Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الذهب يلمع مجددا في أعين المستثمرين فما الأسباب؟

ضعف الدولار وهبوط العملات الرقمية يدعمان أسعار المعدن الأصفر

تجاوزت أسعار الذهب مستوى 1900 دولار (أ ف ب)

عاد زخم الاستثمار في الذهب إلى الصعود في الأسواق العالمية من جديد، مع اعتباره أحد الملاذات الآمنة في ظل أوضاع الأسواق غير المستقرة وضعف الدولار الأميركي والتضخم المرتفع. 

وخلال آخر التعاملات عكس المعدن اتجاهه متجاوزاً مستوى 1900 دولار المهم، بعد بيانات أظهرت ارتفاع أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة في أبريل (نيسان)، ما عزز جاذبية المعدن كأداة تحوط من التضخم. وكانت أسعار الذهب الفورية للذهب قد إرتفعت 0.21 في المئة إلى 1900.34 دولار للأوقية (الأونصة)، وهو ارتفاع يسجل للأسبوع الرابع على التوالي. في حين زادت عقود الذهب الأميركية الآجلة 0.26 في المئة، مسجلة 1903.50 دولار للأوقية. 

وارتفعت أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة على أساس سنوي في أبريل، وتجاوز مؤشر التضخم الأساسي مستوى الاثنين في المئة الذي يستهدفه مجلس الاحتياطي الاتحادي. 

وأكد محللون ومختصون أن صعود المعدن الثمين ارتبط بعدة عوامل، أبرزها ضعف الدولار الأميركي الذي يتداول عند أدنى مستوى له في ثلاثة أشهر، إلى جانب تنامي المخاوف بشأن التضخم، إضافة إلى التراجع الحاد الذي تشهده العملات المشفرة. 

ارتفاعات حادة 

وقال رجب حامد، المدير التنفيذي لمجموعة "سبائك" الدولية للمعادن الثمينة، إن الملاحظ في أسعار الذهب حالياً تسجيل ارتفاعات حادة متواصلة، مضيفاً "كنا نشهد خلال الأشهر الأخيرة تعاملات عرضية بين مستويات 1680 دولاراً و1720 دولاراً للأونصة، ولكن مع نهاية أبريل بدأ الذهب الاتجاه في منحى صاعد، ابتداء من مستوى 1664 دولاراً وصولاً إلى 1900 دولار للأوقية الذي وصل له خلال الأسبوع الأخير". 

وأضاف حامد أن الارتفاعات تشير إلى عدة أسباب ساعدت في الصعود، وعكست أن المعدن الأصفر سيكون الملاذ الآمن خلال الفترة المقبلة، في ظل عدم استقرار البيانات الإيجابية واستدامتها، منها بيانات سوق العمل والتضخم وتراجع مستوى الدولار الأميركي وتراجع شهية المخاطرة، وهذا معناه أن بيئة اقتصادية غير مستقرة تدفع بالسيولة للاتجاه إلى الذهب. 

وأوضح أن اجتماع الفيدرالي الأميركي في الشهر الماضي، أظهر مناخاً استثمارياً متردداً جداً إلى جانب استمرار خطة التحفيز المالي، وعدم تحريك سعر الفائدة مع عوائد ثابتة للاستثمار بسندات الخزينة لم تتأثر كثيراً وتراوحت بين 1.6 و1.7 في المئة لسندات أجل 10 سنوات. وذكر أن تراجع أسعار الفائدة على السندات يعكس قليلاً من عدم الوثوق بها أو بقيمة الدولار الأميركي، وهذه العوامل عززت مكاسب الاستثمار في الذهب. 

وتابع "كانت مكاسب الاستثمار في الذهب في الربع الأول ضعيفة، ولكن الوضع تغير مع مكاسب قوية في أبريل قد تستمر لنهاية العام". 

تراجع العملات الرقمية 

وفي السياق نفسه، قال حامد، إن هناك ربطاً بين تراجع أسعار العملات الرقمية وارتفاع أسعار الذهب، وهذا وضع طبيعي بعد أن توجهت شريحة صغيرة من المستثمرين في الأسواق إلى العملات الرقمية، ولكن مع وصول أسعارها لمستويات قياسية مثل "بيتكوين" التي جاوزت 64 ألف دولار للوحدة، الكل كان يتوقع حدوث عملية تصحيح قوية لتهبط الأسعار بأكثر من 50 في المئة عند حدود 31 ألف دولار. 

وتحدث حامد أن "فرق هذه الخسائر اتجه إلى الاستثمار في الذهب، فكلما انخفضت أسعار العملات المشفرة نجد أن البعض يلجأ إلى الاحتماء بالمعدن الأصفر، والعكس يحدث حالياً، إذ بدأت عمليات الشراء على العملات الرقمية مرة أخرى ولكن بنسب أقل، نتيجة أن من تضرر في المرة الأولى خفف استثماراته في العملات الرقمية بسبب مخاوف تذبذب الأسعار". 

التوقعات المستقبلية 

وبالنسبة إلى التوقعات المستقبلية لأسعار الذهب، قال حامد، إن الذهب في اتجاه صاعد صوب مستوى 1950 دولاراً ثم 2000 دولار خلال العام الحالي، ويمكن تجاوزها إذا تأزمت الأحوال الاقتصادية أو تفاقمت الأوضاع السياسية حول العالم.  

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأفاد بأن الذهب قد يشهد موجة تراجع، ولكنها لن تكون قوية بالقدر الذي تهبط معها الأسعار إلى مستويات ما قبل كورونا، مضيفاً أن مستويات 1500 دولار و1600 دولار للأونصة أصبحت أسعاراً من التاريخ. 

وتوقع أن أسعار الذهب إذا استقرت فوق مستوى 2000 دولار، قد نشهد تحطيم الرقم القياسي المسجل في أغسطس (آب) 2020، البالغ 2074 دولاراً. 

وقال حامد "الوضع الحالي طبيعي. البعض يرى أن السوق ستتجه للتصحيح، ولكن أتوقع استمرار عمليات الصعود بخاصة أن من يمتلك الذهب عند مستويات 1900 دولار حالياً لن يسارع بعمليات التصحيح أو البيع. ومع استقرار الأسعار في جلسة الجمعة من الممكن أن تشهد الأسعار مزيداً من الشراء الأسبوع المقبل". 

ورصد أن هناك حالات تقود الطلب القوي لشراء الذهب منها "استثمارات الأفراد، المستثمرون الخاسرون خلال جائحة كورونا، الخاسرون من العملات المشفرة، من يعاني من انخفاض عوائد السندات وفوائد البنوك". 

عوامل السوق 

من جانبه، يرى جون لوكا، محلل الأسواق العالمية والسلع، أن عوامل السوق مجتمعة دعمت ارتفاع أسعار الذهب، وكان العامل الأبرز ضعف الدولار الأميركي وارتفاع معدلات التضخم. 

وأضاف أن الذهب يتجه لتحقيق مكاسب شهرية بنسبة 8 في المئة بأعلى وتيرة منذ يناير (كانون الثاني) 2021، مشيراً إلى التأثير الكبير لانخفاض عوائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات إلى 1.55 في المئة خلال الأسبوع الحالي، وكانت العوائد وصلت لأعلى مستوياتها خلال العام بنسبة 1.78 في المئة. 

وكشف أن الذهب بدأ رحلة المعاناة مع تجاوز مستوى 2000 دولار في أغسطس 2020، وسجل هبوطاً شهرياً مستمراً، وتفاقمت الأوضاع مع اكتشاف لقاح "كوفيد-19" في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. 

وتوقع لوكا أن يأخذ الذهب استراحة قبل يبدأ استئناف الاتجاه الصاعد والاتجاه نحو مستوى 2000 دولار، وهذا ما ستحدده عوامل السوق. 

دعم قوي 

أفاد عاصم منصور، المحلل الاقتصادي لدى شركة "أوربكس"، بأن تراجع الدولار الأميركي وتنامي المخاوف بشأن التضخم أسهما في تقديم دعم قوي لتخطي أسعار الذهب المستوى النفسي المهم عند 1900 دولار للأوقية. 

وقال منصور، إن التوجه نحو المعدن الأصفر جاء كتحوط من التضخم، وبعد أن أبقى مسؤولو مجلس الاحتياطي الاتحادي الأميركي على السياسة التسهيلية المكثفة بشأن أسعار الفائدة لفترة أطول، في ظل عدم تعافي سوق العمل بشكل كامل، ودائماً ما يرتبط الذهب بأسعار الفائدة على الدولار الأميركي، حيث يكون مستواها المنخفض في مصلحة أسعار الذهب. 

وأشار إلى أن قوة ارتفاع الذهب ترجع إلى مقارنته مع العام الماضي، وهي الفترة التي عزف فيها المستثمرون عن الشراء في ظل جائحة كورونا، ما يدعم وجهة النظر بأن تسارع التضخم يرجع لعوامل مؤقتة، ولا يجب التسرع في تشديد السياسة النقدية. 

وأكد أن الوضع الحالي يدعم ارتفاع أسعار الذهب والاستقرار في مستوى 1900 واستهداف مستوى 1960 دولاراً للأونصة، ولكن اجتماع الفيدرالي منتصف الشهر المقبل سيحدد مصير الاتجاه الحالي، حيث إنه في حال ألمح جيروم باول محافظ الفيدرالي إلى تقليص عمليات شراء الأصول، أو تعديل توقعات مسار الفائدة ليصبح آخر عام 2022 موعداً محتملاً لرفعها، فقد نرى الذهب يتخلى عن مكاسبه خلال الربع الثالث من العام، ولهذا من الضروري مراقبة تلك القرارات قبل رسم سيناريو على المدى الطويل.

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد