Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الأوضاع الصعبة تدفع لاجئي مالي إلى التسول في شوارع نواكشوط

الموريتانيون متعاطفون بشكل عام مع اللاجئين ويقدرون ظروف غربتهم القسرية

يعاني اللاجئون القادمون من شمال مالي أوضاعاً بالغة السوء في موريتانيا (اندبندنت عربية)

تجر فاطمة موسى بصعوبة بالغة عربة الأطفال التي تحمل أختها الرضيعة، ترمق حركات السيارات عند "دوار مدريد" وسط العاصمة الموريتانية نواكشوط، كي لا تفوت فرصة الظفر بالقليل من المال الذي يمنحه الركاب وسائقو المركبات.

فاطمة المولودة في شمال مالي، وتحديداً في إقليم أزواد المضطرب أمنياً، دفعتها ظروف اللجوء هي ومئات الأزواديات إلى امتهان التسول في نواكشوط.

نصف قرن من اللجوء

وألقت الأوضاع الأمنية المضطربة في دولة مالي بظلالها على شعب الطوارق، أحد مكونات سكان هذا البلد الأفريقي الذي لم ينعم بالهدوء منذ استقلاله عن فرنسا في ستينيات القرن الماضي، ودفع بحث الطوارق عن الاستقلال عن مالي، بهم إلى القيام بثلاث ثورات، بدءاً بعام 1962، وانتهاءً باندلاع الكفاح المسلح بقيادة "الحركة الوطنية لتحرير أزواد" في عام 2012.
ودفعت المواجهات المسلحة بين القوات المالية وحركات التحرر في إقليم أزواد، آلاف الماليين من الطوارق إلى سلك دروب اللجوء إلى دول الجوار ومن بينها موريتانيا.


الهروب الكبير

وأشرفت الأمم المتحدة بالتنسيق مع موريتانيا على إدارة مخيم "امبره" للاجئين الماليين، الذي يبعد حوالى 1200 كيلومتر من نواكشوط. وبحسب أرقام رسمية، يستقبل مخيم امبره أكثر من 50 ألف لاجئ أزوادي.
وتسرد اللاجئة فاطمة موسى معاناتها أثناء إقامتها في المخيم بكثير من الحسرة وتقول "فرضت علي ظروف أسرتي الصعبة، النزوح إلى العاصمة نواكشوط، وممارسة التسول في الشوارع بغية مساعدة العائلة". وتضيف فاطمة "رافقني عديد من سكان المخيم في رحلتي إلى العاصمة، دفعتهم ظروفهم لفعل ذلك. ما قمنا به محرم لأن القوانين تمنعنا من ترك المخيم".

الحلقة الأضعف

في السياق، صرح الباحث الاجتماعي الداه محمد، أن "سكان شمال مالي يشعرون بأنهم مواطنون من الدرجة الثانية أو الثالثة، وهو شعور يعززه إهمال السلطات في العاصمة باماكو لهذه البقعة من البلاد".

ورأى الباحث أن "الأطفال والنساء والشيوخ هم المتضرر الأكبر، ففي كل النزاعات السابقة يلجأ هؤلاء إلى المناطق الموريتانية المتاخمة للحدود المالية، وفي كل مرة يتم استقبالهم من قبل السلطات الموريتانية والمنظمات الإقليمية والدولية العاملة في مجال غوث اللاجئين".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


وضع تفضيلي

من جهة أخرى، يعلق السائق الموريتاني عبد الكريم على وجود اللاجئين الماليين في شوارع بلاده بكثير من التفهم، ويرى أن أوضاعهم الإنسانية تملي عليه وعلى غيره من سالكي الطرق "التعامل معهم بكثير من الرأفة والرحمة". ويضيف "أعاملهم على أساس تفضيلي، فهم إضافة إلى فقرهم، غريبو أوطان هجروا بلادهم في ظروف غاية في الصعوبة".

مهن خطرة

وتسود الأوساط الشعبية الموريتانية قصصاً مرتبطة بشجاعة الرجال الأزواديين، وشجعت هذه الصفة أغلب الموريتانيين إلى استخدام هؤلاء اللاجئين كحراس لمحلاتهم التجارية ومشاريعهم الاستثمارية.
ويتطلب القيام بهذه المهنة خوض غمار المخاطر، بخاصة في "المناطق الرخوة أمنياً" من العاصمة نواكشوط. كما يعمل اللاجئون أثناء بحثهم عن حياة أفضل، في مهن أخرى توصَف أيضاً بالخطرة في الموانئ وورش الأشغال العامة حيث تنعدم وسائل الأمان.

حرب طاحنة

وتشن السلطات الموريتانية في فترات متقطعة، حملات على المتسولين الذين تفيض بهم شوارع العاصمة، ويشكو اللاجئون الماليون من مضايقة بعض الموريتانيين لهم، ويأملون أن تعود الأوضاع في بلادهم إلى سابق عهدها، وأن تنتهي رحلتهم الشاقة التي استمرت لعقود ذاقوا خلالها كل أصناف المعاناة.

المزيد من العالم العربي