توصل وزراء مالية دول مجموعة السبع الكبرى، خلال اجتماعهم في لندن، الذي بدأ صباح الجمعة 4 يونيو (حزيران)، إلى اتفاق أولي في شأن الضرائب على شركات التكنولوجيا الكبرى. وتستمر النقاشات في شأن التفاصيل إلى حين عرض الاتفاق النهائي على قمة مجموعة السبع التي تستضيقها بريطانيا، وتبدأ يوم الجمعة المقبل.
ويناقش الوزراء الاقتراح الأميركي في شأن الاتفاق على حد أدنى عالمي لضريبة الشركات والأعمال، وسط خلاف على نسبة ذلك الحد الأدنى ومدى الإلزام القانوني في تطبيقه. وتؤيد أغلبية دول مجموعة السبع المقترح الأميركي، بينما تعترض عليه بريطانيا التي لديها أقل نسبة ضريبة على الشركات والأعمال بين دول المجموعة.
وعلى الرغم من التصريحات المتفائلة، لم يشر أحد إلى تفاصيل الاتفاق المبدئي، ما يعني استمرار المناقشات حتى موعد القمة التي تعقد في منتجع على البحر في كورنوول في بريطانيا ما بين 11 و13 يونيو الجاري. وتضم مجموعة السبع الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان.
اجتمع وزراء مالية دول مجموعة السبع وجهاً لوجه للمرة الأولى منذ بدء أزمة كورونا، وأمامهم هدف محدد هو الاتفاق على طريقة لتحصيل مزيد من الضرائب من الشركات الضخمة متعددة الجنسيات، مثل "غوغل"، و"أمازون"، و"فيسبوك"، وغيرها، للحيلولة دون تسجيل تلك الشركات أرباحها في دول ومناطق فيها نسبة ضرائب منخفضة أو لا تفرض ضرائب على الشركات التي توصف بأنها "ملاذات ضريبية".
وقال وزير المالية الفرنسي برونو لو مير، في مقابلة مع "بي.بي.سي"، "نحن قاب قوسين أو أدنى من اتفاق تاريخي"، بينما قال وزير المالية الألماني، أولاف شولتس، في مقابلة مع "سكاي نيوز"، إنه "على ثقة بالتوصل إلى اتفاق بنهاية الاجتماعات يوم السبت". وأضاف، "سنتوصل إلى اتفاق يغير العالم حقاً"، مشيراً إلى أن تلك بداية للعدالة بالحد من التهرب الضريبي، خصوصاً من جانب الشركات الكبرى في قطاع التكنولوجيا. وتوقع أن يدر الاتفاق عشرات مليارات من الدولارات على الحكومات.
الحد الأدنى
يبدو الاقتراح الأميركي في شأن ضرائب شركات التكنولوجيا ممكناً، لكن الخلاف يظل قائماً في شأن الاقتراح الآخر بالاتفاق على حد أدنى لضرائب الشركات والأعمال. وقال وزير الخزانة البريطاني، ريشي سوناك، "يعد الاتفاق على تحصيل الضرائب الرقمية عالمياً أولوية رئيسة. نريد أن تدفع الشركات القدر الصحيح من الضرائب وفي المكان الصحيح".
ويتضمن الاقتراح الأميركي الاتفاق على طريقة جديدة لتحصيل الضرائب على أرباح 100 شركة كبرى في المجال الرقمي والتكنولوجي، بمعنى أن يتم تحصيل الضرائب على الأرباح المحققة في دولة ما لمصلحة تلك الدولة، ما يحول دون نقل الشركات أرباحها إلى ملاذات ضريبية آمنة، على أن تكون الخطوة التالية هي فرض الضرائب على العائدات التشغيلية للشركات الرقمية في الدول المعنية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكانت الحكومة الأميركية قد فرضت عقوبات بنحو ملياري دولار على بريطانيا وخمس دول أخرى الأسبوع الماضي بسبب قيام تلك الدول بفرض ضرائب على الشركات الرقمية التي مقرها الولايات المتحدة، لكن إدارة الرئيس جو بايدن علقت على الفور تنفيذ تلك العقوبات لإعطاء الفرصة لمناقشات مجموعة السبع الاتفاق على المقترحات الأميركية في شأن الضرائب الرقمية.
