Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"العصيان العشائري" في الأردن تحت المجهر

أحداث شغب واشتباكات غير مسبوقة أعقبت فصل النائب أسامة العجارمة

النائب المفصول من مجلس النواب الأردني أسامة العجارمة (تلفزيون "المملكة")

دخل الأردن في موجة محدودة من "العصيان العشائري" للمرة الأولى في تاريخه الحديث، بعد أن تفاعلت قضية النائب أسامة العجارمة، بعد احتجاجه على "تسييس" قطع التيار الكهربائي في البلاد قبل أسابيع، وانتهت بفصله من مجلس النواب، واحتمال مقاضاته وتحويله إلى محكمه أمن الدولة بتهمة الإخلال بالسلم الأهلي.

ومنذ أشهر عدة، سطع نجم النائب العجارمة بين الأردنيين باعتباره أحد الأصوات المرتفعة وصاحب الأداء المختلف تحت قبة البرلمان، واحتل مساحة واسعة من التضامن الشعبي على وسائل التواصل الاجتماعي.

لكن الأمر تحول لاحقاً إلى أكثر من مجرد نائب شعبوي ناشط، بعد دعوة صريحة للتمرد والانقلاب على الدولة بحسب مراقبين، وتوتير العلاقة التاريخية بين العشائر والنظام في الأردن.

اشتباكات وإطلاق نار

وصوت مجلس النواب، الأحد، السادس من يونيو (حزيران)، بأغلبية على مذكرة نيابية تطالب بفصل النائب أسامة العجارمة، المجمدة عضويته، بعد تصريحات مسيئة صدرت عنه.

وقال رئيس مجلس النواب، عبدالمنعم العودات، إن المجلس يرفض أي مساس بمكانة الملك عبدالله الثاني. وأضاف، "ما شهدته ساحتنا الوطنية من مظاهر مؤسفة على مدى الأيام القليلة الماضية إنما يزيدنا إيماناً بضرورة فرض سيادة القانون للحفاظ على وحدتنا ومكتسباتنا الوطنية، والدفاع عن أمن واستقرار بلدنا في كل الظروف والأحوال". واعتبر العودات أن ما قام به العجارمة وما تبعه من اشتباكات وإطلاق نار مع قوات الدرك هو مساس بالنظام الاجتماعي الأردني، والتوافق العشائري والسلم الأهلي داخل المملكة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لكن متخصصين قانونيين من بينهم النائب صالح العرموطي أشاروا إلى أن قرار فصل العجارمة غير دستوري.

وأعقب قرار الفصل مواجهات واشتباكات وأعمال شغب في مناطق عدة جنوب العاصمة عمان بين مؤيدين للعجارمة وقوات من الأمن والدرك.

وتداولت وسائل التواصل الاجتماعي مشاهد تظهر إطلاق قوات الأمن قنابل الغاز المسيل للدموع، وسمعت أصوات إطلاق عيارات نارية.

تمرد على الدولة

النائب عمر عياصرة كان من بين النواب الذين صوتوا على فصل أسامة العجارمة، ووصف ما حدث بالتمرد على الدولة، واستخدام العشيرة بالهدم وليس بالبناء عبر خطاب متطرف يحاول إعادتنا لمرحلة ما قبل الدولة.

واتهم العياصرة الدولة الأردنية بالفشل في التعامل مع العديد من المعارضين، من خلال منحهم مناصب ومقاعد وزارية وهبات على سبيل الترضية، ما جعل المعارضة هدفاً للبعض. وقال، "هناك محاولات لإعادة الأردن إلى ما قبل الدولة"، واعتبر أن ما حدث وما تبعه من شغب نتج عن تحالف بين السخط الشعبي في الشارع والانتماءات العشائرية الفئوية، مضيفاً "لا يمكن الصمت عن حال التمرد التي قام بها العجارمة بدعوى الإصلاح، فالإصلاح السياسي يكون من خلال المؤسسات الدستورية".

رسائل سياسية وأمنية

ودأب النائب العجارمة خلال الأيام الماضية، وبعد القرار الأولى بتجميد عضويته ورفضه الاعتذار، إلى الظهور بطريقة اعتبرت مستفزة للحكومة ولا تخلو من الرسائل السياسية والأمنية.

واحتشد آلاف من أنصاره من عشيرته وعشائر أردنية أخرى في بيوت شعر للدلالة على تاريخ القبائل الأردنية، وتوسط العجارمة أنصاره مرتدياً الأسلحة النارية وشاهراً سيفه خلال خطابات فهم منها أنها دعوة للتمرد والخروج على النظام.

ولم يخلُ ظهور العجارمة، الذي وصف بالاستعراضي، من تصريحات أزعجت السلطات وتطرق في أحدها إلى العاهل الأردني، الأمر الذي عجل من إبعاد العجارمة بطريقة قانونية، ووفقاً للقانون الداخلي لمجلس النواب الأردني.

الدولة والعشائر

ووسط اتهامات للنائب العجارمة باستغلال العشائرية والقبلية كورقة ضغط للمطالبة بإصلاحات سياسية، لا تبدو العلاقة التاريخية بين الدولة الأردنية والعشائر في أحسن حالاتها.

وظلت العلاقة بين النظام الأردني والعشائر طوال سنوات إيجابية وقوية، بموجب عقد اجتماعي غير مكتوب تم اقراره عند تأسيس الدولة الأردنية، لكن منذ سنوات تشكو العشائر الأردنية من إقصاء متعمد ومحاولات لطمس هويتها وإبعادها عن مراكز صنع القرار عبر إحلال تيار ليبرالي بات يتحكم في معظم مفاصل الدولة.

وتقول قبيلة العجارمة، إحدى أقدم وأكبر العشائر الأردنية، أن ولاءها للنظام الأردني مطلق، لكنها ترى أنه لا بد من الإصلاح السياسي منعاً لأي تأزيم.

وانخرط العديد من العشائر الأردنية منذ سنوات في حراكات مطلبية تهدف إلى الإصلاح السياسي وإخراج البلاد من حال التردي الاقتصادي ووقف الفساد بأشكاله كافة.

وبدأت العلاقة بين الدولة والعشائر بالتراجع منذ نحو عقدين، مع توجه الأردن نحو تحولات اقتصادية واجتماعية كالخصخصة ووقف ريعية الدولة، واليوم، وعلى وقع ارتفاع نسبة البطالة بين الأردنيين إلى 50 في المئة، وارتفاع مديونية المملكة إلى 50 مليار دولار، تبدو العلاقة أكثر تأزماً بين الأردنيين وحكوماتهم المتعاقبة.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي