Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لا بد من تقييم السرعة التي ترفع بها بريطانيا الإغلاق

افتتاحية: على السياسيين أن يكونوا صريحين في تعاملهم مع الجمهور في شأن الطريقة التي يتغير بها ميزان الاحتمالات

هل تمضي عمليات تخفيف قيود الإغلاق  بأسرع مما ينبغي؟ (أ ف ب)

يحاول الوزراء منذ أشهر عدة أن يطمئنوا الجمهور بأن "العلم" هو الذي يرسم معالم السياسة التي يتبعونها حيال كوفيد، وأن "البيانات وليس التواريخ" هي التي تحدد طبيعة القرارات الرئيسة، وأن معظم الأخطاء التي كان من الممكن تجنبها في الأشهر الـ15 الأخيرة، وكان العديد منها واضحاً في ذلك الوقت ومن دون حاجة إلى الفجوة الزمنية التي تساعد على فهم أحداث ماضية على حقيقتها التي لم تكن بادية حينذاك. وقد ارتكبت تلك الأخطاء لأن الحكومة اقتنعت كما يبدو بأن مراعاة الضغوط والإغراءات كانت أكثر أهمية من الإصغاء إلى نصائح الخبراء.

وفي خضم سعي الدوائر الحكومية إلى السيطرة على الوضع المتأزم، يبدو أن السياسيين استطاعوا إقصاء الخبراء إلى حد مبالغ فيه وأبعد مما يقتضيه التعامل الحكيم مع الأزمة. وكما نلاحظ حالياً، فقد لقي آلاف الأشخاص حتفهم مع أنه كان من الممكن تجنب هذه الخسائر البشرية لو أن المسؤولين المعنيين لم يسيئوا تقدير الأزمة، وهو أمر أكدت حصوله شخصية لا تقل أهمية عن دومينيك كمينز الذي لعب آنذاك دوراً محورياً في فريق مكافحة الجائحة الرئيس.

لكن، هل من الممكن أن يعيد التاريخ نفسه وترتكب الأخطاء نفسها من جديد؟ وهل من الممكن أن تكون عمليات تخفيف قيود الإغلاق ماضية قدماً بسرعة أكبر مما ينبغي؟ وأن رفع المزيد من القيود المقرر إجراؤه في 21 يونيو (حزيران) ينطوي على مجازفة كبيرة ما يجعل التريث ضرورياً؟ من المؤكد أن ثمة أدلة متزايدة تؤيد صحة هذه الادعاءات، لكن يبدو أن الوزراء متشبثين للغاية، أقله في العلن، بالجداول الزمنية الواردة في خريطة الطريق التي رسموها سلفاً، بالتالي الامتناع عن إعلان القرار في شأن تخفيف القيود المزمع في 21 يونيو قبل حلول 14 يونيو، غير أن الأدلة الواردة حالياً بصورة فورية قد تكفي في حد ذاتها لترجيح كفة إجراء بعينه.

تحتاج الأسر، وكل عروسين عازمين على الزواج، وشركات الطيران، والنوادي الليلية، والحانات، والمطاعم وكل أنواع الأعمال الأخرى، إلى الوضوح في شأن الوضع المتوقع في غضون أسابيع، كما يلزمها أن تعرف ذلك في أقرب وقت ممكن. تزداد نبرة الخطاب حذراً مع تراجع وتيرة تدفق البيانات، إلا أن الافتراضات المتعلقة بما سيحصل في 21 يونيو تلح على الجميع. وليس من السابق لأوانه أن يجري قلب التوجيهات السابقة رأساً على عقب، بحيث يتم تأجيل إنهاء الإغلاق في 21 يونيو إلا إذا وردت أدلة على وجود تحسن في حالات الإصابة وانتشار الفيروس في الأيام والأسابيع القليلة المقبلة.

وهذا لا يعني استبعاد رفع الإغلاق في 21 يونيو، بل هو إشارة إلى أنه على السياسيين أن يكونوا صريحين في تعاملهم مع الجمهور في شأن الطريقة التي يتغير بها ميزان الاحتمالات. ومن شأن هذا أيضاً أن يساعد على ضبط إيقاع التوقعات لدى الجمهور بحيث يتم التقليل من خيبة الأمل وزيادة جرعة البهجة إذا أخذت الأمور تستقر وبدأت الإحصائيات تمضي في الاتجاه الصحيح.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في هذه الأثناء، من الجدير بالملاحظة أن المشهد العالمي برمته بدأ يزداد إشراقاً مما مضى. وتعتبر أعداد الوفيات التي تشهدها كل الهند وبيرو أحدث المؤشرات التي تؤكد أن الجائحة التي تعصف بالشطر الأكبر من البلدان في مختلف أنحاء العالم لا تزال خبيثة وفتاكة كما كانت على الدوام، وأن برامج التلقيح بالكاد قد بدأت، هذا إن وجدت هذه البرامج. ولا عجب في أن الأنواع المتحورة الجديدة تتطور على نحو سريع، وطالما أنها مستمرة على هذا المنوال فإن مستوى المخاطر التي تتهدد الوضع الصحي في أغنى دول العالم وأفقرها كذلك سيبقى مرتفعاً. إن من المستحيل حصر كوفيد–19 في جزء واحد من العالم. وتعتبر محاولة ضبط مستوى الجائحة في بلد واحد بعينه تصرفاً غير جاد وتغلب عليه الحماقة. أما التشبث الأعمى بخريطة طريق محددة لأسباب سياسية أو لحفظ ماء الوجه، فهو الآخر سلوك لا يغتفر.

وبالفعل، فإن إعادة فرض بعض الضوابط المعتدلة قد يكون ضرورياً، وذلك لإتاحة الفرصة لبرنامج التلقيح أن يمضي بوتيرة سريعة بما فيه الكفاية لتطعيم الناس قبل وصول المتحور الهندي الجديد الذي سمي أيضاً دلتا، إلى مناطقهم.

ونظراً لوجود الفاصل الزمني المعروف جيداً بين الإصابة الأولية بكوفيد، والاختبار الذي يظهر نتيجة إيجابية تؤكد الإصابة، وبين المعاناة من المرض الخطير جداً والموت، فإن آخر تخفيف للإغلاق في 17 مايو (أيار) الماضي، ربما يكون قد ساهم في رفع عدد الإصابات والمرضى الذين احتاجوا إلى دخول المستشفى، وهو تزايد ربما يكون المتحور الهندي قد ساهم في تحقيقه في الحالتين.

من الصحيح القول إن برنامج التلقيح قد أدى إلى تغيير سياق الأزمة تغييراً جذرياً بالمقارنة مع الظروف التي كانت سائدة في العام الماضي؛ إلا أن هذا التغيير لم يصل إلى درجة يمكن فيها للبلاد أن تتحمل إعادة فتح الأسواق والشركات والأعمال عموماً على نحو متهور. إن الروابط بين العدوى، والمرض الخطير والوفاة صارت أضعف مما كانت عليه في العام الماضي، غير أن هذه الروابط لم تقطع تماماً حتى الآن. كما أن عدد الأشخاص الذين تلقوا جرعتي اللقاح اللازمتين لتوفير أعلى درجات الوقاية من الفيروس، ما زالت أدنى بكثير من المستويات اللازمة لتحقيق مناعة القطيع التي من شأنها أن تجعلنا مستعدين للانتقال بخطوات واثقة إلى مرحلة جديدة يعاد فيها فتح المرافق الاقتصادية في البلاد مرة أخرى.

إن القرار في شأن الصحة الشخصية أو العامة، يتوقف بالكامل على تحقيق التوازن. هكذا فتأخير تنفيذ رفع الإغلاق التالي في غضون شهر أو شهرين من الآن، على سبيل المثال، سيلحق المزيد من الضرر بالانتعاش الاقتصادي، ويؤجل المعالجات التي تأخرت مواعيدها طويلاً لمرضى يشكون من حالات لا علاقة لها بكوفيد، كما سيزيد من الضغوط التي ترزح العائلات والشركات تحت وطأتها، وهي ضغوط تؤدي إلى إنزال الأذى بهؤلاء بطريقتها الخاصة، لكن، مع ذلك فإن معظم الآثار السلبية هي أساساً من النوع الذي لا يدوم طويلاً. وينطوي المضي قدماً إلى الأمام في رفع الإغلاق في 21 يونيو على خطر تفويت بريطانيا أفضل فرصة للتغلب على كوفيد، بمعنى تقليص انتشاره إلى مستويات يمكن التحكم بها، كما يجعل من الممكن أن يصبح فرض الإغلاق ورفعه بصورة منتظمة إلى جانب حالات تفشي كوفيد، أمرين مألوفين كما لو كانا يشكلان معاً نمط حياة مختلف.

ولدى معاينة الأمر من كل الجوانب، يصبح من الممكن القول إنه سيكون من الأفضل لبريطانيا أن تنتظر حتى يصبح رفع الإغلاق بالكامل ممكناً.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل