Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

علينا التعامل بجدية مع "الحروب الثقافية" البريطانية- من المهم استيعاب الانقسام

يسأل بوبي دافي إن كان الموضوع برمته متعلقاً بخلافات مفتعلة لتحويل نظرنا عن القضايا الحقيقية، أم أنه تعبير صادق عن قلق صريح؟ مهما كان شعوركم، لا يجب أن نتجاهله

ثلاثة أرباع الرأي العام يعتقد أن الإعلام يجعل البلاد تشعر بأنها منقسمة أكثر من الواقع (غيتي)

هل "الحروب الثقافية" في المملكة المتحدة حقيقية، أم متخيلة أم مضخمة أو مفتعلة؟ أصبحت هذه الأسئلة أساسية في زمننا، لكن، كما هو الحال بالنسبة لجزء كبير من النقاشات التي تتناول الحرب الثقافية، يمكنكم أن تجدوا دلائل تدعم تفسيركم المفضل.

على سبيل المثال، تظهر دراستنا الجديدة أن ثلاثة أرباع الرأي العام يعتقد أن الإعلام غالباً ما يدفع البلاد للشعور بأنها منقسمة أكثر مما هي عليه في الواقع. ونصف الشعب يوافق تقريباً على أن السياسيين إما يخترعون أو يضخمون الحروب الثقافية في إطار التكتيك السياسي، ولا يخالف هذا الرأي بشدة سوى واحد من كل عشرة أشخاص.

وبشكل عام، قلة من الأشخاص لديهم آراء قوية بشأن العديد من القضايا الثقافية التي تقع في صلب النقاشات البارزة. وعلى سبيل المثال، يوافق شخص واحد من عشرة فقط أو أقل بشدة على أن ثقافة المملكة المتحدة تتغير بسرعة أو يريد أن تعود المملكة المتحدة إلى سابق عهدها.

إنما نخطئ إن استنتجنا من هذا أننا لا نعاني من مشكلة مع وجهات النظر التي تتباين بشكل جذري في موضوع التغيير الثقافي بالمملكة المتحدة. فشخص واحد من كل ثمانية فقط يعتقد أن الحروب الثقافية موجودة في الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي فحسب وليس في الحياة الواقعية. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وينعكس ذلك على رأينا بشأن الانقسام. ثلاثة أرباع الناس يقولون إن البلد منقسم جداً أو بعض الشيء، ونصفهم يقولون إن البلد منقسم الآن أكثر من أي وقت آخر خلال حياتهم، فيما يعتبر 14 في المئة فقط أنهم مروا بفترات أخرى ساد فيها انقسام أكثر من قبل.

لكن علينا الحذر بشأن طريقة تفسيرنا لهذه الأسئلة المتعلقة بالانقسام: لدينا ميل دائم للاعتقاد بأن المرحلة الحالية هي الأسوأ. وتظهر أسئلة استطلاعات الآراء التي يعود بعضها إلى ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي نسباً مشابهة من الناس الذين يعتقدون أننا كنا حينها الأكثر انقساماً في تاريخنا.

وكوننا نشعر بأن الموضوع مختلف الآن يعود بلا شك جزئياً إلى ذاكرتنا السيئة، مع أنه، كما تظهر دراستنا التي أطلقت هذا الأسبوع، لا شك أن التركيز الإعلامي على الانقسام الثقافي لعب دوراً في هذا: في عام 2015، استخدم 21 مقالاً صحافياً فقط عبارة الحروب الثقافية، لكن مع حلول العام 2020، وصل هذا العدد إلى 534 مقالاً. 

يكشف تحليلنا المعمق لهذه المقالات محورية حس النزاع في هذا النقاش الإعلامي. فربع المقالات التي درسناها تضمنت استعارات حربية (خطوط أمامية، خنادق، ذخيرة، ضحايا) أضيفت إليها 15 في المئة استخدمت كلمات تتعلق بالانقسام ( قبائل، انقسامات، منافسين). 

وصحيح أن عدد المقالات التي تقلل من شأن الحروب الثقافية يزداد: لم تشر أي مقالات تقريباً إلى أن الحروب الثقافية مفتعلة، حتى في عام 2019، ولكن ربع المقالات اليوم يتناول هذا الموضوع.

طبعاً، يشكل ما تقوله وسائل الإعلام والرأي العام إجمالاً مقاييس جزئية للانقسام. وبشكل خاص، تخفي معدلات الآراء هذه مدى تنوع وجهات نظر الرأي العام. فعلى سبيل المثال، ثمانية من كل عشرة محافظين يقولون إن كثيراً من الناس "يفسدون بلادنا"، مقابل 35 في المئة فقط من مناصري حزب العمال. ويعتقد نحو نصف مؤيدي "بريكست" أن التساوي في الحقوق بين الأقليات العرقية والبيض قد وصل إلى الحد المناسب، مقابل 12 في المئة فقط من مؤيدي البقاء في الاتحاد الأوروبي.

إن هذه الآراء المتباينة كلياً موجودة في صلب هوياتنا السياسية ونظرتنا للعالم، فلا عجب إذن في أنها تفرقنا بشدة.

وبالتالي، هل الحروب الثقافية متعلقة ببساطة بخلافات مفتعلة لتحويل نظرنا عن القضايا الحقيقية، مثل عدم المساواة- أم أنها تعبير صادق عن قلق صريح بشأن التغيير الثقافي في أوساط شرائح واسعة من الشعب، ينعكس من خلال بضعة أمثلة رمزية؟

تعتمد إجابتكم كلياً على نقطة انطلاقكم. ولهذا السبب تحصد الحروب الثقافية هذا الكم من الاهتمام، ولذلك، حتى لو كان رأيكم أنها مضخمة أكثر مما هي حقيقية، يجب أن تتعاملوا معها بجدية.

يشغل البروفيسور بوبي دافي منصب مدير معهد السياسات في كلية كينغز كوليدج في لندن

© The Independent

المزيد من آراء