Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هكذا نفذت العملية الأمنية الضخمة ضد الجريمة المنظمة

اختراق تطبيق يستخدمه المشتبه فيهم وقراءة ملايين الرسائل المشفرة والقبض على 800 شخص في 18 دولة

عدد من قادة سلطات إنفاذ القانون خلال مؤتمر صحافي نظمته "يوروبول" في لاهاي (أ ف ب)

نفّذت الشرطة في 16 دولة حملة نوعية واسعة النطاق ضد الجريمة المنظمة، وأوقفت مئات الأشخاص في أنحاء العالم.

وأفادت سلطات إنفاذ القانون في دول عدة، الثلاثاء 8 يونيو (حزيران) الحالي، بأن العملية أتاحها زرع مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي (إف بي آي) أجهزة هاتف مشفرة.

وبفضل تطبيق "إيه إن أو إم" (إنوم) الذي كان يستخدمه مجرمون في جميع أنحاء العالم للتواصل بطريقة مشفّرة، تمكّن الشرطيون من قراءة رسائل زعماء المنظمات الإجرامية العالمية في نحو 100 دولة أثناء تخطيطهم لصفقات مخدرات ونقل أسلحة وعمليات اغتيال.

وقال مسؤولون من مكتب التحقيقات الفيدرالي ووكالة الشرطة الأوروبية "يوروبول" ومسؤولون من دول أخرى في مناطق بعيدة مثل أستراليا، إن الأدلة من "عملية درع طروادة" حالت دون وقوع حوالى 100 جريمة قتل ومكّنت من إحباط عدد من عمليات شحن المخدرات على نطاق واسع.

وقال كالفن شيفرز، مساعد مدير "إف بي آي" للصحافيين في مقر الشرطة الأوروبية "يوروبول" في هولندا إن العملية أفضت إلى "نتائج مذهلة".

وأوضح أن المكتب زوّد عصابات إجرامية في أكثر من 100 دولة على مدى الأشهر الـ18 الماضية بالأجهزة "التي سمحت لنا بمراقبة اتصالاتهم".

وكشفت "يوروبول" عن أن أجهزة الشرطة في 16 دولة شنت مداهمات على أساس الأدلة التي تم الحصول عليها من الهواتف التي وُزّع نحو 12 ألفاً منها في جميع أنحاء العالم.

وشرح جان فيليب لوكوف، نائب مدير العمليات في "يوروبول" أن "هذه المعلومات قادت خلال الأسبوع الماضي إلى تنفيذ مئات عمليات إنفاذ القانون على نطاق عالمي من نيوزيلندا إلى أستراليا إلى أوروبا والولايات المتحدة، مع نتائج باهرة".

وأضاف أنها أتاحت "اعتقال أكثر من 800 شخص وتفتيش أكثر من 700 موقع و(ضبط) أكثر من 8 أطنان من الكوكايين".

ولم يكُن موقع "إنوم" متاحاً على الإنترنت، الثلاثاء، مع رسالة من السلطات مفادها "تم التحفظ على النطاق"، علماً أنه كان يعرض في السابق خدمات تشفير "من الدرجة العسكرية" وأجهزة ذات ميزات خاصة مثل سمات العرض "الفاتحة والداكنة".

ضربة قوية

وأعلنت الشرطة الأسترالية أن الأجهزة التي افترض المجرمون أنها مشفّرة سُلّمت إلى عملاء داخل المافيا وعصابات الجريمة الآسيوية وعصابات المخدرات وعصابات الدراجات النارية الخارجة عن القانون كجزء من المكيدة التي دبّرها مكتب التحقيقات الفيدرالي.

ففي أستراليا وحدها، وُجّهت اتهامات إلى أكثر من 200 شخص في إطار العملية.

وقال رئيس الوزراء سكوت موريسون، الثلاثاء، إنها "سددت ضربة قوية للجريمة المنظمة، ليس في هذا البلد فحسب، ولكن سيتردد صداها في أوساط الجريمة المنظمة حول العالم".

وذكرت الشرطة الفيدرالية الأسترالية أنه نتيجة للعملية، يواجه ما مجموعه 224 شخصاً الآن أكثر من 500 تهمة في أستراليا وحدها، بينما أغلقت ستة مختبرات سرية لإنتاج المخدرات وضُبطت أسلحة نارية و45 مليون دولار أسترالي (35 مليون دولار أميركي) نقداً.

وأوضحت أن هذه العملية أُطلق عليها في أستراليا اسم "آيرونسايد" وفي سائر أنحاء العالم اسم "درع طروادة" وانطلقت قبل ثلاثة أعوام.

وقال مفوض الشرطة الفيدرالية الأسترالية ريس كيرشو عن الموقوفين، "نعتقد أنهم أعضاء في عصابات دراجات نارية خارجة عن القانون ومافيا أسترالية وعصابات إجرامية آسيوية وجماعات إجرامية خطيرة ومنظمة".

البداية

وبدأت العملية بعد أن تمكّنت الشرطة العالمية في العامين الماضيين من تعطيل شبكتين رئيستين أخريين للهواتف المشفّرة يستخدمهما المجرمون، الأولى تُعرف باسم "إنكروتشات" والثانية باسم "سكايغلوبال".

وقالت الشرطة النيوزيلندية إن "إغلاق منصتي الاتصال المشفّرتين هاتين أوجد فراغاً كبيراً في سوق الاتصالات المشفّرة".

وأضافت أنه لملء هذا الفراغ، "قام مكتب إف بي آي بتشغيل شركة الأجهزة المشفّرة الخاصة به واسمها إنوم".

وأكد شيفرز أن هذا مكّن مكتب التحقيقيات الفيدرالي من "قلب الطاولة" على المجرمين.

وأضاف "استطعنا بالفعل رؤية صور مئات الأطنان من الكوكايين المخبأة في شحنات من الفاكهة، واستطعنا رؤية مئات الكيلوغرامات من الكوكايين المخبأة داخل علب الأطعمة".

وبيّنت وثائق قضائية تم الكشف عنها واستشهدت بها قناة "فايس نيوز" الإعلامية الأميركية أن مكتب التحقيقات الفيدرالي تعاون مع عملاء سريين على تطوير وتوزيع أجهزة "إنوم" من خلال شبكة "فانتوم سيكيور" التي كان يستخدمها العملاء المجرمون وإرسال 50 منها، معظمها إلى أستراليا، لتكون بمثابة أدوات "اختبار تجريبي".

"أتوا إلينا"

ولم يكُن في هذه الأجهزة أي بريد إلكتروني أو خدمة اتصال أو تحديد الموقع العالمي وكان يمكن من خلالها إرسال رسائل إلى الهواتف الأخرى التي تحتوي على تطبيق "إنوم".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولم يكُن متاحاً شراؤها إلا من السوق السوداء مقابل نحو ألفي دولار، وتطلبت الحصول على رمز من مستخدم سابق للدخول إليها.

وقال شيفرز "لقد أتوا إلينا في الواقع بحثاً عن هذه الأجهزة".

وساعدت الوكالات الأسترالية على وضع هذه الهواتف في أيدي أشخاص "مؤثرين" في عالم الجريمة، بمن فيهم زعيم عصابة مخدرات أسترالي هارب في تركيا، في محاولة لكسب الثقة.

لكن، بدا أن الغطاء السري للعملية انكشف في مارس (آذار) 2021 عندما بادر مدوِّن إلى الحديث تفصيلياً عن عيوب "إنوم" الأمنية، قائلاً إنها عملية احتيال على صلة بأستراليا والولايات المتحدة وأعضاء آخرين في شبكة مشاركة المعلومات "فايف آيز". وحُذف المقال في وقت لاحق.

توقيفات ومصادرات

وأعلن مدير المباحث في شرطة نيوزيلندا غريغ وليامز أنه تم اعتقال 35 شخصاً في البلاد. وصادرت الشرطة النيوزيلندية خلال العملية حبوب الميثامفيتامين وأسلحة نارية وأصولاً وملايين الدولارات نقداً.

وكشفت السويد وفنلندا عن اعتقال نحو 250 شخصاً في إطار هذه القضية. وبلغ عدد عمليات الاعتقال الاثنين في السويد 155 عملية، فيما أُلقي القبض على 100 في فنلندا. أما النرويج، فتحدثت عن توقيف تسعة أشخاص.

وقالت ليندا ستاف، رئيسة الاستخبارات في الشرطة السويدية للصحافيين إن "عدداً من الموقوفين أشخاص لهم أدوار أساسية ونفوذ كبير في سوق المخدرات. أولئك الذين حرّضوا على القتل والعنف بإطلاق النار والانفجارات في المجتمع السويدي".

ومن إجمالي 12 ألف من مستخدمي "إنوم"، تمكّنت الشرطة السويدية من الوصول إلى حوالى 1600 حساب، وراقبت في النهاية نحو 600 شخص. وبفضل هذه المعلومات، قالت إنه أمكن "منع حدوث أكثر من 10 جرائم قتل مخطط لها داخل البلاد".

وفي فنلندا، أفادت الشرطة بأن المداهمات أفضت إلى مصادرة كميات كبيرة من القنب والرشاشات في العاصمة هلسنكي، فضلاً عن مداهمة ورشة عمل في بلدة تامبيري الجنوبية "حيث كانت تُستخدم طابعات ثلاثية الأبعاد لتصنيع مكونات أسلحة نارية".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات