وصف رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون العلاقات البريطانية الأميركية بأنها "غير قابلة للتدمير" بعد أول لقاء له، الخميس، 10 يونيو (حزيران)، مع الرئيس الأميركي جو بايدن قبل قمة قادة مجموعة السبع التي تبدأ اليوم.
"غير قابلة للتدمير"
وقال جونسون خلال مقابلة مع هيئة "بي بي سي"، صباح الجمعة، "إنها علاقة، يمكنكم القول إنها عميقة وهادفة، كما تشاؤون، علاقة غير قابلة للتدمير"، مضيفاً، "إنها علاقة مستمرة منذ فترة طويلة جداً ولعبت دوراً مهماً في السلام والازدهار في أوروبا والعالم".
وخلال لقاء الزعيمين، الخميس، وجهاً لوجه، ناقش جونسون وبايدن "25 مسألة" بالتفصيل، بما فيها التوتر الناجم عن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في إيرلندا الشمالية.
بروتوكول إيرلندا الشمالية
وقلل جونسون من استياء جو بايدن، الفخور بأصوله الإيرلندية، في ما يتعلق بمحاولات لندن إبطال "بروتوكول إيرلندا الشمالية" الذي يهدف إلى تجنب عودة الحدود مع إيرلندا، العضو في الاتحاد الأوروبي، لكنه تسبب في اضطرابات على صعيد التجارة بين البر الرئيس لبريطانيا وإيرلندا الشمالية.
وأوضح أن بريطانيا والاتحاد الأوروبي وواشنطن و"كل الأطراف لديها مصلحة كبيرة في التأكد من أننا نحافظ على التناسق الأساسي لاتفاق الجمعة العظيمة" الذي أبرم في عام 1998 وأنهى الصراع الدموي في المقاطعة الخاضعة للحكم البريطاني الذي استمر ثلاثة عقود، وتابع جونسون "أعتقد أنه يمكننا القيام بذلك".
كذلك أثار رئيس الوزراء المحافظ مع بايدن مقتل هاري دان في حادث سير تسببت فيه زوجة دبلوماسي أميركي غادرت بريطانيا على وجه السرعة متذرعة بالحصانة الدبلوماسية.
"لديه أسبابه الشخصية"
وأوضح جونسون أن بايدن "يتابع عن كثب هذه القضية، كما تعلمون، لديه أسبابه الشخصية للتأثر الشديد بهذه المسألة"، إذ إن الرئيس الأميركي فقد زوجته الأولى وابنته البالغة من العمر عاماً في حادث سيارة عام 1972.
وبحسب بوريس جونسون، فإن الصعوبة في القضية "تكمن في أن هناك حدوداً لما يمكن للسلطة التنفيذية أن تفعله مع السلطات القانونية والقضائية، لكن الجانبين يعملان معاً".
القمة اليوم
وتبدأ، اليوم الجمعة، 11 يونيو، قمة مجموعة السبع، التي تضم الدول الغربية الغنية، في أحد منتجعات كورنويل جنوب غربي إنجلترا، وتستمر حتى الأحد 13 يونيو. وتترأس بريطانيا الدورة الحالية (القمة رقم 47 للمجموعة)، ودعت لندن إلى القمة عدداً من الدول غير الأعضاء أيضاً.
كارثة كورونا في الهند
ستكون القمة هي الأولى للرئيس الأميركي جو بايدن، وكذلك لرئيس الوزراء الياباني يوشيهيدي سوغا، وتضم إلى جانب المضيف رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل (ربما في آخر قمة مجموعة سبع لها) ورئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي، ورئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
وغالباً ما يحضر القمم أيضاً رئيس المجلس الأوروبي، شارل ميشيل، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، أما الضيوف، فهم رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون، ورئيس كوريا الجنوبية مون جاي إن، ورئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا، ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي الذي سيشارك كضيف عبر الفيديو بسبب كارثة وباء كورونا في الهند حالياً.
وسبقت قمة مجموعة السبع قمة أميركية بريطانية بين رئيس الوزراء بوريس جونسون والرئيس الأميركي جو بايدن الذي بدأ أولى رحلاته الخارجية منذ توليه الرئاسة في يناير (كانون الثاني) الماضي في بريطانيا. وكانت وسائل إعلام بريطانية تحدثت عن أن جونسون وبايدن سيبحثان توقيع "ميثاق الأطلسي" لتعزيز التعاون بين البلدين، على اعتبار أن جونسون لا يفضل تعبير "العلاقة الخاصة" الذي غالباً ما توصف به العلاقات البريطانية - الأميركية.
أجندة القمة
وانطلقت مجموعة السبع عام 1975 في أعقاب أزمة النفط العالمية التي تلت حرب أكتوبر (تشرين الأول)، عام 1973 بين العرب وإسرائيل. وعلى الرغم من أن المجموعة، في فترة ما، ضمت روسيا، بداية باسم "مجموعة السبع+1"، وأحياناً "مجموعة الثماني"، إلا أنها ظلت مقصورة على الدول الغربية الرئيسة ومعها اليابان. وظهر في ما بعد منتدى أوسع هو "مجموعة العشرين"، يضم دول مجموعة السبع ودول الاقتصادات الصاعدة ومن بينها دولة عربية هي السعودية. لكن مجموعة السبع ظلت منتدى خاصاً قائماً بذاته تتركز مهمته في الاتفاق على سبل توجيه الاقتصاد العالمي ومواجهة قضاياه.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وعلى موقع القمة الذي أطلقه مكتب رئاسة الوزراء في بريطانيا، هناك الرسالة التالية، "تتولى بريطانيا رئاسة مجموعة السبع في وقت حرج بالنسبة للعالم، وفي الوقت الذي تستعد فيه بريطانيا أيضاً لاستضافة مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ COP26 في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، ومع ما توفره اللقاحات الجديدة من سبيل للخروج من الوباء، سنستخدم رئاسة مجموعة السبع للمكافحة والبناء مجدداً بشكل أفضل بعد وباء فيروس كورونا".
البند الأول والرئيس إذاً على جدول أعمال قمة مجموعة السبع هو التعافي الاقتصادي العالمي من أزمة وباء كورونا، ويتضمن ذلك التوسع في استخدام اللقاحات الجديدة وسبل ضمان حصول الدول الأقل نمواً على ما يكفي من جرعات اللقاحات، كما ستشمل المناقشات السبيل الأمثل لتجاوز الركود الاقتصادي الناجم عن أزمة وباء كورونا: برامج الدعم الحكومي للاقتصادات ومتى وكيف تنتهي، احتمالات التضخم والسياسات النقدية والمالية، وغيرها.
البند التالي في الأهمية هو مكافحة التغير المناخي والتفاهم حول وقف الانبعاثات الكربونية المسببة للاحتباس الحراري وسبل تحسين الأوضاع البيئية العالمية عموماً، وكان الرئيس الأميركي جعل من قضية المناخ أولوية لفترة رئاسته حتى قبل انتخابه العام الماضي، كذلك تسعى حكومة بوريس جونسون لريادة بريطانية لمكافحة التغير المناخي وتشجيع "الاقتصاد الأخضر".
تفاصيل كثيرة تحتاج إلى نقاش
وعلى الرغم مما يبدو من اتفاق عام بين الدول الغنية في مجموعة السبع على أهمية مشكلة التغير المناخي وضرورة التصدي لها، فإن تفاصيل كثيرة تحتاج إلى نقاش ستشهده القمة، على سبيل المثال، الاتفاق على التحول من مصادر الطاقة المسببة للانبعاثات الكربونية إلى ما تسمى "الطاقة النظيفة" المتولدة من مصادر مستدامة، وإذا كانت الإدارة الأميركية لا تجد مشكلة في التشدد مع شركات النفط والغاز إلا أن دولاً أخرى في مجموعة السبع لا تتحمس للتوجه الأميركي.
هناك أيضاً قضية تمثل أولوية على أجندة القمة، وهي مرتبطة بسبل التعافي من الركود الاقتصادي الذي سببه وباء كورونا، وأيضاً التوصل إلى تفاهم بشأن عدالة الاتفاقات التجارية، سواء بين الدول أو بين الكتل الاقتصادية (الاتحاد الأوروبي مثلاً)، وعلى الرغم من أن إدارة بايدن تبدو أقل تشدداً من إدارة سلفه دونالد ترمب في مسألة الاتفاقيات التجارية، فإن الإدارة الجديدة تبقي على معظم العقوبات التجارية بل وتفرض عقوبات جديدة. على سبيل المثال، فرضت الحكومة الأميركية الأسبوع الماضي عقوبات بنحو ملياري دولار على بريطانيا وخمس دول أخرى بسبب فرضها ضرائب رقمية على شركات تكنولوجيا كبرى أميركية، لكن الرئيس بايدن علق تنفيذ العقوبات لما بعد قمة مجموعة السبع (ولم يلغها).
وفي هذا السياق، سيبحث قادة الدول الغنية ما توصل إليه وزراء ماليتهم في لندن، الأسبوع الماضي، من اتفاق بشأن الحد الأدنى الاسترشادي للضريبة على الشركات عالمياً عند 15 في المئة، وكذلك الاتفاق الأولي بشأن الضرائب على شركات التكنولوجيا الكبرى، وسيحاول القادة التفاهم حول نقاط مشتركة قبل عرض الاتفاق على قمة "مجموعة العشرين" في إيطاليا الشهر المقبل.