Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سؤال حول علامة الاستفهام

ثمة نظرية تاريخية تنسبها إلى القرون الوسطى وتقول إنها بدأت تكتب مثل مفتاح الصول الموسيقي وتحته نقطة

في القرن السابع عشر بدأت تظهر علامة الاستفهام في الكتابة (اندبندنت عربية)

لا يصح طرح السؤال حول من كان قبل الآخر، السؤال أم علامة الاستفهام، كما سؤال البيضة والدجاجة. فالسؤال وجد قبل علامته بكثير. وقد تساءل البشر منذ وجودهم أسئلة كثيرة، شفهياً. وحين عرفوا الكتابة، لم يشغلهم كثيراً وضع علامة استفهام في نهاية السؤال المكتوب حتى زمن قريب في القرن الـ 17، حين بدأت تظهر علامة الاستفهام في الكتابة.

علامة الاستفهام الجديدة

في الكلام الشفهي كان يعرف السؤال من طريقة طرحه، أي ذلك الميلان بالكلام الذي يجعله سؤالاً، عكس الكلام الجاري والمستقيم في الحديث العادي. أما في الكتابة فكان يعرف السؤال من فحوى الكلام المكتوب، ولكن هذه الطريقة لم تتمكن من الصمود كثيراً، إذ كان لا بد للكتابة من اختراع علامات الوقف وعلى رأسها علامة الاستفهام، كي يكون واضحاً أن الجملة عبارة عن سؤال، أو يتم تحديد محل انتهائها. فكانت علامات الوقف، ومنها علامة الاستفهام التي نعرفها اليوم بشكلها الغريب الذي يشبه عصا ملتوية وخد صغير مستقيم وفي أسفله نقطة مفصولة عنه، والتي أول ما ظهرت في القرن الـ 17.

لكن النقاش المطروح بين اللسانيين والعاملين بأصول اللغة، هو من أرسى من بين الثقافات علامة الاستفهام بشكلها النهائي، هل هم العرب عبر استخدام شكل الهمزة، لأنها تأتي عادة في أول الكلمة على شكل سؤال مثل، أتريد ذلك؟ وبالفعل فإن الهمزة قريبة الشبه بعلامة الاستفهام.

الرومان أو الأوربيون اضطروا إلى وضع علامات الوقف في نهاية جمل الإنجيل، كي يتمكن الرهبان والمؤمنون من فهم القصص الواردة فيه. فبلا علامات الوقف كانت قراءته تصبح مختلطة ومتداخلة ببعضها.

علامة السؤال ظهرت بعد السؤال مع ظهور الكتابة والحاجة إلى نقل التلحين الشفهي الملتوي للسؤال إلى عالم الكتابة، فكانت علامة السؤال الأداة التي تصنع هذا الإلتواء في الكتابة. واللافت أن انحناءة النغم الاستفهامية هذه واحدة في كل لغات العالم المعروفة. فالياباني يطرح السؤال شفهياً كما يطرحه الأوروبي وكما يفعل العربي.

أصل الشكل

وتطرح علامة الاستفهام سؤالاً عن أصل شكلها منذ صار مكتوباً، البعض يراها كرسم مبسط لشكل الأذن التي نسمع بها السؤال. البعض الآخر رآها تطويراً لشكل الهمزة العربية، خصوصا وأن الاندماج الثقافي بين العرب والقوط والغاليين، في إسبانيا وفرنسا في القرن التاسع، كان وثيقاً.

آخرون رأوا أنها اشتقت من كلمة Quastio اللاتينية، التي تعني "سؤال"، فأخذت من حرفها الأول Q الشكل المستدير، ومن حرفها الأخير النقطة السفلى. وفي القرن التاسع كانت علامة الاستفهام تكتب نقطة يليها قوس مستدير.

وثمة نظرية تاريخية أخرى تنسب علامة الاستفهام إلى القرون الوسطى، وأنها بدأت تكتب، مثل علامة مفتاح الصول الموسيقي وتحته نقطة.

أما النقطة التي ترافق علامة الاستفهام، فهي شائعة في نظام التنقيط في الكتابة الأوروبية، في نقطة الوقوف، وعلامة التعجب، إضافة إلى علامة النقطة والفاصلة، والنقطتين المتعامدتين (:)، والنقط الثلاث (…)، التي تدل على الاسترسال، أو ترك التتمة لخيال القارئ.

تكريس علامات التوقف

موسوعة "بريتانيكا" وغيرها من المصادر ترى أن القصة الأكثر قبولاً من اللغويين هي قصة "ألكوين أوف يورك Alcuin of York".

كان ألكوين باحثًاً يعيش في إنجلترا في القرن الثامن هاجر إلى فرنسا للانضمام إلى بلاط شارلمان. هناك كتب عدداً لا يحصى من الكتب والقصائد. في هذا الوقت، أصبحت الحاجة إلى علامات الترقيم في الكتابة أكثر وضوحاً، لأن الكتب لم تقرأ بصوت عال، بل قرأها الرهبان بصمت وفي عزلتهم.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

اخترع ألكوين علامة الوقف الشبيهة بوميض البرق، للإشارة إلى انعطاف في نهاية الجملة. ظلت هذه "الزخرفة" فوق النقطة مستخدمة حتى القرن الـ 13 قبل أن يقرر لغويو باريس العمل على علامات الترقيم، فاختاروا علامة ألكوين التي تشبه "وميض البرق" كعلامة استفهام. وبحلول القرن الـ 17، ومع ظهور الطباعة، تم استخدام علامة الاستفهام كرمز في جميع أنحاء العالم الغربي. وعندما اكتشفها العالم العربي، تم قلبها لتتوافق مع أسلوب الكتابة من اليمين إلى اليسار. بحسب الرواية الغربية طبعاً.

في القرن الثالث قبل الميلاد، كان أريستوفانيس مديراً لمكتبة الإسكندرية في مصر اليونانية. وكانت المكتبة تضم مئات الآلاف من اللفائف من دون ترقيم وتمييز بين الأحرف الصغيرة والكلمات والجمل. كان على القارئ أن يشق طريقه من خلال هذه المجموعة التي لا ترحم من الحروف لاكتشاف أين تنتهي كل كلمة أو جملة وأين تبدأ التي تليها، أي القراءة كتخمين. وهذا ما أدى إلى تعدد القراءات للكتب المقدسة.

تمثل الاختراق الذي حققه أريستوفانيس في اقتراح أن القراء يمكنهم إضافة تعليقات توضيحية إلى مستنداتهم، والتخفيف من التدفق غير المنقطع للنص بنقاط الحبر التي تتماشى مع الوسط (·) أو السفلي (.) أو أعلى (·) من كل سطر. رأى أريستوفانيس علاماته على أنها تمثل فترات توقف بسيطة وليست حدوداً نحوية. وكان اريستوفانيس أول من زرع بذرة العمل الحقيقي على وضع علامات التوقف موضع الاستعمال.

علامة عالمية

تعتمد علامة الاستفهام الشكل نفسه في بعض اللغات مثل الفرنسية والإنجليزية والعربية والصينية واليابانية، ولكن في اليابانية أستخدامها غير إجباري. أما في الإسبانية ولغة بلاد الغال فيجب وضع السؤال بين علامتي استفهام، الأولى مقلوبة رأساً على عقب والثانية مستقيمة. وفي اليونانية، تستخدم النقطة والفاصلة (؛) علامة للاستفهام. أما اللغة الأرمنية فتعتمد للاستفهام دائرة صغيرة مفتوحة من الأسفل تعلو آخر حرف علة من آخر كلمة في السؤال.

أما علامة التعجب فهي شقيقة علامة الاستفهام، وكثيراً ما تظهران معاً مثل التوائم، لا سيما في الكتابة الأدبية التي تفترض الإعراب عن مشاعر مختلفة.

ظهرت علامة التعجب في نصوص إنجليزية بادئ الأمر، قرابة العام 1400. ولم تظهر في اللغة الألمانية حتى أواخر القرن الـ 18، سنة 1797.

غير أن الآلات الكاتبة لم تعترف بها إلا في سبعينيات القرن الميلادي الـ 20، حين أدرجت على لوحات مفاتيحها، وصار في إمكان الطابع أن يكتبها في النصوص. ويعتقد أنها جاءت من اللاتينية "io"، والتي تعني "يا هلا"، تعجباً أو بهجة. وتستخدم علامة التعجب أيضاً كتحذير، على لافتات الطرق أو الصناديق الكهربائية كدليل على الخطر.

المزيد من منوعات