جاء إحياء الجزائر اليوم العالمي للطفولة في الأول من يونيو (حزيران)، من كل سنة، على وقع أرقام صادمة، استدعت دق ناقوس الخطر بعد ارتفاع مستويات تورط الأطفال والقصر في مختلف الجرائم والاعتداءات.
أرقام صادمة وتحذيرات
وكشف مكتب الطفولة في المديرية العامة للأمن، في ندوة إعلامية بالمناسبة، عن تسجيل 17 ألف مكالمة هاتفية تتعلق بالإبلاغ عن اختطاف واعتداء وضرب وغيرها ضد الأطفال والقصر، إضافة إلى وجود 952 طفلاً في حال خطر، وتمت إعادة 893 طفلاً إلى منازلهم خلال الأشهر الأربعة الأولى من السنة الجارية، وأشار المكتب إلى إحصاء 2450 ضحية عنف، بينها 1035 طفلاً تعرضوا للضرب والجرح، وتورط 1750 طفلاً في قضايا إجرامية، الأمر الذي دفع المديرية إلى دعوة الأولياء إلى متابعة أبنائهم، بخاصة خلال فترة امتحانات نهاية السنة، حيث سُجلت حالات هروب للأطفال من البيت.
إلى ذلك، حذر رئيس الهيئة الجزائرية لترقية الصحة وتطوير البحث، مصطفى خياطي، من ارتفاع نسبة الإجرام وسط القصر، وشدد على أن 13 ألف طفل يتم تقديمهم إلى الجهات القضائية، كما عبر عن قلقه من تصاعد منحى الوفيات وسط هذه الفئة، إذ يتم تسجيل 10 آلاف وفاة سنوياً لأسباب مختلفة بارتفاع قياسي، إلى جانب تعرض 32 ألف طفل للاعتداءات الخطيرة، مشيراً إلى أن نسبة تفوق 50 في المئة من الأولياء لا يعرضون أبناءهم على الأطباء بعد تعرضهم للاعتداء.
آليات حماية تجاوزها الزمن
ورأى الحقوقي سمير ناصري، أن القانون الجزائري صارم جداً في ما يتعلق بحماية الأطفال، بخاصة في حالات الاعتداءات الجنسية والاختطافات، التي تصل عقوباتها إلى الإعدام الذي يبقى من دون تنفيذ على الرغم من المطالب الشعبية المتكررة بضرورة تطبيقه عندما يتعلق الأمر بجرائم ضد الأطفال، مشدداً على أن الجزائر بحاجة إلى آليات اجتماعية سريعة وقوية تضمن التدخل في أي وقت لحماية الطفل من أي انتهاكات بما فيها داخل العائلة، من أجل ردع من تسول له نفسه المساس بـ"حرمة وبراءة" الأطفال.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبين ناصري أن الآليات المعمول بها حالياً تجاوزها الزمن على الرغم من أن التشريع جديد، فإن تطبيقه لا يزال يتبع أساليب السبعينيات، وقال إن الضحية تحتاج إلى رد فعل قوي وسريع لصالحها، ثم تأتي بعدها مرحلة الإجراءات القضائية والتحريات والتحقيقات الأمنية، وختم أن "القضية ليست مرتبطة بالتبليغ فقط، بل أيضاً بمنظومة مجتمع تحمي الأطفال أينما كانوا، في وقت الفراغ والدراسة والسفر، داخل الأسرة وخارجها، لا سيما وأن هذه الفئة تمثل ثلث السكان، أي ما يقارب 16 مليون طفل تقريباً".
إشادة أممية
في الجهة المقابلة، أشاد ممثل مكتب الأمم المتحدة للطفولة بالجزائر، إسلام بوخاري، بإنجازات الجزائر في مجال حماية الطفولة، والتي شهدت تقدماً ملحوظاً استناداً إلى عملية مسح قام بها مكتب الأمم المتحدة للطفولة، لا سيما في مجالي الصحة والتربية، مشدداً على أهمية إشراك الطفل وتمكينه من الدفاع عن حقوقه.
الاعتداءات الجنسية تتصدر القائمة
ويبقى الاعتداء الجنسي الجريمة التي تتصدر قائمة الانتهاكات التي يتعرض لها الأطفال، وكشفت "الشبكة الجزائرية للدفاع عن حقوق الطفل"، عن تعرض أكثر من تسعة آلاف طفل لاعتداء جنسي سنوياً، مشددة على أن هذا الرقم يخص الحالات المعلن والمصرح بها فقط، ولا تشمل حالات الاعتداءات التي يتستر عليها أهالي الأطفال الضحايا، مرجعة السبب الرئيس وراء تزايد حالات الاعتداءات الجنسية ضد الأطفال إلى هشاشة منظومة حماية الطفل، وأولها التستر على الجريمة لخوف أهل الضحية أو الضحايا، من رد فعل محيطهم.
اهتمام رسمي
وفي سياق الاهتمام الذي توليه السلطات لهذه الفئة، تم منذ أسابيع، إنشاء شبكة المجتمع المدني لتعزيز حقوق الطفل تضم 140 جمعية تستهدف حماية الأطفال من كل انتهاك، وقالت مفوضة حماية الطفولة، مريم شرفي، إن الخطوة تستهدف تنمية المهارات لمكافحة انتهاكات حقوق الطفل، وتمكينه في المقابل من الدفاع عن حقوقه، مشيرة إلى أن الإبلاغ عن حالات انتهاك حقوق الطفل يسمح بأفضل مكافحة لهذه الظاهرة، إذ يشكل الاتصال أداة دفاع بالنسبة للطفل يتعين غرسها وتنميتها وسط الأسرة وفي المدرسة والمجتمع.
وفي الشأن ذاته، أوصى مجلس حقوق الإنسان، التابع لرئاسة الجمهورية، بمناسبة اليوم العالمي للطفولة، بتعزيز المكتسبات التي حققتها الجزائر في مجال الاهتمام بالأطفال ورعايتهم والتمتع بكل الحقوق التي يضمنها لهم الدستور، وقال في بيان، "كلنا كدولة وكمجتمع مدني وكمواطنين، علينا واجب تعزيز الرعاية لأطفالنا في جو يسوده السلام والكرامة والصحة الجيدة والتعليم ذو الجودة"، معتبراً أن جهوداً "مشهودة" بذلت من قبل المجتمع الدولي في مجال حماية الأطفال وترقية حقوقهم، توجت بإعداد الاتفاقية الدولية المتعلقة بحقوق الطفل في 20 نوفمبر (تشرين الثاني) من سنة 1989، والتي صادقت عليها الجزائر في 19 ديسمبر (كانون الأول) 1992، وأوضح أن المناسبة سانحة لتجديد الالتزام بحماية حقوق كل طفل جزائري وكل الأطفال الموجودين على التراب الوطني، وذلك على قدم المساواة وعدم التمييز بينهم لأي سبب، داعياً جميع الفاعلين المؤسساتيين وغيرهم إلى مضاعفة الجهود من أجل ترقية وتعزيز حقوقهم وحمايتهم من كل أشكال العنف والآفات التي يمكن أن تمسهم.