفسه يطرح في شأن المخرج البرازيلي من أصل جزائري كريم عينوز الذي عاد إلى قرية والده في الجزائر في جديده "بحار الجبال". إلا أن الفيلم تمويل برازيلي والمخرج لم يعش يوماً في الجزائر ولا يتحدث العربية أو الأمازيغية، وعلاقته بأصوله ليست أكثر من شخص يبحث عنها. ثمة فرق بين جنسية الفيلم وهويته، وهذه مسألة شائكة تلتبس على بعض العرب الذين يعتبرون أفلام حرزي وعينوز عربية. إذاً، التشكيلة الرسمية لا تحتوي إلا على فيلم عربي واحد، الأفلام العربية الأربعة البقية تعرض في القسمين الموازيين للتشكيلة الرسمية، وتتوزع على النحو الآتي: في "أسبوع المخرجين" سيعرض "أوروبا" للمخرج الإيطالي العراقي حيدر رشيد، و"البحر أمامكم" للبناني إيلي داغر. أخيراً، في قسم "أسبوع النقاد" الذي يحتفي هذا العام بدورته الستين سيتسنى لنا مشاهدة الفيلم المصري "ريش" إخراج عمر الزهيري، وهو إنتاج أربع دول: فرنسا ومصر واليونان وهولندا. أما فيلم ختام القسم نفسه، فأوكل إلى "مجنون فرح" للتونسية ليلى بوزيد، وهي ابنة المخرج القدير النوري بوزيد. 

"علي صوتك" لنبيل عيوش 

البيان الذي أصدره المركز السينمائي المغربي عن مشاركة فيلم عيوش في المسابقة، معلناً أنه أول فيلم مغربي مرشح لـ"السعفة"، أحدث جدلاً واسعاً بين المغاربة المهتمين بالفن السابع. هناك من سارع إلى نبش دفاتر كان القديمة ليؤكد أن عيوش ليس أول مغربي يعرض فيلمه في المسابقة. كتب الناقد رشيد نعيم في هذا الصدد يصحح غلطة المركز، موضحاً أن المغرب شارك في المسابقة خمس مرات. إلا أن الأخير وقع في مبالغة اعتبار "عطيل" (1952) لأورسون ولز الذي صوره في مدينة الصويرة فيلماً مغربياً لمجرد أن المخرج الأميركي أراد مغازلة المغاربة عبر إهداء فوزه بـ"السعفة" عن هذا الفيلم إلى وطنهم. هناك أيضاً أفلام أنجزها فرنسيون في زمن الانتداب صنفها نعيم من ضمن الأفلام المغربية، كحال "طبيب رغماً عنه" لهنري جاك (1956). إلا أن هناك فعلاً فيلماً مغربياً بعنوان "أرواح وإيقاعات" لعبد العزيز رمضاني شارك في المسابقة في عام 1962، الأمر الذي يلغي نظرية أن عيوش هو الرائد في هذا المجال. 

عيوش الذي اعتاد إثارة "نعرات" سينمائية، وانقسم جمهوره بين مؤيد لأسلوبه ومندد به لكونه في نظرهم يغازل الغرب ويخاطبه في أعماله مسيئاً إلى سمعة البلاد، يروي هنا رحلة التحرر عبر موسيقى الهيب هوب. يجري الفيلم في سيدي مومن، أحد الأحياء الشعبية في الدار البيضاء. في هذا الحي بنى عيوش مركزاً ثقافياً، محاولاً إعطاء الشباب فرصاً حياتية غير تلك التي تتوفر أمامهم، والتي تقودهم أحياناً إلى القيام بأعمال إرهابية، كما سبق أن صور في "يا خيل الله". العنوان السابق للفيلم كان "المدرسة الإيجابية" في إشارة إلى التجربة البيداغوجية التي ابتكرها مغني الراب المغربي أنس لحض الشباب على حب الراب، وهو نوع موسيقي يعتمد على الهجاء السياسي ويفرغ الكبت الذي عند الشباب بطريقة سلمية محرراً إياهم من التقاليد والأعراف الثقيلة. كل الممثلين في الفيلم من الشباب غير المحترفين. فهل يثير "علي الصوت" عاصفة انتقادات جديدة كما كانت الحال يوم عرض "الزين اللي فيك"؟ يومها أمام إنكار المغاربة لواقع بلادهم، دعا عيوش مواطنيه لزيارة المغرب في تصريح يحمل كثيراً من اللؤم. 

"أوروبا" لحيدر رشيد

الفيلم عن الرحلة العسيرة لشاب عراقي في العشرينيات من عمره يدخل أوروبا خلسة. يعبر الحدود التركية البلغارية سيراً على الأقدام، على طول ما يسمى "طريق البلقان"، فتقبض عليه شرطة الحدود البلغارية، إلا أنه يتمكن من الفرار، باحثاً عن طريق الخلاص عبر غابة لا نهاية لها، وفي عالم سفلي دونما قواعد وقوانين. يصور "أوروبا" رحلة من أجل الخلاص يكافح كمال خلالها من أجل الحرية والحياة. فيلم يظهر الجانب الآخر للحلم الأوروبي إذا صح التعبير. الفيلم من بطولة آدم علي، إلى جانب عدد من الممثلين المحترفين من بلغاريا وإيطاليا وتونس. اللافت مشاركة عدد من الشباب الآسيويين الذين وصلوا إلى أوروبا عن "طريق البلقان"، وكانت تجربة الفيلم، بحسب ملفه الصحافي، "استعادة لذاكرة قاسية"، علماً أنه تم تصويره داخل غابة شاسعة. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

مخرج "أوروبا"، حيدر رشيد، سينمائي شاب في منتصف الثلاثينيات من عمره. لديه في سجله أفلام قصيرة وطويلة، فهو بدأ يداعب حلمه بالسينما منذ سن مبكرة، حين كان لا يزال في كنف والده الناقد السينمائي عرفان رشيد. "مطر وشيك" (2013) فيلمه الروائي الطويل الثاني، وهو أول فيلم إيطالي يتناول حق المواطنة لأبناء الجيل الثاني من المهاجرين من جنسيات غير إيطالية.  

"البحر أمامكم" لإيلي داغر 

هذا أول فيلم روائي طويل لداغر الذي صنع مفاجأة عام 2015 من خلال فوزه بـ"سعفة" الفيلم القصير عن "موج 95" ليصبح أول عربي ينال هذا التكريم المهيب. داغر المولود في بيروت يبلغ الخامسة والثلاثين من العمر، وكان فاز بالعديد من المنح لتمويل هذا العمل الذي تمثل فيه منال عيسى ويارا أبو حيدر وربيع الزهر وجورح عازار، علماً أنه من إنتاج فرنسي لبناني مشترك. يروي الفيلم عودة جنى إلى وطنها بعد سنوات من الكفاح من أجل حياة مستقرة في الخارج. يرسم داغر من خلال قصتها صورة للشباب ولجيل بأكمله في مدينة بيروت. في مقابلة سابقة لي مع داغر، تحدث عن خلفيته قائلاً: "ترعرعت في الزلقا وعملت فيها. على الرغم من ذلك لم أعرف بيروت قط! عشت مرحلة لبنان ما بعد الحرب حيث الجميع خائف تقريباً. لم يتح لي اكتشاف المدينة قبل سن السادسة عشرة أو السابعة عشرة. تراءت بيروت عالماً آخر وحياة جديدة. درست في جامعة "ألبا"، ونلت إجازة في الرسم. راودني حلم الإخراج، ولم أجد في المقابل ما يحفز".

"مجنون فرح" لليلى بوزيد

تبلغ أناييس من العمر ثلاثين عاماً، وليس لديها ما يكفي من المال. لديها حبيب لم تعد متأكدة من أنها تحبه. فتقابل دانيال الذي يعجب بها على الفور. لكن دانيال يعيش مع إيميلي التي تنال إعجاب أناييس أيضاً. "مجنون فرح" قصة شابة تعيش حراكاً داخلياً، وهو أيضاً حكاية رغبة. نشأت بوزيد التي تحمل الجنسيتين الفرنسية والتونسية في تونس حيث ولدت قبل 37 عاماً، وهي ابنة المخرج النوري البوزيد، أحد رواد السينما التونسية. في السوربون، درست الأدب الفرنسي، قبل انضمامها إلى مدرسة الـ"فيميس" المرموقة. 

بعد فيلمين قصيرين، قدمت في عام 2015 "على حلة عيني"، باكورتها الروائية الطويلة التي عرضت في تظاهرة "أيام فينيسيا" في مهرجان البندقية. الفيلم يعرفنا على فتاة في الثامنة عشرة تحب الغناء، لكن ما تغنيه لا يتناسب مع الجو السياسي السائد في تونس، حيث تفتح أول براعم الربيع العربي، في صيف 2010، أشهر قليلة قبل "ثورة الياسمين". عرض الفيلم في عدد من المهرجانات ونال الجوائز.

"ريش" لعمر الزهيري 

عمر الزهيري هو أصغر المشاركين العرب سناً في كان. فهو يبلغ من العمر 33 عاماً، وقد تخرج في المعهد العالي للسينما في القاهرة قبل أقل من عشر سنوات، وتسنى له إنجاز أفلام قصيرة عدة والعمل إلى جانب يسري نصر الله. فيلمه القصير الثاني، "ما بعد وضع حجر الأساس لمشروع الحمام بالكيلو 375" (2014) أول فيلم مصري تم اختياره لقسم "سينيفونداسيون" في كان، وكانت مشاركته فيه مقدمة لنيله العديد من الجوائز العالمية. "ريش" عن أم مصرية خاضعة، كرست جسدها وروحها لزوجها وأطفالها. حياتها اليومية رتيبة ومتكررة تتخللها مهام مبتذلة، إلى أن تنحرف بخدعة سحرية بسيطة في عيد ميلاد طفلها عن هدفها، فيحول الساحر زوجها، وهو أب متسلط، إلى… دجاجة! لا يبقى أمام الأم والحال هذه سوى الخروج من حياتها السابقة وتولي دور ربة الأسرة. تحرك السماء والأرض لإعادة زوجها. مسار يحولها تدريجاً إلى امرأة مستقلة قوية.

 

اقرأ المزيد

المزيد من سينما