ويظل موضوع الاتفاق على الحد الأدنى العالمي للضرائب على الشركات، الذي ترغب إدارة الرئيس بايدن في رفعه، مثار خلاف داخل مجموعة السبع. وتقترح الولايات المتحدة حداً أدنى لضريبة شركات عالمية عند 15 في المئة، وهو ما يتجاوز ما تفرضه بلدان مثل إيرلندا (التي تفرض ضريبة شركات أقل من 13 في المئة)، لكنه دون أقل مستوى بين دول السبع. وتعارض بريطانيا فرض حد أدنى عالمي لضرائب الشركات والأعمال. إلا أن ريشي سوناك قال، الجمعة، "لا يمكننا مواصلة الاعتماد على نظام ضريبي صمم معظمه في عشرينيات القرن الماضي"، ما يعني أن بريطانيا قد تلين موقفها من مسألة الحد الأدنى للضريبة على الأعمال، في حل وسط يتفادى أن يكون ملزماً قانونياً.
ونقلت وكالة "رويترز" عن مصدر "قريب من سير المحادثات" قوله، إنها "ستمتد حتى اللحظات الأخيرة... الولايات المتحدة متشبثة بموقفها، وكذلك نحن".
وكان وزير المالية الياباني، تارو أسو، قد قال لدى توجهه إلى لندن للمشاركة في الاجتماعات الوزارية لمجموعة السبع إنه "لا يتوقع اتفاقاً هذا الأسبوع على حد أدنى للمعدل الضريبي".
من المهم الإشارة إلى أن أي اتفاق ستقره قمة مجموعة السبع بعد أسبوع سيتطلب تبنياً أوسع خلال اجتماع مجموعة العشرين الذي تستضيفه مدينة البندقية الإيطالية في شهر يوليو (تموز) المقبل.
قضايا رئيسة
ستكون قمة مجموعة السبع بعد أيام في بريطانيا الأولى التي يحضرها بايدن بصفته رئيساً للولايات المتحدة. وستكون الاجتماع الدولي الأول بهذا الحجم يعقد بحضور المشاركين وجهاً لوجه منذ بداية أزمة وباء كورونا مطلع العام الماضي.
وتسعى دول المجموعة التي تأسست عام 1975 إلى استعادة دورها في تحديد مسار الاقتصاد العالمي والاتفاق على خطوط عريضة لسياسة الدول الكبرى، في مواجهة لتحديات التي يواجهها العالم، وذلك بعد بضع سنوات من تراجع دورها إلى حد ما.
وخلال الأسبوع، قال وزير خارجية بريطانيا، دومينيك راب، الذي ترأس بلاده الدورة الحالية للمجموعة، إن القضايا الرئيسة على جدول أعمال اجتماع وزراء خارجية دول مجموعة السبع ستشمل "قضيتي تغير المناخ وتعليم الفتيات". ودعت بريطانيا ممثلين من أستراليا والهند وكوريا الجنوبية وجنوب أفريقيا لحضور بعض الاجتماعات كضيوف.
وقال راب في بيان نقلت وكالة "رويترز" مقتطفات منه "سنتخذ إجراءات لضمان الوصول العادل إلى اللقاحات في جميع أنحاء العالم وتحديد أهداف عالمية لتعليم الفتيات والاتفاق على إجراءات طموحة في شأن تغير المناخ ووضع تدابير جديدة لمنع المجاعة".
وإلى جانب قضايا المناخ والبيئة والخروج من أزمة وباء كورونا، ستناقش قمة مجوعة السبع التحديات التي تمثلها الصين وروسيا، فذلك هدف أميركي رئيس تدعمه أوروبا.