Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"كثافة" واردات بريطانيا من متحور "دلتا" تتهددها بقفزة في الإصابات

تواجه لندن انتقادات واسعة لإخفاقها في اتخاذ إجراءات سريعة ضد السلالة التي اكتشفت للمرة الأولى في الهند ويعتقد أنها أكثر قدرة على العدوى بنسبة 60 في المئة مقارنة بنظيرتها "ألفا"

تشير إحصاءات إلى أن بريطانيا استقبلت بين 2 و23 أبريل 20 ألف مصاب محتمل بمتحور "دلتا" (غيتي)

قال علماء بارزون إن دخول حالات من متحور "دلتا" بـ"كثافة" إلى البلاد قد وضعها على طريق الارتفاع الحاد في الإصابات الذي تشهده الآن.

ويعتقد هؤلاء أن متحور "دلتا" أكثر قدرة على الانتقال بين الناس بنسبة 60 في المئة مقارنة بسلالة "ألفا"، التي ظهرت للمرة الأولى في مقاطعة "كنت"Kent  البريطانية العام الماضي، وأنه وراء تأجيج الزيادة في الحالات المسجلة خلال الأسابيع الثلاثة الماضية.

يبدو أن عدوى "كورونا" ترتفع باطراد مجدداً. سُجل نحو سبعة آلاف و540 حالة يوم الأربعاء- وهو العدد اليومي الأعلى الذي تبلغه البلاد منذ 27 فبراير (شباط) الماضي. كذلك تتصاعد حالات الدخول إلى المستشفى بسبب "كوفيد"، على الرغم من أن معدلاتها ما زالت أدنى كثيراً مقارنة بذروة الاستشفاء التي شهدتها بريطانيا خلال موجة "كورونا" في الشتاء الماضي.

هكذا، واجهت الحكومة البريطانية انتقادات واسعة النطاق جراء إخفاقها في اتخاذ خطوات سريعة ضد تفشي متحور "دلتا"، الذي ظهر للمرة الأولى في الهند العام الماضي.

اتُهم رئيس الوزراء البريطاني، على الرغم من ارتفاع أعداد حالات متحور "دلتا" في البلد، بالتأخر في حظر السفر من الهند وإليها.

إذ يُعتقد أن بوريس جونسون، ولاعتبارات سياسية، تردد بداية في إغلاق الحدود أمام المسافرين القادمين من الهند والذاهبين إليها، خشية ما قد يعتبر إساءة إلى نظيره الهندي ناريندرا مودي خلال محاولة إبرام صفقة تجارية مع نيودلهي- وهو أمر نفاه بشدة مقر رئاسة الحكومة في داونينغ ستريت.

في الحقيقة، لم تُدرج الهند على "القائمة الحمراء" الخاصة بالمملكة المتحدة قبل 23 أبريل (نيسان) الماضي، على الرغم من تسجيلها معدلات إصابة أعلى مقارنة بالدولتين المجاورتين باكستان وبنغلاديش اللتين حُظرت الرحلات الجوية إليهما قبل التاريخ المذكور بثلاثة أسابيع.

نتيجة ذلك التأخير، يعتقد الخبراء أن عدداً كبيراً من حالات "دلتا" وصلت إلى المملكة المتحدة آتية من الهند، ما أدى إلى انتشار واسع للعدوى.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تشير أرقام صادرة عن "هيئة الطيران المدني" البريطانية إلى أنه بين 2 و23 أبريل الماضي، استقبلت المملكة المتحدة من الهند 20 ألف مسافر ربما يكونون مصابين بمتحور "دلتا".

الدكتور جيفري باريت، الخبير البارز في علم الوراثة الإحصائي، تحدث إلى المراسلين شارحاً أسباب كون المملكة المتحدة الدولة الوحيدة في أوروبا التي سجلت ارتفاعاً في عدد إصابات "الدلتا"، فقال إنه يعتقد "أن مرد ذلك جزئياً إلى كثافة الحالات الواردة إلى المملكة المتحدة من المتحور المذكور، على مدى بضعة أسابيع، والتي وضعتنا على هذا المسار".

وأضاف، "لا أملك إجابة سهلة [في المتناول]. أعتقد أن جزءاً كبيراً من الإصابات حدث بفعل مصادفة عشوائية... إذا استقدمت حالة واحدة، حتى لو كانت متحوراً قابلاً للانتقال، من المحتمل جداً أن يتلاشى ولا يتسبب في تفش كبير للحالات".

أما "إذا ولج إلى البلاد مئة أو 500 أو ألف حالة، فمن الصعب جداً أن تتفادى استمرار بعضها في نشر حالات تفش كبيرة لاحقاً."

وضرب الدكتور مثلاً بالدنمارك، التي "وصلت إليها حالات من متحور "دلتا" مرات عدة خلال الفترة نفسها التي شهدت فيها المملكة المتحدة النوع عينه من الإصابات، ولكن التفشي فيها "لم يتزايد على الإطلاق"، قال باريت، الذي يتولى أيضاً إدارة مبادرة "كوفيد جينوميكس" Covid Genomics في معهد "ويلكوم سانجر" في بريطانيا.

وقال إنه يشك في أن "دلتا" سيمتد في نهاية المطاف إلى دول أخرى بالطريقة عينها كما نظيره "ألفا". بل "سينتقل من بلد إلى آخر خلال إطار زمني يصعب التنبؤ به نوعاً ما، ولكن أظن أنه سينتشر على مستوى العالم بمرور الوقت"، ذكر الدكتور باريت.

وأضاف أن الولايات المتحدة ستكون الدولة التالية التي "ربما" تشهد "زيادة يعتد بها" في الحالات. "نظرة إلى البيانات الأميركية، تبين أن الإصابات قد بدأت في الارتفاع هناك"، قال باريت.

بدوره، البروفيسور نيل فيرغسون، عالم الأوبئة في "إمبريال كوليدج لندن"Imperial College London أيد "تماماً" هذه الفرضية.

وقال في إحاطة إعلامية، الأربعاء الماضي، "دخل إلى البلاد من الخارج عدد كبير من الحالات في وقت كان فيه معدل إصابات "كوفيد" الأساسي منخفضاً جداً فعلاً".

وفق البروفيسور فيرغسون، حقيقة أن المملكة المتحدة قد تقدمت إلى الأمام في برنامجها التطعيمي مقارنة بالدول الأوروبية الأخرى صبت أيضاً في صالح متحور "دلتا" من ناحية تفوقه على سلالة "ألفا" التي كانت سائدة سابقاً في البلاد.

وأضاف، "أن في استطاعة المتحور الهرب جزئياً من المناعة المتولدة في الجسم. لذا، تنخفض فاعلية اللقاح ضده. ولذا، في مقدوره أن ينتقل بسهولة أكبر بين السكان الملقحين مقارنة بنظيره "ألفا".

يوضح البروفيسور فيرغسون أن ربع القدرة على العدوى التي يتفوق بها متحور "دلتا" على منافسه "ألفا" ربما تتأتى من قدرته على التهرب من استجابة الجسم المناعية، قائلاً إن ذلك "أسهم، إنما ليس بشكل هائل" في تقدم المتحور الهندي.

وفي اعتقاد البروفيسورة ويندي باركلي، عالمة الفيروسات في "إمبريال كوليدج لندن"، "لا مناص إلى حد ما من أن ينتشر النوع (دلتا) في البلد إذا دخل إليه قدر كاف من الناس المصابين بهذه السلالة".

ليس بعيداً عن ذلك، قال البروفيسور فيرغسون إن النمذجة الأحدث التي أعدتها "المجموعة العلمية لنمذجة الإنفلونزا الوبائية" (SPI-M)، التي تقدم المشورة للحكومة البريطانية، تشير في الوقت نفسه إلى وجود خطر "كبير" من حدوث موجة ثالثة من العدوى- ربما تنافس موجة "كورونا" التي عصفت ببريطانيا في الشتاء المنصرم.

وأضاف أنه، على الرغم من ذلك، ليس واضحاً بعد إذا ما كان تزايد حالات الدخول إلى المستشفى سيفضي إلى ارتفاع في الوفيات، إذ نحتاج إلى تفاصيل أخرى حول كيفية توفير اللقاح حصانة ضد الأشكال الخطيرة من "كورونا" التي يتسبب بها "دلتا".

وقال في هذا الصدد، "من الوارد جداً أن نرى موجة ثالثة أخرى مشابهة (لموجة الشتاء) فيما يتصل بالعلاج في المستشفى على الأقل. أعتقد أن أرقام الوفيات ربما تكون أدنى؛ ذلك أن اللقاحات تعطي تأثيراً وقائياً كبيراً... ولكن مع ذلك ما زال الوضع مقلقاً للغاية. إنما ثمة كثير من عدم اليقين".

وفق بيانات أصدرتها "هيئة الصحة العامة في إنجلترا" Public Health England ، يخفض متغير "دلتا" من فاعلية لقاحي "فايزر" و"أسترازينيكا" بين صفوف الأشخاص الذين تلقوا جرعة واحدة فقط، علماً أن الحماية تبقى أعلى لدى من أخذوا الجرعتين المضادتين كلتيهما.

وفي سياق موجة الانتقادات، قال وزير الداخلية في حكومة الظل "العمالية" نيك توماس سيموندز، "ترك المحافظون الباب (حدود البلاد) مفتوحاً أمام "كوفيد" وغيره من متحورات جديدة. نبهنا الوزراء مراراً وتكراراً إلى أننا بحاجة إلى نظام حجر صحي فندقي مناسب، وأن الهند قد أُضيفت إلى القائمة الحمراء للبلاد بعد فوات الأوان. من الواضح الآن أن عشرات الآلاف من الأشخاص قد دخلوا إلى المملكة المتحدة حاملين معهم متحور "دلتا" بسبب عدم كفاءة الوزراء المحافظين. وقد أفضى ذلك إلى تهديد إجراءات رفع الإغلاق المنتظرة في 21 يونيو الحالي- وما على الوزراء أن يلوموا سوى أنفسهم".

في نفس مشابه، أوضحت ليلى موران، التي ترأس "المجموعة البرلمانية لجميع الأحزاب" (APPG) بشأن فيروس "كورونا"، أن "الارتفاع الأخير في عدد الحالات مقلق جداً، ويأتي مرة أخرى نتيجة إخفاق الحكومة في التصرف في الوقت المناسب، ما يضع البلاد الآن في خطر مواجهة موجة ثالثة من العدوى.

"دعا تقريرنا الذي شارك فيه مختلف الأحزاب ونُشر في مايو (أيار) الماضي إلى وجوب إضافة أي بلد تُرصد فيه متحورات مثيرة للقلق إلى "القائمة الحمراء" (للمملكة المتحدة). كان من الممكن جداً أن نتفادى جلب متحور "دلتا" إلى البلاد من الخارج"، وفق موران.

وأضافت، "حري بالحكومة أن تعيد التفكير في نهجها المعيب في ما يتصل بالسفر الدولي، وأن تصب تركيزها على منع دخول المتحورات إلى البلاد، كي لا نطيح مرة أخرى بالتقدم الذي تحقق بشق الأنفس في المعركة ضد الفيروس."

وقالت المتحدثة باسم حزب "الديمقراطيين الأحرار" منيرة ويلسون، "واضح أنه على مدى هذه الجائحة، كان بوريس جونسون بطيئاً في اتخاذ الإجراءات المناسبة. وليس انتشار متحور "دلتا" في المملكة المتحدة سوى أحدث مثال على عدم كفاءته في التصدي للأزمة، فضلاً عن كونه يذكرنا في الوقت المناسب بالأهمية التي تكتسيها اختبارات الكشف عن الفيروس وعمليات تعقب الحالات.

لذا "كان ينبغي أن تضاف الهند إلى "القائمة الحمراء" بمجرد أن أصبح واضحاً أن خطر المتحور قد ازداد بشكل كبير، وكان على الحكومة أن تتعقب كل إصابة حالما علمت بذلك"، بحسبما أكدت ويلسون.

استناداً إلى كل ما تقدم، "لا يمكن للحكومة البريطانية أن تستمر في الإخفاق في إبطاء تفشي الفيروس. لا بد من تنفيذ فحوص كشف إضافية وتتبع الحالات والمخالطين بشكل فاعل، فضلاً عن مد من يلجأون إلى العزلة الذاتية بمزيد من الدعم، مالياً وعملياً، وبذل كل ما في المستطاع بغية منع المتحورات الجديدة من دخول البلاد"، كما أوضحت المتحدثة باسم حزب "الديمقراطيين الأحرار".

© The Independent

المزيد من صحة